تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

بلقيس: أمي حاربتني وهكذا تحديتها

يمنية من عائلة فنية، تحمل الجنسية الإماراتية، تصف نفسها بالمتمرّدة، وتليق بها صفة «حقيقية». خدمت بصوتها القضايا الإنسانية واكتشفت بزيارتها مخيمات اللاجئين، أن كل ما تملكه رخيص... كبرتْ موهبتها في ظلّ محاربة أمها لها، وعندما قرّرت علامة «بانتين» العالمية البحث عن شخص في منطقتنا العربية قادر على إحداث تأثير حقيقي، وتشجيع المرأة العربية لتتألق بقوة، ودعمها لتحقق العظمة الخاصة بها، لم تجد أفضل منها لهذه المهمة. غنّت أخيراً إلى جانب النجم الأوبرالي الإيطالي أندريا بوتشيلي وأدت في الملحمة الشعرية الغنائية «الفارس»، دور «شموس»، وتسأل الرحابنة: «ماذا بعد؟!». النجمة بلقيس في هذا الحوار...


- كيف وجدتْ بلقيس الشابة طريقها إلى شغفها؟
لاحظ والدي ميولي الفنية عندما كنت في السابعة من عمري، لكنه أصرّ هو ووالدتي على أن أكمل تحصيلي العلمي. كبرتُ وكبرتْ موهبتي معي وأحييت الحفلات المدرسية في ظلّ محاربة أمي لي... لقد كانت تردّد دائماً أنه ليس الطريق الذي تريدني أن أسلكه. إلاّ أنني إنسانة متمرّدة، تحدّيتها ونفّذت كل طلباتها، لكي أقنعها في النهاية بأن الفن طريقي! أرادت مني متابعة دراستي الجامعية لتحصيل شهادتي العليا، فحصلت على شهادة «الباكالوريوس» في اختصاص التسويق بدايةً، وسألتها إن كان الوقت قد حان لكي أغني، فقالت لي: «بعد نيلك شهادة «الماجستير» نقرّر...». لم يكن تحدياً سهلاً، وكنت أعاني حينها من عدم التقدير في المؤسسة التي أعمل فيها، في مجالَي العلاقات العامة والتسويق، فأنا أملك موهبة من شأنها أن تصنع مني أهم من أي موظفة إدارية في شركة. وبعد حصولي على شهادة «الماجستير»، واجهت أمي من جديد وقلت لها إنني نفّذت كل ما طلبته مني، كبرت ونضجت وأدرك اليوم مصلحتي، فوافقت أخيراً على دخولي المجال الفني، ويومها كانت البداية، في العام 2011.

- حاربتكِ والدتكِ لكنها كانت مقتنعة بجمال صوتك... صحيح؟
كانت مقتنعة لكنها خشيَتْ أن يسرقني الفن من دراستي ومن عائلتي. فأهل الفن يفتقرون في معظمهم إلى الأدب والأخلاق والتعليم والثقافة، ولكنها في النهاية كانت تقول: «أنا ربّيتها وواثقة بأنها لن تتغيّر». وما أثار قلقها حينها، هو أن والدي كان يشكو من هذا المجال في فترة من الفترات، وكانت تقول: «يكفي أن زوجي فنان، كمان ابنتي؟!».

- هل هي راضية عن خطواتك؟
أمي هي أكثر من يفتخر بي اليوم... تأكّدَتْ من أنني ما زالت ابنة البيت ولم أتغيَّر.

- فتح لكِ والدك الفنان أحمد فتحي باب الدخول إلى عالم الشهرة من خلال موّال وأغنيتين شاركتِ بهما في أحد ألبوماته، وكانت البداية... أخبرينا عن هذه المرحلة الانتقالية من حياتك. بعد كم من الوقت شعرتِ بأنكِ فنانة؟

بعد مرور عام كامل على إصداري أولى أغنياتي «هوى»، التي كانت Hit الموسم، أي عام 2012. فقد انتشر الكليب بشكل رهيب، وأدرك الجمهور الخليجي يومها أن فنانة جديدة اسمها بلقيس قد انطلقت فنياً. كانت تلك المرحلة انتقالية في حياتي، وجعلتني تلك الأغنية نجمة... فنجاحها أشعرني بأنني لم أعد الموظفة التي تختبئ يومياً خلف شاشة الكومبيوتر لتعمل، وأنني لم أعد الطالبة التي لم تكن تنام، التي كانت تشقى وتتعب لتثبت لنفسها وللناس أنها موهوبة... 

