عائدون من الإدمان
السقوط في الإدمان قد يكون سهلاً، لكن التعافي منه والعودة الى الحياة الطبيعية مهمة صعبة، لكنها ليست مستحيلة، وقد نجح فيها بعض الأشخاص بعدما شعروا بأنهم منبوذون من الجميع وأن حياتهم تنتهي، وبالإرادة ومساعدة من حولهم عادوا من هذا الجحيم... «لها» تقتحم عالم العائدين من الإدمان وتروي حكاياتهم.
في البداية، يروي يحيى عزت ، 48 سنة، قصته مع التخلص من الإدمان قائلاً: «أقلعت عن الإدمان منذ عامين وسبعة أشهر. كنت أعمل في البداية بائعاً متجولاً في سوق العتبة في القاهرة، عانيت مشاكل الإدمان حوالى 26 عاماً، وواظبت على الإدمان «النشط» أو «الخطير» لمدة ثمانية أعوام، وبدأت مأساتي عموماً في سن الـ 18 عاماً، حيث تعاطيت المخدرات بحكم نشأتي في سوق تجاري، إذ كنت أرى زملائي الباعة يتعاطون المخدرات بصورة يومية أثناء عملهم، فتعلمت منهم، كما أن هناك عاملاً آخر شجّعني على ذلك وهو حب الاستطلاع، حيث كنت أرغب في تجربة شعور المتعاطين، وكيفية تأثير المخدّر فيهم».
ويكشف يحيى جانباً خطيراً من قصته، موضحاً: «كان لوالدي دور في تعاطيّ المخدرات، حيث كان يتعاطاها من حين لآخر في الأفراح والمناسبات، وكانت له وجهة نظر خاصة في هذا الأمر، إذ كان يرى أن تعاطيّ المخدر معه أفضل من تعاطيه مع الباعة في السوق، لما يترتب على ذلك من مساوئ. وفي بداية الإدمان لم ألحظ أي تأثير سلبي للمخدرات، بل كنت أشعر بنشوة غريبة، وتعاطيها مع أبي جعلني أشعر بأن ليس هناك أي مشكلة. ومع مرور السنين ووفاة والدي، بدأت الأمور تتفاقم، فبعدما كنت أتناول «حشيشة الكيف» فقط، أصبحت أبحث عن أنواع أخرى أكثر فاعلية، وبدأت الدخول في نفق الإدمان «النشط»، الى أن أصبحت هذه المخدرات تؤثر سلباً في عملي، فكثُرت السهرات وتنوعت معها المخدرات، مما اضطرني الى السرقة والاحتيال حتى أستطيع تأمينها».
ويشير يحيى الى أن هناك حالة يصل إليها المدمن، وتعرف بـ «القاع الاجتماعي»، تساعده على الإقلاع عن الإدمان إذ يشعر بأنه مرفوض من المجتمع، ومنبوذ من أهله وجيرانه وأصدقائه، مؤكداً: «هذه الحالة هي السبب الرئيس في إقلاعي عن الإدمان، إلى جانب غيابي عن أسرتي، فقد كان كل همي الحصول على المخدر بأي ثمن، كما أن هناك سبباً رئيساً جعلني أفكر جدياً في الإقلاع عن الإدمان، وهو أنني أصبحت «أباً مع وقف التنفيذ» بحيث صار نجلي الأكبر يتحمل مسؤولية المنزل أثناء تعاطيّ المخدرات».
وعن السبب الرئيس الذي جعله يستمر في تعاطي المخدرات لمدة 26 عاماً، يقول يحيى: «لم أكن أعلم بأن هناك أصلاً إقلاعاً عن الإدمان، كما كنت أظن أن المدمن يبقى مدمناً طوال حياته، لكن بالصدفة علمت أن هناك طريقة تساعد في التخلص من الإدمان في مستشفى العباسية في القاهرة، فاصطحبتني زوجتي وابنتي إلى هناك، إلى أن أكرمني الله بالإقلاع عن الإدمان في فترة تُعتبر إلى حد ما قصيرة، خصوصاً أن في المستشفى خدمة تُسمى «الخط الساخن»، وهي خدمة ممتازة تساعد المدمنين في التعافي السريع، وقد أصبحت اليوم سليماً معافى، على المستوى الأسري والصحي والنفسي، وشعرت بأنني أستحق الحياة».
