تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

عاصم حواط: صحيح أنني قريب محمد الماغوط... لكنني لا أملك شركة إنتاج

تعددت مواهبه الفنية، من الغناء إلى العزف والتقليد والدبلجة... كل هذا بالإضافة إلى موهبته في التمثيل، مما جعله فناناً شاملاً يستطيع توظيف مواهبه المتعددة في أدواره الفنية.
بدأ حياته الفنية بالأدوار الكوميدية التي نجح فيها، ثم انتقل إلى نوع مختلف من الأدوار من خلال مشاركته في ستة أجزاء من مسلسل «باب الحارة». عُرف بالدبلجة وخاصة من خلال صوته المميز في شخصيتي «أسمر» و «ابراهيم باشا»، وغيرهما من الأعمال.
عن أعماله الفنية لهذا العام، وعن مواهبه المتعددة، والدبلجة، وحياته الشخصية، كان لقاؤنا مع الفنان عصام حواط.


- شاركت هذا العام في مجموعة أعمال، أهمها دور البطولة في المسلسل الكوميدي «نحن لها»، بشخصية المحقق الساذج. قُدمت هذه الشخصية منذ بدايات الكوميديا في أكثر من عمل، ما الذي ميز دورك في هذا العمل عما سبق وقُدم؟
لكل عمل خصوصيته، والعمل من النوع الكوميدي وفكرته جميلة، خاصة أن النص مكتوب بشكل جيد. وهذا النوع من الكوميديا الخفيفة بات مطلوباً اليوم والجمهور بحاجة الى مثل هذه الأعمال التي لا تمثل واقعنا الصعب.
والمسلسل يسلط الضوء على محققين غبيين يكتشفان في كل حلقة جريمة جديدة. أما عن خصوصية دوري فيه فهي مرتبطة بخصوصية النص، ولا دور يشبه الآخر، لأن شروط الشخصيات تختلف باختلاف ما جاء في النص.

- هل ينتمي العمل الى «السيت كوم»، وهل هذا النوع من الأعمال سهل فنياً كما هو سهل إنتاجياً، وما هي صعوباته؟
«نحن لها» عمل لا ينتمي الى نوعية «السيت كوم»، لأن هناك أكثر من موقع للتصوير، من غرفة التحقيق، الى مكتب التحقيق، ولكل جريمة مكانها الخاص. وبالنسبة إليّ، كان هذا العمل مرهقاً قليلاً، إذ كنا نصور الحلقات في أمكنة مختلفة، فأحياناً تُرتكب الجريمة في فيلا، وأحياناً أخرى في منزل عربي... لكن أكثر ما كان يميز هذا العمل هو عدد أبطاله القليل، مما خلق تفاهماً كبيراً بين جميع المشاركين فيه.

- قدمت دور «عزو» في «عطر الشام»، هل يمكن تصنيفه عملاً بيئياً نمطياً؟
بالنسبة الى مسلسل «عطر الشام» البيئي، أرى وبكل صراحة أن غالبية الأدوار الشامية أصبحت متشابهة، والقصص متقاربة، وأدوار الشر والخير متكررة. كما أن الأعمال الشامية لا تصور البيئة الشامية على حقيقتها، رغم وجود بعض الأعمال القليلة التي نجحت في عكس واقع هذه البيئة، كمسلسل «طالع الفضة».

- بمشاركتك في عملين عن البيئة الشامية «خاتون» و«عطر الشام»، كيف كنت تحقق الاختلاف بين الدورين، خاصة أن التحكم باللباس في تلك الأعمال يكون في حدوده الدنيا؟
لست متخوفاً من تكرار الأعمال الشامية، لأنني قلّما أقدم أدواراً بيئية، وإن حدث وشاركت في أكثر من دور شامي في موسم واحد، وكان الدوران متشابهين، فعندها تبرز قوتي كممثل ومدى إبداعي في التغلغل في عمق الشخصية، والعمل على تقديم الدور بشكل مميز ومختلف عن الأدوار المشابهة، وهو بمثابة امتحان لي. هذا بالإضافة الى مساهمة شركة الإنتاج في توفير الوقت الكافي لكل شخصية على حدة.

- كثرة الأعمال الشامية، هل هي نوع من الهروب من الواقع، لكون العمل البيئي مضموناً تسويقياً، ومُتابعاً عربياً؟
الأعمال الشامية ليست من إنتاج هذه الفترة أو هذه الأزمة، بل تعود الى ما يقارب الـ 25 عاماً، بدءاً بمسلسل «أيام شامية»، وما تبعه من أعمال شامية.
أما سر انتشار تلك الأعمال، فيكمن في خصوصية هذا اللون. ورغم تنوع الأعمال المعاصرة الأخرى في الوطن العربي، فقد ساهمت «الحدوتة الشامية» التي تقدمها تلك الأعمال في انتشارها الواسع حتى أنها غزت المجتمعات العربية، والسبب هو اللهجة الشامية التي يفهمها الجميع، بخلاف اللهجات المحلية كالحلبية والحمصية والتي قد لا يتقبّلها الجمهور العربي لاحتوائها على مصطلحات غريبة.

