محمد دياب: أتعرّض لمؤامرة وهناك محاولات للقضاء عليَّ
رغم أن مشواره السينمائي بدأ منذ سنوات قليلة، إلا أنه نجح في الوصول إلى العالمية بشكل سريع، من خلال فيلمه «اشتباك»، الذي شارك في مهرجان «كان». ورغم إشادة النقاد ونجوم هوليوود بالفيلم، إلا أنه لم يسلم من الانتقادات.
المخرج محمد دياب أكّد أنه يتعرض لمؤامرة لوأد فيلمه، رافضاً اتهامه بالانتماء الى جماعة الإخوان، واتهام فيلمه بتهديد الأمن في مصر... كما كشف عن تفاصيل كثيرة متعلقة بهذا الفيلم، منها ميزانيته وأصعب المشاهد التي قدّمها، وسبب مواجهته الموت خلال التصوير، وتحدث أيضاً عن أجور الفنانين في الفيلم، ومشاريعه المقبلة.
- من موظف في أحد المصارف إلى مخرج عالمي... كيف حدث هذا التحول؟
هذا صحيح، فأنا خريج كلية التجارة وإدارة الأعمال، ولم أدرس الإخراج أو التأليف خلال دراستي الجامعية، لأنني مثل أي مصري لا يجد المؤسسة التي من الممكن أن تكتشف موهبته وتدعمها، وأهم شيء بالنسبة الى أهالينا أن ندخل الجامعة ونتفوق في دراستنا، بغض النظر عن موهبتنا التي يمكن أن تجعل منا أشخاصاً مميزين.
دخلت الجامعة وعملت في المصرف، لكنني كنت أشعر دائماً بأنني أملك موهبة تأليف القصص، وبدأ أصدقائي، وأبرزهم الداعية معز مسعود والفنان أحمد الفيشاوي، يشجعونني على الاهتمام بالتأليف والإخراج، وبالفعل بدأت أهتم بالورش وتدرّجت في العمل حتى وصلت إلى هذه الخطوة المهمة، وهي إخراج فيلم شارك بقوة في مهرجان «كان» العالمي.
- سافرت إلى أميركا من أجل الحصول على كورسات جديدة في الإخراج والتأليف، فبمَ أفادتك؟
اكتسبت خبرات كثيرة، منها كيفية كتابة سيناريو خالٍ من الملل، والإخراج باحتراف وتميّز، فهذه التجربة أفادتني كثيراً.
- كيف استقبلت مشاركة الفيلم في مهرجان «كان»؟
كان لديّ أمل كبير في أن يشارك الفيلم في هذا المهرجان، الذي يعد الأكبر والأهم عالمياً. وقبل التصوير كشفت عن أملي هذا لجميع الأبطال، وكانوا يثقون بأن الفيلم سيشارك في مهرجان «كان»، لكن بعدما علمت بالخبر، طرت من الفرح، فهو ليس شعوراً بالنجاح فقط، وإنما بالانتصار أيضاً.
- هل شعرت بالحزن بسبب عدم حصول الفيلم على أي جائزة؟
لا، فمشاركة الفيلم في مهرجان ضخم مثل «كان» تكفيني، ولم أفز بأي جوائز، لكن هذا لا يمنع توقعي أن يحصد الفيلم جائزة، خاصة أن بعض المجلات والصحف الأجنبية صنّفته في قائمة أفضل عشرة أفلام في المهرجان.
- كيف استقبل النقاد في مهرجان «كان» فيلمك؟
لا يمكن أن أصف مدى خوفي ورعبي خلال عرض الفيلم للمرة الأولى في المهرجان. كنت أشعر بالتوتر الشديد، لكن هذا الإحساس زال بعد التصفيق الحاد الذي أعقب العرض، وفوجئت بمن يقول لي «الفيلم وجّعني»، فهذه الجملة أثرت فيّ، وشعرت بأن رسالة فيلمي وصلت الى العالم.
- من هنأك بهذا النجاح؟
الكثير من الفنانين المصريين والعرب، كما تلقيت أكثر من تهنئة من نجوم هوليوود، وأبرزهم النجم العالمي دانيال كريغ بطل أفلام جيمس بوند، فقد عبر لي عن انبهاره بالفيلم وأحداثه، كذلك تلقيت رسالة من النجم العالمي توم هانكس، بأن انطباعه عن مصر قد تغير بعد مشاهدة الفيلم.
- هل العالمية أصبحت هدفك الأساسي؟
هذا صحيح، فأنا أتمنى ذلك منذ سنوات، لكن الوصول الى العالمية لن يحدث من خلالي فقط، فإنتاج فيلم جيد قادر على المشاركة في مهرجانات عالمية لن يتم إلا من خلال توافر عناصر كثيرة، منها الإنتاج الضخم وتسهيل تصاريح التصوير والتأليف والإخراج المميز، الى جانب الفنانين المؤمنين بالسينما وأهميتها.
