قضية في المحاكم وجدل بين علماء الدين: زوجي مدمن للسحر!
جدل فقهي بين علماء الدين، أثارته دعوى قضائية، أقامتها زوجة تطلب الطلاق من زوجها لإدمانه اللجوء الى السحر، حتى أنه أصبح صديقاً للسحرة ومدمناً الاعتقاد في قوة السحر وتأثيره في كل تفاصيل حياتهما الزوجية، واختلف الفقهاء بين مؤيد ومعارض لطلب الزوجة، ولكل منهم أدلته الشرعية التي استند إليها في موقفه.
أقامت الطبيبة الشابة "سلمى" دعوى قضائية ضد زوجها المحاسب "حسام"، بعدما اكتشفت علاقته الوثيقة بالسحرة بعد الزواج بأسابيع قليلة، حيث يذهب إليهم ويستشيرهم في كل كبيرة وصغيرة، لدرجة تصل إلى أدق أمور الحياة الزوجية ويأخذ برأيهم وينفذه بدقة من دون الالتفات إلى اعتراضات زوجته.
وقالت في دعواها: "فوجئت بزوجي في أحد الأيام يدخل مع أحد أصدقائه السحرة ويطلب مني أن يدخل غرفة نومي لعمل تعويذات تحمينا من الجن الذي يؤثر في علاقتنا الزوجية، سواء العامة أو الخاصة، وعندما رفضت بشدة فوجئت بالساحر يحكي لي الكثير من أسرار غرفة النوم، وعندها انهرت تماماً ولم أصدق ما حدث ولم أعد أطيق زوجي الذي تمادى في خضوعه لاستشارات السحرة الذين أصبحوا يسيّرون كل أمور حياتنا ويخاف زوجي أن يخالفهم لأنه يؤمن أن في طاعته لهم السلامة والأمان لأنه يعتقد بأنهم قادرون على فعل أي شيء في أي وقت".
تنهي الزوجة دعواها، مؤكدة أنها مشفقة على أولادها من هذا الأب العاشق للسحر والسحرة، رغم أنه إنسان متعلم، وللأسف الشديد فهي تخشى أن يكون أولاده نسخة منه لأنه القدوة والمثل الأعلى لهم، ولهذا لا بد من ضمهم إليها حتى تحميهم من هذا الأب الذي يمكن وصفه بأنه "خادم للسحرة" ودائم القراءة في أمور السحر، ولهذا فإن الحياة لا تستقيم معه ويُعدّ الطلاق منه للضرر سبيل الخلاص الوحيد.
- لكل مقام مقال
فرقت الدكتورة سعاد صالح، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في القاهرة – جامعة الأزهر، بين حالتين، أولاهما إذا كان الزوج مغرماً بمصادقة السحرة لجهله بحكم الشرع في ذلك فيكون واجباً على الجميع - خاصة الزوجة - مساعدته في التخلص من هذا الجهل وبيان حكم الشرع له وتقديم النصح له لقول رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): "الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: "لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم"، وهنا لا يجوز لها طلب الطلاق للضرر.
وأوضحت الدكتورة سعاد صالح، أن الحالة الثانية أن يكون الزوج عالماً بحكم الشرع في السحر ومصادقة السحرة والاعتقاد بصحة ما يقولون، فهنا لها حق المطالبة بالطلاق للضرر، لأن السحر كما أخبرنا الله ورسوله (صلّى الله عليه وسلّم) طريق للفساد وسبب للضرر بعباد الله، وهو فوق ذلك كله سبب للكفر بالله سبحانه والخروج عن دينه، وفي هذا يقول الله تعالى: "وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ" (آية 102) سورة "البقرة".
وأنهت الدكتورة سعاد كلامها، مؤكدة أن "لكل مقام مقال"، ومن الخطأ التعميم بحيث يتم الجمع بين من يعلم الحكم والشرعي ومن يجهله، ولهذا قال الله تعالى: "... قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ" (آية 9) سورة "الزمر".
- موقف حاسم
أوضح الدكتور صبري عبدالرؤوف، أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر، أن الإسلام وقف من السحر والمعتقدين فيه والممارسين له موقفاً حاسماً وحاول سد كل طريق يؤدي إليه، ولهذا حرّم تعلمه وتعليمه وممارسته منعاً لضرره ورفضاً لسيطرة الخرافة على العقول فتعطلها عن التفكير الصحيح والتخطيط القائم على قانون الأسباب والمسببات الذي قام عليه نظام الكون، لأن معنى السحر في اللغة صرف الشيء عن وجهه. أما في اصطلاح الشرع فهو كما عرّفه الفقهاء بأنه عبارة عن عزائم ورقى وعُقَد تؤثر في القلوب والأبدان، فيُمرض ويقتل، ويفرق بين المرء وزوجه، ويأخذ أحد الزوجين عن صاحبه".