- أنتِ تتّبعين طريق الكثير من النجمات العالميات اللواتي شاركن في حملات إعلانية إلى جانب الأعمال الفنّية الاعتيادية. كيف وقع اختيار بانتين Pantene عليكِ، وما الذي يعنيه أن تكوني سفيرة للعلامة بعد نجمات مثل منى زكي وتوبا بويوكوستن ...؟
يتجذّر تعاوني مع «بانتين» في صميم إيماننا المشترك برحلة المرأة نحو التمكين وفي كونها تبدأ من قلب المسألة: عندما تكون المرأة قوية من الداخل، سينعكس ذلك في الخارج على صورة امرأة جميلة ومتألقة. ومنذ تأسيسها، حافظت «بانتين» على التزام صارم للتعاون مع الشخصيات المشهورة والمؤثرة لتطوير حياة المرأة الشابة بشكل إيجابي وتحفيز التغيير الحقيقي في المجتمع. وبالتناغم مع هذه المهمة، كانت «بانتين» تبحث عن شخص - من المنطقة - قادر على إحداث تأثير حقيقي، وتشجيع المرأة العربية لتتألق بقوة، والأهم من ذلك، دعمها لتحقق العظمة الخاصة بها. كيف؟ من خلال مواجهة المشاكل اليومية وإيجاد حلول لها. وبما أن هذا الدرس القيِّم كان بمثابة العنصر الأساسي للأخلاقيات الشخصية بالنسبة إليّ، فقد وقع الاختيار عليَّ بصفتي الشخص المناسب لهذه المهمة! واليوم، يشرّفني أن أتبع خطى العديد من السيدات المميّزات من صاحبات التأثير الكبير مثل منى زكي وتوبا بويوكوستن. وأنا فخورة بهذه المهمّة كوجه جديد لعلامة لا تعتلي الريادة في مجال تمكين المرأة فحسب، بل تلتزم بالمبادئ التي أتبناها في حياتي الخاصة، وتلبّي متطلبات العناية بشعري باستخدام حلول مبتكرة.

- بتعاونك مع «بانتين»، تدخلين عالم الجمال من الباب العريض. أنتِ التي تتبعك ملايين النساء على مواقع التواصل الاجتماعي وتفضّل أسلوبك الجمالي. ألا يُمثل هذا الأمر «هَوَساً» بالنسبة إليكِ؟
بوجود وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح من السهل أن تفقدي التركيز أو الاهتمام بما هو مهم وحقيقي، وما هو عكس ذلك. وشخصياً، أحاول التأكّد من ألاّ تركّز الأمور التي أقوم بنشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي على «هوس تجاه الطلّة»، وبدلاً من ذلك أحاول التحدث عن أهمية أن تتمتع المرأة بالثقة بنفسها وأن تقدّرها بقوة. أريد أن يفهم جميع متابعيّ - وهم في معظمهم شابات عربيات يبحثن عن شخصية تكون قدوة لهنّ - أن الجمال الحقيقي من الداخل: عندما تكون المرأة قوية من الداخل، سينعكس ذلك في الخارج على صورة امرأة جميلة ومتألقة. وقد اخترت التعاون مع «بانتين» لأسباب عدة أولها: نحن نعمل معاً لبناء القوة الداخلية للمرأة العربية، وزرع الثقة فيها، والتعامل مع المشاكل التي تواجهها عندما يتعلّق الأمر بالتمكين... وأن ابتكارات «بانتين» الملهمة تعكس هذه الرؤية بشكل مباشر، بحيث يمكن التركيبات الثورية في مجال العناية بالشعر أن تساعد المرأة على تقديم أفضل ما لديها، لتتخلص من أي شكوك قد تراودها، وأي مخاوف قد تشعر بها خلال المسيرة التي تخوضها لتحقيق شغفها.

- تظهرين في إعلان دعائي لإحدى علامات المشروبات الغازية إلى جانب رامي صبري بإطلالة عصرية وماكياج هادئ، مع شعر قصير وتسريحة مموّجة وجميلة. إلى أي مدى تهتمين بمظهرك؟
يتطلّب مني عملي التغيير في مظهري بين الحين والآخر، وتتنوّع إطلالاتي بين الكليبات والأفراح والمهرجانات والإعلانات، إذ لا يمكن أن أطلّ بنفس الشعر والماكياج في كل مكان. الصورة رسخَت في أذهان الناس، وهم يدركون كم يبلغ طول شعري، لذا فوجئوا بظهوري بالشعر القصير في الإعلان، علماً أنني لم أقصّه، ولن أفعل... فالشعر الطويل يمنحني الحرية في اختيار التسريحات.

