هنا عاش عمالقة عصر النهضة وأبدعوا: ليالي الأنس في فيينا وميونيخ
ما الذي يجمع بين فيينا وميونيخ باستثناء الانتماء الى إقليم بافاريا الشهير، وحب الموسيقى وارتياد المقاهي والمطاعم بشكل شبه يومي والاعتزاز بالماضي التليد، بما يشمله ذلك من قصور فخمة وإمبراطوريات عريقة وأسماء خلّدها التاريخ؟ سؤال لطالما راود عشاق السفر، وقد تساءلت معهم كثيراً عما كانت تعنيه المطربة الراحلة أسمهان عندما غنت « ليالي الأنس في فيينا »! ، وكانت الإجابة غريبة ومثيرة عندما أكدت لي جوسلين - رفيقة زيارتي الى ميونيخ وفيينا بدعوة من فنادق هيلتون العالمية - أن اسمهان شدت برائعتها تلك وفيينا وميونيخ تتعرضان للدمار وقذائف الحلفاء في أوج الحرب العالمية الثانية، وقد زالت الغرابة عندما وجدنا اسمهان والشاعر الراحل أحمد رامي الذي كتب تلك الأغنية الخالدة وكأنهما كانا يقرآن الماضي ويستشرفان المستقبل، فالعاصمة النمسوية فيينا وميونيخ الألمانية قُبلتان للسياحة العالمية وتفوران بالمئات من القصور التاريخية ودور الأوبرا والمسارح والمتاحف وفنون لا تحصى ومعالم سياحية وعلاجية متفردة، ومعها تاريخ تراثي لا ينضب، ولا يمكن مشاهدته كاملاً في أيام قليلة ... على الجانب الآخر، وعبر « هيلتون فيينا بلازا » و « هيلتون ميونيخ بارك » ، تُتاح رؤية مدينتين من أروع مدن العالم، ثقافةً وتاريخاً ومعاصرة .
عاصمة القصور والفنون والخضرة
فيينا عاصمة القصور والمتاحف والفنون التي لطالما تغنّى بها عشاق التاريخ والموسيقى، يسكنها 1,7 مليون نسمة، و50% من مساحتها تتزين باللون الأخضر بفضل الحدائق الغنّاء والغابات المنتشرة في كل مكان، مما يجعل جوها مثالياً، بينما تتميز المياه التي تصلها من جبال الألب بدرجة نقاء عالية.
في الحي الأول كانت لنا جولة في الجزء التاريخي من فيينا، حيث يعود أصل تسمية العاصمة النمسوية إلى معسكر روماني «بيندوبونا»، ويعد محمية تاريخية وفق منظمة اليونسكو... أما شارع «الرينج»، وهو مكان سور المدينة القديم، وقد أسس في القرن الثالث الميلادي، فيضم أقدم الاماكن وأجملها، مثل دار الأوبرا، والمسرح القومي، ودار البرلمان، كما قادتنا النزهة الصباحية برفقة المرشدة العربية فاطمة عبدالله في منطقة المشاة إلى كاتدرائية «سانت ستيفان»، ومن ثم إلى شوارع قديمة تضم منازل لعمالقة الموسيقى، بيتهوفن وموزارت وهايدن وغيرهم، أعقبتها جولة على عربات الأحصنة التقليدية «الحنطور»، وهي في منتهى النظافة، وتتيح للسياح رؤية كل المعالم التاريخية والحديثة في الهواء الطلق.
« قصر شونبرون »
في الحي الثاني يقع «قصر شونبرون»، وهو من أشهر المعالم السياحية في فيينا، ومن أجمل قصور أوروبا، وتعادل مساحته الاجمالية مساحة «إمارة موناكو»، وكان في السابق المقر الصيفي لعائلة «هابسبورغ» التي حكمت النمسا من القرن الثالث عشر حتى عام 1915، قبل أن تتحول النمسا إلى النظام الجمهوري.
ويمكن زيارة «قصر شونبرون» على مدار يوم كامل، فهو يضم بين أركانه مساحات شاسعة وفعاليات متعددة مثل حديقة الحيوان التي تعد الأقدم في العالم.
