تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

عملية تصغير المعدة تفقدك عشرات الكيلوغرامات ولكن...ما دواعي إجرائها؟!

د. جهاد بطرس

د. جهاد بطرس

صحيح ان عملية تصغير المعدة ليست حلاً أولياً يمكن لأي كان  اللجوء إليه، لكن ثمة معايير معينة يتم الاستناد إليها لتحديد الحاجة  إلى هذه العملية استناداً إلى معدل السمنة والمشكلات الصحية المرافقة.
أما في الحالات الأخرى، فثمة طرق عدة يمكن اللجوء إليها لخفض الوزن. في المقابل، عندما تصل السمنة إلى حد معين وتنجم عنها مشكلات صحية تهدد حياة من يعانيها، تصبح العملية ضرورية.
علماً أن عمليات تصغير المعدة بطرقها الحديثة صارت أكثر تطوراً ولا تشكل خطراً على المريض، بل تبدل حياته بالكامل ويستعيد بعدها حياة طبيعية وهو يخسر الكيلوغرامات الزائدة تدريجاً.
عن كل التفاصيل المرتبطة بعمليات تصغير المعدة وربطها ودواعي اللجوء إليها والشروط المرتبطة بها، تحدث الطبيب الاختصاصي بالجراحة العامة والمنظار وجراحة البدانة د.جهاد بطرس، مشدداً على شروط اختيار أي نوع من العمليات وضرورة التزام المريض بتعليمات الطبيب تجنباً للمضاعفات ولزيادة الوزن مجدداً بعد العملية.


لمن تُجرى عملية تصغير المعدة؟
يجرى هذا النوع من العمليات على اساس معادلة الوزن والطول، وإذا كانت تتخطى حداً معيناً، أي على اساس مؤشر كتلة الجسم الوزن/الطول2 فيجب أن يكون أقل من 10 إلى 25.
وإذا كان يراوح بين 25 و35 فهذا يعني أن الشخص يعاني السمنة. علماً أن السمنة يمكن أن تكون بدرجات بسيطة أو معتدلة أو حادة.
وتجرى عمليات تصغير المعدة للذين يراوح مؤشر كتلة الجسم لديهم بين 35 و40 ويعانون مشكلات صحية كالسكري وضيق التنفس ليلاً، وأمراضاً عائلية وآلاماً في المفاصل... أو لأي شخص يتخطى مؤشر كتلة الجسم لديه الـ40.

هل من شروط أخرى لإجراء العملية؟
يجب أن يكون الشخص سميناً منذ اكثر من 5 سنوات وجرّب حميات عدة لم تنجح وأن يتحمّل التخدير في العملية.
كما أن من الشروط الاساسية لإجراء العملية، ألا يكون بحاجة إلى معالجة نفسية جراء إصابته بمشكلة نفسية مرتبطة بالاضطراب الغذائي كالشراهة المرضية، فقد تبين أن ثمة حالات وصل فيها المريض إلى الانتحار بعد إجراء العملية إذ كان يعاني هذا النوع من الاضطراب. ويظهر ذلك من خلال المقابلة التي تجرى مع المريض في العيادة في حال اكتشاف مشكلة نفسية تمنع ذلك.

ما Bنواع عمليات تصغير المعدة التي يمكن إجراؤها؟
ثمة نوعان أساسيان من عمليات تصغير المعدة، الأول يرتكز على مبدأ تصغير المعدة بهدف تخفيف تناول الأكل فيأتي الإحساس بالشبع بشكل سريع ومن خلال كميات صغيرة. أما النوع الثاني من العمليات فيقضي بالتحويل Bypass حيث تصغّر المعدة وفي الوقت نفسه يتم تقصير المعي ويحوّل الأكل. وثمة طرق عدة لإجراء التصغير، إما بوضع الحلقة anneau فلا يعود المريض قادراً على تناول كميات زائدة من الطعام، ويكتفي بتناول كميات صغيرة فقط.
لكن عملية الـ sleeve الأكثر تطوراً الآن حيث يتم قص المعدة وإلغاء قسم منها، وهي حالياً التقنية الحديثة الاكثر انتشاراً. علماً ان تقنيتي Bypass وSleeve تجريان بالطريقة نفسها من خلال تصغير المعدة وفي الوقت نفسه يتم تحويل المعي.

ما الآثار السلبية التي تترتب على الخضوع لكل من هذين النوعين؟
الأثر الاهم لهذا النوع من العمليات هو أن الغذاء قد ينقص المريض. لكن في تصغير المعدة لا يتأثر المريض، بل يحتاج الى تناول الفيتامينات.

