في وداع أغسطس
انتهى أغسطس أخيراً، فلنودّعه ونحتفظ منه بما نسجناه من ذكريات. كان أغسطس قاسياً وممتعاً كعادته. الحرّ سبب قسوته، أما المتعة، فعشناها خلال بعض أيامه الحُرّة المتفلّتة من قيود الواجبات. مع نهاية شهر الإجازات نخطو نحو عام دراسي جديد، ونجهّز أنفسنا له. بين الحماسة والرهبة يستعدّ التلاميذ وأهلهم للدخول في روتين العودة إلى موسم الواجبات. وفي العمل يغيب هدوء الصيف وتهجم عواصف الالتزامات والمشاريع التي ينبغي تنفيذها. هذا ما وجدت نفسي أخطّه فجراً مع ولادة اليوم الجديد. ففي هذا الوقت من العام ينتابني قلق الكتابة وأسعى إلى الاستفادة من هدوء الفجر. ليست عتمة الفجر مخيفة، بل تشعرنا بالأمان وبأننا مسيطرون على اللحظات. اليوم في أوّله، وها قد قبضنا على لحظاته الأولى. فكيف لا يكون لنا؟ «هذا اليوم لي»، أقول. وليست كل أيامنا لنا، بل تحدّد مسارها ظروف العمل أو العائلة. فأيّ أيام يمكن أن ندّعي امتلاكها؟ أيّ أيام نرضى عنها لأنها رضيت عنا؟ ونحن نحبّ أن نسأل الآخرين عن أيامهم. نسأل عن الأيام المؤثّرة، تلك التي تركت وتترك بصماتها على الأيام اللاحقة بها. «يوم غيّر حياتي» عنوان جميل انضوت تحته قصص أجمل، فحياة كلّ منا كنز من القصص المشوّقة. وهذه القصص تحمل معاني واضحة ومحدّدة ومفيدة، ولا تدور الكلمات التي تحكيها في فلك الفراغ. فإذا كانت الكلمات لا تقتل الناس، لكنها يمكن أن تقتل الوقت. فعلاً ثمة كلمات قاتلة للمعاني العميقة، وهذه يجب الابتعاد عنها وعن عشّاقها. في الشهر المقبل تنطلق دورة استثمار الوقت، ويُستحسن ألا تخرج الأمور عن سيطرتنا.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024