راغب علامة يشغل العالم بقصته مع الطائر أبو قرن المقنّع... وصلت مواصيله إلى الصين
كان ظهوري الأول على الساحة الفنية من خلال أغنية "بكره بيبرم دولابك". وإذا كان بإمكاني طرح أغنيتي الأولى مرة أخرى اليوم، فإنني أود أن أهديها إلى طائر من الطيور الرائعة المهددة بالانقراض التي يتم مطاردتها من قبل الشبكات الإجرامية المنظمة في الغابات الاستوائية في الشرق الأقصى.
وبطبيعة الحال، فإنه من غير المرجح أن تتغير حظوظ طائر أبو قرن المقنّع بسرعة. حيث يتم اصطياد طائر أبو قرن المقنّع من أجل الحصول على خوذته الموجودة في الجزء العلوي من منقاره والتي تعد ثمينة لاستخدامها كمادة للنحت في الصين، وهي أكثر قيمة مقارنة بعاج الفيل. ولكن علينا جميعا الآن العمل على حفظ هذا الطائر من الانقراض والحفاظ على آلاف الأنواع الأخرى التي تتجه نحو الانقراض بسبب الاتجار غير المشروع بالأحياء البرية.
إن جرائم الأحياء البرية في تزايد. وأن الاتجار في أنياب الفيل، وقرون وحيد القرن والنمور وكيفية تهديد هذه الأنواع هو أمر معروف جيدا نسبيا. ولكن هذا الاتجار هو أوسع من ذلك بكثير، حيث يشمل القرود والطيور والزواحف. كما أن تهريب الأخشاب والصيد غير المشروع يعد جزءا من هذا العمل غير المشروع.
ولماذا علينا أن نهتم بهذا الموضوع؟ على الرغم من أن الصيد الجائر للأنواع الأكثر شهرة لا يقع في الشرق الأوسط. بل إن معظم ما نسمعه ونقرأه عن هذا الموضوع يقع في كل من أفريقيا والصين. ولكن، منطقتنا تلعب دورا كبيرا ومدهشا في وقف هذا الاتجار غير المشروع بالأحياء البرية.
فمنذ التسعينيات، تم تهريب حيوانات نادرة مثل النمور والفهود والقرود والشمبانزي على قيد الحياة إلى الشرق الأوسط لمعارض الوحوش الخاصة للنخبة الغنية التي تعيش بيننا. واليوم، تعد الموانئ البحرية والمطارات بمثابة مراكز حيوية للاتجار غير المشروع بالأحياء البرية الحية والنافقة على حد سواء التي يتم تهريبها إلى كل ركن من أركان العالم.
إن تداعيات هذا الموضوع تؤثر علينا جميعا. حيث التفت العالم إلى أهمية حماية التنوع البيولوجي لدينا والنظم الطبيعية التي تدعم الحياة على كوكب الأرض. وتقوم العصابات الاجرامية بالكثير من هذه الأعمال، مع نشر الفساد وانعدام الأمن في أي مكان تعمل فيه هذه العصابات. وغالبا ما تكون البلدان الأكثر فقرا هي التي يتم سلبها وسرقة مواردها الطبيعية، الأمر الذي يعيق التنمية ويزيد من انتشار الفقر العالمي وعدم المساواة.
ولكن ومع تزايد هذه الأعمال غير المشروعة، فإن التصدي لها في تزايد أيضا، والتي بلغت ذروتها من خلال حملة جديدة للأمم المتحدة والتي تهدف إلى وقف هذا الاتجار غير المشروع بالأحياء البرية.
وتهدف حملة " حماية الأحياء البرية من أجل الحياة " لبناء الوعي بشأن جرائم الأحياء البرية وتشجع الجميع على اتخاذ إجراء حيال حماية الأحياء البرية. إنها ليست فقط حول الحكومات والوكالات الدولية وجماعات الحفاظ على البيئة والإنتربول. وتحتاج الحملة من كل واحد منا أن يفعل ما في وسعه، بطريقته الخاصة، لمواجهة الاتجار غير المشروع بجميع أشكاله
ولقد وصلت أصداء الحملة إلى العاصمة الصينية بكين ... حيث سوف يتم وضع صورة سعادة السفير راغب علامة في ترمينال 3 في مطار بكين الدولي من أجل التوعية لمدة ستة أشهر .
وكأفراد، فهذا يعني أنه علينا توخي الحذر عند القيام بالتسوق لتجنب شراء المنتجات الواردة من مصادر غير مشروعة؛ وعلينا عدم الاحتفاظ بالحيوانات الأليفة التي تم تهريبها من الحياة البرية بشكل غير قانوني. كما علينا دعم مبادرات الحفاظ على الطبيعة والبيئة التي تضغط على السلطات من أجل اتخاذ إجراءات صارمة ضد هذا الاتجار غير المشروع.
وأرجو أن نبدأ اليوم باتباع نهج جديد، وهو " نهج عدم التسامح" مع جرائم الأحياء البرية، وتشجيع جميع الأشخاص المقربين منك أن يفعلوا الشيء نفسه. فعندما أُذكِر نفسي كم الإنسان جيد في التعامل مع تحدي معين، فإن ذلك يعطيني الأمل الذي أحتاجه للتعامل مع هذا الموضوع. لذلك أطلب من كل واحد منا أن يجد مصدرا للإلهام والعمل لإنهاء الاتجار غير المشروع بالأحياء البرية. واليوم، ها أنا أعطي اسمي لتغيير اللعبة من أجل حماية طائر أبو قرن المقنّع.
إن طائر أبو قرن المقنّع هو من بين الثمانية طيور التي تم تسليط الضوء عليها في حملة الأمم المتحدة. فهو طائر مذهل، يبلغ طوله أكثر من متر، ذو خوذة حمراء وصفراء مدهشة فوق منقاره. إن فقدان الموائل، فضلا عن الصيد التجاري، للحصول على منقار طائر أبو قرن المقنّع الذي يمكن استخدامه كبديل لعاج الفيل، قد تسبب في انقراض أعداده في دول مثل تايلاند وإندونيسيا. وقد تم قتل نحو 6000 طائر بشكل غير قانوني في مقاطعة واحدة في إندونيسيا في سنة واحدة!
ولكن إذا وحدنا جميعا جهودنا وعملنا على مواجهة جريمة الاتجار بالأحياء البرية، فقد يسمعنا الآخرون في آسيا للحفاظ على الغابات المتبقية في أوطانهم . وإن لم تفلح هذه الطريقة، فسيدفع كل واحد منا، فضلا عن الأجيال القادمة، ثمنا باهظا.
الفنان راغب علامة هو سفير النوايا الحسنة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة منذ عام 2013.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024