مشكلة في بيوتنا... والسبب مصروف الزوجة!
بعض البيوت تشهد مشاكل بسبب المصروف الشخصي للزوجة، وأحياناً يصل الأمر إلى نزاعات وخلافات زوجية، خاصةً إذا بخُل الرجل على زوجته بمصروف خاص بها، فهل مصروف الزوجة حق على الرجل أم رفاهية للمرأة؟ وفي ما تنفق الزوجة ذلك المصروف؟ وهل يختلف الأمر إذا كانت عاملة؟
أمنية محمد رشدي، ربة منزل، 35 عاماً، تؤكد أن تخصيص مصروف محدد للزوجة ضرب من الخيال في ظل سوء الأحوال الاقتصادية في مصر، خاصة أن عمل الزوجة أصبح شرطاً من شروط بعض الأزواج حتى تساعدهم في تحمّل الأعباء الاقتصادية الخاصة بالأسرة... وتوضح: «عملت فور تخرجي في الجامعة، ولم أعتد على أخذ مصروف من والدي حينها، لكن عندما كان ينفد راتبي قبل نهاية الشهر، كنت أطلب بعض المال من والدي. وبناءً عليه، عندما تزوجت لم أُثقل كاهل زوجي بمصروفاتي الشخصية، بل كنت أتكفل بها جميعاً، بداية من شراء الملابس، حيث كنت أعتبرها استثماراً في المظهر الخارجي الخاص بالعمل، نهاية بمصروف الكوافير والماكياج».
وتتابع أمنية: «مع استقلالي المادي، لم تخطر في بالي فكرة تخصيص مصروف لي يؤمّنه زوجي، بل كنت أساهم في شراء احتياجات المنزل أو أثاث جديد، وبعد إنجابي طفلي الأول ساهمت في شراء غرفة أطفال له، ولذلك يجب على الزوجة العاملة ألا تطالب بمصروف مستقل، بل عليها المشاركة المادية قدر استطاعتها». وتكمل: «لكن بعد سبعة أعوام من الزواج، وبعد إنجاب طفلي الثاني، اختلفت الأمور، بحيث تفرغت منذ عامين لرعاية الطفلين، ومع ذلك لم أطلب مصروفاً شخصياً من زوجي، ففي العادة تستطيع ربة المنزل تأمين احتياجاتها البسيطة من شامبو وماكياج من خلال مصروف المنزل الذي تكون هي مسؤولة عنه، لكن هناك مستلزمات أخرى مثل صبغات الشعر وجلسات البروتين والملابس، تُحدث خللاً في مصروف المنزل لو فكرتُ في استقطاعها منه، لذا أطلب من زوجي تأمينها فلا يتأخر مطلقاً، فهو رجل كريم لا يبخل عليَّ في شيء، ومن هنا لا أرى داعياً للنقاش في مصروفي الشخصي». وتنهي أمنية حديثها قائلة: «هناك التزامات واجبة على الأزواج بصفة عامة، لكنهم يغضون الطرف عنها أو يتجاهلونها، مثل «عيدية» العيد، وهدايا أعياد الميلاد والزواج، فتلك الأمور البسيطة تهتم بها المرأة أكثر من المصروف الشخصي، لأنها تشعرها بمدى تقدير زوجها لها».
مهارة الزوجة
آسر ياسر، ربة منزل، 45 عاماً، تؤكد أن مصروف الزوجة واجب على الزوج في كل الأحوال، وعليه الإنفاق عليها بشكل أو بآخر، خاصة إذا كانت ربة منزل، وتقول: «لا أعاني مشكلة المصروف الشخصي مع زوجي على الإطلاق، فهو رجل كريم يعطيني شهرياً مصروف المنزل وأكثر، وكأنه اتفاق ضمني بأن المصروف يشمل احتياجاتي الشخصية، وفي ما يخص ملابسي والرعاية الطبية فهو ملزم بها بلا جدال».
