جورج شلهوب يعبث بحياة لم يعد يجدها
يُلخّص عنوان الديوان الجديد للشاعر اللبناني الشاب جورج شلهوب، «خبأتُ الحياة ولا أعرف كيف أجدها» (الدار العربية للعلوم- ناشرون)، المُناخ العام لقصائد تُعبّر عن حالة ضجرٍ وجودي يعيشها الشاعر. وإذا التقطنا الإشارات الرمزية في قصائد هذا الديوان لوجدنا أن الضجر، بمعنى السأم الوجودي، هو الموضوع الغالب على الديوان. «يرنّ المنبه/ أستيقظ/ أشرب قهوتي/ ألبس ثيابي/ أنتظر.../ تمرّ الحياة/ ولا تأخذني» (قصيدة «موعد»).
ويأتي فعل «الانتظار» ليُعزّز هذا الشعور بالضجر، لا سيّما أنّه انتظار بلا هدف ولا أمل. «اللعبة تنكسر واللاعبون يجلسون في العين الأخيرة/ يسمعون صوتاً يقول إنّ هناك رؤيا/ وما زالوا ينتظرون».
يصوّر الشاعر رجلاً في يومياته العادية. يُسميها يوميات «معطلة» بفعل الفراغ والتكرار. عمله الوحيد أن يتسلّى بملله، بأسلوب سيزيفي «من الهاوية أصعد/ إلى الهاوية أعود/ سلّة الحياة فارغة/ هيكل الوجود مهدوم»، ويتوضّح هذا البعد السيزيفي في نصّ نثري يقول فيه: «...أتشتّت أتشتّت. أخرج أدحرج ضجري قليلاً وأعود». وما علينا إلاّ أن نتخيّله سعيداً بهذه اللعبة المنهكة والبائسة، على ما يقول ألبير كامو في «أسطورة سيزيف»: «علينا أن نتخيل سيزيف سعيداً».
يبتعد شلهوب في هذا الديوان عن المواضيع الكبرى والقضايا الكونية المتعلقة بالتراثي والتاريخي والواقعي، ليجعل من حياته البسيطة الفارغة من المعاني الكبرى، أساساً. فيختار للتعبير عن حالته النفسية والداخلية لغة شعرية مكثفة، تغلب عليها صيغة النفي لتُعزّز شعور الضياع والغربة والانقطاع عن هذا العالم الذي يعيش فيه من غير أن يرتبط به. وتأتي نبرة الشاعر رقيقة، هشّة لتناسب ذهنية طفل صغير مندهش في عالم الكبار وألاعيبهم، من دون أن يفهم لغتهم ونياتهم.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024