تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

أزمة منتصف العمر لدى النساء تتأرجح ما بين رفض الواقع والقبول به

فيلما بدروسيان

فيلما بدروسيان

آمنة حليق

آمنة حليق

سميرة موصلي

سميرة موصلي

نورما سميون

نورما سميون

الدكتورة والمعالجة النفسية غنى حمود

الدكتورة والمعالجة النفسية غنى حمود

ما إن تبلغ المرأة سن الـ40 حتى تنتابها سلسلة من الهواجس والتساؤلات عن حياتها ومستقبلها وإنجازاتها، وتدخل في دوامة تقييم الذات فتسترجع الماضي علّها تستدرك نفسها وتقوّم ما فاتها، سواء على الصعيد النفسي أو الصحي أو الاجتماعي. تشعر غالبية النساء في هذه السن بأنهن تغيّرن ولم يعدن كسابق عهدهن، جسدياً ونفسياً، فيشعرن بالتعب والإرهاق، ويصبحن أكثر عرضة للتوتر غير المبرر لأبسط الأسباب، ويبدأن بمراقبة جمالهن وتتبع التغيرات التي تطرأ على ملامحهن.  إنها أزمة منتصف العمر... الأزمة التي تتفاوت درجاتها وتختلف مظاهرها من امرأة الى أخرى وفق شخصيتها ونفسيتها وظروفها الحياتية والاجتماعية. لكن كيف تواجه المرأة هذه الأزمة، وهل تتقبّلها بسهولة، وما الخطوات التي تتبعها لتفادي انعكاسات هذه المرحلة عليها؟

«لها» التقت عدداً من السيدات اللواتي اختبرن هذه المرحلة واجتزنها، فتحدثن عن أبرز هواجسهن في هذا التحقيق. 


فيلما بدروسيان: لكل مرحلة عمرية جمالها
فيلما بدروسيان سيدة في العقد الرابع من عمرها، تحب الحياة والعمل ولا تعاني مشكلة مع التقدم في السن، وترى أن كل إنسان يمر بمراحل عمرية معروفة، ولا بد له من عيش كل مرحلة بحلوها ومرّها. وعن تجربتها الخاصة تقول: «منذ نشأتي وأنا أعمل وأتحمل مسؤوليات الحياة ومتطلباتها. ولكوني وحيدة أهلي تعودت تقبّل الواقع كما هو. مثلاً، في العشرين من عمري، كنت أضجّ بالنشاط والحيوية، وأعمل ليلاً ونهاراً بلا تعب أو كلل، لكن هذا الشعور تبدل بعد بلوغي سن الأربعين، وخصوصاً بعدما تجاوزت سن الـ 46، إذ بدأت أشعر بالتعب والإرهاق عند أدنى مجهود أبذله، وبالتالي لمست تراجعاً في العطاء الذي كنت أتميّز به في السابق».
أزمة منتصف العمر لا تقلق فيلما التي ترى أنّ لكل مرحلة عمرية ميزتها الخاصة، وتؤكد: «جئت إلى الحياة وأنا قانعة بأنني لن أُخلَّد فيها، فكل إنسان يولد ويكبر ويموت في النهاية وهذه الأمور ليست بيده ولا قرار له فيها... لذا، يجب أن نستمتع بمراحل عمرنا التي تمر تباعاً. اليوم أشعر بأنني امرأة ناضجة، وقد اكتسبت خبرة واسعة في الحياة، إن على صعيد العمل أو العائلة، وهذا يجعلني مرجعاً لكل من حولي، إذ يستفيدون من تجاربي وخبراتي الطويلة».
لا تخاف فيلما من التقدم في العمر ولا من الشيخوخة، وتحمد الله الذي أنعم عليها بشباب الجسد والروح معاً، إذ تبدو أصغر من سنّها بكثير، وغالباً ما يفاجأ الناس بعمرها الحقيقي، ويظنون أنها في العقد الثالث، وهذا يفرحها ويُشعرها بالرضا عن الذات. تقرّ فيلما بأنّ لكل عمر مشاكله، ولا تخفي سراً أنها بدأت تشعر ببعض الأوجاع التي لم تعهدها سابقاً، وترى أنها بمثابة جرس إنذار لتحتاط وتهتم بنفسها أكثر... تقول فيلما: «شارفت على سن الخمسين، وهذه التغيرات والأوجاع طبيعية ولا تقلقني. أتبع بعض الخطوات لتدارك الأمر، والمحافظة على صحتي كتناول بعض الفيتامينات. فجسدي تغير وتعب كثيراً، وأعضاء الإنسان لا بدّ من أن يترك فيها الزمن آثاره، ومن حقه أن يرتاح. أما بالنسبة الى ملامحي، فلم تتغير كثيراً ولا تجاعيد لدي، لأنني أعتني ببشرتي منذ صغري، وأحرص على وضع الكريمات المغذية التي تبقيها نضرة، كل ما في الأمر أنني صرت أستعمل أنواعاً مختلفة من المستحضرات التجميلية التي تناسب بشرتي، وأشكر الله الذي جعلني من النوع الذي لا يشيخ بسرعة. بالنسبة إلى شكلي الخارجي، لا أحب المبالغة في الاعتناء به، بل أكتفي بصبْغ شعري ووضع بعض الكريمات المغذية. أرفض التبرّج اليومي، كما لا أؤيد الجراحات التجميلية ولا أفكر بها بتاتاً لأنني متصالحة مع نفسي وأتقبّل مراحل عمري بكل سرور ورحابة صدر». وتختتم فيلما حديثها مؤكدةً: «لا أحب التصنّع، ولا أعاني أزمة مع العمر، وأكشف عن عمري بدون خوف أو تردد، فالتقدم في السن أمر واقع، والتغيرات المرافقة له طبيعية ولا بد من التأقلم معها، ومن يؤمن بالله يرض بقدره، وهذا يمنحنا القوة والقدرة على تخطّي الأزمات التي نتعرض لها».