استعادة الكرامة
بتأثر شديد يتحدث رجب محمد ، 32 سنة، متعافى منذ سنة وسبعة أشهر، ويعمل حالياً في خدمة «الخط الساخن» في مستشفى العباسية، ويقول: «في الحقيقة، أشعر بعد التعافي بأنني إنسان ذو قيمة في المجتمع، لأنني أصبحت أساهم في علاج مدمني المخدرات. وبحكم عملنا، نزور مراكز معالجة الإدمان ونشارك بأفكارنا وتجاربنا للتغلب على هذه الآفة. بدأت الإدمان في سن مبكرة، وتعاطيت المخدرات لمدة 17 عاماً، وقبل التعاطي كنت أعمل مع أسرتي في محل لبيع الفاكهة، لكن بعدما تقدمت في السن وأصبحت أعتمد على نفسي، عملت في مهن مختلفة، وسافرت إلى بعض الدول».
وعن السبب الرئيس الذي دفعه الى الإدمان، يقول رجب: «انطلقت مأساتي من البيئة التي نشأت فيها، إذ كنت أقطن في حي «الظاهر» في القاهرة، وانهار منزل الأسرة في زلزال عام 1992 المدمّر، وانتقلنا إلى «مدينة السلام»، وهي مدينة أعدّتها الحكومة للمتضررين من الزلزال، وكانت مساكنها عشوائية، وتكثر فيها الجرائم وتعاطي المخدرات، وكنت أرى هذه الأشياء بشكل يومي، مما شجّعني على تناول «البانجو» والبرشام بكل أنواعه، وعند عودتنا إلى منزلنا الأساسي، كانت هناك منطقة قريبة ينشط فيها بيع المخدرات في الشوارع العامة والمحال التجارية، وكنت أذهب إليها باستمرار للحصول على المخدرات، وفي تلك المنطقة عائلات بأكملها تبيع المخدرات».
يفجّر رجب مفاجأة حين يؤكد أنه تعرف إلى إحدى العائلات التي تتاجر بالمخدرات وصادق أبناءها، وكان ذلك نقطة مفصلية في حياته، حيث تحول من متعاطٍ عادي إلى تاجر للمخدرات، إذ كان يبيعها في أحد المحال التجارية في منطقة «الجمالية»، وزادت درجات إدمانه، وصار يتعاطى المخدرات بشراهة، وأصبحت النقود التي يكتسبها من بيع المخدرات لا تكفيه للتعاطي، مما دفعه للبحث عن مصدر آخر للدخل، فلم يجد أمامه إلا السرقة، ولكنها لم تقتصر على الغرباء، بل تمادى في سرقة محتويات منزله، وكان ذلك في بداية زواجه الذي استمر ست سنوات، وفشل بسبب إدمانه المخدرات وافتعاله المشكلات مع زوجته، التي كانت تترك المنزل وتذهب الى بيت أهلها بصورة مستمرة، حتى وصل به الأمر إلى سرقة أموال والديه بدون علمهما.
ويكشف رجب أن أخته الكبرى التي لها مكانة خاصة في قلبه هي التي كانت تحرص على علاجه، وتنصحه دائماً، وتحثه على ترك المخدرات، إلى أن اتفقت مع والده وأقنعاه بالذهاب إلى مستشفى العباسية، فامتثل لهما، وها هو اليوم بفضل إرادته القوية قد تعافى من الإدمان، وأصبحت حياته أفضل، لدرجة أنه يشعر بأن سنوات إدمانه هي سنوات موت حقيقي.
قرار حازم
قصة عبدالله محمد عبدالله مثيرة جداً، يروي تفاصيلها ويقول: «تعافيت من إدمان المخدرات منذ سنة وستة أشهر، بعد معاناة دامت 32 عاماً، حيث كنت أعمل في شركة للسيراميك والرخام، وقبل الإدمان كنت مجتهداً في عملي، ويشهد لي الجميع بالكفاءة، ولأن عملي يتطلب قوة بدنية، لجأت إلى تناول العقاقير والأقراص المخدّرة».
ويضيف: «مع مرور الوقت، أصبحت الأقراص المخدرة لا تكفي، فاتجهت إلى تعاطي «حشيشة الكيف» مع أصدقائي وزملائي بكميات بسيطة، حتى تفاقمت الأمور وذهبت إلى «الإدمان النشط»، عندها تعاطيت كل أنواع المخدرات، وبدأت التفنن في تناول مجموعة من المواد المخدرة دفعة واحدة، ليكون تأثيرها أقوى. باختصار، من الممكن أن أطلق على نفسي لقب «مدمن ممتاز»، بحيث أصبحت لا مبالياً، وتركت عملي بعدما صار عقلي مغيّباً»...
