تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

"لها" تلتقي المصمم العالمي ستيفان رولان في بيروت: أميرة عربية كانت وراء انتشاري في الخليج وفستانها كان حديث البلد

مع الزميلة كارين اليان ضاهر

مع الزميلة كارين اليان ضاهر

 

  قد يصعب على من ينظر إلى تصاميم ستيفان رولان التي يطغى عليها اللونان الاسود والابيض وصفها. فهي تجمع بين البساطة بطريقة فنية والجاذبية التي يصعب تحديد مصدرها في تصاميم على هذا المقدار من البساطة. يجد نفسه في اي مجال يرتبط بالفنون. فبالنسبة اليه، لا حدود لمن يميل إلى الفن والإبداع، لكن أكثر ما يشعره بالرضى رؤية سعادة المرأة التي يصمم لها دائماً "بعين المصوّر" لتكون ملكة حيث حلّت. مع حضوره إلى بيروت على هامش ورشة العمل من تنظيم Agenda Beirut كان لـ"لها" لقاء خاص ومميز معه أظهر خلاله شفافية وصدقاً وغيرهما من الصفات التي يجهلها كثر عن هذا "المصمم الفنان".


ما اول تصميم أنجزته؟
أعتقد أنه كان تصميماً رجالياً. فعندما عملت مع Balenciaga في بداياتي كنت في سن 19 سنة، وأصبحت عندها بسرعة قصوى مديراً فنياً للأزياء الرجالية في الدار. لذلك، رسمياً، أول تصميم لي كان للرجل.

هل جذبك التصميم للرجال بما انك بدأت في هذا المجال؟
نعم، فالتصميم للرجل مثير للاهتمام لأنه يدفعني إلى مكان آخر بما ان متطلبات التصميم للرجل تختلف عن تلك المعتمدة للمرأة. ثمة أصول مختلفة لا بد من التقيد بها في هذا المجال.

ألا تظن أن التصميم للرجل قد يحد من قدرتك على الابداع كمصمم؟
قد يحد ذلك من مخيلتي وإبداعي إذا قررت اعتباره كذلك، وإلا فهو على العكس مجال مختلف تماماً دفعني إلى كتابة قصّة مختلفة عن مشواري كمصمم أزياء. لذلك هو قرار شخصي قد نتخذه في ما إذا كان هذا المجال، أي تصميم الازياء للرجال مثلاً، يحد من قدراتنا الإبداعية أو لا.

البساطة تعكس أسلوب ستيفان رولان بامتياز، هل تنطبق هذه الصفة أيضاً على شخصيتك؟
البساطة نفسها مسألة لا يستهان بها. هي نقطة تميّز قد يصعب التقيّد بها. فعندما نتحدث عن البساطة، نفكر أنها قد تضع حدوداً لإبداعنا، ومما لا شك فيها أنها الاكثر صعوبة، لكن في الواقع عندما أتقيّد بها على طريقتي أخلق عالماً خاصاً بي يعكس أسلوبي ويبقى علامة تميّز في هذا المجال. اما في شخصيتي فأميل إلى البساطة لجهة أنني لا أدعي ما لست عليه، كما أحب أن أتشارك في ما لدي مع الآخرين بكل بساطة وشفافية.