سميرة موصلّي: منتصف العمر مرحلة تقييم ما فات والاستعداد لما سيأتي
ترى سميرة موصلي أن المرأة بعد تجاوزها الأربعين من العمر تشعر بتغيرات جسدية ونفسية تؤثر في مظهرها وسلوكها، فيصبح جسدها أضعف وتتعرّض لآلام لم تكن تعرفها من قبل، غالباً ما تكون أعراضاً لبداية أمراض ينبغي التنبّه لها، أو تعب أعضاء يجب العناية بها... وهي تقول: «تخطّيّ سنّ الأربعين كان محطة توقّفت عندها وأجريت عملية تقييم لما مررت به في حياتي. سألت نفسي ماذا فعلت، وماذا حققت وماذا عليّ أن أعمل في المقبل من الأيام وكيف؟». في الفترة المناسبة لتصحيح ما فات وتصويب مسار الآتي. الإنسان عموماً، والمرأة تحديداً، تصبح أنضج في هذه المرحلة وتستطيع رؤية الأشياء على حقيقتها أكثر من ذي قبل، كما يمكنها، بل يجب عليها تقبّل واقعها واتخاذ القرارات الصعبة بجرأة أكبر».
تعترف سميرة بأنّ المرأة في هذه الفترة تشعر بالخوف وتصبح أكثر حرصاً واعتناءً بنفسها، وتوضح: «أنا مثلاً، صرت أهتمّ بصحّتي أكثر، لأنني بتّ أحسّ بالتعب عند أقلّ مجهود أقوم به. أما على الصعيد الاجتماعي والنفسي، فاتخذت بعض القرارات المهمة في حياتي الشخصية وتخلصت من كل ما كان يقلقني ويؤرقني. لم أصبح أكثر اهتماماً بمظهري الخارجي، بل ركزت كل اهتمامي على تفعيل نفسي وتحقيق ذاتي وأحلامي».
تتقبل سميرة عمرها ولا مشكلة لديها معه، على الرغم من التغيرات التي شعرت وتشعر بها، وتضيف: «أشكر الله لأن العمر لم يؤثر في مظهري الخارجي كثيراً وما زلت أبدو بنضارتي وأصغر من عمري بسنوات، وهذا ربما يعود إلى النفسية التي أتحلّى بها، نفسية مفعمة بالحيوية والشباب». التقدّم في العمر بالنسبة إلى سميرة ليس عائقاً ولا هاجساً، ولن تجعله يؤثر فيها سلباً. وهي تستعين عليه بـ«تأسيس صداقات جيدة ومستديمة، كي تبعد عنها شبح الوحدة ووحشتها».