- هل تزعجك فكرة أنك خارج «باب الحارة» بعدما شاركت في ستة أجزاء متتالية منه، وهل ساهم تحفظك على دورك في الجزء السادس في إلغاء شخصيتك في الأجزاء الجديدة؟
أنا اليوم خارج «باب الحارة» لأن دوري انتهى بوفاة الشخصية في الجزء السادس، وكنت أتمنى أن أكمل العمل مع باقي زملائي في المسلسل، لكن استشهادي ترك أثراً كبيراً في الجمهور، فشخصية «صبحي» لعبت دوراً إيجابياً في الأحداث، ورغم كل ما عاناه، من وفاة أمه، وزواج أخته، ومرض والده، بقي محافظاً على هدوئه، وضحّى بحياته من أجل أهل حارته وجيرانه، فالدور كان جميلاً، ووفاتي كانت كنهاية البطل في العمل.

- هل تعتبر أن «باب الحارة» هو نقطة تحولك من النمطية الكوميدية إلى باقي الألوان الدرامية؟
لا أنكر أن «باب الحارة» كان نقطة تحولي من الكوميديا إلى التراجيديا، والأستاذ بسام الملا من أوائل الذين قدموا لي هذه الفرصة، وذلك من خلال دوري في مسلسل «رجاها» حيث كان دوراً كوميدياً، وأكد لي يومها أنني أملك طاقة أخرى غير الكوميديا، فأعطاني دوراً مختلفاً عما قدمته في الأعمال الكوميدية، ثم شاركت في أعمال تراجيدية أخرى، أبرزها: «ساعة الصفر»، «سفر الحجارة»، «شتاء ساخن»، و«بقعة سوداء».

- بعض الفنانين لا يجدون مشكلة في تأطيرهم في الكوميديا، لكنك تصرح دائماً بأنك تحب الخروج من تلك الدائرة، وأن تجد نفسك بشخصيات لا تشبهك ولا تشبه أعمالك الكوميدية... لماذا، هل لأن الكوميديا لا تصنع النجومية والشهرة كباقي الأعمال، أم لقلّة الأعمال الكوميدية اليوم؟
في داخلي جانب كوميدي وآخر تراجيدي، وأحب تقديم مختلف الألوان الدرامية، وأرفض أن أكون فناناً كوميدياً أو تراجيدياً أو شريراً فقط، وأفضّل أن أعبر عما في داخلي بمختلف الشخصيات الفنية.

- لكن الناس يحبون عاصم حواط في أدواره الكوميدية، وربما يفضلونه في تلك الأدوار مقارنة بباقي الأدوار، هل يزعجك هذا التصنيف؟
انتشر اسمي بين الناس بأسماء الأدوار التي قدمتها، فمثلا ينادونني «صبحي» باسم شخصيتي في «باب الحارة»، أو «محمود زملكا» في مسلسل «صبايا»، وهذا الأمر يسعدني كثيراً، فهو دليل على ترسّخ اسم الشخصية في ذهن الجمهور، سواء كان العمل كوميدياً أو تراجيدياً.

- هل مسلسل «مرايا» هو سبب تأطيرك بالدور الكوميدي، أم تعتبره بداية حقيقية لعاصم حواط فنياً؟
اشتركت في مسلسل «مرايا» بعد تقديمي مجموعة من الأعمال الكوميدية، لذا أؤكد أن هذا العمل لم يظهرني كممثل كوميدي، ومع ذلك فلـ «مرايا» الفضل في انتشاري عربياً في المرحلة الأولى، لكونه من أهم الأعمال العربية متابعةً، وقد امتحنت نفسي في هذا العمل بسبب تعدد اللوحات المقدَّمة وتغير الشخصيات فيه. ويليه مسلسل «باب الحارة» الذي كان بمثابة نقطة قوة في بداياتي الفنية وفي مرحلة معينة، كنوع من التجريب والتسويق.

