مع العارضة العالمية إليزا صيدناوي في مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان: كفى علينا أن نبدأ من مكان ما
في زيارتها إلى لبنان بهدف الاطلاع على أحوال اللاجئين السوريين في المخيمات، تخلّت الممثلة وعارضة الأزياء الإيطالية إليزا صيدناوي عن قفّازات الشهرة والنجومية، ودخلت إلى خيم اللاجئين، محترمة طقوسها، فخلعت حذاءها وجلست على الأرض واستمعت إلى قصص نساء يعانين مرارة الحرب والتهجير. وبكل جوارحها حضنت السيدة العجوز التي أقعدها المرض، ومازحت الطفلة الصغيرة، ولقّبتها «أم عيش» فيما نامت بين يديها رضيعة بكل طمأنينة. أما قصة السيدة «ماهية» فجعلتها تبكي إلى حد الاختناق. «أن تسمعي عن المأساة وتشاهديها على التلفزيون شيء، وأن تكوني أمامها وجهًا لوجه، تلمسينها بكل حواسك تجربة قاسية تجعلك تشعرين بالعجز في محيط من المآسي». هكذا كان تعليق إليزا عندما سألتها عن دموعها التي لم تستطع حبسها. مواقف لم تكن عارضة الأزياء الإيطالية تتوقع أن تواجه قسوتها، رغم أنها كانت تدرك تمامًا حقيقة الوضع. زارت مخيمات اللاجئين في لبنان، بهدف دعم المفوضية السامية للأمم المتحدّة لشؤون اللاجئين، من جهة، ولاختيار عدد من العائلات بهدف استقدامها إلى إيطاليا وبريطانيا وتقديم الرعاية اللوجستية لإعادة توطينها في البلدين الأوروبيين. «لها» رافقت إليزا صيدناوي أثناء جولتها على مخيمي بلدتي بتوراتيج وشكّا في محافظة لبنان الشمالي، وكان معها هذا الحوار.
- هذه زيارتك الثانية للبنان والأولى لمخيمات اللاجئين السوريين، لماذا اخترت المخيمات الموجودة في لبنان؟
اخترت القدوم إلى لبنان أولاً لأنها مهمتي الأولى مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR. فأنا مهتمة بأن أرى على أرض الواقع ماذا يحدث في بلد مجاور لسورية، فُرض عليه التعامل مع الأزمة السورية واستقبال أعداد كبيرة من النازحين الذين باتوا يشكلون حوالى ثلث تعداد سكانه، وهو لم يختر ذلك. وتاليًا لبنان بالنسبة إليّ بلدي الثاني وعلاقتي به وطيدة، فجدّي يعيش هنا، ووالدي نشأ في لبنان، لذلك أشعر بانتمائي إلى هذا البلد.
- لأي هدف تزورين المخيمات؟
تعاوني مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR سببه تقديم الدعم المعنوي الى هذه المؤسسة التي تقوم بعمل رائع، في دعم اللاجئين. بعض الأشخاص قد ينتقدون عملها، ولكنها في الواقع أول من استقبل اللاجئين وحاول إرشادهم إلى الاتجاه الصحيح، وعرّفهم على خياراتهم، مثلاً تسجيل الولادات، العناية الصحية... فضلاً عن أنها تحفظ كرامتهم من خلال تقديم مساعدات برنامج منظمة الغذاء العالمي، إذ أعطتهم بطاقة حسابية لتشعرهم بحرية اختيار قوتهم اليومي. وهؤلاء الناس هم في النهاية بشر يريدون أن يشعروا بأنهم لا يزالون موجودين، ولديهم القدرة على إدارة حياتهم الخاصة. وبقدر ما أرى المشكلة وألمسها على أرض الواقع، تتضح الأمور لديّ أكثر عما يمكن بدء العمل به مع المفوضية السامية من طريق تمكين هؤلاء الأشخاص. إذ يمكننا أن نكون أكثر فائدة وأكثر نشاطًا تجاه اللاجئين والأزمات الإنسانية التي نشهدها. هناك العديد من الطرق الأكثر سهولة لتقديم الإغاثة.