الاحمر والأسود والابيض ألوان تحضر بشكل لافت في تصاميمك وكأنها باتت تعكس أسلوبك وتعبّر عنك. هل تعتمدها بهذا الشكل لهذه الغاية حتى تشكّل "توقيعاً" لستيفان رولان أم أنها مفضلة لديك؟
أختارها في تصاميمي أولاً، لأن الأسود والأبيض هما من "اللاألوان". أيضاً من الطفولة وطوال السنوات التي كنت أكبر فيها كنت محاطاً بالمصوّرين وأنا أراقب عملهم في الاستوديوات حيث كل شيء يرتكز على اللونين الاسود والأبيض. الاستوديو ابيض والكاميرات سوداء ويتم العمل على الإضاءة بهذا الشكل أيضاً. هذا كلّه أثر فيّ إلى حد كبير وإن عن غير قصد ومن دون أن أتعمد ذلك، فقد تدرّب نظري على هذه الأمور واعتاد عليها. هذا ما جذبني وخلق لدي "عين المصوّر" التي أتمتع بها بشكل واضح، مما ينعكس على تصاميمي وعملي كمصمم. أصمم دائماً فيما أضع نفسي مكان المصوّر فأصمم له وللكاميرا. أصمم بعين المصوّر مما يفسّر أن تصاميمي هي دائماً ملائمة تماماً للتصوير. عندما "أنحت" تصميمي أفكر بالكاميرا وبالأثر الذي ستتركه في مَن حولها المرأة التي ترتديه عندما تدخل إلى مكان ما. الأمر أشبه فعلاً بعرض مسرحي تكون فيه المرأة البطلة، فأحاول أن اصمم على هذا الاساس لتكون هي الاجمل والملكة في المكان الذي تتواجد فيه. "عين المصوّر" لدي تعمل لأنجز ذلك. ولأنني أبحث دائماً عن ذاك الاثر الذي ستتركه المرأة، أركز دائماً على الحجم وعلى "حركة" القماش فيما تمشي المرأة التي ترتديه لتلفت الأنظار من حولها. عندها لا تعود للألوان أهمية أساسية، بل الفستان هو الأهم، لهذا أستعمل "اللاألوان". بالإضافة إلى ذلك عندما تقصدني امرأة ترغب في ارتداء فستان من تصاميمي، ترى أمامها الفستان بالاسود والأبيض فيسهل عليها أن تتخيّل التصميم بلون آخر يمكن ان أنجزه لها. اما إذا رأته بلون كالفوشيا أو الاخضر فسيصعب عليها ان تتصوّره بأي لون آخر. وهذا أمر بديهي.

هل تحتاج عادةً إلى ظروف معينة لتصمم؟
أستغرب فعلاً أنني قادر على التصميم في اسوأ الظروف. على سبيل المثال، عندما أواجه ظروفاً صعبة في حياتي وأحداثاً تؤثر فيّ. لاحظت مؤخراً أن التصميم شكل لي وسيلة هروب في الاوقات الصعبة وكأنني احتمي به، أو أضع نفسي في فقاعة تشكل حماية لي لأعزل نفسي وأهرب من تلك الظروف التي أمر بها فلا أعود أسمع أو أرى أياً من تلك المشاكل التي تحيط بي. التصميم الخلوق أشبه بدواء لي. فسرعان ما اتوجه إلى النحت أو أي أمر فني آخر عندما يزعجني شيء ما. الطريقة التي اصمم فيها هي فعلاً "كيميائية"، فلا بد من أن يحصل أمر يطلق قدرتي على الإبداع والتصميم في اي وقت من الأوقات، قد يكون نقاش مع أحد يؤثر فيّ ويدخل إلى أعماقي ويحرّك مشاعري بعد أن أمتص ما يحصل من حولي، إلا أن ما اصممه لا يكون أبداً مرتبطاً بما أطلقه ولا يكون نتاجاً لما حصل معي بشكل مباشر، بل يكفي أنه حدث لي أمر حرّك مشاعري حتى أبتكر أي عمل فني كالنحت والرسم والتصميم والموسيقى. بالنسبة إلي، عندما نملك فكراً إبداعياً وميلاً للفن فلا حدود نتقيّد بها، ويمكن أن ننجز أي عمل فني نريده، لذا يجب ألا نضع حدوداً لأنفسنا في الحياة، فليس أمامنا إلا حياة واحدة.

بما انك لا تبدع في تصميم الأزياء فحسب بل في مجالات أخرى عدة، من بين كل الاعمال الفنية التي تقوم بها ما الذي يجذبك أكثر؟
أكثر ما يهمني هو أن أرى المرأة سعيدة، فهذا أكثر ما يرضيني ويسعدني. يكفي أن أرى المرأة تشع في مكان ما حتى أشعر بسعادة لا توصف.