- كيف تهتمّين بشعرك؟
أتناول المكمّلات الغذائية وأقصّ أطراف شعري بين الحين والآخر، ولا أصبغه سوى مرة في السنّة لئلا يتعب. كما أستخدم بديل الزيت من «بانتين» باستمرار، فقبل أن أمضي معهم، عرضوا عليَّ تجربته، وهو مستحضر تضعينه على شعركِ المبلول، ومن ثمّ تصفّفينه بـ «السيشوار» أو «الفير». جرّبت المنتج وأُعجبت بنتيجته، ولهذا السبب مضيت مع الشركة، ولم أوقّع فقط لأكون نجمة إعلاناتهم...

- ما هو سر جمال الفتاة برأيكِ؟
الشعر تاج المرأة... وبالنسبة إليَّ، الجمال الداخلي والطاقة الإيجابية ينعكسان إيجاباً على وجه المرأة وينوّرانه. ولكي يدوم جمالكِ، أبقي أخلاقكِ عالية مع الناس وعامليهم بطيبة، وانشري السعادة في أرجاء المكان الذي تتواجدين فيه، واجعلي الكل يحبّك... عندها سيرونك جميلة.

- ما هي نصيحتكِ الجمالية للنساء؟
ممارسة الرياضة، فزيارة النادي الرياضي تلعب دوراً كبيراً في التأثير في نفسيّة المرأة، إذ تمنحها طاقة إيجابية وسعادة طول اليوم وتجعلها تهتّم أكثر بنفسها.

- أعلنتِ عبر حساباتك الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي أنكِ ولمدة شهر ستتبعين نظاماً غذائياً صحياً، بالإضافة إلى ممارستك التمارين الرياضية بشكل يومي. هل التزمتِ بذلك فعلاً؟
التزمت بهذا النظام في ذلك الشهر، وأجريت التمارين الرياضية وتشاركتها لحظة بلحظة مع المتابعين عبر تطبيق «سناب تشات»، وهو بالمناسبة منتشر بشكل رهيب في الخليج، وقد طغى على «انستغرام» و«تويتر». عيّشتهم معي تفاصيل يومية، حيث كشفت لهم ماذا يأكلون وما هي التمارين التي يجب عليهم القيام بها، وأسديت إليهم نصائح في الصحة، وقلت لهم بأنني لست مرشدة غذائية، وأنهم بحاجة إلى زيارة طبيب مختصّ، فطبيعة الأجسام تختلف، ولكنني عرضت عليهم أشياء عامة اكتسبتها من خبرتي.

- من أين أتيتِ بالمعلومات الغذائية والرياضية؟
تربطني صداقات بمدربين رياضيين وأطباء، ومنهم استقيت معلوماتي... أسألهم وأتشارك تعليماتهم مع متابعيّ. 

- هل بإمكانك تمضية يوم كامل بدون Snap chat وInstagram وباقي التطبيقات؟
يوم واحد ليس أكثر! لقد أصبحت هذه التطبيقات جزءاً من حياتنا كفنانين وأناس عاديين، فمنهم من يهتم اليوم بـ «السوشال ميديا» أكثر من اهتمامه بعائلته، وهنا تكمن المشكلة، وتسمّى إدماناً... لا أعلم من نفّذ بنا هذا «الضرب»... (تقول ممازحة).