هل ينصح بتقنية معينة بحسب الحالة؟
إذا كان مؤشر كتلة الجسم مرتفعاً، من الأفضل اللجوء إلى عملية التحويل من نوع Bypass، خصوصاً في حال الإصابة بالسكري.
فقد اظهرت الدراسات أن هذا النوع من العمليات يساهم في معالجة السكري بشكل نهائي ونسبة الشفاء تكون الأعلى. لذلك في حال الإصابة بالسكري منذ وقت طويل وارتفاع مؤشر كتلة الجسم، تعتبر عملية Bypass هي الفضلى.
اما إذا كان مؤشر كتلة الجسم أقل فيمكن اللجوء إلى عملية Sleeve التي لا تسبب فقراً في الدم ونقصاً في معدلات الفيتامينات والمعادن في الجسم، وليس ضرورياً إجراء فحوص دورية للدم للمراقبة كما في العمليات الأخرى، بل تجرى الفحوص لسنة واحدة فقط.
اما في عملية الـBypass فتعتبر الفحوص المنتظمة ضرورية مع المتابعة، خصوصاً أن ثمة ادوية لا يعود الجسم يمتصها مع هذه العملية. هاتان العمليتان متشابهتان مع اختلافات في الحالات. لكن بشكل عام لا حاجة الى المراقبة والحرص طوال الحياة.

هل من عملية تساعد على خفض الوزن أكثر من الاخرى؟
معدل انخفاض الوزن هو نفسه في العمليتين.

هل من مخاطر معينة في هذا النوع من العمليات؟
المخاطر الاساسية هي نفسها في أي عملية أخرى إضافةً إلى خطر الالتهابات والجلطة. وبشكل خاص تعتبر الالتهابات الخطر الاكثر شيوعاً في عمليات تصغير المعدة بالنسبة إلى الشخص السمين.
أيضاً من المخاطر التي تحيط عملية تصغير المعدة، النزف نتيجة قص المعدة. ويحصل ذلك في 0،5 في المئة من الحالات فينقل الدم إلى المريض، وإلا يحتاج عندها إلى عملية لوقف النزف.
أيضاً يمكن ان يحصل تسرّب للسائل في المعدة يخرج عبر «التكبيسات» التي توضع، ويدخل إلى البطن فيسبب الالتهابات في حالات قليلة وتعالج إما بالمضادات الحيوية أو بالتقطيب في مكان التسرّب. لكن بشكل عام تعتبر المضاعفات قليلة لا تتخطى مجتمعةً نسبة 5 أو 10 في المئة وكلّها توجد لها حلول.

في أي عمر يمكن اللجوء إلى عملية تصغير المعدة؟
يمكن أن تجرى العملية ابتداء من عمر 18 سنة. وفي الحالات الضرورية يمكن ان تجرى في عمر 15 سنة. ويمكن أن تجرى حتى في عمر 60 سنة.

هل من حالات تمنع إجراءها؟
لا موانع في ذلك إلا في حال عدم القدرة على تحمّل التخدير. ايضاً في حال سيلان الدم تعالج الحالة قبل العملية. ايضاً في حال وجود مشكلة نفسية تمنع التعايش مع الوضع بعد العملية.

ما الإجراءات والفحوص التي تجرى قبل العملية؟
قبل العملية يتم اللجوء إلى المنظار للتأكد من عدم وجود فتق في المعدة، لأنه في هذه الحالة ثمة عمليات لا يمكن إجراؤها.
كما أن ثمة ضرورة للتأكد من عدم وجود قرحة أو بكتيريا تمنع إجراء العملية. بعدها تجرى الفحوص اللازمة للقلب والرئتين وتعطى ادوية لتحضير المريض. كما يحتاج البعض إلى طبيب نفسي، إضافةً إلى اختصاصي تغذية.

وماذا بعد العملية؟
يختلف طول مدة العملية بحسب نوعها، لكنها تدوم عامةً بين ساعة وساعتين. وبعدها من الضروري أن يمشي المريض تفادياً للجلطات. ويخرج من المستشفى في اليوم الثالث في حال عدم وجود مانع.

ما النظام الغذائي الذي يجب اعتماده بعد العملية؟
يبدأ الأكل في اليوم الثاني، لكن في الاسبوع الأول لا بد من البدء بالسوائل كاليانسون وهلام الجيلو والكاسترد والحساء. أما في الاسبوع الثاني فيمكن تناول بوريه البطاطا والقليل من اللبنة.
بعدها يمكن تناول الخضر المطحونة واللحم في الأسبوع الثالث والدجاج في النهاية. وبعد شهر يعود النظام الغذائي طبيعياً.

ما الأمور التي يجب مراقبتها لدى من يخضع لها تجنباً للمشاكل؟
في المرحلة الأولى يخشى على المريض من جفاف السوائل. من هنا أهمية التشديد على شرب الماء والسوائل، إضافةً إلى ضرورة مراقبة الحرارة. لكن بعد شهر تعود الأمور إلى طبيعتها فيمكن أن يأكل الشخص بشكل عادي لكن بكميات صغيرة لأنه سيشعر بالشبع من كميات قليلة.

يواجه البعض مشكلة زيادة الوزن مجدداً رغم الخضوع للعملية، ما السبب؟
يزيد وزن البعض رغم العملية، لأن العملية نفسها لا تمنع تناول الحلويات. في المقابل ثمة حاجة ملحّة إلى السيطرة على النفس والتمتع بالإرادة اللازمة وتجنب الاطعمة الدسمة وتلك الغنية بالسكر، لأنها تزيد الوزن حتى في حال الخضوع للعملية. هناك تعليمات بالامتناع للحد من تناول الحلويات والمقليات.