والسبب الثاني بصفة خاصة، تسليط الضوء وتوضيح الصورة لإعادة التوطين من خلال الرعاية الخاصة، إذ أعمل مع مجموعة من الأصدقاء في بريطانيا، على استقدام عدد محدود من العائلات السورية النازحة إلى إيطاليا أو بريطانيا، وتقديم كفالة خاصة لها، لإعادة توطينها في هذين البلدين الأوروبيين.
- رأيت دموعك عندما كنت تستمعين إلى معاناة «ماهية» النازحة السورية؟
أن تسمعي عن المأساة وتشاهديها على التلفزيون شيء، وأن تكوني أمامها وجهًا لوجه، تلمسينها بكل حواسك تجربة قاسية تجعلك تشعرين بالعجز... فنحن نقطة في محيط من الأزمات والمآسي. لا يمكنني التدخل في المسائل السياسية، حتى أنني لا أريد التفكير في السياسة، ولكن نحن في حاجة إلى فعل شيء تجاه ما يحدث. ما أجده صعبًا هو إيجاد الكلمات، فهذه السيدة تعيش كابوسًا يبدو أن لا نهاية له، ويصعب عليّ الادعاء أو مواساتها بالقول إن كل شيء سوف يتحسن. الأمر ليس كذلك. ماذا أقول لهذه السيدة التي في مثل عمري، لديها خمسة أطفال ولا تعرف مصير زوجها. ماذا أقول لها...؟ أجد نفسي عاجزة وقلبي مفطور. وعليها التعامل مع الأمر، فهي تهتم بأطفالها وصبورة على مصيبتها، وأخذت على عاتقها تحمل مسؤولية أطفالها وحماتها.
- إذًا شعرت بالقلق. هل كنت تتوقّعين هذا؟
أظن كفى... لأن الواقع، سواء أكنا متفقين مع السياسة أم لا، مأسوي. ونحن لا نعرف ماذا سيحدث في سورية. لقد شاهدت هؤلاء النسوة يعملن على منح الأمل لأطفالهن الذين سيكونون شباب المستقبل، والذين نأمل أن يتمكّنوا من بناء سورية الجديدة التي يحلمون بها. الأمر معقد في منحهم هدفًا أو نظرة، كيف يمكن إدماجهم مع المجتمعات المضيفة، في المجتمع اللبناني مثلاً. أنظر إلى الوضع السياسي المعقد في هذا البلد، هل سيحل السلام في سورية؟ هل سيكون في إمكان هؤلاء النسوة العودة إلى وطنهن الأم؟ هناك جيل عليه أن يقرّر بناء حياته في مكان آخر، ما يهمني هو ماذا يعني اليوم وغدًا بالنسبة إلى هؤلاء. ليست لدي الأجوبة، لا أحد لديه، جميعنا نعمل على الخيارات. يمكننا أن نجلس ونشاهد ونشكو ونكمل حياتنا الخاصة، علمًا أنني لا أنتقد الناس الذين يمضون في حياتهم من دون أن يعملوا شيئاً، فكما هؤلاء لم يختاروا الحرب واللجوء، كذلك الآخرون. المشكلة كيف يمكن أن نساعد، وكيف يمكن تقديم المزيد من المساعدات.
- هناك اعتراضات شعبية في أوروبا ومطالبات بمنع تدفق اللاجئين. كيف ترين هذه الاعتراضات؟
صحيح، هناك اعتراضات كبيرة في أوروبا على استقبال اللاجئين، خصوصًا أن الوضع الاقتصادي في أوروبا كما في لبنان يعاني أزمات كبيرة أهمها البطالة، لذا على مستوى القاعدة الشعبية لم يعد مرحبًا بأعداد اللاجئين الضخمة، خصوصًا أن الأوروبيين يرون أن على حكوماتهم أن تضعهم في أولوياتها لا اللاجئون. ولكنني أؤمن بكل بساطة بمقولة: «عامل الناس كما تحب أن يعاملوك». وهذا صعب، لكنني أؤمن بالطاقة بين الناس، عندما تمنحين الطاقة فمن المؤكد أنك ستحصدين خيرًا جراء عطائك، والعكس صحيح.