نورما سميون
تعترف نورما سميون بأن مرحلة الأربعين هي مرحلة فاصلة في حياة المرأة بحيث تشعر خلالها بتغيرات كبيرة على الصعيدين الجسدي والنفسي، وعن ذلك تقول: «لاحظت تغيرات جسدية في عمر الـ 47، فصار وزني يزداد، وخفّت قدرتي على العمل والعطاء، كما بدأت أشعر بأوجاع جسدية لم أعهدها من قبل... في الماضي كنت نشيطة جداً وأعمل لساعات طويلة من دون كلل أو ملل، أما اليوم فلم أعد أقوى على الاستمرار بالنهج نفسه، وبت أحسب كل تحركاتي، لأنني أخاف أن تتدهور صحتي».
التقدم في العمر يقلق نورما ويشعرها بالخوف، لأنها ترى نساء كثيرات كن قويات ونشيطات وأصبحن اليوم بحاجة الى من يخدمهن، مما يجعلها تحرص على الاعتناء بنفسها وعدم هدر طاقتها بأعمال لا طائل منها، وتصل الى سن تصبح فيها عاجزة عن خدمة نفسها. تقول نورما: «في الماضي كنت أتسوّق كل حاجاتي سيراً على الأقدام، وأخرج احياناً حوالى 10 مرات من المنزل، أما اليوم فأصبح أقصر مشوار يُتعبني، وبدأت أسمع وكأن جسدي يقول لي اهدئي وخففي عنك عناء العمل وانتبهي لنفسك وصحتك».
تهتم نورما بصحتها وتخاف عليها، وهي تتناول بعض المقويات الطبيعية كما كل امرأة أو رجل في هذه السن، وتشكر ربها لأنها لا تعاني أمراضاً مزمنة أو تجاعيد كبيرة.
وخوف نورما من التقدّم في العمر ينحصر في ما يتعلق بالجانب الصحي. أمّا الجانب الشكلي فهي متصالحة معه ولا مشكلة لديها فيه، إذ لم تعر لأمر الشيب اهتماماً، وحتى السمنة أو التجاعيد، فهي كما تقول، متصالحة مع نفسها من هذه النواحي، ولا تتأثر بها. بل تجد أن التقدم في السن بات يعطيها وقاراً واحتراما أكبر، إذ صار الناس يستشيرونها بأمور عدة ويستفيدون من خبرتها في الحياة، وهذا يفرحها ويرضيها، ويجعلها تشعر بالفخر والاعتزاز. هي تتقبّل واقعها وترضى بقوانين الحياة التي لا خيار لها فيها: «هذه سنّة الله في خلقه، فيها الطفولة والشباب والكبر، فلمَ أتقبّل الشباب ولا أتقبّل الكبر والشيخوخة! لا مشكلة لديّ، ولو اضطررت يوماً إلى استعمال عكاز فسأفعل بكل رحابة صدر، فأنا متصالحة مع نفسي ومع الزمن ولا عقد لدي من أي عمر يأتي، ويهمني كيف أعيش المقبل من أيامي لا ما مضى منها».
وعن علاقتها مع زوجها وما إذا كان لديها قلق ما، تقول: «علاقتي مع زوجي طبيعية وما زال يعاملني كما كنا في السابق، بل يهتمّ بي أكثر، كما أنه أصبح يخاف عليّ أكثر وينبّهني لكل ما قد يؤذيني أو يزعجني». تشير نورما إلى أنها ما زالت في نظر زوجها جميلة وفتيّة، وأنّه ما زال يدلّلها ويعاملها كما لو أنهما عريسان جديدان». أما بالنسبة إلى أولادها فتقول: «لديّ صبية وشاب وهما يهتمان بي ويُشعرانني بالحب والعاطفة على الرغم من أنهما يعملان طوال النهار خارج المنزل، وهذا يجعلني أميل أكثر إلى الهدوء والوحدة، حتى أنني بتّ أنزعج من الضجة والزحمة في بعض الأماكن».

