ابني متفوّق... ولكن ماذا عن مهاراته الاجتماعية؟
تبدو هدى سعيدة بتفوّق ابنها الدراسي، فهو لا يخرج من غرفته قبل أن ينجز كل فروضه، ولا يكترث للخروج في نزهة مع أصدقائه، ولا يقوم بأي نشاط رياضي أو فني خارج الصف، فالمدرسة والفروض هي كل محور حياته.
لا يختلف اثنان على أن تفوّق التلميذ أمر يسعد الأهل ويفخرون به، ولكن هل يكفي أن يمضي التلميذ وقته في المذاكرة، والعمل على تنمية قدراته التعلمية فقط؟ يجيب اختصاصيو علم نفس الطفل والمراهق أنه بالطبع لا، بل يجب أن يواكب ذلك تنمية قدراته الاجتماعية أيضًا، إذ إن التفوّق الدراسي لا يكفي وحده ليكون ناجحًا اجتماعيًا وعمليًا في المستقبل.
أما المهارات الاجتماعية فهي
مهارة اللباقة: الابتسامة، التحية، المبادرة والقيام بالخطوة الأولى، دعوة الأصدقاء وتلبية دعوتهم، والاهتمام بالنظافة الشخصية، وهذه مسألة أساسية، فإذا كان الطفل نظيفًا ورائحته زكية، يلفت نظر أقرانه، ويعملون على التقرب منه.
مهارة التواصل: حسن الإصغاء إلى الآخر، وحسن التكلم مع الآخر، طرح الأسئلة، والإجابة عندما يُسأل، اقتراح ألعاب أو نشاط، التوجه إلى الآخرين ودعوتهم.
مهارة التعبير عن المشاعر: تحديد المشاعر والتعبير عنها بوضوح، استقراء مشاعر الآخرين من تعابير وجوههم وحركة جسدهم.
مهارة السيطرة على الذات: إدارة العواطف، انتظار الدور، قبول الرفض، تحمل الإحباط، التهدئة، السيطرة على السلوك السيئ، التكيف مع التغيير، اتخاذ المكانة الوسطى، واحترام ممتلكات الآخرين.
مهارة حلّ المشكلات: تحديد المشكلة التي يواجهها وإيجاد الحلول لها، وضع اختيارات بنّاءة، ووضع الحلول موضع التنفيذ،وتقييم النتائج المترتبة على الأفعال، وإدارة الصراع في الوقت المناسب.
مهارة تطوير التقييم الذاتي: أن يعرف الطفل مكامن القوة في شخصيته، وتطويرها، الطلب من الآخرين وفق الحاجة، ومقاومة ضغط الأقران، ولا سيما في سن المراهقة.
التواصل مع الآخرين
إن أولى المسائل التي على الأهل تعليمها لأطفالهم، كيفية التواصل مع الآخرين بشكل جيد. في البداية عليهم منح الابن الحرية في المبادرة، بوضعه في مواقف أو أماكن يوجد فيها أطفال من مختلف الأعمار.
وهكذا ينفصل قليلاً عن عائلته التي اعتاد التحاور والتواصل معها تلقائيًا، وعليه أن يخرج من المنطقة الاجتماعية المريحة بالنسبة إليه.
فمن البديهي ألا يشعر معظم الأطفال الصغار بالراحة عندما يكونون في مكان عام مزدحم بالناس. فبعضهم يكون خجولاً ومنطويًا على ذاته، ولا يكون اجتماعيًا مثل بقية أقرانه في الصف أو في الحضانة، الذين يكونون اجتماعيين بالطبع. ولكن بالنسبة إلى جميع الأطفال، فإنّ أسس التواصل الاجتماعي هي نفسها، ويمكن تطويرها وبلورتها وتعزيزها بمساعدة الأهل.
ويلي هذه الخطوة تعليم الطفل آداب الحديث واللباقة الاجتماعية. مثل إلقاء التحية، الابتسامة، عدم انتزاع الأشياء من أيدي الآخرين، عدم دفع أقرانه، وانتظار دوره في الكلام. فالالتزام بمعايير اللباقات الاجتماعية يساعد الطفل في تكوين علاقاته الاجتماعية الأولى بشكل رائع. فالطفل يتعلم تلقائياً الاندماج مع الأطفال الآخرين أثناء اللعب.
