مسيرة أنجلينا جولي بين الصعود الإنساني والهبوط النفسي...
على الرغم من سطوع نجمها في التمثيل والأعمال الإنسانية، لم تعش نجمة هوليوود أنجلينا جولي، طفولةً رغيدة، إذ حُرمت خلال نشأتها من حنان الأب الذي انفصل عن والدتها قبل أن تكمل سنتها الثانية، كما واجهت العديد من العثرات التي عرقلت مسيرتها المهنية، ولا سيما بعدما رُفضت في مجال عرض الأزياء خلال مراهقتها، الأمر الذي أثر فيها سلباً ودفعها إلى تعذيب نفسها ...
ثنائي هوليوود، أنجلينا جولي وبراد بيت، تصدّر وسائل الإعلام العالمية أخيراً بعد إعلان أنجلينا تقديمها أوراق طلاقها من بيت... كما أن بعضاً من مراحل الصعود والهبوط في حياة نجمة هوليوود أنجلينا جولي، وربما الأسباب التي أدت بها إلى الانفصال عن بيت، ولا سيما بعد دخولها سن اليأس في وقت مبكر بعدما استؤصل ثدياها ومبيضاها في هذا التحقيق...
ولدت أنجلينا جولي في لوس أنجلوس-كاليفورنيا في الرابع من حزيران/يونيو 1975، هي ابنة الممثل الأميركي جون فويت والممثلة وعارضة الأزياء مارشلين برتراند. تنتمي جولي إلى الجذور الألمانية والسلوفاكية من جهة والدها، والفرنسية-الكندية، من جهة والدتها. ارتبط والدا جولي في العام 1971، وأنجبت والدتها الممثل جيمس هافن في العام 1973، وأنجلينا في العام 1975، انفصل الوالدان في العام 1976، ثم تقدمت مارشلين بطلب الطلاق في العام 1978، ليتم ذلك في العام 1980. في العام 1999 تم تشخيص إصابة مارشلين بسرطان المبيض، وفي آخر حياتها حاولت الحفاظ على خصوصيتها وامتنعت عن إجراء المقابلات، وقد توفيت في 27 كانون الثاني/يناير من العام 2007 عن عمر يناهز الـ56 عاماً، بعد صراع طويل مع سرطان المبيض والثدي، إذ عانت من المرض لنحو ثماني سنوات. وقالت أنجلينا التي كانت بجانب والدتها حين فارقت الحياة: «جدّتي توفيت في سن صغيرة، وكانت والدتي تعتقد دائماً أنه ربما سيحصل لها الأمر نفسه».
قبل بلوغ أنجلينا سنتها الثانية، كان الانفصال قد وقع بين والديها، ورغم ذلك ترى أنها عاشت طفولة سعيدة... طفولة تميزت بحب جولي للحيوانات الأليفة فكانت تجمع الثعابين والسحالي، وأطلقت على ثعبانها المفضل Harry Dean Stanton، وعلى سحليتها المفضلة «فلاديمير». في المدرسة، انضمت انجلينا إلى حزب Kissy Girls، ولكن سرعان ما أوقفت إدارة المدرسة نشاطاته ثم تم حلّه. تثق أنجلينا بأن نجومية عائلتها هي التي دفعتها لتحلم بأن تكون ممثلة، وعندما بلغت الحادية عشرة من عمرها ذهبت لتلقي الدروس في أكاديمية الدراما Lee Strasberg Theatre Institute، بخطوات ثابتة وجدية نحو تحقيق حلم النجومية. إلا أنها لم تستمتع بسنواتها في Beverly Hills High School، ذلك أنها لم تكن راضية عن شكلها من ناحية النظّارات الطبية التي كانت تضعها، والمترافق مع تقويم الأسنان وضعف البدن. حتى انها حاولت الالتحاق بمجال عرض الأزياء، لكنها قوبلت بالرفض لأنها قصيرة القامة، وشديدة النحول.
التجربة القاسية التي عاشتها في سن المراهقة كان تأثيرها كارثياً على شعورها بالثقة بالنفس، ففي سن الرابعة عشرة طُردت من المدرسة، وعاشت سنتين مع صديقها مارست خلالهما العديد من الأفعال التي تنم عن أذية النفس. انفصلت عن صديقها في سن السادسة عشرة لتنطلق من جديد نحو حلمها في التمثيل، فانتقلت إلى شقة مقابلة لسكن والدتها وبدأت التقرب من والدها، مدركةً أن في استطاعتها أن تتعلم منه الكثير في مجال التمثيل، ولا سيما بعدما خلعت نظّاراتها ونزعت جهاز تقويم أسنانها. لاحقاً، نجحت أنجلينا في الدخول إلى مجال عرض الأزياء، وبدأ حلمها يتحقق بعدما ظهرت في أكثر من إعلان مصور، ثم أدت الدور الأول في فيلم Cyborg 2 إلى جانب الممثل الأميركي Jack Palance. التقت جولي الممثل البريطاني Johnny Lee Miller خلال تصويرها فيلم Hackers... ثم عملا معاً، وكانت جولي ضمن فريقه، وسرعان ما أعلنا عن خطوبتهما أمام الصحافة وتزوجا لاحقاً. راحت بعض أعمدة الصحف تصف قرار جولي بأنه جزء من البحث عن الاستقرار بعد فقدانها لشخصية الأب خلال نشأتها.