- كيف جاء اختيار نيللي كريم للمشاركة في بطولة الفيلم؟
المفاجأة التي لا يتوقعها أحد، أن دور نيللي كريم لم يكن موجوداً في السيناريو، فـ«اشتباك» كان خالياً من العنصر النسائي، لكن عندما حكيت لها قصة الفيلم قبل أي تحضيرات، طلبت مني إضافة عنصر نسائي، ورحّبت بمشاركتها في الفيلم، وبذلت مجهوداً كبيراً لكي يظهر دورها بهذا الشكل.
- لكن قيل إن هند صبري كانت مرشحة للفيلم قبل نيللي كريم؟
مجرد شائعات، لكنني لا أنكر أن الفيلم شهد اعتذارات عدة لأسباب مختلفة، فالبعض تخوف من فكرة الفيلم، والبعض الآخر وجد أنه يحتاج الى تحضيرات كثيرة، وكانوا مشغولين بأعمال أخرى، لذلك اضطروا للاعتذار.
- ما أكبر الصعوبات التي واجهتك خلال التصوير؟
بعض مشاهد التظاهرات وانقلاب سيارة الترحيلات كانت الأصعب، فالكاميرا لم تخرج من السيارة، وبالتالي أهالي المنطقة التي كان يُجرى فيها التصوير لم يعرفوا أن هناك فيلماً يتم تصويره، واعتقدوا أنها تظاهرات حقيقية، وهاجمونا وتعرضنا للضرب، كما تم خطف المنتج الفني للفيلم وحُطّمت سيارته، ولا يمكنني أن أنسى هذه المشاهد، لأنها الأصعب، والسبب في خروج الفيلم بشكل مميز هو فريق العمل بأكمله، الذي كان يصر على مواصلة التصوير رغم الخطورة، فقد خاطرت بحياتي وحياة فريق العمل من أجل فيلم «اشتباك».
- كم بلغت ميزانية الفيلم؟
12 مليون جنيه، فالفنانون المشاركون في البطولة حصلوا على أجور بسيطة، لكن هناك مشاهد تطلب تنفيذها مبالغ خيالية، منها مشهد الكباري، الذي وصلت ميزانيته إلى 100 ألف جنيه.
- البعض تعجب من خوض الداعية معز مسعود تجربة الإنتاج من خلال هذا الفيلم، فما تعليقك؟
لا داعي لأي تعجب، فالكثير يعرف مدى حب الداعية معز مسعود للفن والسينما والغناء، فهو قدم أغاني وله تجارب في الإخراج والتأليف، وتحمس لفكرة «اشتباك»، وقرر أن يساهم فيها من خلال الإنتاج.
- شاركك في تأليف الفيلم شقيقك خالد دياب، فهل حدثت خلافات في وجهات النظر بينكما؟
الخلاف في وجهات النظر أمر طبيعي، لكن هذا ليس أول عمل يجمعني بخالد، فقد تعاونا أكثر من مرة، لكن في كل مرة كان هناك قائد للإدارة، وفي هذه المرة قاد شقيقي خالد إدارة الفيلم، لأن العمل من فكرته، وبهذه المناسبة أريد أن أكشف شيئاً مهماً، وهو أن السيناريو خضع للتغيير أكثر من 15 مرة، والنهاية الخاصة بالفيلم تبدلت أكثر من ثلاث مرات، لكننا فضّلنا أن نترك النهاية مفتوحة.
- هل صحيح أن الشخصيات التي تضمنها الفيلم حقيقية؟
أستطيع القول إن معظم الشخصيات مستوحاة من الواقع، لكني أضفت بعض الأشياء عليها، وهذا دوري ككاتب.
- البعض يرى أن الفيلم يدافع عن جماعة الإخوان الإرهابية، فما تعليقك؟
أؤكد أن البعض يرون أنني أدافع عن الشرطة المصرية، وهناك من يرى أن الفيلم يدافع عن ثوار يناير فقط، والحقيقة أن «اشتباك» لا يدافع عن أي فصيل سياسي، ولا ينتصر لفئة على حساب الأخرى، بل إنه يلقي الضوء على واقع مجتمعنا المصري، وما حدث خلال الفترة الأخيرة، ويحمل في النهاية رسالة إنسانية ويدعو الى الحب والسلام والاستقرار.
