تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

لمسات عصرية في لوحة كلاسيكية

هذا المنزل عنوان للفنّ الكلاسيكي الراقي المنسوج بخيوط ثقافية. فعندما يتداخل الرقي والثقافة مع ذوق رفيع، لا بدّ من أن تكون النتيجة مذهلة لعشّاق «الكلاسيك السبور» الذي أبدع المهندس منيف سليلاتي في تجسيده في هذه الشقة السكنية لسامي ألبير منصور.

احتلّت المكتبة الضخمة التي ضمّت مجموعة واسعة مؤلّفة من ثلاثة آلاف كتاب، جدار الصالونين المستطيل. لهذه المكتبة قيمة خاصة انطلقت منها هندسة هذا المسكن، ويقول عنها سليلاتي «إنها حجر الأساس». من الخشب الفرنسي بلونه الجوزي اكتسبت جدران قاعة الاستقبال حلّتها، وامتدت إلى المكتبة المقطّعة إلى مستطيلات ومكعبات متناسقة. وقد حرص المهندس على رصف الكتب بتقنية ومهارة لأنها جزء من التصميم.

الصالون الأوّل من الجلد البني طراز «تشيسترفلد»، أما الثاني فمن القماش الحرير البيج، انسدلت أمام نوافذه الستائر الأميركية الطراز الشفافة.

النور دخل هذا الصالون من خلال الخزانة الزجاج «الفيترين» التي فصلت بين هذه الجلسة والشرفة التي تحوّلت إلى مكتب خاص بأصحاب المنزل. وتبدو «الفيترين» عبارة عن مكعبات من الخشب خلفها الزجاج واستلقت في داخلها مجموعة فاخرة من أواني الزينة.  

 وعلى الجدار الفاصل بين الصالونين لوحتان زيتيتان قيّمتان جداً من مجموعة «بول غيراغوسيان» تعلوان «الدروسوار» من الخشب  الفرنسي الطراز.

الشرفة التي تحوّلت إلى مكتب متعدد الاستعمالات، هي مكان للراحة والعمل في آن واحد. جزء منها مكتب من الخشب الفرنسي المزخرف حيث يتابع المالك كتاباته وشؤونه السياسية،  وأمامه مقعدان عصريان من الجلد البيج. أما الحائط الذي تحول الى «فيترين» في الصالون فيطلّ بدوره على المكتب، والأواني الفاخرة في داخله تزين أيضاً ركن المكتب.

يفصل جهاز التلفزيون الكبير المستلقي على قاعدة، بين المكتب وصالون خارجي اتسم بقماشه الموشّى بالورود. وقد ازدان الجدار بمجموعة من المعدن بأشكالها المستديرة وبقياساتها المختلفة. وفي الوسط تربّعت طاولة من الكروم والزجاج مقسّمة إلى أجزاء ثلاثة. واللافت هو الباب الخشب الجرّار الفاصل بين الشرفة المغلقة حيث المكتب وغرفة الجلوس والصالونات، والذي جعله المهندس قطعة فنية أضفت جماليتها وفرادتها على قاعات الاستقبال... إطاره من الخشب، أما الزجاج في الوسط فهو مقطّع إلى أشكال هندسية بألوان مختلفة.

غرفة الطعام قطعة فنية بامتياز، مزيج من الطُرُز، طاولة عصرية من الزجاج حولها مقاعد كلاسيكية من القماش الحرير إطارها من الخشب المزخرف، تقابلها «فيترين» عريقة يعود طرازها إلى أواخر القرن التاسع عشر فرنسية الصنع، وفي داخلها استلقت على الرفوف مجموعة من الساعات قام المالكون بجمعها على مرّ السنين، وهذا من هوايات المالكة.

وعلى الجهة المقابلة «دروسوار» من خشب السنديان الفرنسي وخلفة الستائر اليابانية الطراز بلونها البيج الشفاف، صمّمها المهندس كأنها جزء من «الدروسوار» الذي احتل طول الجدار وضمّ من الجانبين خزائن مستطيلة. وازدان وسط «الدروسوار» بتمثالين من البرونز متشابهين يحملان قيمة فنيّة وتاريخية.

يكمن التميّز في العمل الذي قام بتنفيذه المهندس سليلاتي، في جمع الطرازات والعصور، فإلى جانب الأثاث الفاخر الذي مزج بين الكلاسيكية والعصرية حيث تداخلا بذوق وفنّ، كذلك امتزجت الطرز الهندسية للبلدان، فالسجاد المتميز الذي يفترش أرض المنزل من الهند «أغرا»... أما هندسة الأرض المستوحاة من بلاد أفريقيا، فهي في كلّ المنزل من الرخام البيج، لكن في قاعة الاستقبال تجسد الطراز الإفريقي. الرخام تطعّم برسوم أفريقية عبارة عن أشكال هندسية أبرزها المثلثات التي تداخلت مع بعضها من مشتقات اللون البني إلى جانب دوائر مطعّمة في الرخام بثّت الحياة في هذا الركن الذي طغى على جدرانه الخشب. الشكل الهندسي للأرض قابله الرسم نفسه في السقف من الجفصين، انبعثت منه الإنارة. وازدانت قاعة الاستقبال بـ«كونسول» فرنسي من الخشب الجوزي المزخرف، تعلوه لوحة قيّمة للرسام العالمي «بول غيراغوسيان» تعود الى عام 1960، علّقت على الجدار الخشب الذي تقطّع بدوره إلى أشكال هندسية متناسقة، كما عُلّق عليه وعلى جانبي اللوحة يميناً ويساراً مصباحان من البرونز.

حمّام الضيوف طغى عليه الرخام، فجدار المغسلة وقاعدتها من الرخام الموشّى بالرمادي، وبقية الجدران والأرض من اللون البيج. جدار المغسلة مقسّم إلى ثلاثة مستطيلات عُلقت على كلّ واحد منها مرآة مستطيلة الشكل أيضاً.

غرف النوم صمّمها المهندس أنيقة وعملية في آن واحد. إحداها لحفيدي المالكين عبارة عن سريرين من الخشب البيج المزدان بالأبيض. والثانية المخصّصة للمالكين طغى عليها الخشب الأبيض في الخزائن الأنيقة والبيج، ولها حمام خاص زاهي اللون. والغرفة الثالثة سريرها من الخشب البيج الزاهي وخزائنها بيضاء مزدانة، لكل درفة منها مرآة صغيرة ومستطيلة.

هذا المنزل، في اختصار، هو عنوان للذوق الراقي والكلاسيكية السبور، حيث كلّ مقوّمات العراقة ممزوجة بالعصرية، بخيوط راقية وواضحة.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079