وأشار الدكتور صبري إلى أن السحر ثابت وحذرنا الله من ممارسته، بل أمرنا بالاستعاذة ممن يمارسونه، ولهذا أمرنا بالاستعاذة من شرور كل المفسدين، ومنهم السحرة الذين قال الله تعالى فيهم: "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ. مِن شَرِّ مَا خَلَقَ. وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ. وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ. وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ".
وأوضح الدكتور صبري أنه يحرّم مصادقة السحرة والدجالين لأنهم خطر على عقيدة الإنسان، بل إنهم من أعضاء باقتدار في حزب الشيطان الخاسرين الذين قال الله فيهم: "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ. أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ. لَّن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ. يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ. اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ" (الآيات 14-19) سورة "البقرة".
وأنهى الدكتور صبري عبدالرؤوف كلامه مؤكداً حق الزوجة في طلب الطلاق من الزوج مدمن الاعتقاد في السحر ومصادقة السحرة، ولكن في الوقت نفسه عليها الموازنة بين المضار والمصالح من طلبها الطلاق، فإذا كان هناك أمل في إصلاح حاله أو لها منه أولاد فيمكنها الصبر عليه وتدعو الله بهدايته وقد وعدنا الله بإجابة دعاء المضطر، فقال الله سبحانه: "أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ" (آية 62) سورة "النمل".
- نصيحة
نصحت الدكتورة عبلة الكحلاوي، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في بورسعيد – جامعة الأزهر، الزوجة التي ابتلاها الله بزوج صديق للسحرة ومن ودون أن يكون مصدقاً لكلامهم بالصبر عليه لأن هناك أملاً في إصلاح حاله فيكون لها جزاء الصابرين الذين قال الله فيهم: "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ" (الآيات 155-157) سورة "البقرة".
وأشارت الدكتورة عبلة إلى أن الزوجة التي ابتلاها الله بعاشق للسحر لدرجة قد تصل إلى ممارسته أو الاعتقاد فيه وصولاً الى استخدامه في تسيير أمور حياته وفقاً لأقوال السحرة، يجوز لها طلب الطلاق إذا نصحته ولم يقبل النصيحة، لأنه يكون على حافة الكفر، لأن الساحر لا يكون ساحراً إلا بعد الاستعانة بالجن وعمل طلاسم ونقوش كفرية، ولهذا فمن المعلوم أن السحر كفر بالله سبحانه ويستخدم في الشرور كلها كالتفريق بين المرء وزوجه، وإدخال الضرر على عباد الله، ولهذا قال النبي (صلّى الله عليه وسلّم): "من أتى عرافاً أو كاهناً فقد كفر بما أنزل على محمد".
وأنهت الدكتورة عبلة كلامها، مؤكدة أن الزواج برجل عاشق للسحر وصديق للسحرة أمر خطير على عقيدة الزوجة، بل إنه قد يضرها بسحره لأنه لا يخاف الله، وليس مستبعداً أن يكون وأصدقاءه من شياطين الأنس المتصلين بشياطين الجن، ولهذا قال الله تعالى: "وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ. وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ" (الآيتان 112- 113) سورة "الأنعام".
- ظلم
تؤكد الدكتورة أماني عبدالقادر، الأستاذة في كلية الدارسات الإسلامية – جامعة الأزهر، أن ممارسة السحر أو مصادقة السحرة وإفساح المجال لهم للتدخل في حياة الناس بالشر تُعد نوعاً من أبشع أنواع الظلم حيث يظلم الإنسان نفسه بالتحالف مع شياطين الإنس المتصلين بشياطين الجن، فضلاً عن تحالف الجن والإنس في الإضرار بخلق الله لأنهم لا يجتمعون على خير، بل إنهم في عداد الكفار بالله حتى وإن كانوا يظهرون النطق بالشهادتين.
