بيت الدين بنكهة بوليوودية... في أمسيتين متتاليتين
اختارت مهرجانات بيت الدين أن تفتتح موسمها الصيفي لهذا العام بأمسية استعراضية من الهند بعنوان The Merchants Of Bollywood (تجّار بوليوود)، لتنقل الجمهور اللبناني من قلب القصر الشهابي الكبير في منطقة الشوف إلى صحراء راجستان الهندية حيث ولدت «بوليوود» قبل أن تمتدّ سطوتها إلى بومباي ومنها إلى العالم كلّه. وهي التي اعتادت منذ انطلاقتها قبل نحو ثلاثة عقود على التنويع في برامجها السنوية عبر استضافة إبداعات العالم وفنونه.
يقوم العرض الذي جال العالم قبل أن يحطّ رحاله في لبنان (حضره أكثر من مليون مشاهد) على قصة بطلتها شابة موهوبة تُدعى عايشة (جسدت دورها كارول فورتادو، هندية من أصل برتغالي)، تربّت على يدي جدّها، خبير الرقص التقليدي شانتي ميرشانت (دينزيل ليونارد سميث). أراد أن ينقل إلى حفيدته سرّ الرقصة الهندية الأصيلة، هو الذي يحمل اسم عائلة «ميرشانت» المعروفة في مجال تعليم الرقص التراثي والأمين على بقاء هذه الثقافة القديمة. لكنّ صراع الأجيال يتبدّى جلياً بين الجدّ وحفيدته حينما تجد عائشة ضرورة التغيير وتطوير الرقصات كما كلّ شيء في الحياة. تذهب بعيداً في أحلامها فتتخيّل نفسها نجمة في «بوليوود»، السينما الهندية الصاعدة بقوة من صحراء راجستان. إلاّ أنّ جدّها يحذّرها من عواقب الدخول في عالم يتحكم فيه بعض التجار والفاسدين.
تصرّ على حلمها، تلحق به فتحظى بالشهرة والنجاح. تصير أخبارها مادة الصحف، وتغزو صورها أغلفة المجلات. تعيش النجومية لكنها تفتقد معنى إنسانيتها. يتملكها السأم وسط زحمة الحياة المترفة. تترك مجدها البوليوودي وتعود إلى جدّها لتراه في حالة بائسة منذ تركته ومضت بعيداً. جدّها على شفا الموت ورقصة «كاتهاك» على شفا النسيان. يموت الجدّ وتُقرر عائشة أن تحمل ذكراه أبداً عبر الرقص الذي ظلّ أميناً عليه طوال حياته. تتزوج من حبيبها الأول أوداي، ويؤسسان في راجستان مدرسة رقص تجمع بين إرث العائلة وتقليدية رقصها ومزاج عائشة الحداثي وانفتاحها.
هذه الحبكة لا يسمعها مشاهد «تجار بوليوود» في الحوارات أو المونولوغات التي تتخلل العرض فحسب، بل إنّ الأجساد الراقصة تستحيل لغة إضافية يروي عبرها الممثلون حكاية تلك العائلة الأسطورية في عالم الرقص الهندي الأصيل.
تميّز العرض بأزياء لافتة وألوان زاهية أضفت على المشهدية شيئاً من الرونق والجمال الذي أعادنا إلى عوالم الهند الساحرة، لكنّ العرض لم يكن استثنائياً... فلم يقدّم أكثر من المتوقّع، لا سيّما في ما يخص القصة التي بدت مباشرة جداً ومحبوكة من أجل تقديم رقصات مختلفة. وكان يمكن أن يكون العرض فرصة لنتعرّف إلى الرقص الهندي التقليدي، الذي لم يأخذ حيزاً كبيراً من العرض مقارنةً بالرقصات الهندية الحديثة المعروفة والمنتشرة على الشاشات وفي عروض تجارية أخرى.
بعد أمستي الافتتاح بنكهة هندية، تتابع مهرجانات بيت الدين حفلاتها مع المغني العالمي سيل، ثم العرض الراقص «روميو وجولييت»، تليه حفلة «يا مال الشام» (مع لينا شاماميان ونصير شما وشربل روحانا)، وأمسية تُقدم تحية إلى زكي ناصيف (سمية بعلبكي، جوزيف عطية، رنين الشعار، غي مانوكيان، زياد الأحمدية)، والاختتام مع باسم يوسف في ثلاثية خاصة عن الإعلام والسخرية والسياسة.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024