- ما تعليقك على وصف البعض للفيلم بأنه عمل وثائقي؟
هذا النقد أسعدني ولم يضايقني، لأنه أكبر دليل على أنني قدمت فيلماً صادقاً وحقيقياً، فالكثير اعتقدوا أن مشاهد التظاهرات حقيقية، ولذلك فإن اعتبار فيلم «اشتباك» عملاً وثائقياً إشادة أفتخر بها.
- ما أبرز الدول التي سيتم تسويق الفيلم فيها؟
سيتم تسويق الفيلم في أكثر من 20 دولة عربية وأوروبية وآسيوية. وبمناسبة الحديث عن التسويق، استغل البعض تسويق الفيلم في تركيا بشكل سلبي لكي يحاربوا العمل، وتساءلوا كيف يكون هناك خلاف سياسي بين مصر وتركيا، ويتم عرض الفيلم فيها، وهذا جزء من المؤامرة التي أتعرض لها، فهم يستغلون تسويق الفيلم في تركيا لكي يوجهوا الاتهامات إليّ.
- ما ردك على اتهامك بالانتماء الى جماعة الإخوان ودفاعك عنها في الفيلم؟
هذا الكلام يثير الدهشة ويجعلني أضحك، فعندما قدمت الجزء الثاني من فيلم «الجزيرة»، والذي لم يمض على عرضه سوى عامين، قالوا إنني هاجمت الإخوان بعنف، وبالتالي عارضت الإسلام السياسي، والآن بعدما قدمت «اشتباك» يقولون العكس، رغم أن الفيلم عمل إنساني، وسأستمر في ترديد هذه الجملة طوال حياتي.
- تؤكد دائماً أن الفيلم يتعرض لمؤامرة، فما السبب؟
هذا صحيح. هناك محاولات لوأد الفيلم ووقف عرضه في دور السينما المصرية، وأنا واثق من كلامي بأنني أتعرض لمؤامرة، لأن هناك من يزعمون أن الفيلم يهدد مصر، وقرروا أن يهاجموه قبل عرضه أو مشاهدته، ففي الوقت الذي تشيد فيه الصحف الأجنبية بفيلم «اشتباك»، فوجئت بأن بعض النقاد والأقلام في مصر تهاجمه، كما هاجمه التلفزيون المصري بشدة خلال وجودنا في «كان»، ولا أعرف السبب.
وهناك أمر آخر يجعلني أشعر بأن الفيلم يتعرض لمؤامرة، وهو انسحاب الموزع هشام عبدالخالق المفاجئ قبل عرض الفيلم بيومين في مصر، فقد جعلني في ورطة لولا تولي شركة أخرى مهمة التوزيع في اللحظات الأخيرة.
- لكن ما موقف جهاز الرقابة من الفيلم؟
المسؤولون في جهاز الرقابة أشادوا في البداية بالسيناريو وبالفيلم، ولم يحذفوا مشهداً واحداً منه، بل أكدوا أنه واحد من أفضل الأفلام التي عرضت عليهم خلال السنوات الماضية. لكن بعد الهجوم غير المبرر، فرضوا عليَّ كتابة جملة تؤكد أن الإخوان رفضوا الانتقال السلمي.
- وهل اعترضت على وجود هذه الجملة؟
بالطبع، بل إنني حاربت شهرين لكي يتراجعوا عن قرارهم، لكنني فشلت وأصبحت أمام اختيار صعب، فإما يُمنع الفيلم من العرض أو توضع هذه الجملة ويُسمح للفيلم بالعرض في مصر. في النهاية اخترت وضعها مجبراً، لكنني كتبتها بخط سيّئ كي لا يلاحظها أحد.
- وما سبب اعتراضك على الجملة؟
الفيلم غير سياسي كما قلت في البداية، ويحمل فقط رسائل إنسانية، وأنا ضد فكرة توجيه المشاهد مباشرة الى أمر معين، فهذه الجملة تتعارض مع الفيلم الإنساني الذي قدمته.
- هل من مشاريع جديدة تستعد لها؟
أنا مشغول مع أخي خالد دياب بتصوير فيلم «طلق صناعي»، ويشارك في بطولته حورية فرغلي وماجد الكدواني، كذلك بدأت التحضير لفيلم ينتمي إلى نوعية أعمال الخيال العلمي، وهي تجربة جديدة في السينما المصرية. وعلى مستوى الدراما، أستعد لتقديم مسلسل اجتماعي يناقش قضايا المتزوجين وأهم مشاكلهم.
- وهل هناك نية لتقديم جزء ثالث من فيلم «الجزيرة»؟
بالفعل أتمنى أن نقدم جزءاً جديداً من هذا الفيلم، خاصةً أن الجزء الثاني حقق نجاحاً كبيراً، لكنني لن أُقدم على هذه الخطوة إلا بعدما أنتهي من مشاريعي الفنية أخرى.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024