مسيرتها الاحترافية بدأت منذ أن شاركت في فيلم إلى جانب الممثل David Duchovny. في الوقت الذي بدأ نجمها يلمع أكثر فأكثر، صارت حياتها الزوجية تتراجع، إذ وجد ميلر صعوبة في التعامل مع جولي، ولا سيما خلال تصويرها فيلم Gia الذي يتناول حياة العارضة المثلية Gia Carangi. وبعدما حازت جائزة عن أدائها في الفيلم، اتخذ ميلر قراره بالانفصال عن نجمة هوليوود. عقب الانفصال انتشرت شائعات تتحدث عن أن جولي ثنائية الجنس Bisexual، ولا سيما بعد اعترافها بإقامة علاقة مع الممثلة Jenny Shimizu. بعدها، وقعت انجلينا في حب الممثل Billy Bob Thornton والذي يكبرها بـ15 عاماً، ثم انفصلت عنه لاحقاً. بعد نجوميتها في فيلم The Fever، لعبت إلى جانب براد بيت الدور الرئيس في فيلم Mr. and Mrs Smith، لتنتشر بعدها الشائعات حول علاقة تجمعها ببراد، وكان ذلك في العام 2005، إلا أن الثنائي التزم الصمت، ولم يخرجا معاً في العلن طوال 12 شهراً. وقد اتهمت طليقة بيت، الممثلة جنيفر أنيستون، جولي بأنها السبب في هدم علاقتها ببيت، لكن الأخيرة نفت مؤكدةً انها كانت بمثابة كتفٍ للبكاء.
في العام 2007 فقدت أنجلينا والدتها بعد صراع مع مرض السرطان، وفي السنوات الأخيرة حاول الثنائي بيت وجولي الحد من خطر إصابة الأخيرة بمرض السرطان بعدما قضت والدتها وجدّتها بسرطان المبيض. بعد إجراء الفحوص الجينية، أبرزت النتائج أن نجمة هوليوود معرّضة للإصابة بسرطان الثدي بنسبة 80%، فاتخذت قراراً باستئصال ثدييها، وبعدها بسنتين تم استئصال مبيضيها، في خطوة وقائية، مما أدى الى دخولها في سن اليأس في سن مبكرة. خطوة أنجلينا وحديثها عن تجربتها لقيا ترحيباً وتقديراً من الناس. وقد كتبت في The New York Times: «أكتب عنه (مرض السرطان) اليوم، لأنني أود أن تستفيد كل امرأة من تجربتي. السرطان لا يزال عبارة مخيفة، ويشعر الناس بالضعف حين يسمعونها. ولكن اليوم في مقدورنا اكتشافه من خلال اختبار الدم، وإذا كنتِ أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي والمبيض، اتخذي الاجراءات اللازمة».
خلال تصويرها مشاهد من فيلمها Lara Croft Tomb Raider في كمبوديا عام 2001، لفت انتباهها الفقر المنتشر بين الناس، فقرّرت أن تكرّس جهودها للأعمال الإنسانية. عُيّنت أنجلينا سفيرة للنوايا الحسنة للمفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة، وزارت مخيمات اللاجئين في لبنان، واقتربت من مأساة لاجئي الصومال في كينيا. كما زارت أفغانستان وباكستان والصومال وتنزانيا وسيراليون والسلفادور ودارفور وغيرها من المناطق المنكوبة، ترافقها شاحنات محمّلة بمختلف أنواع الأغذية والأدوية. وقد دخلت الممثلة الأميركية إلى مخيمات اللاجئين في العراق مرات عدة، وشملت زيارتها مخيم خانكي للنازحين الإيزيديين، ومخيماً آخر يقطنه 18 ألف لاجئ سوري، كانت الأمم المتحدة قد أنشأتهما في محافظة دهوك شمالي العراق. لكن أنجلينا الإنسانة لم تكن تخفي تأثرها بمعاناة اللاجئين والشعوب الفقيرة، فعبّرت عن مشاعرها بعفوية وبكت عندما كانت تستمع الى شكوى نازحة عراقية.