ولكن كي لا يدخل في مشادات أثناء لعبه في المرة الأولى مع الأطفال الآخرين، على الأهل تعليمه معنى المشاركة، فتشجيعه على دعوة الأقران للعب معه، من المبادئ التي تساعده في بناء علاقات صداقة جميلة.
ولمساعدته على إيجاد مكانته بين المجموعة، عليه إدراك أن الآخر هو آخر، وأن لكل إنسان شخصية فريدة، وبالتالي فهو يختلف عن هذا الآخر بالتصرف والرغبات التي يجب قبولها كما هي. وفي المقابل، على هذا الآخر احترام رغباته. وهكذا فالحياة ضمن الجماعة تتطلب بعض التنازلات والتخلّي عن الأنانية إلى حد ما.
فإذا كان صديق الطفل مثلاً لا يحب اللعب بالكرة، فربما لديه رغبة في اللعب بالسيارة مثلاً. لذا على الأم أن تؤكد لطفلها أنه كائن مستقل وكذلك صديقه، وأن لكل منهما مكانته ورغبته وهوايته، فإذا كان الصديق لا يريد اللعب، عليهما أن يجدا رغبة مشتركة بينهما. وبذلك يتعلّم الطفل كيف يحترم رغبات الآخرين من دون أن يفقد مكانته بينهم.
وهذه القواعد تكتسب قبل دخول الطفل إلى المدرسة، وهي تساعده في إدارة تفاعله مع الأقران بشكل جيد طوال سنواته الدراسية، ولاحقًا في مستقبله العملي.
السيطرة على العواطف وإدارتها
يبدو تحديد المشاعر والتجرؤ على التعبير عما يشعر به الطفل من الأمور التي يصعب عليه تعلّمها، فهذا صعب على الراشدين، فكيف بالصغار! ومع ذلك من المهم تفهم ما يشعر به.
لذا من الضروري أن تشجع الأم طفلها على التكلم عما يشعر به، الألم أو الحزن أو الغضب أو الفرح أو الحنين أو الضجر. فعندما يدرك مشاعره وانفعالاته التي تنتج منها، يتعلم كيف يسيطر عليها، ويتعرف عليها عند الآخرين، مما يساعده في معرفة كيف يتصرف تجاه أفعالهم وفهم تعابير وجوههم.
السيطرة على الذات
من الضروري أن يدرك الطفل صفاته المميزة وكيف أنها تساهم في تعزيز احترام الآخرين له. فاللباقة في التحدث، وتميزّه بمهارة ما، رياضية أو فنية، يسهّلان عليه الاندماج مع المجموعة، شرط أن يتعلّم في الوقت نفسه تجنب التفاخر، فهذا قد يجعل الآخرين ينفرون منه.
لذا فإن تعليم الطفل عدم تحطيم الأشياء من حوله إذا ما رُفض له طلب، أو عدم الصياح أمام الخاسر، هو أيضًا مهارة اجتماعية يجب أن يكتسبها الطفل. قد يبدو في الأمر تناقض بالنسبة إليه، لأن الأم تحاول الشرح له أنه يجدر به التعبير عن مشاعره وكبتها في آن، ولكن في إمكانها تعليمه إرشادات لكي يقوم بذلك في شكل صحيح.
أن يأخذ نفسًا عميقًا قبل أن يقول لأحدهم بأنه أغضبه، وتعليمه كيف يهدأ، وكيف يمكن أخذ مكانه وإن أزعجه ذلك، كيف يمكنه التكيف مع التغيرات، كيف يمكن السيطرة على التصرفات السيئة، وكيف يجدر به احترام ملكية الآخرين... وهذه طرق جيدة تعلمه السيطرة على انفعالاته وتساعده في بناء علاقات اجتماعية يسودها السلام والمودة.
