في أغسطس عيشي ترف المغامرة بكل تفاصيلها
كثيرات منا يؤجلن إجازتهن الصيفية إلى الشهر الثامن، أي آب / أغسطس، يفضلن تمضيته في مدينة خارج إطار المتعارف عليه، ينعمن بمغامرات تحمل ذاكرتهن صورها، فيتصفحنها في كل مرة يشتقن فيها الى دفء الطبيعة وروائعها .
ولكل مدينة تفاصيلها الصغيرة وعوالمها الطبيعية المحيطة بها التي تجعلها فريدة من نوعها، رغم أننا أحيانًا نظن أن جميعها متشابهة . وحول العالم مدن وجزر وصحارى ومحميات طبيعية تنتظرك لتجولي فيها وتخوضي مغامرات لطالما ظننتها مستحيلة . ولكن تذكّري دائمًا أن السفر من دون مغامرة، يعني رحلة غير مكتملة التفاصيل .
جزر غالاباغوس، الأكوادور
أن تمضي إجازتك في أرخبيل اكتُشف بالصدفة ليكون في ما بعد المكان الذي استندت إليه نظرية علمية هزت عرش الاطمئنان الوجودي للإنسان، من المؤكد أنها ستكون إجازة فيها الكثير من المتعة العلمية الممزوجة بالمشاهد الخلابة، لمجموعة جزر تسبح في المحيط الهادئ، والتي تبدو أحيانًا مجموعة حوريات خرجت من الأعماق لتستلقي على الشاطئ فأعجبها عالم ما فوق البحار، وقررت البقاء فيه لتسحر من يطأ أرضها.
أما حكاية اكتشاف جزر غالاباغوس، فتعود إلى عام 1535 عندما كان أسقف بنما فراي توماس دي بيرلانغا متوجّهًا إلى البيرو للتحكيم في نزاع بين فرانسيسكو بيزارو ودييغو دي ألماغرو. وقد انحرفت سفينته عن مسارها ورست في أرخبيل غالاباغوس، فعاد إلى إسبانيا ووصف ظروف الجزر والحيوانات التي تسكن فيها.
وقد ذكر إبراهيم أورتيليوس الأرخبيل في الأطلس الذي نشره عام 1570. أمّا داروين فقد كان الأرخبيل مختبره الطبيعي خلال رحلته المعروفة باسم The Voyage of The Beagle حيث رصد وراقب ودرس المستوطنات الحيوانية الموجودة في الجزر لينتهي بنظرية التطور من طريق الانتقاء الطبيعي.
وتصبح غالاباغوس في آب/ أغسطس، أحد أفضل الأماكن لتمضية إجازتك الصيفية. على عكس المناخ الحار الذي نعاني منه خلال هذا الشهر نحن سكان الشرق الأوسط، فإن الأرخبيل الأكوادوري ينعم بطقس منعش فيه برودة رقيقة تستريح على صفحة المياه حاملة معها الغذاء لساكني البحر، فتضع الأسماك بكل أنواعها بيضها لتشهد على تنوع بيولوجي لا مثيل له: بقعة المنك والحيوانات المنوية للحيتان قبالة جزيرة إيزابيلا، أسود البحر وصغارها في جميع أنحاء جزيرة سانت كريستوبال وبلازا، السلاحف العملاقة في سانتا كروز، وطير البطريق في فيرناندينا، ورفوف طير القطرس تحاول التكيف بمفردها على جزيرة اسبانيولا.
لتجعلي رحلتك لا تُنسى، عليك المشاركة في الرحلات البحرية التي تستمر أسبوعًا مع التوقف في الجزر الصغيرة، وعلى متن المركب اختصاصيون في علوم البحار والطبيعة مستعدون ليشاركوك معرفتهم والإجابة عن كل أسئلتك.
فانكوفر، مقاطعة كولومبيا البريطانية في كندا
مزنّرة بقمم ارتدت قبعات الثلوج، تحضن غابات دائمة الخضرة... وهدوء جميل يتسرب من المحيط الهادئ، تستريح فانكوفر جوهرة كندا شمال غرب المحيط الهادئ. أينما جلت في هذه المدينة سوف تشعرين بقمة الاسترخاء والنقاء الذي يخترق أنفاسك عبر النسائم المنعشة في عز آب/ أغسطس.
فهذه المدينة مركز لفنادق صديقة للبيئة، فيما المطاعم تقدّم المأكولات البحرية الطازجة... خيرات لفظها المحيط. هنا في هذه المدينة سوف تشهدين مزيجًا من الانصهار الثقافي لشعوب الأرض التي اختارت هذه المدينة موطنها.
هي مدينة مثالية لإجازة صيفية، تتعرّفين خلالها إلى روح كندا عبر استكشاف شواطئ المدينة بواسطة قوارب الكاياك، ومسارات المشي الجبلية، أو عبور الجسر المعلّق بين جبلين، أو تجولين في صالات عرض الفن الحديث.