ولأن المطاعم والمقاهي تشكل جزءاً من طقوس الحياة اليومية في فيينا، فلا يمكن الزائر أن يمر من دون تناول أشهر الأطعمة والمشروبات، وهو ما حرصت عليه رولا أبو الحسن مديرة العلاقات الإعلامية لفنادق هيلتون العالمية في أفريقيا والشرق الأوسط، إذ تعرفت على ذلك عن قرب في «كافيه سنترال»، الذي يستقبل الرّواد في مواعيد مسبقة لوجود طوابير انتظار طويلة من الراغبين في تلمس تاريخ هذا المكان الساحر والموغل في القدم، فقد افتتح عام 1876 واشتهر بكونه ملتقى الأدباء والكتّاب والفنانين، بل وكان العنوان البريدي لبعضهم قبل أكثر من 100 عام.
« هيلتون فيينا بلازا »
خضع فندق «هيلتون فيينا بلازا» الراقي في فيينا أخيراً لعملية تجديد شاملة جمعت بين التصاميم الداخلية الراقية والمفروشات الفخمة للارتقاء بمكانة هذا الفندق وتقديم خدمات لا يعلى عليها لضيوفه المميزين... والفندق الواقع في منطقة رينجستراس الأكثر تميزاً في فيينا، يضعها على مقربة من بعض أفضل نقاط الجذب السياحي في المدينة، بما في ذلك كاتدرائية القديس ستيفن، ومسرح بورغ، ودار الأوبرا، وقصر هوفبورغ.
وتحتوي الغرف والأجنحة الـ 254 المترفة على حمام رخامي فاخر، في حين تتيح شرفات أجنحة البنتهاوس العشرة في الطبقة العاشرة إطلالة رائعة على المدينة التاريخية. ويقدم الفندق أيضاً وسيلة أصيلة وعصرية لتنقل الضيوف لاستكشاف معالم المدينة، ألا وهي الدراجات الهوائية التقليدية، كما يتألق بطابعه التراثي، وتصاميمه التي تعود الى العصر الذهبي، ويتميز بهوه بغناه بالأعمال الفنية الأصيلة والأرضيات الرخامية الفاخرة.
ويمتد ذوق العصر الذهبي لفيينا أيضاً إلى لائحة الطعام والخدمة في مطعم الفندق المستوحى من التراثين الفرنسي والنمسوي.
ففي الأجواء الأنيقة لمطعم «أميل براسيري»، سيستمتع الضيوف بالأطباق الحصرية مثل «كريب سوزيت»، إلى جانب المشروبات الخاصة. أما الزي الموحد الجديد لأعضاء فريق «هيلتون فيينا بلازا» فهو مستوحى من أزياء عشرينيات القرن الماضي، ويؤكد مفهوم الضيافة المتأصل في الفندق.
ميونيخ ... ثراء الأصالة والمعاصرة
ميونيخ عاصمة إقليم بافاريا وصاحبة أقدم القلاع والقصور الملكية، تزخر بفنون معمارية قلّ نظيرها، وتجتذب الملايين من السيّاح على مدار العام. تتميز ميونيخ أيضاً بالتعدد الثقافي والاجتماعي والتنوع السكاني، فرغم اختلاف سمات الوجوه واللغات والأعمال في شوارعها، فإنهم يتفقون على الاندماج وأهمية الالتزام بالحفاظ على تفوق هذه المدينة بتفاصيلها العريقة ونظافتها.