ويوضح عبدالله أنه عانى بسبب الإدمان مشكلات كبيرة مع أسرته، خصوصاً بعد تعاطيه مخدر «الماكس» من طريق الحقن الوريدي، والذي فتك به، وأضرّه من النواحي الصحية والمادية والأسرية والاجتماعية، حتى أنه أصبح منبوذاً من المجتمع، وتفاقمت المشكلات بعدما بدأ الإتجار بالمخدرات، وخصوصاً مخدر «الماكس» حتى يحصل على المال، ومن ثم لجأ الى «الهيروين»، وهو من أخطر المواد المخدِّرة على الإطلاق، وكان يتعاطاه باستمرار رغم سعره المرتفع، فهو بالنسبة اليه علاج يُشعره بالراحة الموقتة، ولهذا كان يسعى الى تأمين المخدر بأي شكل، مما دفعه الى السرقة والاحتيال على الآخرين، وأصبح معظم أصدقائه من اللصوص وتجار المخدرات، ووصل به الأمر أن دخل السجن أكثر من مرة في قضايا مختلفة.
عن رحلة العلاج والإقلاع عن تعاطي المخدرات، يقول عبدالله: «في البداية، ترددت على عدد من المصحات للإقلاع عن الإدمان، لكنني لم أفلح في مسعاي، حتى وصلت الى مرحلة شعرت معها بوجوب اتّخاذ قرار حازم لإنهاء مأساتي، فذهبت إلى المستشفى بمفردي، وسلّمتهم نفسي بملء إرادتي، وقد نجحت في التغلب على الإدمان، وأنا اليوم أعمل معالجاً في مستشفى العباسية تحت إشراف مجموعة كبيرة من الأطباء والمعالجين النفسانيين والاجتماعيين، وأعرض تجربتي على كل من يريد الإفادة منها في قهر المخدرات من خلال الإرادة القوية».
البداية
أما محمد سعد إبراهيم ، 33 سنة، فيحكي تجربته قائلاً: «أقيم في حي البساتين في القاهرة، وكنت أعمل طرّاشاً، وقد بدأت الدخول في نفق المخدرات عندما كنت طالباً، أو قل فتىً شقياً أدخّن السجائر مع رفاقي في المدرسة، وعندما وصلت الى المرحلة الإعدادية بدأت تعاطي الكحول، ومن ثم تناولت أنواعاً مختلفة من الأقراص المخدرة، إلى أن وصلت إلى الهيروين.
وعن رد فعل أسرته والمجتمع على إدمانه، يوضح: «لم أكن مقبولاً على المستويين الأسري والمجتمعي، وكان الجميع ينظرون إليّ بخوف، ويشفقون عليّ أحياناً، وكانت نظراتهم تقتلني، فذهبت إلى مصحات علاج الإدمان لكي أتخفّى فقط من الناس، وتحولت صداقاتي إلى صداقة مصلحة، بمعنى أن معظم أصدقائي في تلك الفترة كانوا يريدون مني المخدرات، أو الاستفادة من أعمال السرقة والاحتيال التي كنت أقوم بها، فتركت عملي، وتاجرت بالمخدرات لفترة طويلة، وبسبب مبالغتي في التعاطي، أصبحت فاشلاً أيضاً في تجارة المخدرات، لأن قواي العقلية وهنت بتأثير «الهيروين»، فكنت أُلقب نفسي «فاشل في الفشل»، وعجزت عن الحصول على المال بأي طريقة لشراء المخدر».
وعن تأثير المخدرات السلبي في حياته، يشير محمد إلى أن الإدمان سبّب له مشكلات أسرية بوجه عام، وضاعف خلافاته مع زوجته بشكل خاص، حتى أنه ذات مرة هدّدها بالسكين لسرقة الذهب من المنزل، وفي مرة أخرى كانت ابنته مريضة جداً، وكان معه نقود تكفي لعلاجها، لكنه فضّل شراء المخدر على علاج ابنته حيث توقفت حياته، وأصبح أمام خيارين، إما العلاج أو طلاق زوجته التي ذهبت معه إلى المستشفى رغم عدم اقتناعه في البداية، حتى أن ذهابه إلى المصحة لم يكن بهدف تلقّي العلاج، بل كان يريد أن تستعيد أسرته ثقتها فيه، ليسرقها من جديد، لكن بعد دخوله المصحة شعر بأن حياته ستتغير، وتمكن من الإقلاع عن الإدمان واستعاد إحساسه بالحياة الطبيعية.