صحراء بلاك روك، نيفادا
ومن ولاية تكساس إلى نيفادا إلى الجزء الشمالي من هذه الولاية الأميركية حيث الطبيعة أكثر رحابة ورهبة بخصائصها الجيولوجية الجوفية، التي كانت مناطق عبور المهاجرين في القرن التاسع عشر نحو ولاية كاليفورنيا طلبًا للعيش الرغيد، وهي منطقة إطلاق الصواريخ، وتسجيل سرعة الشهب على قياس سرعة الأرض.
وخلال الأسبوع الأخير من آب/ أغسطس، ويوم الاثنين الأول من شهر أيلول/ سبتمبر تتحوّل الصحراء إلى مكان احتفالي اجتماعي، لممارسة طقس الرجل المحترق Burning Man.
كل عام عشرات الآلاف من الأفراد يتوجّهون إلى مدينة بلاك روك، ويجتمعون على رمال صحرائها، ليعيشوا أسبوعًا من التعبير الفني، والاعتماد على الذات وتطهيرها من شوائب الحياة العصرية، وتحديد معنى الصداقة. وهذه تظاهرة فنية يزداد عدد مرتاديها من جميع أنحاء العالم سنة بعد أخرى.
ليوبليانا، سلوفينيا
ليوبليانا عاصمة سلوفينيا هي مدينة أشبه بسدّادة زمنية في أوروبا الشرقية القديمة. فهنا التاريخ المحفوظ في فضائها يجعلها متحفًا مترامي الأطراف حاضنًا لأمزجة فنون العصر الوسيط وعصر النهضة، مجنّحًا بطبيعة خلابة شديدة الخضرة، تندسّ بينها البيوت الرائعة التي يخترقها نهر يربط ضفتي المدينة بجسور، كجسور البندقية الإيطالية مع فارق أن المدينة الإيطالية وفنونها تعوم على المياه، فيما ليوبليانا واقفة على طبيعة صلبة لا تخشى الغرق مهما تقلبت أمزجة الطبيعة والزمن.
تعتبر القلعة التي تعود إلى القرن التاسع، وأُعيد ترميهما في القرن السادس عشر معلم المدينة الذي يحفظ كل أسرارها فيما قصورها تحوّلت فنادق، تخيّلي أنك تبيتين في أحدها وتعيشين حياة ارستقراطيي عصر النهضة بتفاصليها، ولكن بأسلوب عصري.
أما ساحات المدينة فلم يجتح شيب التاريخ شبابها، بل تنبض بالحياة المتجددة... فلُقّبت بالعاصمة الأوروبية الخضراء. تخيلي أنك تجولين في وسط تجاري لعاصمة حديثة لا وجود للسيارات فيه، بل الدراجات الهوائية هي وسيلة النقل فيما تتظللين بالأشجار المحتشدة.
أما مطاعم الرصيف فهي الأكثر نقاء، ذلك لعدم وجود انبعاثات للسيارات. إذًا، لا تترددي لحظة في ارتيادها والاستمتاع بالمطبخ السلوفيني، في جو من النقاء.
أما إذا رغبت في مغامرة طريفة وهادئة، فما عليك سوى استئجار مركب صغير تجذفينه إما وقوفًا أو جلوسًا، وتستمتعين بليوبليانا من مختلف الأبعاد.
محمية ماساي مارا في كينيا
صحيح أن السفر إلى مدن تضج بالتاريخ والبذخ الإنسانيين يجعلنا مترفي الفكر، لكن التجوال في جغرافية الطبيعة العذراء يمنحك بذخًا روحيًا يتحدّى قسوة الحياة. والسفر إلى ماساي مارا يجعلك تحلّقين في فضاء العالم الكيني المليء بالألغاز التي لا تنتهي.
لقد خضت مغامرة سفاري في هذه المحمية المترامية الأطراف، قبل ثلاث سنوات. هنا في ماساي مارا من المؤكد ستعيشين مغامرة فريدة من نوعها، كالتي خضتها، وتشعرين بأنك جزء من متاهة الطبيعة بكل تفاصيلها الرحبة التي ترتمين في أحضانها. تبيتين في أحد منتجعات السفاري التي تضم خيمًا هي الأكثر ترفًا وفخامة، رغم أن لا أبواب لها توصد، بل قماش يُجمع بسحّاب يفصل بينك وبين الخارج.
وكما علماء الطبيعة وهواتها، وقبل غروب الشمس بحوالى الساعتين، تركبين سيارة رباعية الدفع تنطلق بك في رحاب الغابة حيث تجولين بين قطعان الحمير الوحشية والغزلان والزرافات التي تبدو لك أنها غير مكترثة لوجودك، فهي ربما اعتادت أصوات المحرّكات، إذ لن تكوني وحدك التي ترصدينها، فثمة الكثير من هواة السفاري من كل أنحاء العالم.
