تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

ناصيف زيتون: أتنفّس حباً... ولهذا السبب لن أغني مع أحد

عيناه ليستا سوى انعكاسٍ لأفكاره. يرفض كل ما يعادل القمة، ليصل إليها. يتنفّس حباً، يغني من قلبه، ويقدّم عمله بكل جدية ومحبة، فالسعادة تكمُن في مُتعة الإنجاز، ونشوة المجهود المبدع. هو ابن هذا العصر، عصر «السوشال ميديا» الذي بات جزءًا أساسيًّا من حياتنا، يطرح أعماله بطرق مبتكرة ورقمية، وكان أول من يطلق ألبومه إلكترونياً على شكل أغنية كل يوم. عن ألبومه، طفولته والحب في حياته، يحدّثنا النجم السوري ناصيف زيتون في هذا اللقاء...


- أنت إنسان يعشق الغناء، كنت على ثقة بأنّ ألبومك الأول «يا صمت» سينجح، ذلك أنك غنّيت فيه من قلبك، وكان نجاحه لافتاً. ماذا يقول لك قلبك عن «طول اليوم»؟
نجاح الألبوم لم يتح لي المجال كي ألتفت إلى قلبي، فقد حقق أرقاماً قياسية، ومن يدخل تطبيق أنغامي يكتشف أنني في الصدارة. لم يتغير شيء، ما زلت أغنّي من قلبي وأستمتع بما أفعل، أحب الموسيقى التي أقدّمها، لكي يحبّها الناس.

- ما من أغنية غير ضاربة بين أغنياتك... جميعها محفوظة وتتميز كلماتها بالبساطة البعيدة عن التعقيد. كيف تختارها؟ وهل تعتبر نفسك ذكياً في اختياراتك؟
عندما أستمع إلى أغنية ناجحة أُطلق على صاحبها هذه الصفة، وأعتبر أنه يؤدّي عمله بشكل صحيح، وأنه الشخص المناسب في المكان المناسب، وليس متعدّياً على المهنة. وإن وضعت نفسي في مكانه، ربما أكون غير متعدٍّ على هذه المهنة، ذلك أنني أحبها. فأنا أهوى الاستماع إلى الأغنيات والتعمّق فيها والاختيار بينها. أحبها لكي يحبّها الجمهور، فهو الحَكَم. علماً أنه يمكن أغنية جميلة من حيث اللحن والكلام والتوزيع أحببتها واقتنعت بها، ألاّ تعجبهم. في هذه المعادلة أعتبر نفسي موفّقاً.

- في ألبومك الماضي اخترت أغنية «مش عم تزبط معي» بعدما سمعتها للمرة الأولى، ما كانت أول أغنية نسبتها إلى ألبومك «طول اليوم»؟
«عندي قناعة» و«طول اليوم»، اخترتهما بدون تفكير.

- كم استغرق تنفيذ الألبوم؟
استغرق ثلاث سنوات من التحضير، واختيار الأغنيات بدأ يوم أطلقنا ألبوم «يا صمت»، أما التنفيذ فقد تمّ بداية العام الحالي.

- أي طابع يحمل الألبوم؟
في الألبوم الماضي، كان الطابع العام للكلمة مبنياً على العَتَب. أما ألبوم «طول اليوم» فطابعه العام «غزل»، هكذا أراه أنا.

- لمن تتوجّه بالغزل؟
لكل من يعني لي وأعني له. لأهلي ولمن يحبّني ويشجّعني رغم أنه لم يلتقِ بي يوماً.

- هل ما زلت تعيش قصة حب؟
نعم؟ (يضحك...) كل يوم أعيش قصة حب، أعيشها مع الناس الذين يحبونني ومع أهلي والحياة. قلت لكِ إن الحب موجود، أنا أتنفّس حباً.... فالحياة جميلة نحياها مرة واحدة، وتستحق أن نعيشها بسعادة، لذا أنا إنسان إيجابي في هذه الحياة وأحب كل ما فيها...

- هل يصحّ اعتبارك نجماً «عالموضة»؟ أي أنك ناشط على «السوشال ميديا» Social Media ، تطرح أعمالك بطرق مبتكرة ورقمية...
أنا ابن الـ 2016، وهو عصر الـ Social Media، أعتقد أنني جيد جداً فيه، فقد كنت أول من يطلق ألبوماً غنائياً رقمياً Digital، وأول من يطلق ألبومه على شكل أغنية «كل يوم». الناس أحبّوا الفكرة، وأنا وجدْتها فكرة ذكية مواكبة للعصر.

- قلت لي مرة في لقاء جمعنا، لو جعلنا هذا اللقاء الصحافي غنائياً لكان أجمل! هل ما زلت لا تحب الكلام؟
حسب الحالة وحسب الشخص الذي يجالسني، فأنا بطبعي لا أحب الكلام بكثرة. أحب التواجد بين الأشخاص ذوي الوجوه المريحة، و«بيكركبني» الشخص الذي يرمقني بنظرات غامضة، وإن كان إنساناً طيباً في الحقيقة. أنا «كِشِر» وبعضهم يعتقدون أنني «لئيم»، لا أحب من هم مثلي، بل أحب أصحاب الوجوه الباسمة، أرتاح معهم وأتكلّم بطلاقة...