الصيدلي السبب
«لا مستحيل مع الإرادة»... هذه العبارة تلخّص حكاية الشاب خالد أحمد عبدالقادر ، البالغ من العمر 29 سنة، ويقول: «كنت أعمل مع أخي في أحد المطاعم، وبدأت الإدمان منذ 16 عاماً. دخّنت السجائر عندما كنت طالباً في المدرسة، لكن بعدما فشلت في الدراسة بدأت تعاطي «حشيشة الكيف» بصورة متقطعة، الى أن وصلت الى مرحلة الإدمان».
عن المواقف الفارقة التي واجهته في مرحلة الإدمان، يوضح: «أثناء عملي في المطعم، قصدنا أحد الصيادلة لتناول الغداء، فقلت له إن ظهري يؤلمني، وطلبت منه أن يصف لي دواءً للتخلص من الآلام، فأجابني بأن معه دواءً فعالاً، لكن اشترط عليَّ ألا أقول لأخي، ثم أعطاني مجموعة أقراص ونصحني بأن أتناولها في السر، وبالفعل تناولت هذه الأقراص، وتخلّصت من الآلام وصرت أعمل بنشاط، وبعدما راق لي الأمر عمدت الى تكثيف الجرعات، الى أن أدمنت هذا العقار-المخدر، وأصبحت لا أستغني عنه بسبب المكاسب المادية التي أحققها من العمل تحت تأثيره. وبمرور الوقت، جرّبت أنواعاً أخرى من المخدرات، وبدأت تعاطي «حشيشة الكيف» بكميات مهولة أثناء العمل، وكأنني أدخّن سيجارة عادية».
أما عن دور أسرته في مساعدته على الشفاء من الإدمان فيؤكد خالد أن والدته لم تتركه وأحاطته برعايتها الدائمة، خصوصاً أنه كان متزوجاً، واضطر لبيع أثاث الزوجية، وتأجير شقته لأن زوجته لم تعد تحتمل العيش معه فعادت الى منزل أهلها، وبعدما حارت والدته في كيفية علاجه، علمت أن هناك مصحات لمعالجة الإدمان، فاصطحبته إلى إحداها، حيث خضع لجلسات علاج مكثّفة، وعفاه الله من الإدمان، وها هو اليوم يعيش حياته بصورة طبيعية.
طفولة بائسة
محمود بيومي ، 25 سنة، نجح في التخلص من الإدمان، ويقول: «بدأت تعاطي المخدرات منذ الطفولة، وكان ذلك نابعاً من سلوكيات خاطئة انتهجتها في حياتي، مثل التدخين في المدرسة مع زملائي، وتطورت الأمور فجرّبت المخدرات، وكان عمري يومها عشر سنوات، وعندما وصلت الى المرحلة الثانوية تعاطيت أنواعاً مختلفة من المخدرات، مع العلم أن دخولي التجربة كان من باب حب الاستطلاع».
ويضيف: «رغم أنه لم يكن بين أصدقائي من يبالغ في تعاطي المخدرات، لم يمنعني ذلك من الانضمام إلى مجموعة من الشبان المدمنين في المنطقة، فطلبت منهم أقراصاً مخدّرة، ومن ثم تعاطيت أنواعاً كثيرة من المخدرات، كما تخلّى عني أصدقائي، خاصة بعد تعاطيّ «الهيروين» بجرعات كبيرة، مما سبّب لي أزمات في حياتي، فاتجهت لسرقة بعض الأشياء من منزلي، وهو ما اكتشفته الأسرة سريعاً فاصطحبتني إلى مصحة لتلقي العلاج، ولم أكن مقتنعاً في البداية، لكنني وافقت بعدما وجدت نفسي مجبراً على ذلك، وفي المصحّة وجدت الأمور مختلفة تماماً، وندمت كثيراً على ما فعلته، وعلى عمري الذي ضيّعته في إدمان المخدرات».