احترام الاختلاف
لتجنب المفاجآت والتوترات، على الأهل أن يفسّروا لابنهم أن الناس لا يتصرّفون مثل بعضهم، فلكل إنسان سلوكه الخاص. وبالتالي لا يتصرف الجميع مثله.
يجد أصدقاء رائعين، ولكن ايضًا هناك أطفال يجب تجنبهم في ملعب المدرسة، وثمة آخرون مختلفون تمامًا عنه. إذ لا يمكن أن يكون صديقًا مع الجميع، ولكن يمكن ان يكون لطيفًا مع الكل.
حل النزاعات بالأسلوب السلمي المرن
تعلّم الأسلوب الصحيح في حلّ النزاعات منذ الطفلولة مهارة تؤثر في الإنسان مدى الحياة. وتعزيز ثقة الطفل بنفسه وكيف يدافع عن حقّه بأسلوب التفاوض، من أسس تعلّم حلّ النزاع بشكل عقلاني ومن دون ضغينة.
لذا، فإذا حاول أحدهم الاعتداء على الطفل أو أخذ أشيائه بالقوة، عليه محاولة التحدّث معه ليفهم السبب وراء هذا التصرف، مثلاً إذا أقدم أحد الأقران على أخذ طابته بالقوة، يمكن أن يبادر الطفل بالقول له بعد الشجار: «أقدّم لك طابتي إذا كنت فعلاً تريد اللعب معي».. أما إذ تعنت الطفل الآخر في موقفه، عليه التحدث عندها إلى راشد مسؤول.
تعلّم فهم الآخرين
يخوض التلميذ الكثير من المسائل في المدرسة والتي قد لا تعرف عنها الأم شيئًا، ولكن من وقت إلى آخر يسرد لها أحداثًا توتره أكثر من أقرانه. وهذه تكون فرصة جيدة للتحدث إلى الطفل عن امتيازاته وما عليه أن يعمل على تحسينه، فكلما عرف الطفل قدراته، كان أكثر طمأنينة وثقة بنفسه ولن تؤثر فيه الأحداث، ويصبح أقل تشوشًا وفي إمكانه السير قدمًا نحو مسائل أخرى.
إدارة الصراعات وحده مع حمايته إذا كان الشجار عنيفاً
من الضروري أن يعرف الطفل أن والدته أو والده سيقفان إلى جانبه ويحميانه إذا ما تعرض لمشكلة كبيرة. ولكن في الوقت نفسه، عليه تعلم كيف يتدبر أموره ويفضّ المشكلة البسيطة. أما إذا تعقّدت المشكلة معه فيمكن الأم أن تقترح على طفلها اصطحابه للقاء خصمه لإيجاد تفسير لما حدث، والاعتذار عن سوء الفهم الذي حدث بينهما.
كما على الأم تذكير طفلها بأنه إذا تعرّض لمشكلة في المدرسة أو النادي الرياضي، عليه ألا يتردد بطلب مساعدة المعلمة أو المدرّب للتحكيم بينه وبين الطفل الآخر الذي تشاجر معه.
ويشدّد الاختصاصيون على ضرورة أن يدرك الأهل أن الطفل يمرّ أحيانًا بمراحل فراغ بحيث لا يريد أحد اللعب معه أو التحدث إليه. وهذه المراحل مؤذية جدًا بالنسبة إلى الأهل، لأن ليس في مقدورهم التدّخل في ما يحدث في الصف، وفي الوقت نفسه يخشون أن يكون ابنهم وحيدًا وحزينًا. ولكن عليهم أن يعرفوا أن أطفالاً كثرًا يمرون بمرحلة غياب شعبيتهم، وهذه ليست إلا مرحلة عابرة.
الأكثر قراءة
إطلالات النجوم
فُتحة فستان ليلى علوي تثير الجدل... والفساتين...
إطلالات النجوم
مَن الأجمل في معرض "مصمّم الأحلام" من Dior:...
أخبار النجوم
يسرا توضح حقيقة خلافاتها مع حسين فهمي
أكسسوارات
تألّقي بحقيبة الملكة رانيا من Chloé... هذا سعرها
إطلالات النجوم
الـ"أوف شولدر" يغلب على فساتين نجمات الـ"غولدن...
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024