دينامية ضائعة
أسباب إحباط الشباب في العالم العربي كثيرة، أبرزها غياب فرص العمل وضيق مساحات التأثير في المجتمع أو المشاركة في إحداث تغيير مهما كان حجمه أو إجهاض محاولات التغيير. يشكّل الشباب نسبة كبيرة في المجتمعات العربية الغنية بطاقات لا توجّه في الاتجاه الصحيح. ولعلّ الأنظمة التعليمية المتخلّفة هي إحدى أهم الأسباب التي تؤخر فرص بناء الشباب مستقبلهم في عالم يتغيّر كل لحظة. بين أربعة خريجين شباب يبقى شاب من دون عمل وإن كان حاملاً شهادة عليا. فما يدرّس في الجامعات لا يقترب من متطلّبات أسواق العمل. وعلى الشباب كي ينطلقوا في رحلتهم المهنية أن يقدّموا التنازلات أو أن يبدعوا أفكاراً جديدة. بعض هذه الأفكار مستوحى من تجارب تسمح مواقع التواصل بالاطلاع عليها. هذه النافذة على تجارب الغير ممن سبقوا في قطف النجاح المبني على الأفكار المبدَعة، هي إحدى أهم إيجابيات مواقع التواصل. كذلك تشجيع الشباب على القيام بالخطوة الأولى في مغامرة لم تعد مستحيلة، وعلى الإيمان بطاقة الإنسان وقدرته على الإبداع. كما تسمح هذه المواقع بإحساس بالتضامن بين هؤلاء الشباب، بأن تجاربهم متشابهة وبأنّهم جزء من تجربة كبرى. لكن هذا الشعور بالقوة يمكن أن يكون وهماً في حالات كثيرة، والتضامن الفايسبوكي ليس بديلاً للتضامن الحقيقي على الأرض وفي الواقع.
الانهيارات المتتالية على صعد مختلفة، أَمنيّة وسياسية واقتصادية، والحروب الشرسة التي نشهد عليها، تلوّن الغد بألوان لا تليق بأيام مَن هم في مقتبل العمر يحلمون، ويسعون إلى تحقيق أحلامهم. بعضهم يفضّل الانصراف إلى العالم الرقمي، إلى علاقات وهمية ينسجها فيه. البعض الآخر يختار التعبير عن السخط بالشعر أو الغناء، بالراب Rap على سبيل المثال كما نطرح في هذا العدد، وينسى شهادته الجامعية مكتفياً بعمل موقت حالماً بالهجرة.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024