أي من المشاهير عكست اسلوبك بالشكل الأفضل عندما ارتدت من تصاميمك؟
يصعب علي تحديد ذلك. قد تكون العارضة Nieves Alvares التي تعكس اسلوبي بالشكل الافضل لكنها أكثر من ذلك، فهي ملهمتي، وبالنسبة إلي إحدى أجمل نساء العالم. تملك قوة وحضوراً إسبانياً رائعاً. لكن في الوقت نفسه راق لي جداً وعشقت أن ترتدي كيم كارداشيان من تصاميمي.

بالفعل، كان لافتاً أن ترتدي كيم كارداشيان من تصاميمك بالإضافة إلى أخريات من المشاهير تبدو كل منهن مختلفة عن الأخرى وحتى مختلفة في أسلوبها عن أسلوبك الخاص، كيف تستطيع التوفيق في هذه الحالة؟
أكثر ما جذبني عندما ارتدت من تصاميمي كيم كارداشيان أن الكل كان يرى لديها ذاك الجانب الجذاب بفساتين براقة جذابة مبالغ فيها أحياناً. أما عندما ارتدت ذاك الفستان الاسود الطويل من تصميمي، فنظر إليها الناس بشكل مختلف وقد بدت اكثر جاذبية بعد ولافتة للأنظار فيما ترتدي الفستان البسيط الأقل جرأة عند الصدر ولكنه مفتوح عند ساقها بطريقة جذابة. هذا يجعل عملي أكثر صعوبة فيما يتطلب المزيد من المهارة. في الصعوبة يصبح الامر مثيراً اكثر للاهتمام. على سبيل المثال برز عملي بشكل أكبر في الشرق الاوسط عندما صممت فستان زفاف لأميرة عربية تعاني زيادة كبرى في الوزن وتتمتع بملامح رائعة ولم تكن تجد ما يناسبها وتمكنت من إظهارها بأجمل صورة بفستان بسيط في غاية الجمال أبرز أجمل ما لديها بعدما خاب أملها مرات عدة مع مصممين آخرين بسبب زيادة وزنها. كانت حديث البلد حينها. هذا ما ساعدني لأبرز في الخليج. ما من قواعد يمكن أن تجعلني أتأقلم مع اي أسلوب. هو تحدٍ أحبه في عملي.

هل تتصور نفسك مكان مصمم آخر ليوم واحد؟
لا أحب أن أفكر بهذه الطريقة، فهذا يولّد مشاعر حقد لا احبها، كما لا أحب أن أكون مكان أحد. قد اتمنى لو أنني عملت لدار معينة، لكنني أفضّل أن أكون مستقلاً كما انا عليه اليوم.

لو لم تكن مصمم ازياء... أي مهنة كنت لتختار؟
المهنة التي كنت لأختارها بدلاً من التصميم، في السينما كالتمثيل ربما او الإخراج حتى. هي مهنة تجذبني إلى جانب التصوير والنحت والرسم وكل ما يرتبط بهذه الفنون.

ما نصيحتك للمرأة التي تبحث عن الأناقة؟
أنصحها بأن تنظر إلى داخلها لكتشف ما لديها، فهذا يجعلها أنيقة فعلاً. يجب أن تكتشف نفسها وأن تكون "حقيقية".

أي خطأ قد تقوم به المرأة غالباً لجهة العناية بالمظهر أو الإطلالة؟
بشكل عام، أنصح بالحد من عمليات التجميل والمبالغة في الإطلالة.

 هل تتصور أن المرأة اللبنانية قد تعكس أسلوبك بشكل جيد؟
نعم، هذا ممكن بحسب أسلوبها وما إذا كانت "حقيقية" وتتمتع بأناقة القلب، وهي الأناقة الفعلية بالنسبة إلي.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079