- تثبت نفسك في التمثيل من عمل إلى آخر وتعيش الحالة في كليباتك. أين أنت من هذا العالم؟
التمثيل يستهويني وهي تجربة، فلمَ لا أجرّبها؟! طالما أن الأغنية لي والكليب ملكي... أحب أن أعيش الجو التمثيلي، في كليباتي فقط، ومن المبكر جداً الحديث عن دخول الدراما والسينما، فما أسعى إليه حالياً هو إثبات نفسي أكثر في الغناء.

- كنت أكثر خجلاً!
صحيح، فالإنسان يتطوَّر، «بيطقّ شرش الحياء» مع العمر، يقول ممازحاً.

- اكتشفوك في الكنيسة في سن السادسة، أخبرنا عن تلك الحادثة.
ولدت في الشام ونشأت في بلدة الجديدة السورية، وكنت أتردّد على كنيستها، إلى ما يسمى بـ «مدارس الأحد»، وكانت التحضيرات قائمة للاحتفال بمناسبة يوم الأم، وكنت من الأطفال الذين لم يشاركوا في أي نشاط حينها، فأحدهم يرقص والآخر يمثِّل، إلى أن عرضوا عليَّ الغناء في تلك المناسبة، قائلين إن هناك مكاناً شاغراً لمن يستطيع الغناء، وكانت الأغنية الضاربة حينها «مين حبيبي أنا» لوائل كفوري ونوال الزغبي. كنت ولداً لا يعرف شيئاً عن الغناء وأصوله، ولا يدرك حتى أكان صوته جميلاً أم لا. إنما كان يريد أن يعايد والدته بطريقة ما.
تلك الحادثة فتّحت ذهني على فكرة الغناء، وربما بدأت الحكاية من يومها، لكنني لن أكابر وأقول لكِ إن برعم الغناء لديَّ تفتّح في تلك السن، فأنا لا أذكر تلك اللحظة، وإن شاهدت نفسي، بالتأكيد سيكون غنائي «تعتير».

- غنّيت في صغرك مع فتاة صغيرة وكنت جريئاً للغاية. من هي الفتاة التي ترغب في الغناء إلى جانبها اليوم؟
لا أختار أحداً، فأنا سعيد جداً بما أنجزه، وآمل ألاّ يفسَّر كلامي على أنه تكبُّر. أحب الغناء، وعلى قدر ما أنا سعيد بغنائي، أحبّ أن أقدمه بمفردي، أحب أن أغني بمفردي حتى أشبع، وأرغب في أن أبقى مُمسكاً بالمايكروفون والناس ينظرون إليَّ وحدي. ربما سأكون أصغر ممّن سأغني معه، قيمةً وقامةً، لكنني في هذه المرحلة أريد أن أغني بمفردي.

- هل أنت مع تأدية النجوم أغنيات بعضهم في إطلالاتهم وحفلاتهم؟
بالتأكيد، قلّة هم الذين لا أستمع إلى أغنياتهم. أي عمل يُطرح أسمعه وأواكب كل جديد وأتابعه، «عاملها شغلتي وعملتي». كما يهمني أن أدرك الأسس والقواعد الموسيقية التي يسير على نهجها الفنانون العرب في يومنا هذا.

- ما أول أغنية خطرت في بالك الآن؟
«معقول الغرام» لنانسي عجرم... أنا من المعجبين بخيارات نانسي وطريقها الفني وهدوئها وخفّة ظلّها، فهي تملك شيئاً من كل شيء، وقد أحببت أغنيتها وأردّدها دائماً.

- هل انتقدك أحدهم؟ وماذا انتقدوا؟
انتقدوا بُعدي وأنني مقلّ في إطلالاتي وأتأنّى كثيراً في اختياراتي، علماً أنهم محقّون في مسألة التأنّي والتأخّر، فأنا أنتقد نفسي في تلك المسألة، إنما من يأتي بسرعة يذهب بسرعة.
كما قالوا إنني «مش مهضوم كتير...» يضحك. يعتبرونني جدّياً وقاسياً، وهو أمر يحزنني، فأنا أتمنى عليهم أن يحكموا عليَّ بعد اللقاء بي وليس قبل ذلك، لأنني من الأشخاص الودودين ولست كما أظهر على الشاشة.
ربما لأنني صادق أكثر من اللزوم، يفضحني وجهي، فحتى على المسرح، صادفت مواقف أظهرت الكثير من شخصيتي.