التمثيل

- تتناولين في كليبك «التاج» قضية الطلاق التي أصبحت شائعة في مجتمعنا اليوم، وتتوجّهين فيه إلى كل امرأة عانت الخيانة من جانب شريك حياتها. إلى أي مدى تتأثرين بالأدوار التي تؤدّينها؟
كتبت أغنية «التاج» شاعرة خليجية اسمها وشم ولحّنها فايز السعيد، وهي من ألبومي الأخير «زي ما أنا»، وقد صوّرنا الكليب في محكمة في الكويت، وهو مستوحى من قصة حقيقية لمدرّسة تعرّضت للخيانة من أقرب صديقاتها. استعرضنا قضية الخيانة في الكليب، وسردتُ الحوار الذي كان يدور بين الضحية وصديقتها الخائنة، وقد بَكت صاحبة القصة حين شاهدت العمل، وشكرتني وقالت لي إنه ما أرادت قوله بالتحديد، ومثلها الكثير من السيدات. في كليباتي أتأثّر بدرجة كبيرة، خصوصاً في موقع التصوير. فأنا أطلب من المخرج تزويدي بالسيناريو قبل التصوير بمدّة، وأقف أمام مرآتي لكي أتدرّب. وفي يوم التصوير، أختلي بنفسي للحظات، لأراجع ذاكرتي وأتحكّم بمشاعري. وفي آخر تجاربي في عالم الكليبات «التاج»، تذكّرت ماذا قالت لي تلك السيدة وكيف روت لي قصّتها الأليمة، وكيف كانت تعابير وجهها، وبدأت بالبكاء، طالبةً من المخرج خالد الرفاعي أن يصوّر المشاهد بسرعة. فأشاد بموهبتي وقال يومها إنني ممثلة عظيمة...

- هل ترين نفسكِ ممثلة عظيمة؟
أرى نفسي ممثلة مبتدئة، أتلقّى دروسي التمثيلية في أهم المدراس... مدرسة الرحابنة.

- شاركت في عمل رحباني جديد إلى جانب الفنان غسان صليبا ومجموعة من الممثلين اللبنانيين والإماراتيين، وأديت دور بطلة مسرحية «الفارس» اللبنانية- الإماراتية. كيف تمّ التعاون وكيف وجدتِ الأصداء؟
تلقّيت اتصالاً من مخرج العمل مروان الرحباني، وقال لي إنه يريد أن يحدّثني في موضوع هام جداً، وبمجرد سماعي كلمة «الرحباني»، «ما ادري شو حسّيت...»، فلطالما حلمت بالعمل مع هذه العائلة الفنية العريقة، صاحبة التاريخ الفني الكبير، فهم أعظم من عمل في المسرح الغنائي في الوطن العربي. لقد درسوني قبل أن يتحدّثوا إليّ، وربما اكتشفوا فيَّ شيئاً لم أكتشفه بنفسي... أديتُ في هذه الملحمة الشعرية الغنائية التي استُلهمت من حوالى 30 قصيدة من القصائد التي نظمها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، دور «شموس»، حيث جرى نسج قصة «الفارس» بمداد من تلك القصائد، بينما أشرف على إتقاننا نطقها بالأسلوب الصحيح كممثلين، الشاعر الإماراتي سيف السعدي، وتولّى صياغة النص المسرحي كل من غدي الرحباني ومؤيد الشيباني. وببراعة فنية، تولى الإخراج الفنان مروان الرحباني.
تضافرت جهودنا لنصدّر للعالم فنّاً وشعراً بدلاً من الإرهاب، وحاولنا من خلال المسرحية أن نرتقي إلى ذائقة المجتمع العالمي. وقد شارك في إعدادها فريق عالمي يضمّ أكثر من 800 فنان وعارض وخيّال وموسيقي وتقني يمثلون ما يزيد على 30 جنسية مختلفة، بالتعاون مع فريق من الكوادر الوطنية الشابة التي اجتهدت لتقديم أفضل ما لديها ليخرج العمل بأبهى صورة، حيث عكس هذا المزيج الثقافي المميّز روح مجتمع دبي المتنوع والمتناغم.

- هل تردّدتِ في خوض هذه التجربة لكونكِ تفتقرين إلى الخبرة المسرحية؟
أبديتُ موافقتي بمجرّد لقائي مروان رحباني، ولم أخفِ عليه أنني لم أمثّل يوماً على خشبة المسرح، فقال لي: «سأجعل منكِ ممثلة بارعة، شرط أن تلتزمي معنا». قصدت بيروت وخضعت لجلسات تمثيل مكثّفة مع غدي ومروان. وفي فترة بسيطة تعلّمت الكثير، من الحضور والإلقاء إلى التعبير بالوجه وإيماءات الجسد... أمور لن أنساها في حياتي. كما أن الوقوف إلى جانب غسان صليبا، الفنان الذي يملك 20 سنة من الخبرة مع المسرح الرحباني، ليس سهلاً. اليوم أنا التي تسأل الرحابنة، ماذا بعد؟!