ومع تعدد معالمها السياحية البارزة، تشتهر ميونيخ بمعلم صناعي عالمي، يتألف من مصانع سيارات «بي أم دبليو»، ومقر الشركة بأبراجه الثلاثة، ومعرض يضم القديم والحديث من تلك السيارات ذات العلامة العالمية... وفي الحديقة الانكليزية المعروفة بأنها اكبر الحدائق العامة في العالم، وهي تزيد بمساحتها الشاسعة عن حديقة «سنترال بارك» الشهيرة في نيويورك، كما تضم اكبر متحف للعلوم والفيزياء وتقنيات التكنولوجيا في العالم، وهو الاكثر استقبالاً للزوار أوروبياً، الى جانب أكبر مهرجان شعبي على مستوى الحضور والمشاركة وهو مهرجان «اكتوبر فيست»، والعشرات من الكنائس القديمة من عصر الباروك، والمتاحف والمسارح ودار الاوبرا الشهيرة، واستاد أرينا الشهير معقل فريق بايرن ميونيخ، وبوابات ميونيخ القديمة والتاريخية، التي نجت من ضراوة الحرب العالمية الثانية، والتي تقود إلى أشهر شوارعها الرئيسية والعصرية.
وتستقطب مدينة ميونيخ على مدار العام الكثير من المعارض الدولية الكبيرة، وتقدم خدمات سياحية لا تحصى، إضافة إلى كونها مركزاً عالمياً للعلاج الطبي مع مؤسساتها الحصرية الطيبة السمعة، ويمكن الضيوف الاستمتاع بخيارات متنوعة من الرحلات اليومية إلى أماكن الترفيه الواقعة في جوار ميونيخ، مثل زيارة قاعدة أعلى قمم جبال الألب في ألمانيا ومنطقة البحيرات الجميلة في كل من شتارنبرغ وتيجيرنسي وتشييمسي. ولا تكتمل الرحلة من دون زيارة قلعتي القصص الخيالية نويشفانشتاين أو ينديرهوف، كما تقع بلدة سالزبورغ الخلابة في الجوار.
هيلتون ميونيخ... والحديقة الإنكليزية
فندق «هيلتون ميونيخ بارك» ملاصق للحديقة الإنكليزية، وهي واحدة من أكبر الحدائق العامة في أوروبا، وقد افتتح عام 1972 وخضع عام 2012 إلى إعادة تجديد شملت جميع الغرف والأجنحة والأماكن العامة والنادي الصحي الضخم على امتداد 750 متراً مربعاً. ويقع «هيلتون ميونيخ بارك» على مسافة قريبة من محطة القطار الرئيسية ومركز المعارض والمؤتمرات، وعلى مسافة قصيرة في السيارة من المطار الدولي.
وتكشف المساحات الخضراء الفسيحة خلفية رائعة لمحبي المشي لمسافات طويلة، إضافة إلى حدائق مخصصة للأطفال. كما يقع الفندق بالقرب من مركز المدينة حيث يمكن الضيوف المشي إلى شارع التسوق الشهير ماكسيميليان في دقائق والمرور بجانب نهر إيسباخ الشهير. ولعشاق الرياضة، يبعد ستاد أليانز أرينا - المقر الرئيسي لنادي بايرن ميونخ - حوالى 10 دقائق فقط بالسيارة، والفندق هو مقر الإقامة المفضل للعديد من الفرق الزائرة.
وتلبي الغرف الـ 475 والأجنحة التسعة كل متطلبات الضيوف وخيارات ربط الغرف. تم تصميم الغرف والأجنحة الفسيحة بدرجات اللون الكريمي والبني الدافئة، بينما تُبرز مجموعة الأثاث والإضاءة المنتقاة بعناية الأجواء الراقية واللطيفة للفندق.
ويصف مطعم «تيفولي» في «هيلتون ميونيخ بارك» نفسه بأنه مطعم حديث عالمي ومبتكر، إذ يقدم الأطباق العالمية والمحلية، ومن بينها الأطباق الشرق أوسطية على مدار العام.
وإلى جانب قاعات المؤتمرات وغرف الاجتماعات الـ21، يوفر الفندق قاعة احتفالات كبيرة في الطابق الأرضي، مع مدخل مستقل وبهو واسع. أما للراغبين في الانغماس في أجواء فريدة وسط إطلالات خلابة على المدينة وجبال الألب، فيمكنهم زيارة صالون «ماركو بولو» في الطبقة الـ15، أو حتى زيارة مطعم سطح الفندق «روف66» والاستمتاع بالنسيم العليل.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024