- هل ما زلت تعيش بمفردك؟
كنت أعيش بمفردي وكانت تمضي أيام من دون أن أسمع صوتي... واليوم يعيش معي شقيقي أنس، وهو يشبهني بهدوئه، الحال لم تتغيّر كثيراً...

- كيف كان التواجد مع النجوم في Stars on board ؟
اختلاطي بهم كان نادراً، مع أنني استمتعت بالتواجد مع بعضهم، نادر الأتات أحدهم، فهو يشبهني في الطباع وقد أمضيت معظم الرحلة معه ومع يزن السيد ونسرين طافش. كما التقيت بنانسي عجرم وملحم زين الذي أكنّ له كل المحبة، وأعتبر نفسي من أشد المعجبين بفنّه وموسيقاه وأخلاقه.
من الجميل أن نغني في منتصف البحر وعلى متن باخرة، لمغتربين ترين الشوق والمحبة في أعينهم، وتلمسين كم هم سعداء بسماع أصواتنا ولقائنا. وجميل أنني شاركت وحُسبت بين النجوم الكبار في هذا الحدث، لكن الأجمل بالنسبة إليَّ كان أنني التقيت هؤلاء النجوم. فقبل أن أصبح فناناً لم ألتقِ بأي منهم، الظروف لم تسمح لي بأن ألتقيهم، وبعدما أصبحت فناناً، عاكستني الظروف أكثر... لذا، أنا سعيد برؤيتهم باعتباري معجباً مثل كل الناس بفنّهم.

- ماذا يعني لك الغناء لبلدك سورية؟
شعور التقصير تجاه بلدي يرافقني، لا تواضع ولا كبر، لكن البلد الذي ولدت ونشأت وتعلّمت فيه، وكان المؤسس لشخصيتي، لا أوفّيه حقّه بأغنية. أهديته أول أغنية خاصة قدّمتها في مسيرتي الفنية «طير الحرية»، وقبل فترة قصيرة أطلقت «هويتي»، وتقول كلماتها: «عالشام خدوني وأحبابي فرجوني، سورية راجعة وشايفها بعيوني»... غازلت عبرها الشخصية السورية وبعثت من خلالها رسالة أمل وفرح، وقد غنّيتها في رحلة النجوم بحضور الجالية السورية، ولمست حبّهم وتعطّشهم لبلدهم.

(يرن هاتفه)...

- على من تردّ من أول نصف رنة هاتف؟
أمي، ويؤنّبني ضميري إن لم أردّ، فأحياناً أكون منشغلاً ويصعب عليَّ الردّ. فهي تقلق عليَّ وعلى أنس لكوننا خارج البلاد، ونحن مثل أي عائلة مترابطة، الأم تحمل همّ أولادها، ويدفعها والدي لأن تتصل وتطمئنه على أبنائه بدل أن يتصلّ بنفسه.

- هل من مفاجآت مخبّأة؟
الألبوم صدر، وهناك أغنية «مفاجأة» ستصدر بعده. صرّحت بأنها 11 أغنية، وقد صدر منها 10 فقط.

                         
بعيداً عن الغناء والأغنيات...

- ماذا تفعل «طول اليوم»؟
أفكّر... أنا إنسان هادئ، أحب مشاهدة الأفلام والمسلسلات، أقرأ، ألتقي بأصدقائي، طبيعي مثل كل الناس... أحب أن أطبخ، خاصةً الحلويات، أحادث أهلي، أقصد النادي الرياضي أحياناً، وحالياً أتردّد على البحر بكثرة.

- غنّيت «خلص استحي»، ممَ تخجل؟
من كل شيء... (يضحك). أخجل من التعاطي مع الناس وقبل الصعود إلى المسرح، أمرّ بدقائق صعبة جداً.

- متى قلت «كلّه كذب»؟
لم أقلها، بل قالتها الكاتبة حياة إسبر وغنّيتها لأنني رأيت فيها شيئاً من الحقيقة، الكثير من الحقيقة... «ما حدا بيحب حدا» و«ما بينعتب عا يللي المشاعر فاقدها». أرى أن مفهوم المحبة غير موجود في عالمنا العربي، وأتمنى أن يظهر يوماً ما. فكل الديانات تدعو إلى المحبة...

- «على أي أساس» كنت معنا اليوم؟
لأنك، تحملين أوراقاً بين يديك، وقد أجريت بحثاً عني قبل اللقاء بي. «قابضتيني جد»... كل مرة أقولها في قلبي، لكنني هذه المرة سأقولها وبكل شفافية، عمري الفني قصير، وأحياناً كثيرة لا «أملأ عيون» من هم أمامي، لكنني أحترم الأشخاص الذين حضّروا شيئاً للحديث معي، أحب أن تكون علاقة الاحترام متبادلة وظاهرة، أقدّر هؤلاء الأشخاص وأحب أن أكون بينهم ويهمّني كثيراً الجلوس معهم. يقول ممازحاً: «ربما هي «لطشة» لمن جلس معي بدون أوراق...».

 

 

 

 

 

 

 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079