بالفيديو - رئيس بلدية عربي يقتل غريمه
كان القتل "قروي" الطراز، ببلدة سكانها 6 آلاف، معظمهم من الطائفة الدرزية، وهي "جولس" القريبة 16 كيلومترا من عكا. إلا أن فيديو عن القتل الذي حدثت الاثنين الماضي، وصورته كاميرا مراقبة بساحة البلدة، ظهر أمس الأربعاء فقط، واحتل مكانه بارزا في مواقع إعلامية إسرائيلية مهمة، وفيه نرى أحد مشاهير البلدة ورئيس بلديتها، سلمان عامر، يفرغ مسدسه برأس وصدر غريمه من الطائفة نفسها، وهو المقاول منير نبواني، فيرديه مضرجا، وبدقائق توترت "جولس" واتشحت بالسواد، حزناً على القتيل بعمر45 سنة .
قبل أسبوعين كان نبواني في مكتب رئيس البلدية، ودخل معه في شجار، انتهى بتدخل موظفين بالمجلس المحلي، تمكنوا من فض المشكل بين من كانا صديقين حميمين في السابق، وأصبحا "بسبب خلاف مالي على ما يبدو" غريمين لدودين، وهو ما قرأته "العربية.نت" في الوارد بالموقع الإنكليزي اللغة لصحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مقتل نبواني وتسليم عامر نفسه للسلطات التي مددت أمس اعتقاله إلى الثلاثاء المقبل.
في الفيديو، نرى نبواني ينزل من سيارة لحقت بها سيارة سلمان عامر، وبيديه قضيب معدني، انقضّ به على رئيس البلدية، وكان قد خرج من سيارته أيضا، لكن هجومه عليه لم يكن بنية الإيذاء الخطير على ما يبدو، لأن ضرباته لم تكن مباشرة على غريمه، بل أفقية على باب سيارته وزجاجها، بدلا مما كان قادرا أن يفعله، وهو أن ينهال بالقضيب المعدني عموديا عليه بالذات. ولما تراجع رئيس البلدية الى داخل سيارته، ظن نبواني أنه سيطر عليه، لاعتقاده أن تراجعه كان جبناً منه وخوفاً، إلا أن تراجعه لم يكن كما ظن القتيل، بل ليسحب مسدسا، أنهى به حياة نبواني أمام شهود، وأحدهم أمسك بيده ليمنع استمراره بإطلاق الرصاص، ثم غادر الشاهد ليظهر مجددا مع آخرين، نراهم أدركوا ما حدث وأصبحوا بحالة ولولة وذهول.
سؤال من "يا عيني" ورد فلسفي من المتحدثة باسم الشرطة
جاءت سيارة إسعاف، ونقلت نبواني إلى مستشفى نهاريا "وهناك حاول أطباء إنقاذ حياته، لكن المحاولات باءت بالفشل"، وفق ما ذكره موقع "الصنارة" الإخباري، وهو بمدينة الناصرة. أما "عرب 48" فنقل عن شهود من "جولس" أن نبواني الذي ترك أرملة وابنين "عمل مقاول جنائن بالمجلس المحلي، وأن خلافات سابقة كانت بينه ورئيس المجلس". فيما نشر موقع اسمه "يا عيني" معلومات مميزة، منها أن رئيس المجلس المحلي "يحمل عدة شهادات أكاديمية بعدة مواضيع، كعلم الإجرام والأمن وعلم الاجتماع، وعمل في سفارات إسرائيل بغواتيمالا والأرجنتين والأوروغواي، وفي السابق عمل مستشارا للشرطة بمكافحة الإرهاب" إلا أن "يا عيني" المتخذ من عبارة "خلي عينك علينا" شعارا، لم يذكر مصدر هذه المعلومات.
ما ذكر أن الفيديو صورته كاميرا تابعة للبلدية، وأن الشرطة حظرت نشر وقائع التحقيق، ومنها الفيديو نفسه، فاستغرب "يا عيني" الحظر، وأخبر الناطقة باسم الشرطة، لوبا السّمري، أن مواقع إعلامية إسرائيلية كثيرة بثت الفيديو الذي وجدته "العربية.نت" في قناة "يوتيوبية" تابعة لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، فردت بجواب فلسفي النوع، وقالت: "سارق سرقة السرّاق غير معفي، فيعتبر بنظر القانون سارقا أيضاً"، وفق ما نقل "يا عيني" الذي لم يورد ما نشره سواه من مواقع عربية بإسرائيل عما توصل إليه وجهاء "جولس" بعد الجريمة.
بعدها، شكلوا لجنة مكونة من الشيخ موفق طريف، الرئيس الروحي للطائفة الدرزية بإسرائيل، ومن نواب عرب بالكنيست، كما ومن رؤساء عرب لسلطات محلية، ممن اجتمعوا إلى عائلة القتيل لتهدئة الخواطر وحصر توابع الجريمة، وخرجوا بقرارات نوعها قروي، لكنها قد تحل المشكلة حتى تهدأ الخواطر: إبعاد عائلة القاتل، بمن فيهم والده وأشقاؤه وأحفادهم وأولادهم إلى خارج القرية، وإبرام هدنة لمدة شهر للتوصل خلالها إلى اتفاق ثابت بين العائلتين، والسماح لعائلة عامر بالمشاركة بجنازة القتيل الذي تم دفنه الثلاثاء بمقبرة القرية، باستثناء عائلة القاتل، إضافة لالتزام الجميع بعدم المس بممتلكات الآخرين أو التعرض لهم خلال فترة الهدنة.
وفيها ضريح النبي شعيب "
إلا أن أحدهم، يبدو أنه لم يكن عالما باللجنة وما توصلت إليه، قام فجر أمس الأربعاء وأضرم النار في مبنى يملكه القاتل، رئيس بلدية "جولس" المعروفة بـأنها "مركز القيادة الروحية للطائفة الدرزية في فلسطين منذ قرنين ونصف القرن (..) وفيها ضريح النبي شعيب"، وفق ما قرأت "العربية.نت" عنها بموقع "وين" الناشر صورة للضريح "الذي يتوافد إليه خلال السنة آلاف الزوار". كما قال. أما موقع "البرق" فنقل عن المحامي باسل فلاح، الموكل بالدفاع عن القاتل: "نحن الآن بالبداية، وموكلي قال إنه أطلق الرصاص دفاعاً عن النفس، بعد أن حاول القتيل الاعتداء عليه وإيذائه مع وصوله الى بناية المجلس المحلي لمزاولة عمله"، وفق تعبيره.
لكن قريبا للقتيل، ذكرت "يديعوت أحرونوت" أن اسمه أسامة لبواني (وقد يكون نبواني) له رأي لافت: ما حدث كان جريمة، لا دفاع فيها عن النفس "فقد كان بإمكانه أن يطلق الرصاص على قدميه مثلا، لكنه لم يفعل، بل ظل يطلقه حتى قتله" في إشارة إلى قاتل نراه ونسمعه في فيديو أدناه، يتحدث عن "جولس" وأبنائها، ممن نتخيلهم نسخة مصغرة عن أكثر من مليون و500 ألف عربي في إسرائيل، وبالكاد نسمع أخبارهم ونعرف ما يجري في دورة حياتهم اليومية، إلا في ما ندر.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024