- هل تعتقد أن «بقعة ضوء» قد فاق «مرايا» نجاحاً أيام عرضه؟
لكل عمل خصوصيته، و«مرايا» مختلف عن «بقعة ضوء»، فالأستاذ ياسر العظمة بدأ مشروعه في «مرايا» منذ 25 سنة، وبقي مستمراً حتى توقف العمل لأكثر من عام، ولأسباب شخصية. وفي أثناء غياب مسلسل «مرايا» عن الساحة الفنية، ظهر مسلسل «بقعة ضوء» فتألق وانتشر بسرعة كبيرة، لذلك لم يتنافس العملان أصلاً لأنهما ظهرا في مرحلتين زمنيتين وفنيتين مختلفتين.
وبالنسبة إليّ، ما زلت أجد لـ«مرايا» نكهته الخاصة، أما ظهوري في «بقعة ضوء» في مواسمه الأخير فكان لأسباب عدة، منها المادي والفني.

- شخصيتك في مسلسل «حائرات» مختلفة تماماً عنك، فهي هادئة وخجولة... هل تستهويك الشخصيات القليلة الحركة أكثر من تلك التي تتطلب مجهوداً جسدياً؟
شخصتي في مسلسل «حائرات» من أمتع الشخصيات التي قدمتها، فأنا أحب الشخصيات المركبة والمعقدة، وأعشق تجسيد تلك الأدوار وتقديمها أينما وُجدت.

- أنت فنان متعدد المواهب، عازف عود ماهر، مطرب، ومقلد معروف في الوسط الفني. هل تشعر بالغبن لعدم توظيف مهاراتك المختلفة في التمثيل في شخصية واحدة من خلال عمل فني؟
حين تسمح الشخصية، أوظف مواهبي المتعددة في التمثيل، ففي مسلسل «شو القصة»، عزفت على العود خلال دوري، وفي مسلسل «أسياد المال» قمت بالغناء، وأرغب بالفعل في توظيف مواهبي في الأدوار الفنية، لكنني لا أسعى لذلك، بل تأتيني الشخصية وهي تغني أو تعزف في النص المكتوب، فيشعر المشاهد بأنها شخصية حقيقية من لحم ودم.

- شخصيات كثيرة نجحتَ في تقليدها: الفنان ياسر العظمة، جورج وسوف، وغيرهما الكثير... هل سبق وحصل سوء تفاهم بينك وبين أحد الفنانين بسبب تقليدك له؟
لم يصدف أن قلّدت أحداً وحصل خلاف بيني وبينه، لأنني أقوم بالتقليد من دون الإساءة الى الأشخاص.

- محاولاتك في المسرح كثيرة، أهمها الفرقة التي شكلتها تحت اسم «السنارة»، ما الذي حققتموه على صعيد العمل المسرحي، خاصة في ظل سوء أحوال المسرح في سورية؟
لم أدرس في المعهد العالي للفنون المسرحية، لكن وخلال دراستي الجامعية أسّست فرقة مسرحية مع بعض الأصدقاء كهواية إلى جانب الدراسة، وبالفعل قدمنا العديد من العروض لعدد من الكتاب، كمحفوظ عبدالرحمن ووليد إخلاصي، وأحيينا مهرجانات في دبي ولبنان، وقد ساهمت هذه الفرقة في دخولي الوسط الفني.

- بدأت عملك الفني مع مجموعة من الفنانين الشباب، وقد أصبح بعض هؤلاء الفنانين نجوماً داخل سورية وخارجها، هل هناك محسوبيات ووساطات في الوسط الفني؟
أي فنان حقق النجومية عربياً، فنجاحه يعود اليه بمفرده، ولا نستطيع أن نعمم، وبالتالي لا أعتقد أن الوساطة موجودة لأنها تضر بالمنتج في الدرجة الأولى، وبالممثل إن لم يكن موهوباً. وفي المقابل، تلعب علاقة الفنان مع المنتج دوراً مهماً في ذلك.

- هل من مواصفات معينة يجب أن تنطبق على النجم السوري بعيداً عن الموهبة والدراسة؟
مواصفات الفنان السوري هي الموهبة، وأي صفة أخرى تكون في خدمة الفنان.

- من استهوتك تجربته الفنية من ممثلينا الشباب في الأعمال العربية: باسم ياخور، قصي خولي، تيم حسن، باسل خياط...؟
أعتقد أن كل من شارك من الفنانين السوريين الشباب في الأعمال العربية، قد نال نصيبه من النجاح، والكل كانوا في أمكنتهم الصحيحة، وأي دراما عربية، سواء كانت مصرية أو لبنانية أو خليجية، استقطبت نخبة الفنانين عندنا، والدراما المصرية دراما صعبة وليس من السهل اختراقها، ونحن لا نملك صناعة الممثل أو النجم، وأعمالنا الدرامية تحتاج إلى جهد وتعب وسهر. ومن جانب آخر، فإن الظروف التي تمر بها البلاد، كانت سبباً في عمل الكثير من الفنانين في الدراما العربية، وقد سبق أن عانت الدراما اللبنانية.