- هل فكرت كيف يمكن أن تساعدي هؤلاء الأشخاص عبر مؤسستك «مؤسسة إليزا صيدناوي»، خصوصًا بعدما التقيت أطفال النازحين؟
في مؤسستي نعمل على توفير وسائل الوصول إلى الفنون من خلال تسهيل فرص التعلم الإبداعي وتقديم نشاطات ما بعد المدرسة لليافعين والأطفال مقرّها في مصر. وبعد زيارتي إلى المخيم، فكّرت في ما يمكن أن أقدّمه للأطفال اللاجئين فقررت تحضير ورشة عمل للمؤسسة في إيطاليا للأطفال اللاجئين الموجودين هناك. سوف أستقدم فنانين من مصر للعمل مع هؤلاء الأطفال، لإدخال الفرح الى قلوبهم والسماح لهم بالتعبير من خلال الفن بكل أشكاله.
- حدّثينا عن عمل مؤسستك؟
كما ذكرت، نوفر للأطفال وسائل الوصول إلى الفن من خلال تسهيل فرص التعليم الإبداعي. عندما أنشأت المؤسسة، كنت أفكر دائمًا بالأطفال، وبأثر الراشدين في المجتمع، وهؤلاء الذين يريدون بالفعل العمل مع الأطفال. المسألة أنه في التربية يجدر ألا يشعر الأطفال بأنهم مقموعون، وأن يكون لديهم المجال للعب والتعبير عن أنفسهم. للأسف لا يُسأل الأطفال عن رأيهم، هناك دائمًا من يجيب عنهم حينما يُسألون. فعندما تدعينهم يجلسون وتسألينهم أسئلة بديهية وبسيطة، مثلاً ما اللون المفضل لديك؟ تجدين أنهم ينظرون إلى بعضهم، لا أحد يجرؤ على الإجابة. ولكن بمجرد أن يجيب أحدهم بدلاً من الآخر، تكرّ سبحة الأجوبة، وبالتالي يشرعون في التعبير عن أنفسهم، وترين وجوههم قد نوّرت... العمل الاجتماعي يحتاج إلى مبادرات بسيطة وليس إلى المال الكثير.
- لماذ اخترت مصر وتحديدًا منطقة ميما مقرًا لمؤسستك؟
لأنني أشعر بانتمائي إلى المجتمع المصري وبأنني جزء منه.
- من الملاحظ تعلقك بجذورك العربية، وبمصر تحديدًا رغم أنك من أصول سورية؟
صحيح أن والدي سوري الأصل، ولكنه ولد في مصر وترعرع في بيروت. لقد علّمني حب مصر، وأنا عشت في الأقصر حتى سن السادسة، ولكن لا أعرف سبب هذا التعلق الشديد بمصر، ربما هو سحر يشدني إليها في كل مرة أزورها. أشعر بأنني بنت البلد أو جذوري مصرية. في كل مرة ألتقي النسوة هناك نحضن بعضنا ونبكي. أظن أن والدي لعب دورًا كبيرًا في جعلي شديدة الارتباط بجذوري العربية. فهو اختار السكن في ريف مصر وهو في الأصل ليس مصريًا، بل ولد في مصر، وجدّي جذوره سورية- إيطالية. وعندما عاد والدي إلى مصر، بنى علاقة وطيدة مع الأقصر، ولم يتصرّف مثل «الخواجة» الذي أتى إلى مصر وتفاخر على الناس، وعيّن ناسًا ليخدموه، بل أحب الأقصر وكأنه ابنها. تخيّلي أن أحدهم كان يقول له: «هل يعقل أن ليس لديكم طباخ!». لم يكن لدينا أشخاص يساعدوننا في المنزل، بل كانت أمي من تهتم بشؤونه. والدي بنى منزلاً جميلاً.
- هل تفعلين الأمر نفسه مع ابنك، أي هل تنقلين حبك للشرق الأوسط ومصر كما فعل والدك؟
أكيد، في العام الماضي اصطحبته إلى مصر، وأحب الخبز المصري البلدي وسمّيناه «أبو عيش». ولكنه لا يزور مصر بشكل دائم، ذلك أنه لا يزال طفلاً صغيرًا، ولكن من المؤكد لاحقًا سوف يرافقني لزيارة الشرق الأوسط. ما يحزنني أن الوضع في مصر معقّد بعض الشيء، ولسوء الحظ لا يمكنني راهنًا اصطحابه لزيارتها، رغم أنني أشعر بالأمان. يظن أهل زوجي أن الأمور سيئة جدًا هناك، ولا يمكن لومهم فهم يرون ما يعرضه الإعلام من أحداث أمنية، تجعلهم يخافون ويترددون في زيارتها، وأنا لا أريد أن أتحمل مسؤولية اصطحابهم إلى مصر، كما لا أريد أن أدفعهم للسفر... عندما يقتنعون، سوف يزورونها.