- خدمتِ القضايا الإنسانية الهامة بصوتكِ وزرتِ مخيمات اللاجئين اليمنيين في جيبوتي أخيراً. أخبرينا عن أثر هذه الزيارة في نفسكِ.
الزيارة كانت بالغة الأثر... جعلتني أشاهد الحياة من منظور ثانٍ، منظور مغاير لعالم الفنادق ذات النجوم الخمس وبطاقات سفر الدرجة الأولى، وفساتين المصممين العالميين، والبوفيهات الفاخرة، والمكيّفات التي تنقذنا من الحرّ. رأيت الحياة من منظور جعلني أسترخص الدنيا... شعرت بأن كل ما أملكه رخيص. تأثرت كثيراً حين صادفت أطفالاً ونساءً ورجالاً لا مأوى لهم، هناك في الصحراء، حيث درجة الحرارة 50 مئوية، لا يمكلون أحذية ويمشون حفاة على التراب الذي يحرق أرجلهم من شدة الحرّ، جلدهم مهترئ ويعانون أمراضاً، ومعوناتهم تُسرق... رسالتي إلى من يريد العودة إلى الأرض بعدما «طار وصدَّق نفسه»، أن يذهب للقاء هؤلاء الناس! فأنا أريد أن أزور هذه الأماكن بين الفترة والأخرى، لأدرك معنى الحياة.

- هل يمكنك التخلي عن العزّ الذي تعيشين فيه؟ وهل يمكن أن ترتدي من محلات ليست عالمية؟
بسهولة... فأنا ما زلت أتسوَّق من تلك المحلات المتواضعة، ذلك أنني أرتاح فيها. عالم الشهرة زائف وأحاول جاهدة أن أجعله حقيقياً. فعندما أرتدي كنزة تلبسها مئات الفتيات من حولي، أفرح لأنني فتاة عادية مثلهن. وهو ما جذب «بانتين» إليَّ، إذ وضّحوا لي أنهم يريدون أن يكون الوجه الإعلاني للشركة إنسانياً، فالغرَض ليس تجارياً فقط، وقد اتّفقت معهم على إحياء جولة فنية في الوطن العربي، سيعود ريع جزء منها لخدمة النساء العربيات في مختلف القضايا... من اللاجئات إلى المعنّفات والمغتصَبات.

- يعني أنكِ وجدت نفسكِ مع «بانتين». مشروع جمالي تجاري يحمل قضية إنسانية!
اقتنعت بهم دون سواهم لأنني كنت أبحث عن العلامة الأهم التي تضيف لي وأضيف إليها. ويهمّني أن يقولوا في نهاية العقد، «الله يرضى عليها»، ساهمت في مساعدتنا وحقّقنا معها نجاحات، أكثر من كونها جميلة.

- تعرّفين عن نفسكِ في «تويتر» قائلة: «أسعى للوصول إلى سدة الحكم الفني مستقبلاً...». ماذا تقصدين بذلك؟
جيلنا طموح ويسعى أن يكون الأفضل، وأنا أطمح للوصول إلى سدّة الحكم، وأقصد بذلك أن أكون نجمة صف أول، نجمة عربية مهمة، لا نجمة خليجية فقط. هذا هو الحكم الفني برأيي.

- شاركتِ في مهرجان الموسيقى العربية في دار الأوبرا المصرية برفقة صابر الرباعي، كيف كان طعم الغناء على هذا المسرح العريق؟
جمهور دار الأوبرا المصرية أكثر جمهور متذوّق للفن، ينظر إليكِ بعين الناقد، وهو ما أثار فيّ الرهبة. في العادة لا أرتبك، يرتفع الأدرينالين لديَّ عندما أصعد إلى المسرح، ويرافقني شعور بالحماسة، لكوني أخوض مغامرة جديدة، مستعدّة لها وأحبها. أما في دار الأوبرا، فشعرت بأنني سأبكي، على الرغم من أنني كنت مستعدّة وواثقة من صوتي. أجمل ما في الجمهور المصري أنه لا يلتفت إلى الاسم بل إلى الصوت، وهذا ما حصل معي. فالأغلبية لم يعرفوا من أكون، عرّفت عن نفسي وبدأت الغناء، ولا تتخيّلي كيف كان التفاعل... صفّقوا لي بشدة رغم أن جمهور دار الأوبرا لا يصفّق كثيراً. تقبّلني الجمهور وتفاعل معي، وشعرت بأن حفلة دار الأوبرا كان لها أثر كبير في مسيرتي.

