الفنان التشكيلي مجدي الكفراوي: الصمت صديقي الذي أنارت حواراته حياتي
اتخذ من الصمت صديقاً له، فالفنان مجدي الكفراوي فاجأنا بمعرض أطلق عليه «حوارات الصمت»؟ كيف تحاور هذا الفنان مع الصمت، اقتربت منه وأنا أتامل لوحاته التي عرضت بقاعة الباب بمتحف الفن المصري الحديث.
- سألته كيف جاءت إليك فكرة هذا المعرض؟
الصمت صديقي الذي أنارت حواراته حياتي، كنت قبله أسبح ولما احترفت سماعه علمني الغوص عميقاً، معه اكتشفت أن الضوء أطياف، وأن اللون درجات من النغم، وأن المساحة لغة من تفاصيل متجاورة تربطها اللذة، ثم تعمقت العلاقة بيننا أكثر وأكثر، فصار يشير إلى ذاته في الوجوه التي تجاورني في الحياة، يتجلى في تفاصيل، حتى عندما كان الصخب يملأ الشوارع يعلن عن ذاته في وقع أقدام المارة من حولي، يملأ مقاعد المقاهي بالكلام وأيدي الناس تعلو وتنخفض، وأفواههم تتحرك، لكنني كنت أسمع الصمت في عيونهم.
- عدت لأسأله: ركزت في هذا المعرض على الوجوه بصفة عامة؛ ووجه المرأة على وجه الخصوص، ما الذي أغراك في وجه المرأة ليكون هو بطل معرضك؟
السيدات أمهر من يتحدث صوتاً وأقوى من يعبر صمتاً، فالمرأة تمثل لي أكثر الكائنات صمتاً، فهي التي تمتلئ بالحكايات، ولا تنطق بها في كل الأوقات، وجه المرأة بالنسبة لي هو العالم الذي أسعى دائماً إلى فك شفراته.
- مزجت في لوحاتك بين العديد من الألوان، لكنك لعبت بقوة على التدرجات المختلفة لكل لون كيف تتأمل هذه التجربة اللونية؟
بالفعل صرت لا أرى في الأزرق زرقته، بل أراه تفاصيل، الأحمر ألمحه وهو يتشكل ومع كل درجة يخطوها نحو الأسود لغز يتعقد، وفي كل قفزة يقفزها نحو الأبيض أغنية تمر.
- إذا أردت لك أن تقدم معادلاً موضوعياً لمعرضك بالكلمات فماذا تقول؟
أقول إن هذه الألوان بتدرجاتها المختلفة جاءت من ساعات طوال راقبت فيها الأخضر في زروع قريتنا، وهو يتشكل من أصفر الشمس وأزرق الماء وأسود الأرض، ساعات من متابعة البشر في الحقول وعلى محطات القطارات، ومن نوافذ الحافلات وشبابيك المنازل المجاورة في المدينة وعلى المقاعد وأمام المحال وعربات البضائع وفي أحلامي، وهذا المعرض واحد من أحلامي وحواراتي التي دارت بين نفسي والصمت، وبين صمتي وصمت العالم.
دواستاشي وعبد الغني يحللان معرض الكفراوي
وعما جذبه في هذا المعرض سألت الفنان الكبير عصمت داوستاشي، الذي أجاب: «لا أخفي عليك إعجابي بلوحات الفنان الشاب مجدي الكفراوي التي ينشرها على فيس بوك، وأبدي إعجابي بها، خصوصاً لوحته الزرقاء التي تتوسطها سيدة مصرية بملابس الريف المصري، والذي يظهر خلفها، يوحي بأنها في طقوس جaنائزية تودع الحبيب، هذا الشجن المصري الحزين يغلف معظم لوحاته، التي حين نراها مجتمعة نشعر بشتات الفنان وضياعه وسط مراحل وأساليب مختلفة، لكنها في الحقيقة هي تعبير عن معاناته بعد ثورة 25 كانون الثاني/يناير 2011، التي جعلتنا حيارى، ماذا نفعل وسط كل هذا الارتباك الذي يحيط بنا؟».
ويضيف داوستاشي في تحليله للوحات الفنان مجدي الكفراوي: «تتسم وجوه مجدي بحس تعبيري يتجه ببطء نحو التجريد، فهذا المعرض يمثل نقطة انطلاق جديدة للفنان نحو التعبيرية التجريدية».
أما الدكتور أحمد عبد الغني رئيس قطاع الفنون التشكيلية فيقول: إن لوحات الكفراوي تحمل حساً تعبيرياً وفنياً متميزاً، وبرغم تنوع موضوعاتها إلا أننا نلاحظ طغيان عالم المرأة أو الموضوعات المرتبطة به، وقد استطاع الفنان من خلال لغة الوجه تقديم معالجات فنية ولونية أظهرت دراية واسعة وعمقاً في الفهم، حمل رؤية وفلسفة الفنان الخاصة تجاه هذا العالم المتفرد والحياة بشكل عام.
الفنان مجدي الكفراوي من مواليد 1970، حاصل على بكالوريوس تربية فنية 1995، شارك في أكثر من مائة
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024