وربما تنتظرين لترصدي لحظة صيد مناسبة تخلّدها عدسة كاميرتك، وتختبرين صبر أصحاب البرامج والقنوات التلفزيونية المتخصصة بعالم الحيوان المتنوع.
وفي آب/ أغسطس يكون الجو باردًا وجافًا، وتكون الفترة التي تبدأ فيها الحيوانات البرية والحمير الوحشية الهجرة إلى منطقة سيرينجيتي. سوف تكونين محظوظة لرؤية الطريقة التي تجتاز فيها النهر. من المؤكد ستشعرين بالرهبة.
ومن السفاري الأرضي، خوضي مغامرة السفاري بالمنطاد الذي يحلّق بك فوق المحمية صباحًا مع شروق الشمس، ليحطّ بك في أحد الأحراج فتتناولين فطورك وسط عالم الأدغال من دون حواجز. هذه الطبيعة الخلابة لا بد من أن تدفعك للتعرف إلى سكّانها الأصليين، قبيلة ماساي مارا التي تعيش ضمن المحمية.
الدخول إليها يكون من البوابة الرئيسة غير الموجودة أصلاً، وإنما يغلق هذا المدخل ليلاً بأغصان الأشجار اليابسة بعد أن تُساق الأبقار الى الوسط، وتتحلق البيوت بشكل دائري. لحظة دخولك تستقبلك مجموعة من شبان الماساي بلباس الشوكاس الأحمر تزين أعناقهم وآذانهم وأيديهم الحليّ الأفريقية يرحبون بالزائر برقصة التحدي المرتكزة على قفز الرجال في الهواء، شرط أن تبقى الرجلان متلاصقتين ويفوز كل من يقفز الى الأعلى.
ولا تترددي في اكتشاف سوق القرية، وهو عبارة عن كوخ دائري كبير يقع عند الطرف المقابل للمدخل، مسقوف بالقش وتتوزع على المنصات الموجودة فيه ما ابتدعته أيدي نسوة القرية من حليّ أفريقية مطرّزة بالخرز بأشكال رائعة. هذه الصور وغيرها سوف تحملها ذاكرتك ما حييت، فلا تتردي في خوض هذه المغامرة في آب/ أغسطس.
متنزّه بيغ باند الوطني في تكساس
إذا كنت ترغبين في خوض مغامرة تُدخلك في متاهات العالم الأميركي المنكّه بالمكسيكي، عليك التخطيط لرحلة إلى متنزّه بيغ باند الوطني في ولاية تكساس، والذي تم إنشاؤه عام 1944. وقد استمد هذا المتنزّه اسمه من أكبر انحناء عند حدود نهر ريو غراندي الدولية، والفاصلة بين المكسيك والولايات المتحدة.
فهنا سوف تدركين المعنى الحقيقي للطبيعة الأميركية، وربما تدخلين إلى كواليس عالم الكاوبوي والغرب الأميركي، تجولين على صهوة جواد أو سيرًا على الأقدام بين الجبال العملاقة والمنحدرات الشديدة التي تبدو أنها مجموعة مردة وقفت واجتاحتها الشقوق بسبب عطشها، رغم أن نهر ريو غراندي، أي النهر الكبير ينساب بينها. فيما نبات الصبّار قد يغريك لتلمّسه، أما متفرعات النهر المتسربة بين أروقة المتنزه الصخرية، فتدعوك لمغامرة «رافتينغ» تؤرجحك على صفحة ماء مزاجية الحركة، بين الركود والتدفق الشديد، وما عليك سوى الاستعداد للحالتين اللتين تتلاعبان بمنسوب الأدرينالين في جسمك.
والتخييم في المتنزه مغامرة في عوالم الفضاء أيضًا وأنت ترتاحين على كوكب الأرض. إذ المبيت هنا يمنحك فرصة رؤية خط واضح لمجرّة درب التبانة وتستمتعين بعرض الشهب، وهي تتقاذف في السماء الحالكة السواد في هذا الجزء المعزول من العالم الأميركي، ولا تنسي أن تطلبي، وأنت ترصدين حركة الشهب، أُمنية، فقد تتحقق لا أحد يعلم، هكذا تزعم الأسطورة.
الأكثر قراءة
إطلالات النجوم
فُتحة فستان ليلى علوي تثير الجدل... والفساتين...
إطلالات النجوم
مَن الأجمل في معرض "مصمّم الأحلام" من Dior:...
أخبار النجوم
يسرا توضح حقيقة خلافاتها مع حسين فهمي
أكسسوارات
تألّقي بحقيبة الملكة رانيا من Chloé... هذا سعرها
إطلالات النجوم
الـ"أوف شولدر" يغلب على فساتين نجمات الـ"غولدن...
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024