وأشارت إلى أن مصادقة السحرة – ولو بحسن نية – تعد جريمة مدمرة لعقيدة الإنسان ويقينه بأن الله هو القادر على كل شيء، حيث ينصرف يقين صديق الساحر إلى أنه على كل شيء قدير، بل إنه النافع الضار، وفي هذا كفر صريح، ولهذا أمرنا الإسلام بمصادقة الصالحين والابتعاد عن مصادقة السحرة والفسقة والعصاة، فقال النبي (صلّى الله عليه وسلّم): "إِنَّمَا مَثَلُ الجليس الصالحُ والجليسُ السوءِ كحامِلِ المسك، ونافخِ الكِيْرِ فحاملُ المسك: إِما أن يُحْذِيَكَ، وإِما أن تبتاع منه، وإِمَّا أن تجِدَ منه ريحا طيِّبة، ونافخُ الكير: إِما أن يَحرقَ ثِيَابَكَ، وإِما أن تجد منه ريحا خبيثَة".
وأنهت الدكتورة أماني عبدالقادر كلامها، مؤكدة أن من حق زوجة المغرم بالسحر ومصادقة السحرة طلب الطلاق للضرر إذا فشلت معه كل محاولات الإصلاح الشرعية في إصلاح الزوج الناشز والتي حددها الله تعالى في قوله: "وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا" (الآية 128) سورة "النساء".
- إصلاح الزوج
يشير الدكتور أحمد حسين، الأستاذ في كلية الدعوة الإسلامية – جامعة الأزهر إلى أن مجرد الاستماع إلى السحرة أو حتى الذهاب إليهم فقط ولو من باب الفضول حرام شرعاً لقول النبي (صلّى الله عليه وسلّم): "من أتى عرّافاً فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين يوماً"... هذا إذا جاء المسلم إلى الساحر ولم يصدقه، أما إذا صدقه فقد كفر.
ويوضح الدكتور أحمد حسين، أن انتشار الدجل والشعوذة في مجتمعاتنا العربية ظاهرة خطيرة جداً، حتى أنه تُنفق مليارات الدولارات عليه لجلب منفعة أو للإضرار بالغير، من دون أن يعلم هؤلاء الجهلة أن كل شيء بأمر الله، والساحر لا يستطيع دفع الضرر عن نفسه، ولهذا تجد أغلبهم من الفقراء الذين يعيشون في أماكن قذرة، ولو كان أحدهم يملك شيئاً من أمور الغيب لاستولى على أموال البنوك، ولهذا فإن عقيدة المسلم يجب أن تكون قوية في أن النفع والضرر بإذن الله وحده، ولهذا قال النبي (صلّى الله عليه وسلّم) موجهاً كلامه إلى عبدالله بن عباس: "يا غلام احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف".
وأنهى الدكتور أحمد حسين كلامه داعياً الزوجة التي ابتلاها الله بزوج مولع بالسحر ومصادقة السحرة الى أن تحاول إصلاح حاله – خصوصاً إذا كان لديها منه أولاد – وأن تحاول الأخذ بيده إلى الإفلات من شباك مصادقة السحرة الكفرة، وأن تبين له خطورة ما هو فيه، وأن رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) طلب منا حسن اختيار الأصدقاء فقال: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل"، فإذا فشلت في كل محاولات إصلاحه فليكن طلب الطلاق رغم أنه أبغض الحلال إلى الله.
- حق طلب الطلاق
يؤكد الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر الأسبق، أن من أوجه الانحراف الذي ابتُلي به المسلمون الذهاب إلى الدجالين والمشعوذين والعرّافين والسحرة وسؤالهم الشفاء أو طلب الحاجات وغيرها مما هو من خصائص الرب تبارك وتعالى، موضحاً: "إذا كانت هذه طقوس الإنسان الساحر، فهل نعتقد أنه سيصادق الأتقياء والصالحين أم أنه سيحاول ضم صديقه إلى أفعاله وأقواله؟ ولهذا قال النبي (صلّى الله عليه وسلّم): "اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا يا رسول الله وما هي؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات". وقال في حديث آخر محذّراً مجرد الاستطلاع أو الفضول: "من اقتبس علماً من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد". ولهذا فإن الأئمة الأربعة اتفقوا على قتل الساحر حفاظاً على أفراد الأمة واختلفوا في ما إذا كان يسبق القتل استتابة أم لا.
وأنهى الدكتور نصر فريد كلامه مؤكداً أن العيش مع عاشق السحر أمر لا يطاق، ومع هذا على الزوجة أن تحاول إصلاحه والأخذ بيده من هذا المستنقع الشيطاني فيكون ثوابها عظيماً، فإذا فشلت فالقرار قرارها والأفضل لها أن تطلّق حفاظاً على دينها ودين أبنائها، لأن رب الأسرة الفاسد سيفسد رعيته، ولهذا قال النبي (صلّى الله عليه وسلّم): "كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول".
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024