آمنة حليق
منتصف العمر بالنسبة إلى آمنة حليق بدأ في عمر الـ 45، إذ باتت تلاحظ أنّ وزنها يزداد، وشعرها «يخفّ»، وأنها لم تعد تستطيع السيطرة على جسدها والمحافظة عليه كما في السابق. هذه التغيرات وعوارض أخرى مرافقة لها كالتعب والأوجاع، أقلقت آمنة وجعلتها تفكّر بحلول لتفادي تفاقم حالتها واستعادة رشاقتها، فلجأت إلى ممارسة الرياضة واتّباع أنظمة غذائية معيّنة. تقول آمنة: «عندما وصلت إلى عمر الـ 45 وبدأت الأوجاع تتسرب إلى جسدي والتعب ينال مني، بدأت ألوم نفسي على عدم العناية بصحّتي وقلقت مستغربة حالة الترهل الداخلي والخارجي التي أصبت بها، وبتّ ألاحظ بقلق التغيرات التي طرأت على وجهي، والخطوط الجديدة التي ارتسمت عليه، مما أشعرني بالتعب النفسي والإحباط، خصوصاً أنّ هذه المرحلة تزامنت مع انفصالي عن زوجي والعيش برفقة أولادي من دون أبيهم».
تحلم آمنة باستعادة شكلها ونشاطها اللذين كانا في مرحلة الشباب، متأسفةً كيف انقضت هذه المرحلة من دون أن تتمتع بها وتحافظ على صحتها وجمالها لـ»يخدماها» أكثر. تقول آمنة: «في صباي كنت أهتمّ كثيراً بشكلي وحسن مظهري، أمّا اليوم فصحّتي هي الأَوْلى، وبعدها شكلي». لا تحبّ آمنة عمليات التجميل ولا تحبذ إجراءها، وترى أنّ الوسائل الطبيعية في الحميات الغذائية، والعناية بالبشرة هي الأسلم والأجدى. أما بالنسبة إلى الماكياج فهو لا يعنيها كثيراً، علماً أنها تضع القليل منه من وقت لآخر كي تشعر بأنها ما زالت جميلة وشابة، وهذا ما يجعلها محط انتقادات أولادها الذين يتساءلون حينها عن سبب هذا الاهتمام غير المعتاد بمظهرها وأناقتها.
دخلت آمنة مرحلة انقطاع الطمث منذ سنوات، وهذا الوضع انعكس في اضطرابات نفسية مزعجة، إذ باتت تشعر بالتوتر والضيق وارتفاع الحرارة من وقت لآخر بسبب عدم انتظام الهورمونات لديها. تقول آمنة: «بعد انقطاع الطمث لم أعد أستطيع تحمّل نفسي ودخلت في حالة نفسية صعبة يشوبها الكثير من التعب والتوتر والهبّات الساخنة والباردة... ولا أنكر أنني كلّما أستعيد ذكريات الماضي والشباب وأتذكر كيف كان جسدي وشكلي أتحسّر على ما فات وأحلم لو يعود بي الزمن إلى الوراء لأتدارك أموراً كثيرة وقعت فيها وأفعل أموراً أخرى غفلت عنها».