- هل زرت سورية بلدك الأصلي؟
للأسف لا، فكثر كانوا يحذرونني من السفر إليها في ذاك الوقت رغم أن الحرب لم تكن قد بدأت بعد. والمفارقة أنني عندما قررت السفر اندلعت الثورة وما تلاها من أحداث دراماتيكية. ولكن حلمي أن أذهب إليها عندما تنتهي هذه الحرب. أقول لوالدي أريد أن أرى صيدنايا التي تحمل عائلتي اسمها.
- في 8 آذار احتفلنا بيوم المرأة العالمي كيف تنظرين إلى أحوال النساء اللاجئات؟
أشعر بالخجل ومتأثرة، ولكن ألهمتني أحوالهن وكيفية تعاملهن مع أوضاعهن، بالكثير من الحب لأطفالهن والحضور والصبر والعطاء. أدرك كأم أن الأطفال أحيانًا يخرجونك عن طورك، أما هن فمثال رائع عن المقاومة والصبر والإرادة، ويعملن كل ما في وسعهن لتوفير حياة لائقة لأطفالهن.
- كيف تقيّمين وضع المرأة العربية؟
أجد أن المرأة العربية قوية. وبناءً على ما أراه خلال زياراتي المتكرّرة لمصر، الجدّة المصرية مثلاً سيدة قوية تقول الأمور كما هي. والنسوة اللواتي قابلتهن في المخيمين خير مثال على ما أقوله. فالسيدة «ماهية» التي تأخذ على عاتقها تحمل مسؤولية أطفالها وحماتها وترعاهم في غياب الزوج، هي مناضلة وقوية وتقود كل شيء، وعانت أربعة أشهر على الحدود وذهبت إلى سجون سورية للبحث عن زوجها. فيما في مخيم «شكا» وجدت علاقة قوية بين الزوج والزوجة... هل رأيت السيدة التي زرناها كيف يحترمها زوجها! تقاطعه ويترك لها الكلام، كان سعيدًا، رأيت الحب في عينيه. صحيح أن القوانين لا تعطيها حق المساواة، ولكن حتى في إيطاليا لدينا المشكلة نفسها، هناك الكثير من العنف ضد المرأة. غالبًا يأتي التمييز من النساء أنفسهن، ففي إيطاليا تسمعين: آه أنت أم وتعملين؟
- ما هي رسالتك إلى النساء العربيات؟
كنت أقول دائمًا إن المرأة العربية ليست المرأة الخاضعة الخانعة، بل هي قوية ولديها شخصيتها. ما أريد قوله إننا أولاً نحن النساء من نقوم بالتغيير في العالم، ولا أحد سيقوم به بدلاً منا. وثانيًا، نحتاج إلى أن نكون أخوات بغض النظر عن العرق والدين والجنسية، أن نتعاون ونتعاضد لأجل خير المرأة والمجتمع. صحيح أن هناك منافسة وتحديات كثيرة، ولكن علينا أن نكون يدًا واحدة، لأن المرأة تملك القوة والإرادة. إنها نصف المجتمع وهي التي تربي نصفه الآخر.
