«الجوكر»
أمام الشاشات والأخبار التي تسارع المواقع إلى نقلها، لا يمكن ألا نتساءل: هل ما يجري في عالمنا حقيقي؟ من كان يدري أن التفنّن في القتل يمكن أن يصل إلى هذا المستوى؟ اعتمد الإنسان في تاريخه أساليب إبادة عجيبة، لكن البشر ادعوا «التحضّر» والالتزام بالتطوّر والترقّي. صحيح أنهم اختاروا أحياناً شنّ الحروب ذريعة لاستكمال تطوّرهم، لكنهم حاولوا أيضاً الحفر في النفس البشرية، وفهم التاريخ والحاضر والتصالح مع الذات والآخر. فأي مخيّلات تبدع في أيامنا مشاهد الإلغاء هذه؟ كأنها لعبة فيديو أو تطبيق للمهووسين بالعنف. براميل مفخخة، رؤوس تتدحرج، أجسام تُسحق تحت دواليب السيارات، حتى «الجوكر» في مدينة «غوثام» لم ترسم أفكاره الشريرة سيناريوات بهذا القبح. ما نشهد عليه واقع كابوسي يرجع إلينا أسئلتنا الأولى عن طبيعة الإنسان، وعلامات الاستفهام المعقّدة حول الصراعات الحضارية التي طالما رفضنا نظريتها. نقول إننا في منطقتنا هذه خصوصاً، اعتدنا أن نحيا في انتظار المصيبة، وإننا نتحايل على الظروف للعيش بكرامة في الحروب وفي خضم النزاعات، لكنّ أحداً لا يقدر على اعتياد العنف، أو على تجاهله دون التأثر بفجائعه. حتى الهروب لثوان نغمض خلالها عيوننا ونحلم باللجوء إلى البلدان البعيدة ما عاد متاحاً. ألهذا نلهو بألعاب «الواقع المعزّز» كاللعبة التي نحاول، في تحقيق ننشره هذا العدد، تشريح الهوس بها؟ ألهذا ما زالت تدهشنا الحياة بقصصها الصغيرة كتلك التي نعالجها أسبوعياً لأنها تمسّ أيامنا وعلاقاتنا بسلاستها وتعقيداتها ومطبّاتها الصغيرة «الطبيعية»؟
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024