تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

في معرض ضم 37 عملاً: «عودة الروح» للفنان التشكيلي صلاح عناني

 بعد 16 عاماً من الغياب عن إقامة المعارض الفردية، عاد الفنان التشكيلي المبدع صلاح عناني، ليقدم في غاليري المسار معرضاً فردياً له، يعد مفاجأة للوسط الثقافي والفني، إذ عرض مجموعة من أعماله التصويرية، وقدم للمرة الأولى عدداً من الأعمال النحتية.

اختار صلاح عناني «عودة الروح» عنواناً لهذا المعرض، وهو هنا يذكرنا برائعة توفيق الحكيم «عودة الروح»، وعندما سألته عن سبب هذا الاختيار، أجاب: «عودة الروح، أي البعث، هي فكرة ابتدعها المصريون القدماء، ثم باتت عقيدة اعتنقها الجميع، فجعلت لوجودهم معنى ومبرراً، ولم يقتصر الأمر على علاقة الجسد بالروح، وخروج الروح منه والعودة إليه، بل في تقديري أن الدلالة المعنوية هي أهم بكثير، حيث يتعلق الأمر بطبيعة الحياة، ولذلك أبدع الفنانون المصريون القدماء في فن الرسم والنحت الملونين، وكانوا كلما بهتت الألوان والأشكال، أعادوا رسمها ونحتها من جديد. أرى أننا اليوم في حالة من الارتباك والتشويش كما لم يحدث لنا من قبل، ولذلك نحن في حاجة إلى «عودة الروح»، أي الى «بعث معنى جديد» نعيد به صياغة أنفسنا وصياغة وجودنا المهدد، لكن بشكل جديد لم نعرفه من قبل على الإطلاق».
معرض صلاح عناني تظهر فيه بوضوح الروح المصرية، وفي لوحاته صراع بين جمال الصورة وقسوة معانيها، بما تتضمنه من دلالات، ففي لوحته «المدرسة» تتوقف منبهراً أمام براعته في استخدام الألوان، وتستطيع أن تتوقف أمام معالم كل وجه في الصورة، رغم ازدحام مفرداتها، فالمدرّس مشغول بالقراءة من الكتاب، أما التلاميذ فكل واحد في وادٍ... قليلون منتبهون، وكثيرون لا يهتمون بالأمر برمته، وفي النهاية اللوحة تشير إلى انهيار التعليم، وعدم جدوى فلسفته الحالية. أما اللوحة التي تستحوذ على مساحة كبيرة في معرضه، فهي «محطة مصر»، وقد امتلأت بالبشر، سواء من يركبون القطار، أو من هم في انتظار قطار آتٍ... ومن عناوين لوحات المعرض: «المطعم»، «صلاح جاهين»، «الراقصة»، «قارئة الفنجان»، «عزبة القرود»، «المقهى»، «بائع العيش»، «المنشد»، «ابن البلد»، و«العمدة والزوجة الثانية».
من هذه العناوين ومن طريقة الرسم اختار صلاح عناني المدرسة التعبيرية، وعندما سألته عن سبب هذا الاختيار، أجاب: «التعبير هو الهدف الأسمى الذي تسعى إليه كل المدارس الفنية المختلفة في كل مجالات الإبداع الإنساني، وإذا اختزلنا رحلة تاريخ الفن البشري في كل مراحله قديماً وحتى وقتنا هذا، نجده تاريخاً لتعبير الإنسان عن نفسه بكل الوسائط، والطرق الممكنة مهما تعددت وتنوعت تلك الوسائط أو طرق صياغتها، فالمدارس التعبيرية تستمد آليتها بشكل خاص من طريق التواصل الإنساني، والذي بدوره يمنح الوجود الإنساني المعنى ويسهّل المسافات بين البشر والأجناس والثقافات. من هنا لجأت إلى المدرسة التعبيرية، لأنها تقربني كثيراً من النفوس البشرية التي أجيد التعبير عما في داخلها من مشاعر، فأنا أرسم أو أنحت، لأنني أبعث كياني من جديد، وأخترع أبطالي، وأجعلهم في اللوحة يعبّرون عن معاناتهم وأحلامهم».
الجدير ذكره أن صلاح عناني من مواليد القاهرة 1955 وتخرج في كلية التربية الفنية، وهو صاحب تجربة إبداعية كبيرة، ومن أشهر أعماله: لوحة «نجيب محفوظ»، ولوحة «مائة عام من التنوير»، ولوحته «100 سنة سينما»، وقد حصل خلال مسيرته على جوائز عدة، منها الجائزة الأولى لبينالي القاهرة الدولي 1998، جائزة جمعية الفيلم، ومهرجان القاهرة السينمائي عن ملصق فيلم يوسف شاهين «إسكندرية كمان وكمان»، وله العديد من المقتنيات في متحف الفن الحديث في القاهرة، دار الأوبرا المصرية، ومتحف أولم في ألمانيا.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078