في غرفة التوليد خطوة بخطوة مشاعر الأمومة الأولى تعيشها ربى مع طفلتها الرابعة «ميلا»
«ميلا»... وردة أخرى حصلت عليها ربى الخوري في عيد الأم فأضيفت إلى تلك الباقة الجميلة التي تزين حياتها. ميلا صغيرة إخوتها الثلاثة: سيلين (12 عاماً) وتيا (11 عاماً) ومارون (6 أعوام)، أتت اليوم فبدت مدللة البيت ينتظرها الكل بفارغ الصبر، خصوصاً أمها التي تصر على حملها بين ذراعيها طوال الوقت وترفض التخلي عنها ولو للحظة، ولا تتصور كيف لها أن تتركها مع انتهاء إجازة الأمومة لتعود إلى عملها. وكأن ميلا تشعر بكل تلك العاطفة التي تحيط بها من كل صوب، فإذا بها تسترخي بين ذراعي أمها بعد دقائق من ولادتها سعيدة وهي تطلق أصواتاً ناعمة تعكس صورة تلك الطفلة المدللة التي ستنمو في حضن أم بدت وكأنها تعيش مشاعر الأمومة للمرة الأولى مع مولودها الرابع. رافقنا ربى خطوة بخطوة في غرفة التوليد... من آلام المخاض إلى اللحظة التي ولدت فيها الأميرة الجميلة «ميلا» على يد الدكتور عبده واكد رئيس قسم التوليد والأمراض النسائية في مستشفى Bellevue، فانتقلت إلى ذراعي أمها ربى التي انتظرتها طوال أشهر بفارغ الصبر لتجعل حياتها أجمل بعد.
- ميلا ليست طفلك الأول بل الرابع، بمَ تختلف اليوم مشاعرك مع هذه الهدية المميزة التي أتت لتزين عائلتك في عيد الأم عن تلك التي أحسست بها في أمومتك الأولى؟
أشعر اليوم بأمومة مختلفة ومميزة. وكأن مشاعري وعاطفتي زادت أكثر فأكثر وأجهل السبب. أجهل ما إذا كان السبب مرور الوقت أو أنني أصبحت أكثر نضجاً فتبدلت مشاعر الأمومة لدي وتأججت فأصبحت قوية إلى هذه الدرجة. سعادتي لا توصف، وأعجز أيضاً عن وصف مشاعري وأنا أحمل طفلتي بين ذراعي.
- يقال إن مشاعر الأم قد تكون الأقوى مع الطفل الأول وتخف مع الاطفال الباقين، هل هذا صحيح؟
على العكس، مشاعري مع ولادة كل أطفالي كانت هي نفسها، وسعادتي لا توصف عندما كنت أحمل كلاً منهم بين ذراعي بعد الولادة. واليوم مع «ميلا» عاطفتي لم تتراجع، بل على العكس زادت. ولا أتصور كيف يمكنني أن أعود إلى العمل مع انتهاء إجازة الأمومة وأتركها وأمضي معظم الوقت بعيدة عنها.
- كيف اختلفت مشاعرك خلال الحمل والولادة عما كانت عليه في المرات السابقة؟
عند الولادة، لا شك في أن كل الأفكار تأتي فجأة، فأعيش عندها لحظات من الضياع والفوضى في التفكير. أفكر بالألم أيضاً، خصوصاً أنني في الولادات الأربع كنت أرفض الحصول على التخدير الموضعي Epidural حتى لا أفقد شيئاً من أحاسيس الولادة. علماً أنني في المرات السابقة كنت ألد في السويد حيث لا يشجعون على التخدير الموضعي عند الولادة.
- ما الذي شجعك على إنجاب طفل رابع مع كل الألم الذي عانيته مع أطفالك الثلاثة؟
اللهفة إلى حمل طفلتي بين ذراعيّ هي التي شجعتني على الإنجاب مجدداً. يكفي ذلك الإحساس الرائع الذي يرافقني في اللحظات التي أحملها فيها بين ذراعي بعد ولاتها مباشرةً حتى أنسى كل الآلام التي تحملتها. هذه الفكرة هي التي دفعتني أولاً للإحساس بتلك المشاعر التي لا توصف، والتي تمزج ما بين الخوف والسعادة والقلق والعاطفة التي لا حدود لها، لدرجة أنني أرفض أن تؤخذ مني لتوضع في سريرها.
- تشعر بعض الأمهات بكل عاطفة الأمومة من اللحظة الأولى التي يحملن فيها أطفالهن بعد الولادة، فيما تكبر عاطفة أخريات تجاه أطفالهن مع الوقت وهم يكبرون، من أي فئة من الأمهات أنت؟
ثمة أساس لتلك المحبة التي تشعر بها الأم تجاه طفلها، فهي تولد معه لكنها تكبر وتزيد شيئاً فشيئاً بفضل تلك العلاقة المميزة التي تنشأ بينهما. تعلّقي بأطفالي يترافق مع نموهم. هم صورة عني ومحبتي لهم تولد مع لحظة ولادتهم وتزيد أكثر فأكثر لاحقاً. وبالنسبة الى «ميلا» كأنها أول طفل لي. أرى أن قصة عشق وغرام ولدت معها. لم أكن قد رأيتها بعد وعشقتها قبل أن تولد، وكنت أنتظر تلك اللحظات المميزة التي أرضعها فيها.