الدكتورة والمعالجة النفسية غنى حمود
ترى الدكتورة والمعالجة النفسية غنى حمود أن الـ 40 هي السن التي تبدأ فيها المرأة بالشعور بأنها في منتصف الطريق، أي نصف عمرها مضى، والنصف الثاني آتٍ، أما إذا كانت عزباء فتشعر بأنها فقدت شيئاً يجب أن تتداركه كامرأة. وخلافاً للماضي، نلاحظ اليوم أن أغلب النساء تتوقف لديهن الدورة الشهرية باكراً مما يزيد من أزمتهن، لما يرافق هذا الوضع من علامات تُشعرهن بأزمة منتصف العمر، فيدخلن في حالة كآبة شديدة، ويشعرن بأنهن كنساء غير قادرات على الإنجاب والعطاء كالسابق، وهذا الشعور يسبب لهن قلقاً على مستقبلهنّ، ويلجأن إلى انتقاد أنفسهن ومظهرهن. وعادة تختلف وسائل تعاطي المرأة مع نفسها في هذه المرحلة باختلاف شخصيتها وتربيتها الصحية والنفسية والاجتماعية، فواحدة تقبل الواقع الجديد، وتتصالح معه وأخرى ترفضه وتدخل في أزمة وصراع مع نفسها. وهناك دراسة لجمعية برازيلية في مدينة ساو باولو تقول إن أزمة منتصف العمر لدى المرأة تبدأ في عمر الـ30 لا في الـ40 كما هو متعارف عليه، لأن المرأة في ثلاثينياتها تشعر بتغيرات كثيرة على صعيد شكلها وحالتها النفسية، وتصاب بحالة تردد كبير في اتخاذ قراراتها وينتابها الخوف والقلق على صحتها ومظهرها، وهذا يشعرها بالكبر قبل أوانه المعروف.
وتقول د. حمود إن المرأة المتزوجة تشعر بأزمة منتصف العمر عندما يكبر أولادها ويتزوجون، وتصبح وحيدة تخاف ان يتركها زوجها أو يتزوج عليها بسبب التغيرات التي طرأت عليها جسدياً ونفسياً. وسبب هذا الخوف يعود عادةً إلى قلة ثقتها بنفسها وعدم وجود من يدعمها ويقف الى جانبها لتجاوز هذه الازمة. فانشغال الاولاد عندما يكبرون بصداقات جديدة أو بتأسيس عائلة، وانهماك الزوج بالعمل يُشعران المرأة بالفراغ ويجعلانها تتنبه الى أدق التفاصيل التي لم تكن تعيرها اهتماماً... ففي الماضي كانت مشغولة بتربية الاولاد والاهتمام بشؤون البيت، وغالباً ما كانت تهمل نفسها، لتُصدم بالواقع الذي وجدت نفسها فيه فجأة، فتتساءل: أين أنا؟ وماذا كنت أفعل؟ وماذا حققت؟ إذ تشعر بأنها خسرت كل شيء مع زواج أبنائها.
وقد تختلف ردود الفعل من امرأة إلى أخرى، وفق مسيرة حياة كل واحدة منهن وطباعها وظروف عيشها. فمنهن من تتقبل المرحلة بسهولة، بينما تعاني أخريات أزمة كبيرة. لذا تنصح حمود لتفادي هذه الازمة، أن تقف العائلة والأهل والأصدقاء الى جانب المرأة، كي تنجح في تخطي المرحلة، فلا بد من وجود شخص مقرب من المرأة تبوح له بأسرارها وهواجسها فتطمئن وتتعزز ثقتها بنفسها. وفي حال تأزمت المرأة كثيراً يمكنها الاستعانة بطبيب نفسي يخلّصها من كآبتها، علماً أن هذا الحل مستبعد لدى البعض بسبب نظرة المجتمع الخاطئة الى المرضى الذين يزورون العيادات النفسية.
كما على المرأة أن تدرك أن دورها لم يعد ينحصر بالتربية والتضحية والعطاء، بل تجاوز كل ذلك وصولاً الى الارشاد والتوجيه، فهي باتت مرجعاً لأولادها ومعارفها يستشيرونها في مختلف قراراتهم بسبب خبرتها الطويلة في الحياة.
وتؤكد حمود أن للأولاد دوراً أساسياً في حياة أمهم بعد الزواج، إذ عليهم أن يبقوا على تواصل معها ويشعروها بحاجتهم اليها، ومثلهم الزوج الذي ينبغي عليه استعادة أسلوبه السابق في الغزل وإحاطتها بالحنان ليشعرها بأنها ما زالت انثى جميلة في نظره وأنه يحبها مهما تغيرت وتقدمت في العمر. فالمرأة التي شارفت على منتصف العمر ولا تجد من يهتم بها، تشعر بالاحباط والكآبة.
وأخيراً ترى حمود أن بعض النساء يلجأن في هذه الفترة الى الجراحة التجميلية لاستعادة شبابهن أو كي يظهرن بعمر صغير، وقد يقعن فريسة الجهل فيعشقن شباناً أصغر سناً منهن ليشعروهنّ بأنهن ما زلن مرغوبات، وهذه الحالات موجودة بنسب متفاوتة وتختلف تبعاً لظروف كل امرأة والبيئة التي تعيش فيها. وفي المقابل، قد تهتم بعض النساء بدراستهن ومستقبلهن فينتسبن إلى الجامعة أو يتابعن دراسات عليا من أجل استعادة انفسهن ومكانتهن في المجتمع، وهؤلاء النساء يتصرفن بعقلانية لاقتناعهن بأنهن ما زلن قادرات على العطاء.

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078