شقيقات لا يفترقن... تجمعهن جينات الإبداع والموهبة
في الإمارات تبدو صورة الشقيقات تحت الأضواء أكثر وضوحاً في حالة الشقيقتين نهلة ومريم بن فهد، خصوصاً أنهما قد ارتبطتا منذ طفولتهما بحالة هي أقرب إلى التوأمة، ثم اجتمعتا على حب الإعلام ودراسته فتخصصتا فيه، قبل أن تجمعهما الأفلام الوثائقية في بداية عملهما. لاحقاً، اقترن اسم مريم بن فهد بنادي دبي للصحافة بصفتها مديرة تنفيذية ومسؤولة لسنوات طويلة عن «منتدى الإعلام العربي»، وهو ما جعلها من أشهر الوجوه الإعلامية على مستوى الوطن العربي، قبل أن تحط الرحال أخيراً مستشارةً للمجلس الوطني للإعلام. في الوقت نفسه، أضحت نهلة الفهد أشهر مخرجة كليبات مصوَّرة في الخليج والوطن العربي، قبل أن تبدأ مسيرتها الدرامية مع مسلسلات التلفزيون وأفلام السينما، وآخرها فيلم «الحجاب» الذي عرض في مهرجانات عالمية.
نهلة ومريم بن فهد... تكامل بين الفن والإعلام
نهلة ومريم بن فهد تؤكدان أنهما صديقتان قبل أن تكونا شقيقتين، فكل منهما أقرب إلى مستشارة لشقيقتها، وصاحبة الرأي الأول في عمل الأخرى، وتقول نهلة: «نعم، مريم تؤام روحي منذ طفولتنا، وهي الناقدة الأولى لأعمالي، والناصح الأمين في اختياراتي الفنية، وأعتزّ دائماً برؤيتها لأنها على وعي كبير بعالم الإعلام المرئي والأفلام الوثائقية وكل فنون الدراما، هذا فضلاً عن خبرتها الصحافية». أما مريم بن فهد فتشير إلى تلازم حياتها مع شقيقتها نهلة وارتباطهما الدائم في شكل أقرب إلى الكائن الواحد في أشياء كثيرة، ولهذا نادراً ما تفترقان.
تخرّجت نهلة في العام 2001 متخصصةً في دراسة الإعلام في كل مجالاته، وجذبها الفيديو والغرافيكس، وعملت لسنة كاملة عقب تخرجها في الغرافيكس، ثم انتقلت إلى التلفزيون وإخراج الأفلام الوثائقية والكليبات، وهي تعد المخرجة الأشهر في الإمارات والخليج العربي للكليبات، إذ قدمت أكثر من 60 كليباً للعشرات من نجوم الغناء الخليجي والعربي، خصوصاً صديقتها الدائمة ديانا حداد ثم لطيفة، كما أخرجت أعمالاً لغالبية مطربي الخليج ومطرباته. ولعل أشهر أعمالها «الدويتو» الذي جمعت فيه بين فنان العرب محمد عبده وعبدالمجيد عبد الله بعنوان «مرت سنة»، ومن بين من صورت لهم أيضاً: فايز السعيد، ميحد حمد، بلقيس وأريام وغيرهم... كما أخرجت العديد من الأوبريتات والأعمال الوطنية، ووصل بها الحال إلى إخراج 5 أغنيات وطنية في وقت واحد بطريقة الفيديو كليب في الاحتفالات الإماراتية باليوم الأربعين لعيد الاتحاد، إذ عالجت في كل أغنية فكرة مختلفة عن الأخرى، ومنها أوبريت «ولاء وانتماء» الذي شارك فيه 54 فناناً وفنانة من نجوم الأغنية الإماراتية.
وحصلت نهلة بن فهد على مجموعة من دروع التكريم والشهادات، منها تكريمها في يوم المرأة العالمي عام 2010، وجائزة تقديرية خاصة عن إخراج فيديو كليب «يا عيبو» في مهرجان أوسكار الفيديو كليب 2009 في دورته العاشرة في القاهرة، وأفضل مخرجة إماراتية ضمن استفتاء الفجيرة للإعلام 2008، وأفضل فيديو كليب للفنان عيضه المنهالي في استفتاء أبوظبي2007، ودرع تكريم لإخراج أوبريت «الرحيل» مهداةً الى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
مسلسل نهلة بن فهد الأول في مجال الدراما التلفزيونية كان «حرب القلوب» الذي شارك في بطولته خالد أمين وإلهام الفضالة وبثينة الرئيسي، وقد بدأت تصوير عملها الدرامي الثاني «أسرار» مع نخبة من نجوم التمثيل في الإمارات والكويت، بينما جاء الفيلم الوثائقي الطويل «ما وراء الحجاب»، والذي يستهدف الجمهور العالمي قبل المحلي، ليكون عملها السينمائي الأول، متناولةً قضية الحجاب، في صيغة تحليلية عميقة، وقد تم تصوير الفيلم في نحو تسع دول أوروبية وعربية، وعرض في ثلاث ولايات أميركية، وشارك في مهرجانات عالمية.