يعاني كثر بعد العملية هبوطاً في السكر بعد الأكل، هل هذه المشكلة دائمة؟
من يجري العملية يحتاج إلى نسبة معينة من السكر والبروتينات لتجنب الهبوط. كما يجب عدم الشرب مع الأكل نهائياً، لأن السائل يمر قبل الصلب مما يسبب هبوطاً في السكر. لذلك يجب انتظار ساعة بعد الاكل قبل شرب السوائل.

كم كيلوغراماً يخسر من يخضع للعملية؟
عادةً معدل انخفاض الوزن هو 6 إلى 8 كيلوغرامات في الشهر. لكن أحياناً ينخفض الوزن بشكل سريع، وهذا ليس محبذاً لأن الجسم يخسر كميات زائدة من الماء والسوائل والغذاء. لذلك يتم تحديد الأطعمة والكميات بدقة ومعدل الكيلوغرامات التي يجب خسارتها من دون زيادة أو نقصان، لأن الخسارة الزائدة في الوزن ليست جيدة وتعني أن الشخص غير ملتزم ولا يأكل جيداً. وفي المرحلة الثانية ينخفض الوزن بمعدل 4 أو 6 كيلوغرامات في الشهر خلال سنة حتى بلوغ الوزن المطلوب والمثالي في المدى البعيد.


تجربة ميشيل عسّاف بعد العملية

كانت ميشيل (22 عاماً) قد عانت الكثير بسبب زيادة وزنها ولم تنجح يوماً في خفضه رغم كل محاولاتها والحميات العديدة التي اتبعتها. وكان وزن ميشيل يصل إلى 128 كيلوغراماً وواجهت مشكلات صحية عديدة فعانت الربو والشحوم على القلب وارتداد الطعام في المعدة. هذه العوامل كلّها جعلت كل من حولها يشجعها على إجرائها.
عن تجربتها تقول ميشيل: «مع أن كثراً نصحوني بإجراء العملية، كنت خائفة جداً. كانت المرة الأولى التي أدخل فيها إلى المستشفى فعشت توتراً شديداً. لكن في المقابل كانت ثقتي بالطبيب كبيرة وشعرت بارتياح عندما قابلته.

لم تنجح معي أي حمية سابقاً وكنت أعاني الربو وقد تناولت أدوية تحتوي على الكورتيزون مما ساهم في زيادة وزني أكثر فأكثر بشكل غير مقبول وازدادت شهيتي أيضاً. كنت اخضع لحمية لشهر كامل من دون أن أخفض كيلوغراماً واحداً فكنت أعاني مشكلة ثبات الوزن Plateau من دون أن أجد سبباً لذلك.
كان هذا صعباً جداً علي. عندما اتخذت قرار إجراء العملية، أجريت فحوصاً للدم وصوراً وكانت كل الشروط متوافرة لإجراء العملية من دون مشكلة ولم تظهر البكتيريا التي تمنع إجراء العملية. خضعت لعملية Bypass التي تتطلب تناول الفيتامينات بعدها لارتفاع خطر نقصها في الجسم. كنت ملزمة باتخاذها خلال فترة معينة حتى يصبح جسمي قوياً.

مكثت في المستشفى يومين وكانت العملية ناجحة جداً. في الاسبوع الاول كنت أكتفي بتناول القليل لأنني كنت خائفة من الازعاج.
كنت التزم بالتعليمات وأتقيد بها إلى اقصى حد، وأشرب عصير التفاح والفاكهة لأُدخل الغذاء إلى جسمي. وكان من المهم أن أصبح حريصة في ما اتناوله حتى لا يزيد وزني مجدداً بعد العملية.

بعدها اعتاد جسمي على الكميات القليلة وتعاونت مع اختصاصية تغذية، لأنني أحتاج إلى طعام خاص في الشهرين الأولين فاتبعت ما قالته لي، وخلال شهر صرت أزيد كميات الأكل قليلاً وفق تعليماتها. وكنت احرص على تناول العدس المغذّي. خسرت 44 كيلوغراماً وبقي أمامي في المرحلة الثانية 20 كيلوغراماً. علماً انه في الفترة الاولى ينخفض الوزن بسرعة كبيرة وبعدها يصبح اكثر بطئاً».
وعن المشاكل التي عانتها ميشيل في البداية، تؤكد: «في البداية عانيت هبوطاً لأنني لم آكل بشكل كاف، وطمأنني الطبيب فعدّلت الكميات وصرت أمارس رياضة المشي لنصف ساعة لأحرك جسمي.
أما بالنسبة إلى الترهل فهو موجود لكنه قد يتحسن بممارسة الرياضة التي بدأتها ليشتد جسمي. صحيح ان العملية فيها خطر لكنني وثقت بالطبيب رغم خوفي من العملية وتقيدت بتعليماته فنجحت العملية بنسبة تفوق المعدل الطبيعي».

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079