- أي لحظة مميزة فعلاً تذكرينها من بين مشاعر الأمومة التي مررت بها في تربية أطفالك؟
أكثر ما يؤثر في والذكرى التي لا أنساها هي مشاعري في اليوم الأول لدخول أطفالي إلى المدرسة. في هذا اليوم أشعر وكأنها الخطوة الأولى التي يبتعدون فيها عني ويصبحون اكثر استقلالاً وأنهم لم يعودوا بحاجة إلي. كما تعني لي الكثير أول ضحكة رأيتها على وجوههم.
- وما اللحظة الأجمل بالنسبة اليك كأم والتي أسعدتك بشكل خاص؟
عندما يبدأ الطفل بالتواصل مع أمه بتلك الأصوات المميزة الخاصة به وبابتسامته الأولى. هذا ما أنتظره بفارغ الصبر والذي يسعدني بشكل خاص كأم. اشعر اليوم بأنني لن أنام ليلاً وأنا أنظر إلى «ميلا» طوال الوقت.
- ماذا عن مشاعر الانتظار خلال الحمل، وكيف اختلفت هذه المرة؟
الفارق الأكبر الذي كان خلال الحمل تمثل بأن أطفالي كبروا، فلم تعد مرحلة الانتظار والحمل ملكاً لي ولزوجي بل شكلوا جزءاً منها. كانوا ينتظرون ولادة «ميلا» مثلنا، بفارغ الصبر لشدة محبتهم لشقيقتهم التي ستنضم إليهم. كانت تلك المرحلة مسألة مشاركة بيني وبين زوجي وأطفالي الثلاثة.
- هل من لحظات صعبة في الأمومة تشعرين فيها بالإرهاق وبعدم القدرة على تحمل المزيد؟
مما لا شك فيه أن في الأمومة ضغوطاً كثيرة. فعلى الأم أن تكون كاملة وألا تخطئ. لكنْ، ثمة ظروف صعبة تمر بها. أحاول أن أمنحهم الكثير من العاطفة، لكنني مجبرة على أن أكون أكثر قساوة احياناً. لذلك أنا مضطرة أن أكون في الوسط. أنا قاسية عند الحاجة، وعاطفية جداً في باقي الأوقات. لكن حتى عندما أكون قاسية عند الضرورة قد أشعر بالندم لاحقاً. وبالنسبة إلى الإرهاق، نادراً ما اشعر به مع اطفالي، رغم أنني لطالما كنت أماً عاملة.
- تربية مَن مِن أطفالك كانت الاصعب؟
تربية ولدي الاصغر كانت الأصعب. فتربية الفتيات كانت أسهل بكثير. اليوم هن ينتبهن إليه ويهتممن به ويؤمّن كل حاجاته لاعتباره الأخ الأصغر، لكنني لا أسمح له باستغلال ذلك.
- الآن وأنت تحملين ميلا بعد انتظار 9 أشهر، كيف تشعرين؟
من البداية وأنا متحمسة لهذه اللحظة. اللحظة التي أشم فيها رائحتها وأحملها بين ذراعيّ وأُرضعها. كنت أنتظر بفارغ الصبر أن أحضنها... ومشتاقة فعلاً إلى رائحتها التي أشمها الآن والتي تعطيني فعلاً إحساساً رائعاً لا يوصف.
- للأم ضعف أحياناً تجاه أحد أطفالها، وإن كانت لا تفرّق بينهم. مَن مِن أطفالك هو نقطة ضعفك؟
ابنتي الكبرى نقطة ضعفي. لطالما كانت الأكثر هدوءاً وتربيتها الاكثر سهولة، وحتى اليوم هي تنتبه للبيت ولإخوتها.
- ما أجمل هدية تتلقينها في يوم الأم؟
ميلا اليوم هي أجمل هدية بالنسبة إلي. أما من الهدايا المادية السابقة فأحببت وشاحاً تلقيته هدية من أطفالي كانوا قد اشتغلوه بأنفسهم ورسموا عليه. أعجبني ذلك الوشاح بشكل خاص. أحب دائماً الهدية التي يبتكرونها بأنفسهم، فهي تعني لي الكثير وأحتفظ بها دائماً. كذلك يهدونني الورد، لا في عيد الأم فحسب، بل في الأيام العادية أيضاً. يقطفون الورود من حديقة المنزل ويقدمونها لي. لقد اعتادوا على ذلك. فكلّنا نهدي بعضنا الورود من دون مناسبة.
- ماذا علّمتك الأمومة؟
علّمتني الأمومة الصبر. وهذا ما لم أكن أتمتع به سابقاً.
- ما كانت المرحلة الأصعب لك: الحمل أم آلام المخاض أم تربية الأطفال؟
آلام المخاض هي الأصعب لي. فما إن أكتشف أنني حامل حتى أبدأ بالتفكير بها، وأن هذا اليوم الذي سأشعر فيه بها قادم لا محالة. هذا علماً أن الولادة تعتبر سهلة لدي على الرغم من أن المرة الأولى طالت قليلاً. كما أنني مع ميلا تألمت كثيراً.
- تنتظر الام عادةً بعد ولادة طفلها أن تتعلّم كل ما يرتبط بالعناية به كالاستحمام وغيرها من الأمور، إلى أي مدى لا تزال تلك التفاصيل تعني لك؟
مع ولادة طفلتي الكبرى تعلّمت كل تلك التفاصيل وكنت أسأل أيضاً جدّتي عن الكثير من الأمور. لكنها اليوم لم تعد تقلقني لأنني صرت أعرفها كلّها ومعتادة عليها. حتى أن ابنتي الكبرى تعلّمتها وتساعدني فيها وكأنها أم. هي بالنسبة إليّ اليوم أمور روتينية عادية لا أخشاها ولا أتحمس لها كثيراً.-
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024