- عندما أجريت بحثًا عنك سألت نفسي ما الذي يدفع سيدة جميلة لديها حياتها المهنية الناجحة في عالم الأزياء والتمثيل، الى خوض غمار العمل الإنساني التطوّعي؟
أنا أؤمن بالله وبقضائه وقدره وحكمته في وضعنا في مواجهة مواقف مختلفة، وجولتي على مخيّمات النازحين ليست بهدف الاستعراض الإعلامي والتقاط الصور، فأنا أريد أن أقوم بعمل يشعرني بالامتلاء على الصعيد الإنساني البحت. صحيح عملت عارضة أزياء منذ أن كنت صغيرة جدًا في الثالثة عشرة، وعملت ممثلة، لكنني لم أجد هوّيتي، بل وجدتها في العمل التطوّعي الإنساني. وعرض الأزياء والتمثيل بالنسبة إلي وظيفتان منتجتان ماديًا، فيما عملي الخيري يجعلني أشعر بالسعادة على الصعيد النفسي والإنساني الخاص بي إذ تغمرني السعادة عندما أساعد الآخرين. والحمد لله أنا مسرورة بهذه الخطوة. أقول بصراحة، لقد اكتشفت ذاتي من خلال المؤسسة والعمل الإنساني، الذي لا أبغي منه الشهرة إطلاقًا، بل الرضى عن النفس.
- ماذا تعني لك صفة امرأة جميلة؟
الجمال بالنسبة إليّ ينبع من القلب، والمرأة الجميلة هي التي لديها قلب منفتح ومحب، وتصقل شخصيتها بالعلم، وتتمتع بروح الفكاهة وتحب مساعدة الناس وواثقة بنفسها ومتواضعة... هذه هي برأيي أجمل امرأة.
- من هو برأيك وراء هذه المرأة الجميلة؟ هل هو الرجل؟
من المؤكد، ولكن أوّلاً العائلة. صورة الوالد الذي يحاور ويناقش، والأم التي تكون نموذجًا أوّل، ثم الأخ ومن ثم الزوج الحبيب. العائلة التي تدعم البنت وتعزّز لديها الثقة بالنفس وتوفر لها التربية والتعليم، وتحترم مساحتها الخاصة، وتساعدها على تطوير مهارتها وفكرها، وتنمّي ذكاءها. وهذه مواصفات عائلة الأب فيها، يرى ويسمع ويناقش ابنته في الكثير من المشكلات ويدعمها، والأم النموذج الرائع الذي يحضن البنت بالحب ويعزز لديها قوة الإرادة. كل هذا يساعد الشابة على اختيار الشريك المناسب لها والذي تبني معه العائلة.
- كيف تعرّفين الزواج الناجح؟
الزواج بالنسبة إليّ شراكة تُبنى على الثقة والاحترام المتبادل وبعض التنازلات التي تأتي في مصلحة الشريكين، بحيث لا يشعر أحدهما بالغبن، وعليهما أن يكونا صبورين، فهما تقريبًا شخص واحد، ويعملان معًا على حل مشكلات الأبناء. كل هذا يؤدي إلى بناء كيان عائلي صحي ورائع. الزواج هو وعد مقدس وعلى الزوجين الالتزام به. الزواج ليس ورقة وإنما اجتماع روحين، ولا يجوز لأحدهما أن يتعنت في مواقفه، فتقديم بعض التنازلات لخير العائلة ضروري.
- يبدو أنك سعيدة جداً بزواجك؟
كثيرًا، الحمد لله زوجي شخص رائع يدعمني في كل خطواتي.
- بمناسبة الحديث عن جمال المرأة، كيف تنظرين إلى النساء اللواتي يخضعن لعملية تجميل؟
المشكلة أن الإعلام للأسف هو المسؤول الأول عن هذا الهوس بعمليات التجميل. حسن أنا عارضة أزياء وأعرف أن الصور التي توضع في الصحف والمجلات تظهرنا وكأننا كاملات لا تشوبنا شائبة، فيما الحقيقة ليست كذلك، ومن الطبيعي أن تتوق المرأة العادية للوصول إلى هذه الصورة الكاملة غير الواقعية. لذا أحاول دائمًا أن أكون على طبيعيتي ولا أسمح بتعديلات على شكلي. المشكلة أن المجتمع يفرض عليك معايير جمالية تجعلك تتوقين للوصول اليها، فهو يحدّد نماذج جمالية ويقرّر أن بعض التفاصيل في شكل المرأة تجعلها رائعة، مما يدفع المرأة المعاصرة إلى تحقيقها. ومشكلة الهوس بعمليات التجميل لا تقتصر على المرأة في المجتمع الشرقي، بل تطاول المجتمعات الغربية، وهي تضع المرأة في مواجهة معيار جمالي هو في كثير من الأحيان ليس واقعيًا.
