تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

الطفلة مريم ضحية ليلة الزفاف الدامي!

تجمع الأهالي بعد الحادث

تجمع الأهالي بعد الحادث

مشهد من الجنازة

مشهد من الجنازة

مريم قبل الحادث بلحظات

مريم قبل الحادث بلحظات

لم تكن الطفلة مريم أشرف، ابنة الثماني سنوات، تدرك وهي ترتدي الفستان الأبيض وتخرج بصحبة أسرتها لحضور زفاف إحدى قريباتها في كنيسة العذراء بمدينة الجيزة، أن هذا الفستان سيكون كفنها بعدما اخترقت جسدها رصاصات الغدر والإرهاب الأسود، في الحادث الذي هزّ مصر كلها. ورغم أن الضحايا كانوا أربعة، فإن قصة مريم كانت الأكثر تأثيراً في النفوس لطفولتها البريئة، ولأنها كانت تقول لكل من حولها إنها سترتدي الفستان الأبيض عندما تكبر وتصبح عروساً، لكن رصاصات الغدر أصابت جسدها لتنهي هذا الحلم.


استيقظت مريم في الصباح نشيطة سعيدة، فقد أحضرت لها والدتها الفستان الأبيض الذي طلبته منها، لتحضر به زفاف إحدى قريباتها اليوم في الكنيسة، فتحت خزانة ملابسها وأخرجت منه الفستان الجديد والحذاء الأبيض وشرائط الرأس، وهي تستعد لأن ترتديها لحضور الزفاف.
جرت مريم إلى غرفة والدتها لتوقظها كي تساعدها على ارتداء الملابس، نظرت إليها والدتها وهي تبتسم، قائلةً لها: «ما زال الوقت مبكراً يا مريم، فالساعة لم تتجاوز الثامنة صباحاً والعرس في المساء، اذهبي ونامي».

خرجت مريم من غرفة والدتها وهي تجري إلى غرفتها تمسك بالفستان والحذاء وشرائط الرأس، ترتبها حتى لا يصيبها شيء، تمر الدقائق ثقيلة عليها، فهي تريد ارتداء الفستان بأي شكل.
في الظهيرة سمعت مريم أصوات الزغاريد تدوي في المنزل جرت مسرعة لأمها تحضها على أن ترتدي الفستان وتخرج مع العروس المتجهة إلى مصفف الشعر، تربت الأم على ظهر ابنتها الصغيرة وتقول لها: «لا تتعجلي يا مريم سوف يأتي الوقت الذي ترتدين فيه الفستان، وسوف أصفف لك شعرك وأضع لك الماكياج».
تسرح مريم بخيالها الطفولي وهي ترى نفسها ترتدي الفستان الأبيض وتتجه إلى الزفاف الذي تحلم به كل فتاة.
 

ماذا فعلت؟

الساعة الخامسة عصراً نادتها أمها لترتدي الفستان وتصفف لها شعرها وتضع لها الماكياج لتذهب معها هي ووالدها إلى العرس.
أنهت مريم تصفيف شعرها وتوجهت مع والدها ووالدتها إلى كنيسة العذراء في مدينة الوراق بمحافظة الجيزة لحضور الزفاف، وسط تجمع الأهل والجيران، والسعادة ظاهرة في عينيها، تذهب إلى كل أقاربها ليروا فستانها الأبيض الذي يشبه فستان العروس.

لحظات سعيدة تمر على الجمع الكبير أمام أبواب الكنيسة في انتظار حضور العروس، والطفلة مريم تترقب لتراها، إلا أن أيادي الغدر والخسة أبت أن يمر العرس في سعادة.
فجأة قطعت الطريق سيارة بيضاء، وجاءت خلفها دراجة نارية مسرعة فوقها ملثّمان، أطلق أحدهما بكل برود وابلاً من الرصاص على الواقفين أمام باب الكنيسة في انتظار تهنئة العروسين.
النيران أُطلقت بشكل عشوائي ومن سلاح آلي لا يعرف الرحمة ولا يفرق بين رجل وامرأة، كبير وصغير، ولهذا لم يرحم الرصاص الطفلة البريئة الصغيرة التي كان لسان حالها وهي تسقط على الأرض غارقة في دمائها: «ماذا فعلت لهؤلاء ليقتلوني؟».
 

مشهد رهيب

ساد الهرج والمرج المكان، الدماء تملأ الأرض، والجثث متناثرة في كل مكان، أشرف والد مريم ينهض ليبحث عن طفلته وزوجته كالمجنون. فجأة تسمرت عيناه على مشهد ابنته وزوجته وهما غارقتان في دمائهما، وتحوّل الفستان الأبيض الذي ترتديه مريم إلى الأحمر بعد أن كسته الدماء البريئة. جرى الأب مسرعاً يحتضن ابنته وزوجته والدموع متحجرة في عينيه، وصرخات الأم المصابة تدوي في المكان. فارقت مريم الحياة وهي ترتدي الفستان الأبيض الذي كانت تحلم بأن ترتديه ليلة عرسها، بعدما انطلقت الرصاصات الغادرة من أيادٍ لا تعرف إلا القتل والغدر والإرهاب...

المشهد مهيب أمام المشرحة التي نقلت إليها جثث القتلى الأربعة الذين سقطوا في حفلة الزفاف، والد الطفلة مريم يقف مذهولاً من هول الصدمة ينتظر تسلّم جثمان طفلته... الدموع تملأ أعين أهالي الضحايا، يقف أشرف أمام باب المشرحة مصراً على الدخول ليقبل ابنته قبل أن يلف جثمانها البريء ويوارى الثرى.
يقول والدموع تغرق عينيه: «استقللنا سيارة أنا وزوجتي وابنتي إلى حفلة الزفاف، ووقفنا ونحن في قمة السعادة ننتظر وصول موكب العروس، وكانت مريم تحديداً تصرّ على أن تنتظر العروس على باب الكنيسة لتراها وهي تدخل قاعة الاحتفال بفستانها الأبيض. وفجأة سمعتُ دوي إطلاق نيران كثيف، وفوجئت بابنتي وزوجتي على الأرض غارقتين في دمائهما. لفظت مريم أنفاسها في الحال بعد أن اخترقت سبع رصاصات دفعة واحدة جسدها الصغير، ونقلت زوجتي على الفور إلى المستشفى بين الحياة والموت، ولا تعلم حتى هذه اللحظة أن ابنتنا فارقت الحياة».
 

تصريح أمني

صرح اللواء كمال الدالي، مدير أمن الجيزة، أن الحادث الإرهابي الذي راح ضحيته أربعة قتلى وعشرات المصابين، بعضهم في حالة خطيرة، لن يمرّ مرور الكرام وسوف يتم تعقب الجناة وقطع يد الإرهاب. وأضاف أن الشرطة تجري التحريات حول الحادث أملاً في التوصل إلى الجناة في أسرع وقت.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077