وتتابع: «عموماً، الرجل العربي كريم بطبعه، خاصةً أنني عشت في أميركا لفترة، واطلعت على ثقافات مختلفة، ومن هنا أؤكد أن الرجل العربي كريم على زوجته وأسرته، وفي المقابل المرأة العربية عاطفية وتساند زوجها ولا تضغط عليه، ويمكنها تدبير شؤون المنزل بمهارة وبما يتوافق مع دخل زوجها الضعيف، فهناك نساء كثيرات يرضين بكسوة العيد فقط، ولا يطالبن بمستلزمات شخصية أخرى، نظراً الى الضغوط الاقتصادية التي تُثقل كاهل الزوج، من أقساط مدارس وغلاء معيشة وغيرها».
وتضيف آسر: «لفترة، شغلت بالي مسألة مصروف الزوجة، فاستطلعت أحوال المحيطين بي من صديقات ومدرّسات لأولادي، ووجدت أن هناك اتفاقاً في الغالب على قوامة الرجل بتكفله بمصاريف زوجته، لكن مع سوء الأحوال الاقتصادية قد تلجأ المرأة الى العمل لتأمين مستلزماتها الشخصية وبعض احتياجات الأسرة، وإن لم تعمل قد يتكفل الأهل ببعض المصروفات، وهذا معروف في كل طبقات المجتمع بلا استثناء».
تدخل الأهل
تتفق معها في الرأي، دنيا صلاح عبدالله، ربة منزل، 30 عاماً، وتقول: «مصروف الزوجة واجب على الزوج إن لم يكن لها مصدر دخل آخر، فعليه أن يتكفل بشراء ملابسها وتأمين مصاريف الكوافير وفاتورة الموبايل وبنزين سيارتها... وإلا من أين ستأتي باحتياجاتها».
وتضيف: «لاحظت أخيراً أن المرأة إن لم تكن عاملة، فإن أباها يخصص لها مصروفاً شهرياً، حتى بعد الزواج، كنوع من أنواع المساواة بينها وبين إخوتها الذين ما زال ينفق عليهم، وأيضاً لتخفيف العبء عن كاهل زوجها، خاصة أن غالبية الشبان يعانون أزمات اقتصادية حالياً، ويستمرون في تسديد القروض وأقساط الزواج للبنوك لأعوام بعد الزواج، وبالتالي يصبح مصروف الزوجة عبئاً عليهم، فيساهم الأهل كنوع من تدليل ابنتهم وعدم تعريضها لضغط نفسي، ورغبةً منهم في استقرار العلاقة الزوجية ونجاحها».
وتنهي دنيا حديثها موضحةً: «حتى في الطبقات الشعبية البسيطة، بات مصروف الزوجة منسياً، خاصة أن غالبية نساء الطبقات الفقيرة خرجوا للعمل لمساعدة أزواجهن، لكن كل ذلك ليس مبرراً لتنصل الزوج من مصروف زوجته، وأراه حقاً لها على الزوج، لكن للأسف ظروف المجتمع جرّدتها من ذلك الحق، وأوجدت لها بدائل كمساعدات الأهل أو لجوئها الى العمل».
الاتفاق أولاً
أما حنان أبو رمضان، 28 عاماً، فرغم كونها غير متزوجة، لكنها ترى أن وضع الخطوط العريضة للعلاقة في مرحلة الخطوبة يجنب الزوجين العديد من الخلافات، ومنها مشاكل مصروف الزوجة، وتؤكد: «على الشريكين أن يتفقا قبل الزواج على تسيير الأمور المادية للأسرة، فالاتفاقات الأسرية لو تُركت للتوقعات ستنتهي بخلافات كبيرة قد تصل إلى الطلاق، فمثلاً على الشريكين الاتفاق على مصروف المنزل، وهل ستشارك فيه المرأة لو كانت عاملة؟ وفي حال كانت المرأة عاملة، يسقط عن زوجها وجوب منحها مصروفاً خاصاً، كما عليها أن تسأله أيضاً عن خطته في الإنفاق حال تفرغها لرعاية الأطفال، ومن هنا تلفت نظره إلى ضرورة أن يكون لها مصروف شخصي يلتزم به».
وتتابع حنان: «يجب أن يخصص الرجل لزوجته مصروفاً شخصياً ولو بسيطاً، خاصة إذا كانت متفرغة لرعاية الأطفال، فذلك يُشعرها بأن زوجها يقدّرها ويساندها ويهتم بتفاصيلها مثلما تهتم هي بتفاصيله وتفاصيل منزله وأولاده، ومن هنا تتوطد العلاقة بين الزوجين أكثر».