- بمَ تنصحين المرأة التي ترغب في عملية تجميل؟
لا يمكن أن ننكر أن الجمال هو جواز المرأة الذي يمنحها بعض القوة. أحيانًا عندما أرى صورة في المجلة وضحكتي ليست جميلة أقول «حسن أنا هكذا». أظن أنني أقول من موقعي لا يجدر بأحد القيام به، ولكن إذا كانت عملية التجميل تشعرها بأنها سعيدة فلتخضع لها، فقط في هذه الحالة، وبطريقة صحية لا تؤذي جسمها. فهي من تريد أن ترى وجهها جميلاً في المرآة صباحًا. المشكلة حين تشعر المرأة أنها موجودة فقط عندما يبدي الآخرون رضاهم عن مظهرها وجمالها الأخير. كانت قراءة كتابها نقطة تحوّل في حياتي. وكذلك مصممة الأزياء ديان فون فورستنبرغ هي صديقة لي وامرأة قوية ولديها روح الدعابة وجدية جدًا. وحاليًا اكتشفت المناضلة مايا أنجلو، فهذه المرأة رافقت مارتن لوثر كينغ وأمضت حياتها تدافع عن حقوق السود وحريتهم، اكتشفتها عند وفاتها بسبب مواقع التواصل الاجتماعي، التي أشكرها، فلولاها لما تعرفت إلى هذه المرأة. المفارقة أنها عاشت سنة ونصف سنة في القاهرة عندما كانت مركز لجوء للعديد من جنوبي أفريقيا.
- ما النصائح الجمالية التي تسدينها إلى قارئات «لها»؟
أن تكون المرأة نفسها، أي تقتنع بأنها جميلة، ثم يأتي الغذاء الصحي والعناية بالبشرة أهم طقسين عليها القيام بهما، فأنا أقوم بتنظيف وجهي ورقبتي وأرطبهما مرة عند الصباح ومرتين مساء أحيانًا، وأضع الماكياج المناسب. وشخصيًا أستعمل ماكياج بسام فتوح ولا سيما الماسكارا. لا أفوّت تنظيف وجهي وترطيبه، ويجب أن يكون المستحضر غنيًا بالفيتامينين (أ) و(سي). المهم تنظيف بشرتي بشكل دوري، وغسل وجهي بمياه دافئة لأتخلص من رواسب غسول الوجه ثم أمسح بفوطة قطنية مرطّبة بالمياه الساخنة للتأكد من أنني نظفت وجهي جيدًا.
- ما هي خطوتك التالية مع اللاجئين؟
الاستمرار في مشروعي ومتابعة العائلتين اللتين سوف تلجآن إلى إيطاليا وبريطانيا. علي الجلوس مع ابني. أما عرض الأزياء بالنسبة إليّ فلا أعطيه كل وقتي، أو أضع خططًا له على الإطلاق. عليّ التوجه إلى اليونان للاطلاع على أحوال اللاجئين هناك ثم إيطاليا، والتواصل مع أصدقائي وشبكة علاقاتي لنبدأ العمل. أنا امرأة عملية، أحب أن أطبق ما أفكر فيه على أرض الواقع، وإذا لم أفعل أشعر بأن لا فائدة لي.
- كيف تقيّمين زيارتك للمخيمات؟
المشكلة أننا عندما نتحدث عن اللاجئين، نتحدث عن أرقام، والواقع هم ليسوا أرقامًا بل بشر كل واحد لديه قصة تفطر القلب. المرأة التي التقيتها في الخيمة المجاورة لخيمة «ماهية» قالت لي إنها تعمل منذ أن كانت في الرابعة عشرة، وأنا ايضًا كنت أعمل في هذه السن... صحيح في شكل مختلف. وصحيح أن أهلي مثقفون، ولكنهم كانوا فنانين لا يقومون باختياراتهم على أساس المردود المادي، كان عليّ تحمل المسؤولية في سن صغيرة جدًا، قلت لها ان تكون لديها مسؤولية تسمح لها بمساعدة الآخرين... كراشدين نختبر الحياة، نتعرض للنجاح والخيبات التي علينا تحويلها إلى أمر إيجابي نبني عليه.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024