أما مريم بن فهد فقد اختارتها مجلة «فوربس» كواحدة من أقوى النساء العربيات في القطاع الحكومي. تحمل شهادة بكالوريوس في صناعة الأفلام والإنتاج السينمائي- تخصص إخراج من جامعة «ليدز متروبوليتان» في المملكة المتحدة، بالإضافة إلى شهادة الدبلوم العالي في الإعلام التطبيقي- تخصص إذاعة وتلفزيون من كلية دبي للطالبات – كليات التقنية العليا، كما تخرجت من برنامج إعداد القيادات الإعلامية الشابة من كلية دبي للإدارة الحكومية وبرنامج الإعلام الحكومي من معهد لندن للإدارة العامة. وفازت مريم بجائزة لجنة التحكيم الخاصة لمسابقة «أفلام من الإمارات» عن فيلمها القصير «فراق الروح» الذي قامت بكتابته وإنتاجه وإخراجه عام 2002، وجائزة شركة «سوني» للمخرجين الشباب عام 2000.
ومريم بن فهد إحدى الرائدات في الحقل الإعلامي، إذ ساهمت في وضع بصمة لافتة في مسيرة المنتدى العربي للإعلام منذ انضمامها المبكر إليه، وتسلّمها مهام وظيفية منذ فترة تدريبها، لتصبح في غضون ست سنوات المدير التنفيذي للمنتدى. استطاعت مريم الإلمام بالكثير من خصائص السينما من حيث الحركة والإضاءة والتحليل والمضمون، لتنحاز إلى الاحتراف في الإعلام المرئي، ونالت جوائز عدة خلال عملها في المجال السينمائي، منها «جائزة الشيخة هند آل مكتوم»، وشهادة تقدير في مسابقة الأفلام الإماراتية لعام 2004-2005 عن فيلميها «إلى المجهول» و «الانفجار»، وحازت جائزة التحكيم الخاصة في مسابقة الأفلام الإماراتية لعام 2002 عن فيلمها «بلا حياة».
أريام ورانيا... الشهرة لم تفسد «للصداقة» قضية
ومن الشقيقات في عوالم الفن أيضاً، في محيط الطرب والموسيقى، المطربة الإماراتية أريام وشقيقتها رانيا شعبان، وهما إماراتيتان من أصول مصرية، يجمعهما حب الفن.
حالة أريام وشقيقتها رانيا، تجسّد العلاقة المثلى بين الشقيقتين الفنانتين، حيث تخرج العلاقة عن نطاق الأخوّة التقليدية، إلى الصداقة الحميمة. ومعروف عن أريام ورانيا في الوسط الفني أن كلاً منهما نصف مكمل للأخرى، ووجود أريام في موقع ما يعني بالضرورة وجود نصفها الآخر رانيا.
أريام الأكثر حظاً من حيث الشهرة، إذ سبق لها الغناء في حضرة الراحل الشيخ زايد، تبقى بمثابة سند كبير لأختها. وفي مقابل العديد من الألبومات الفنية التي قدمتها أريام، هناك الكثير من الأغنيات «السينغل» التي قدمتها رانيا، لكن تخصص الأخيرة في الخارج في الصيدلة لفترة طويلة أبعدها بعض الشيء عن الوسط الفني، قبل أن تعاود نشاطها بقوة، مدعومة بمساعدة أريام ومشورتها.
وعن ذلك تقول أريام: «رانيا ليست أختي فقط، بل هي أهم صديقاتي، وهي بالفعل فنانة رقيقة وموهوبة، لكن لا يزال هناك الكثير من الطاقات والقدرات التي لم تكشف عنها بعد، وأعتقد أن الفترة المقبلة كفيلة بأن تبيّن ذلك بوضوح».
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024