مأساة جامعية
رغم أن الإدمان يقع في بئره الرجال والنساء، لا يزال اعتراف النساء بتجاربهن مع الإدمان في مجتمعاتنا الشرقية أمراً غير مألوف، حيث يخشين من نظرة المجتمع حتى بعد الشفاء التام.
سارة، طالبة جامعية، تذكر أنها وقعت فريسة الإدمان بسبب «شلّة الأنس»، وخاصة صاحبتها المقرّبة التي شجعتها على مشاركتها الإدمان على سبيل التجربة، وباعتبار المخدرات وسيلة تعبّر عن حرية البنت العصرية، لكنها فوجئت شيئاً فشيئاً بأنها تغرق في بحر الإدمان، من دون أن تجد من ينقذها من أمواجه العاتية التي جعلتها تسرق أموال أسرتها حتى تشتري بها المخدرات.
وتؤكد سارة أن حالتها وبمرور الوقت ازدادت سوءاً، حتى أنها فشلت في دراستها وأصبحت تتنقل بين الكليات الجامعية، وشاء القدر أن تتوقف معاناتها عندما اعترفت بمشكلتها لأستاذتها التي تهتم بقضية الإدمان، ولها علاقة بمؤسسات علاجه، فأرشدتها الى الرقم الساخن لتلقي شكاوى المدمنات في سرية تامة، فاتصلت وروت مشكلتها وذهبت إلى مستشفى علاج الإدمان، والتزمت بتعليمات الأطباء حتى كتب الله لها الشفاء التام.
وتُنهي سارة قصتها قائلة: «لقد كان الدرس قاسياً جداً، وأنا أعيش اليوم في قلق دائم بعدما قرأت بحثاً يفيد بأن المخدرات تؤثر في أنوثة المرأة وقدرتها على الإنجاب، ولهذا أحذّر الجميع من الوقوع في براثنه، حتى لا يصيبهم ما أصابني، وأحمد الله الذي عافاني».
ضحية «الروشنة»
أما المهندسة الشابة شيماء ، فتعترف بأنها وقعت فريسة لشيطان في شكل إنسان، استطاع إغواءها بكلامه المعسول، حتى وقعت في حبّه وشجعها على تعاطي مخدرات متنوعة باسم «الروشنة»، وكانت الكارثة الكبرى عندما استغل حاجتها الشديدة إلى المخدرات، وعدم قدرتها على توفيرها بسبب غلاء أسعارها، فابتزّها حتى وصل به الأمر إلى سلبها أغلى ما تملك الفتاة، ثم تركها وراح يبحث عن فريسة أخرى. تكمل شيماء قصتها باكية: «ندمت كثيراً على ما فعلته، وذهبت إلى أحد المستشفيات المتخصصة في علاج الإدمان، وواظبت على الجلسات بكل جدية حتى عافاني الله».
العلاج
أما عن كيفية التعافي من المخدرات فتشير الدكتورة سلوى عبدالباقي ، أستاذة الصحة النفسية في جامعة حلوان، إلى أن هناك العديد من الخطوات (تصل إلى اثنتي عشرة) التي اتبعها المدمنون حتى تعافوا، وفي مقدمها تقوية الإرادة المنطلقة من القيم الروحية والدينية وتنفيذ تعليمات الأطباء والانشغال في أنشطة اجتماعية والبحث عن المحفزات لكل شخصية، والتي تختلف من مدمن لآخر وفق بيئته وشخصيته وظروفه، لأن لكل شخصية مفتاحاً يمكن التأثير الإيجابي فيها من خلاله، والبعد عن المؤثرات السلبية، ومنها أصدقاء السوء.
وتنتقد الدكتورة سلوى الأعمال الفنية التي يتم إنفاق الملايين عليها، وهي في الحقيقة تشجع على الإدمان والكيف، وتظهر المدمن على أنه شخصية قوية ومحبوبة، ويثير العمل الدرامي التعاطف معها ويجعلها مثلاً أعلى للمشاهدين، مما يشجع على التقليد والمحاكاة، وهذه كارثة، خاصةً أن الشبان والفتيات يميلون إلى تقليد النجوم تقليداً أعمى في كل شيء.
وتختتم الدكتورة سلوى كلامها، داعية كل أسرة إلى مراقبة أبنائها وبناتها ومعرفة أصدقائهم عن قرب، وأن تضع مؤسسات التعليم والثقافة والإعلام والفنون استراتيجية متكاملة لمحاصرة الإدمان، وبيان طرق العلاج لمن وقعوا فريسة له.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024