رغم تأكيد بعض الفتاوى أن إنفاق الزوج على زوجته يقتصر على توفير الملبس والمسكن المناسب، وأنه غير ملزم بعلاجها أو فاتورة هاتفها المحمول، يوضح الدكتور محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق، أن الإنفاق على الزوجة بمستوى معيشة أهلها نفسه واجب على الزوج، بما يتضمنه من مأكل ومسكن وملبس وخلافه... هذا إذا كانت ربة منزل، ويضيف: «لكن عمل المرأة يُسقط عن الزوج وجوب الإنفاق عليها، بل على الزوجة أن تساهم في تحمل بعض أعباء المنزل، لأن عملها في الخارج سيكون على حساب المنزل وتربية الأبناء، وهذا من واجبها في الأساس، وبناءً عليه، من الضروري أن تعوّض المرأة العاملة فترة غيابها عن المنزل».
عادات الإنفاق
أما الدكتور رفعت عبدالباسط، أستاذ علم الاجتماع في جامعة حلوان، فيؤكد أن عادات المجتمع المصري تحض الرجل على الإنفاق على زوجته، من مأكل ومسكن وملبس وغيرها، فلدينا عادة «النقوط» في المناسبات، أي منح العروس أو المرأة التي وضعت حديثاً، نقوداً، وفي الغالب تتلقى المرأة «النقوط» وتقرر ما ستفعل به، فتجدد بعض أثاث المنزل، أو تشتري أدوات كهربائية أو ذهباً... وهذا في حد ذاته يعتبر مصروفاً.
ويتابع: «العيدية» في العيد والمناسبات تعد مصروفاً شخصياً للمرأة، وكذلك الذهب الذي يشتريه الزوج لها، لذا لم ينشأ المجتمع المصري على تخصيص مصروف شهري محدد للزوجة، خاصةً أنها «وزيرة الاقتصاد» في الأسرة، ولا يسألها زوجها في ما أنفقت مصروف الأسرة، أو ما هو الفائض، وكم من نساء ادّخرن مبالغ كبيرة من فوائض مصروف الأسرة، وأظهرنه حين الضوائق المادية. لذا أؤكد أن المرأة المصرية مدبرة والرجل كريم، ومن هذا المنطلق لم ترسخ عادة تحديد مصروف شخصي يومي أو شهري للزوجة. ويلفت أستاذ علم الاجتماع إلى أن تغير الظواهر والأوضاع الاقتصادية في المجتمع أدى إلى تغير بعض عاداته، منها الإنفاق على الزوجة، ويقول: «عندما تعمل المرأة يتنصل الزوج من الإنفاق عليها، خاصة إذا كانت أوضاعه الاقتصادية غير جيدة، بل أصبحت الزوجة مصدر دخل للأسرة وعموداً اقتصادياً مساوياً للرجل، وقد نجد أحياناً أن راتب المرأة يفوق راتب زوجها، وتصبح الأكثر إنفاقاً على احتياجات الأسرة بسبب دخلها المرتفع».
ويضيف: «نظراً الى المشاكل وحالات الطلاق الناجمة عن الخلافات المادية للزوجين، خاصة في السنوات الأولى من الزواج، وهو ما نطلق عليه «الطلاق المبكر»، أصبح الأهل يحاولون جاهدين لاستمرار الزواج أطول مدة ممكنة، فهناك من يخصص مصروفاً لابنته، وآخر يدفع لها فواتيرها الشخصية، وثمة من يتكفل بعلاجها أو بمصاريف ولادتها ورعاية ما بعد الولادة، كل ذلك يحدث في جميع المستويات، والهدف منه إعمار الأسرة واستقرارها، مما يكشف مدى تغير العادات الاجتماعية المتأثرة بالتغيرات الاقتصادية الطارئة على المجتمع».
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024
شؤون الأسرة
اقتراحات تمييزية للتشويش على حق الأمهات اللبنانيات بإعطاء الجنسية لأطفالهن
شؤون الأسرة
عائلة حسام ورولا تنقل تفاصيل دقيقة عن الحياة في هولندا بكل صعوباتها وإيجابياتها
شؤون الأسرة