انتقدت أنجلينا الأسرة الدولية لتخلّفها في تأدية واجبها في حماية المدنيين المتأثرين بالنزاع في كل من العراق وسورية، ودعت زعماء العالم إلى التدخل والمساعدة في إنهاء القتال في هذين البلدين. كما زارت مخيمات اللاجئين في الأردن للمرة الرابعة منذ بدء الحرب السورية، معربةً عن أسفها لحال الأولاد النازحين، ومؤكدةً: «الأولاد هنا لا يعرفون سوى البيئة الصحراوية القاسية وأسلاك الحديد الشائكة. ومن المؤسف أن نصف اللاجئين في الأردن لم يبلغوا بعد الـ18 عاماً». وقالت جولي في أثناء الزيارة: «رسالتي إلى زعماء العالم الذين يستعدون للاجتماع في الهيئة العامة للأمم المتحدة، أن يبحثوا عن السبب الرئيس للنزاع السوري، ويبذلوا ما في وسعهم لإنهائه، وأرجوهم أن يجعلوا من أزمة اللاجئين محور نقاشاتهم».
لم تكن أنجلينا تهتم وحدها بالقضايا الإنسانية، فقد لعب زوجها السابق براد بيت دوراً كبيراً في مساعدتها في تكريس جهودها في هذا الإطار، بحيث اعتُبر الثنائي من أكثر نجوم هوليوود اهتماماً بالقضايا الإنسانية ومساعدة الآخرين، إذ أنشآ Maddox Jolie-Pitt Foundation التي تعمل على مساعدة ضحايا الأزمات والمجاعات والحروب حول العالم. وفي سبيل إنشاء تلك المؤسسة تبرّع كل من النجمين بمليون دولار للعديد من المؤسسات الاجتماعية مثل «أطباء بلا حدود» و«العمل العالمي من أجل الأطفال». بالإضافة إلى مد أنجلينا يد العون للعديد من الحملات مثل One Campaign، واليونيسيف. كما وهبت أنجلينا أحد معسكرات اللاجئين الأفغان في باكستان مليون دولار، وتبرعت بمثلها لمنكوبي دارفور في السودان، ولأطفال كمبوديا تبرّعت بمبلغ قيمته 5 ملايين دولار... والجدير ذكره أن أنجلينا تنفق من جيبها الخاص على زياراتها الإنسانية.
انتشرت في الآونة الأخيرة أخبار عن انفصال أنجلينا وبيت، إلا أنها باتت مؤكدة عندما أعلنت جولي عن تقديم أوراق طلاقها من بيت عبر محاميتها لورا واسر، بعد 12 عاماً من علاقة الحب التي جمعتهما، كانا خلالها أشهر ثنائي في هوليوود. وقد تضاربت أسباب الانفصال فراح بعضها يتهم بيت بخيانته لجولي، وأكدت أخرى أنه مدمن مخدرات وكحول. وأشارت بعض التقارير إلى أن بيت خضع للتحقيق من جانب السلطات الأميركية بتهمة الإساءة اللفظية والبدنية لأبنائه حيث جاء في تقرير نشره موقع TMZ العالمي، أن براد بيت فقد أعصابه بعد تناوله كمية كبيرة من الكحول جعلته ثملاً للغاية وأخذ يصرخ بكلمات وألفاظ نابية أمام أبنائه أثناء رحلة خاصة قبل يوم واحد من تقديم جولي لطلب الطلاق. وأضاف الموقع أن الجهات الحكومية تخطط حالياً لإرسال مندوبين للتحدث مع الأطفال في إساءة براد بيت اليهم، وقال أحد المصادر إن نجم هوليوود لم يرتكب أي إساءة في حق أطفاله، مؤكداً أن براد بيت حاول إنقاذ زواجه بالذهاب للعلاج من تعاطي الكحول والمخدرات.
وقد أشارت مصادر مقربة من جولي الى أن اتصالاً حصل بينها وبين صديقتها السابقة الممثلة Jenny Shimizu. كما لفتت المصادر إلى أن جولي أخبرت أصدقاءها بأنها لن تدع أطفالها الستة يعيشون في مناخ غير صحي، ولذلك اتخذت قرار الطلاق من بيت.
وكانت أنجلينا قد تبنت طفلها الأول مادوكس من كامبوديا في العام 2001، ثم باكس (11 عاماً) وزهرة التي تبنتها من «إثيوبيا» 9 سنوات، وهي أنجبت شيلوه (8 سنوات)، والتوأمين فيفيان ونوكس البالغين من العمر (5 سنوات) (3 أطفال من براد بيت).
قالت أنجلينا في إحدى المقابلات «إن براد بيت هو الإنسان الوحيد الذي تتحدث معه، لأنها لا تملك الكثير من الأصدقاء... حتى أن ليس لديها الكثير من الأصدقاء ضمن عائلتها».
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024