رمضان هلّ هلاله... للمغرب ولبنان ومصر طقوس لاستقباله
تستقبل البلدان الإسلاميّة والعربيّة شهر رمضان بسعادة عارمة، وتبدأ التحضيرات له بدءًا من منتصف شهر شعبان فترصّع المساجد والشوارع والحارات بالزينة والفوانيس بهذا الشهر .
وهكذا يعمّ الفرح عند الصغار والكبار ... فكلهم يستعدون لاستقبال الشهر الفضيل . بيروت وطرابلس اللبنانية والقاهرة والرباط اختلفت تفاصيل العادات، والتقاليد، وتفرّدت كل واحدة من هذه المدن بتقليد خاص في استقبال رمضان، ولكن الجامع بينها هو التعبّد لله والصلاة، وسيادة الشعور بالسعادة مهما كانت طبقة الصائم الاجتماعية .
الرباط « عواشر مبروكة »
«عواشر مبروكة» بهذه الجملة يستقبل المغاربة شهر رمضان مهنئين بعضهم بعضًا في العشر الأخير من شهر شعبان، حيث ترتفع وتيرة الاستعدادات فتتنافس ربَّات العائلات على ترتيب البيوت قبيل شهر رمضان والحرص على تنظيف الأثاث والأوانى وغسل الأغطية التي في الغالب ما استعملت خلال الشهور الماضية، بل هناك من يسارع في إعادة طلاء غرف المنزل، وخصوصًا المطبخ ليبدو نظيفًا خلال شهر الصيام.
كما تقوم بعض العائلات المغربية بتغيير المفروشات، وبعض الأثاث، لأن في شهر رمضان يحرص المغاربة على تبادل الزيارات وتوطيد العلاقات.
من العادات التي اشتهر بها المغاربة في شهر رمضان عادة الاحتفال بالصوم الأوَّل للأطفال. فيشتري الأهل للولد والبنت اللذين يصومان للمرة الأولى ملابس اليوم الأوّل للصيام. وتتألف ملابس البنت من القفطان، وهو قطعة واحدة، أو التكشيطة التي تتكون من قطعتين، هما: الدفينة القطعة العلوية، والتحتية.
أما الأكسسوارات فهي تاج للرأس، وعقد من العقيق، وقُرط يسمَّى «النصاص»، وهو نوعٌ مغربي أصيل من الأقراط، مع الحنّاء لرسم نقوش على يديها.
أما الذكر المغربي، فيتلقى الجلباب، والسلهام وهو العباءة المغربية التي توضع فوق الجلباب، البلغة وهو النعل المغربي التقليدي، والجبادور، وهو لباس مؤلف من قطعتين، سروال وقميص، وسروال فضفاض، وسروال قندريسي، وأخيرًا الطربوش، وعادة ما يكون أحمرَ داكنًا.
في لبنان هكذا يستقبل البيروتيون والطرابلسيون رمضان
سيبانة رمضان هي عادة بيروتية قديمة لا تزال مستمرة إلى يومنا هذا. وتتمثل في اتفاق الأقارب والجيران على القيام بنزهة على شاطئ مدينة بيروت بعد صلاة العشاء، وتخصص لتناول الأطايب والمآكل في اليوم الأخير من شهر شعبان، ويمضون سهرات طويلة يترقّبون خلالها ظهور هلال شهر رمضان.
وكانت تسمّى «استبانة» بمعنى تبيان حقيقة حلول شهر الصوم، إلا أن أهالي بيروت حرّفوا الكلمة مع مرور الزمن إلى «سيبانة» تسهيلاً للفظها.
فيما تمتاز طرابلس ثاني أكبر مدينة لبنانية، بتقليد خاص في استقبال شهر رمضان حيث تقوم فرق من الصوفية قبل حلول الشهر بجولات في شوارع المدينة ويردّدون الأناشيد والمدائح النبوية لتحضير الناس، وتهيئتهم للصوم.
وفي الماضي، كانت المدينة تحتفل بقدوم رمضان قبل أسبوعين، حيث تبدأ التحضيرات له من جانب لجان تقوم بجمع بعض المال من الأهالي لوضع الزينة في شوارع الأحياء القديمة وأزقتها، وتنظيم دورات لتحفيظ القرآن الكريم، وكذلك تدريب الفرق الانشادية، ومن يقومون بمهمة المسحراتي على تقديم الجديد خلال الشهر.
في القاهرة وحكاية الفانوس الرمضاني
يشكّل الفانوس رمزًا خاصًا بشهر رمضان في مصر، فالمصريون هم أوّل من استعمله. وقبل رمضان ببضعة أيام، يبدأ كل طفل في التطلع لشراء فانوسه، كما أن الكثير من الناس أصبحوا يعلّقون فوانيس كبيرة ملونة في الشوارع، وأمام البيوت والشقق، وحتى على الشجر.
انتقل هذا التقليد من جيل إلى جيل ولا يزال الأطفال في القاهرة يخرجون إلى الشوارع في شهر رمضان وهم يحملون الفوانيس... ولاقتناء أطفال مصر فانوسًا رمضانيًا قصة تعود إلى الخليفة الفاطمي حين كان يخرج إلى الشوارع ليلة الرؤية ليستطلع هلال شهر رمضان، وكان الأطفال يخرجون معه ليضيئوا له الطريق وهم يحملون فوانيسهم، وينشدون أغنية «رمضان حلّو يا حلّو» تعبيرًا عن سعادتهم باستقبال الشهر الفضيل.
وهكذا بقيت الفوانيس تضيء الشوارع حتى آخر شهر رمضان لتصبح عادة يلتزم بها المصريون كل سنة، ويتحول الفانوس رمزًا للفرحة وتقليدًا محببًا في شهر رمضان.
وهناك قصة أخرى عن أحد الخلفاء الفاطميين أنه أراد أن يضيء شوارع القاهرة طوال ليالي شهر رمضان، فأمر كل شيوخ المساجد بتعليق فوانيس لتتم إضاءتها من طريق شموع توضع في داخلها.
وتروي قصة ثالثة أنه خلال العصر الفاطمي، لم يكن يُسمح للنساء بترك بيوتهن إلا في شهر رمضان، وكان يسبقهن غلام يحمل فانوسًا لتنبيه الرجال الى وجود سيدة في الطريق لكي يبتعدوا.
بهذا الشكل كانت النساء يستمتعن بالخروج وفي الوقت نفسه لا يراهنّ الرجال. وبعدما أصبحت للسيدات حرية الخروج في أي وقت، ظل الناس متمسكين بتقليد الفانوس حيث يحمل الأطفال الفوانيس ويمشون في الشوارع ويغنّون. شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024