- لماذا لم نرَك بعد في بطولة مطلقة في أحد الأعمال المعروفة؟
بالنسبة إليّ، لعبت أدواراً أساسية في أكثر من عمل، أهمها مسلسلا «بقعة سوداء» و«شتاء ساخن». وهناك أعمال أخرى، لكن من إنتاج شركة بسيطة، ومخرج مبتدئ، وهي أعمال ليست مدعومة من محطات، الى جانب أعمال كثيرة لم تنتشر ولم تُعرض على المحطات العربية، وهذا الأمر ربما يضر بالفنان لأنه لم يُعرف من خلال هذه الأعمال.

- من هم أصدقاؤك في الوسط الفني؟
معظم أصدقائي من خارج الوسط الفني، وأشعر بأن الوسط الفني لا يمكن أن يصنع صداقات، بل يمكنه أن يصنع بعض الزمالات، أما الصداقات العميقة فلا تنجح، وأقول هذا الكلام بعد مروري بتجارب عدة فاشلة، لذلك أًصبحت مقتنعاً بمبدأ الزمالة، فلا أضر أحداً ولا أحد يضرّ بي، وأكون متصالحاً مع الجميع.

- هل طُلب منك المشاركة في عمل عربي مشترك، وما رأيك بتلك الأعمال؟
طُلبت للمشاركة في أعمال عربية مشتركة عدة، لكنني لم أعمل فيها والظروف لم تساعدني في ذلك، ومع ذلك أجد تجربة الأعمال العربية مشتركة ناجحة وهامة، وهي تنطبق على فكرة «سورية والعرب أمة واحدة وشعب واحد»، ويمكن أن تكون تلك الأعمال بداية عودتنا كإخوة عرب.

- أنت فنان ناجح في مجال الدبلجة، ومن أهم أعمالك شخصية «أسمر» في المسلسل التركي الشهير... هل غيّرت في نبرة صوتك لما تتطلبه الشخصية من جرأة وقوة؟
لم أغيّر في صوتي في الدبلجة، ولكن يمكن أن أغيّر أحياناً في طبقة الصوت لتحقيق تقنية الدوبلاج والتدقيق في اللفظ، وعمل الدوبلاج يحتاج إلى قوة في مخارج الحروف، وهناك أيضاً التعبير عن الإحساس من خلال الصوت. أما في برامج الكرتون فنغير صوتنا تماماً وهذا ما يُعرف بـ «علم الصوت».

- هل تعتبر الدبلجة عملاً مادياً محضاً أم عملاً فنياً يضيف الى رصيد الفنان؟
بدأت مسيرتي في الأساس في الدبلجة الكرتونية، وما زلت أحب هذا العمل كثيراً. ولكن التمثيل أصعب، لأن الفنان يستخدم جسده كله ويعاني الإرهاق والضغط بسبب ساعات التصوير الطويلة. والدبلجة أسهل وأبسط، ومن يستطيع التمكن من تقنية صوته، فهذا جيد، خصوصاً أن هناك فواصل استراحة تمتد لساعات.
والعمل في الدبلجة ليس عملاً مادياً محضاً، والفنان أينما عمل يريد أن يجني في النهاية ثمرة تعبه وأن يعتاش من عمله.

- أنت قريب الكاتب الكبير محمد الماغوط، ما الذي استفدته من تجربته في العمل الفني، وهل تفكر بإعادة أحد أعماله في صيغة فنية جديدة؟
صحيح أنني قريب الكاتب محمد الماغوط ولكنني لا أملك رساميل أو شركة إنتاج، وكما قلت أنا لا أتمتع بموهبة الكتابة، ولم يحوّل أحد كتاباته الى عمل تلفزيوني، وأتمنى أن يبادر أحدهم الى ذلك. لكن شخصياً، أعتقد أنني سأفكر بذلك إذا امتلكت شركة إنتاج.

- لماذا لا تتكلم كثيراً عن حياتك الشخصية، فيما يتساءل عنها الكثيرون... هل أنت متزوج، وماذا عن الأولاد؟
 حياتي الخاصة ملكي وحدي ولا أحب التحدث عنها أبداً، وتبقى من الأمور الشخصية في النهاية. ويمكن أن يكون عملي في الدراما هو سبب تأخري في الزواج، رغم أنني عشت الكثير من تجارب الارتباط الفاشلة، والتمثيل أخذ من وقتي الكثير، ولا يمكن أن ننكر أن الطبيب أيضاً يتأخر في الزواج بسبب عمله، فالأمر ليس متعلقاً بالفنان وحده...

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078