- هل ستغنين مجدداً في مصر؟
ما زلت في أول المشوار، وإن نجحتِ في مصر ولبنان، يعني أنكِ نجحتِ في كل الوطن العربي. أركّز على هاتين المنطقتين، وأسمع حالياً أغنيات باللهجة اللبنانية، وأخرى باللهجة المصرية لكي أغنّيها في الفترة المقبلة.

- سمعنا أن بإمكانك غناء الأوبرا وبأربع لغات!
أغني باللغات: الإيطالية والفرنسية والإنكليزية والعربية. وقد أدّيت في دار الأوبرا المصرية أغنية أوبرالية من ألبومي الأخير، غنّيتها بطلب من والدي، وقد أحببت أدائي لها وأُعجب الناس بها.

- تشيد بموهبتكِ دائماً نوال الكويتية، وأصالة وأحلام قالتا كلاماً جميلاً عنك، بمن تأثّرت من الفنانات؟
فنياً، أحترمهن جميعاً، ولن أنسى وقفة أصالة معي، فقد أشادت بموهبتي وتحدّثت عني كثيراً في المؤتمرات الصحافية الخاصة ببرنامجها «صولا» في أجزائه كافةً. أحبها كإنسانة ومتأثرة بها منذ صغري. أقلّد صوتها وحركتها وأجد نفسي فيها، واكتشفت أنها هي نفسها التي تخيّلتها منذ صغري، لم تصدمني. كما تأثّرت بذكرى وأنا صغيرة. أما اليوم فلست متأثّرة فنياً بأحد، أتأثّر بالحياة العائلية والأخلاقية للفنانات، وأبرزهنّ نوال الكويتية وأحلام، كيف وفّقتْ كل منهما بين فنّها وزواجها وأولادها وحياتها الخاصة. اكتشف أن الفنانة ما زالت قادرة على بناء عائلة ناجحة، علماً أن الفنانات الكبيرات جميعهن يعشن حياة عائلية سليمة. أما الدخيلات على الفن، فهنّ اللواتي يتخبّطن في الحياة. وأنا أحلم اليوم بأن أصبح أماً ومؤسسة أسرة، وفي الوقت نفسه امرأة ناجحة على المستوى الفني.

- هل تعيشين قصة حب؟
نعم.

- هل هو من داخل الوسط الفني؟
لن يكون من الوسط الفني! فبعد تجربة مريرة، أفضّل أن أنأى بحياتي الخاصة عن الإعلام والناس قدر الإمكان، فاسمها «خاصة»!

- هل يحزّ في نفسكِ أنكِ متواجدة إعلامياً ومعروفة جماهيرياً في دول الخليج أكثر من بلدك الأم اليمن؟
صحيح أنني من مواليد دولة الإمارات وأملك الجنسية الإماراتية وولائي لهذا البلد العظيم الذي أعطاني ولم يأخذ مني، ولكنني أفتخر بالحديث عن أصلي، فلا أنساه ولا أنسى الناس الطيبين الذين يعيشون فيه. وألمس من خلال الـ «سوشال ميديا» أنني أملك جمهوراً يمنياً، وهم يعاتبونني لأنني لا أزور اليمن. البلد يعيش حرباً وأريد أن أجمعهم لا أن أفرّقهم، فهم مفرّقون اليوم، وعندما يجتمعون على كلمة واحدة سيسود الأمل والأمان، وسأكون أول من يعود ويحيي الحفلات بينهم، وأؤكّد لكِ أنني إن أقمت غداً حفلة في اليمن، فلن يحضرها أقل من 80 ألف شخص.

- كيف هي علاقتكِ بالفنانة اليمنية أروى؟ هل من تواصل بينكما؟
خلال السنوات الأربع التي أمضيتها في المجال الفني، لم ألتقِها يوماً.

- ألم تجتمعا في أي من برامجها؟
لا، فهي لم تدْعُني!

- هل تعتبين عليها؟
لا، على العكس، إنه برنامجها وهي حرّة في أن تستضيف من تريد. هي صاحبة القرار، تدعو من تشاء وتتجاهل من تشاء، مثلها مثل وفاء الكيلاني ونيشان أو أي مقدّم برنامج حواري آخر. من يحبّ استضافتي بما يلائم جدول مواعيدي، أنا في الخدمة، وإن لم تأتني الدعوة، فلن أسأل.

- ما هي رسالتكِ إلى أبناء بلدك اليمن؟
«الله يجمعكم على كلمة واحدة»، فالتفرقة ضعيف...

 

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077