تعرّفي إلى مدن شهدت على ولادة رائدات عبر التاريخ
بين باريس ونيويورك حكاية مدينتين عشقتا الحرّية فتجسدت منحوتة سيّدة تحمل شعلة الحرية، أهدتها فرنسا إلى أميركا، وربما ألهمت نساء نيويورك عام 1856 للتظاهر، لأجل حقوقهن الإنسانية والمدنية. وبعد عقود، وتحديدًا في 8 آذار/ مارس 1908 عادت آلاف العاملات للتظاهر وقد حملن شعار «خبز وورود».
وبعد أربعة عقود، عام 1945 تلقفت باريس تظاهرات نيويورك وعقد فيها أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديموقراطي العالمي لتعلن بعدها جمعية الأمم المتحدّة في الثامن من آذار/ مارس يوم المرأة العالمي. ومهما يكن التاريخ الذي يربط رحمي المدينتين، فإن بينهما وعلى امتداد المسافات، مدناً شهدت على ولادة نساء بعضهن عشن في كواليس التاريخ، فيما بعضهن الآخر كان حدث عصرهن الذي صنعنه بأصواتهن ونضالاتهن لأجل حرية شعوبهن، نساء ورجالاً.
سومور وباريس، والجزائر العاصمة، وكراكوف، وجونين وبوينس آيرس في الأرجنتين، وآدام ونيويورك... مدن شهدت على ولادة نساء غيّرن وجه التاريخ الحديث، فسكنّ ذاكرته بكل زواياها.
بين سومور وباريس نُسجت حكاية كوكو شانيل
في سومور ولدت كوكو شانيل عام 1883، وفي باريس تفتقت عبقرية هذه المصمّمة التي أحدثت ثورة في تصميم الأزياء النسائية المستوحاة من ملابس الرجال، جعلتها واحدة من 100 شخصية مؤثرة في العالم في القرن الماضي.
وسومور التي وُلدت فيها الآنسة شانيل هي بلدة تقع غرب فرنسا عند تقاطع نهرَي ماين ولوار، لن تتعرفي فيها إلى بيت شانيل لأنها في الأصل عاشت في ميتم، ولكنك ستتعرفين على هذه البلدة التي تحضن شوارعها الخلفية هندسة معمارية تعود إلى القرون الوسطى، فتجولين في شرايينها التاريخية، وتتذوقين حياة الفرنسيين، في الجلوس في أحد مقاهي البسترو في الهواء الطلق وتراقبين نبض الحياة في ساحة سان- بيار التي تبدو الحركة فيها بمزاج باريسي.
ثم سيري صعودًا نحو قصر Chateau de Saumur، وهو من أهم المعالم الأثرية في البلدة يقف على بعد 200 متر من الضفة الجنوبية لنهر لوار تم تصميمه من جانب المهندس المعماري جان درابو. وسومور هي موطن مدرسة الفروسية الوطنية الفرنسية التي تتباهى بنخبة فرسانها ومدربيها.
باريس وحكاية امرأة سطّرت أول خطوط الموضة النسائية
ومن سومور إلى باريس انتقلي، ليس على صهوة جواد، وإنما على متن القطار الذي يجمع وصل المدينتين. في العاصمة الفرنسية بدأت حياة شانيل العملية التي دعت النساء إلى التحرّر من «الكورسيه» الذي كان شرًا لا بد منه لسيدات الطبقة الأرستقراطية اللواتي كن يرغبن في الظهور بخصر نحيل.
فأنّثت الملابس الذكورية، وصممت قبعات من دون ريش أو كشاكش، وابتكرت عطرها الخاص. في شارع كامبون 21 في الدائرة الرقم واحد، افتتحت شانيل أول بوتيك لها في باريس، قبل أن تنتقل إلى 31 شارع كامبون عنوان دار شانيل.
فلمَ لا تجولين في هذا الشارع الواقع في وسط باريس، وعلى مرمى حجر من ساحة فاندوم، وشارع فوبورغ سانت أونوريه، وتتقمصين ليوم واحد أسلوب شانيل في تذوّق الموضة، وتسيرين على خطى أناقتها المؤنثة، وتتعطرين بنكهة باريس؟ ارتادي أحد مقاهي الرصيف التي تشتهر بها المدينة وتخيّلي شانيل الشابة وهي تثور على صورة المرأة التقليدية فترسم نمطًا جديدًا في أزياء تحافظ على أنوثتها رغم ذكورتها.
ثم اقصدي ساحة الفاندوم حيث الترف الباريسي والحياة المخملية متحلّقة حول الساحة بأبّهة القرن السابع عشر، فهنا تنتشر البوتيكات ومحلات المجوهرات العالمية مثل كارتييه وشوميه، وبالطبع شانيل.
ومن عالم شانيل تصفحي وجهًا آخر لباريس في رابية مون مارتر التي تقع شمال العاصمة الفرنسية التي كانت ولا تزال ملجأ للفنانين... فخلال القرنين التاسع عشر والعشرين كانت ملاذ الرسامين، لأن استئجار شقة فيها كان رخيصًا مقارنة بوسط باريس، واستقبلت فان غوغ وبيسارو وبيكاسو... تتميز بالشوارع الضيّقة والمرصوفة والتي يتصل بعضها ببعض بواسطة السلالم، فلا تترددي بأن تقفي عند أحد رسامي البورتريه المنتشرين أينما جلت في مون مارتر، وتطلبي منه أن يرسم معالم وجهك في لحظات باريسية.
ثم اصعدي نحو ساحة الكاتدرائية واستمتعي بمشهد بانورامي لباريس المتباهية بجمالها الطبيعي وبرج إيفل يتأمل في مدينته الغارقة في أضوائها.
الجزائر العاصمة الشاهدة على ولادة جميلة بوحيرد
الجزائر بلد المليون شهيد... فيها من الجمال الساكن بين البحر الأبيض المتوسط والصحراء الكبرى، الحاضن لتاريخ غني يجمع بين المتوسط وأفريقيا وأوروبا، ولعلّ عاصمتها الجزائر التي كثرت الأقاويل والأبحاث الأركيولوجية حول نشأتها هي نموذج حي للبلاد.
فوفقًا للأسطورة اليونانية، أسّس «الجزائر» 20 من مرافقي هرقل الأمازيغي، واسمها الأصلي بالفينيقية «إيكوسيم»، يُقال إنه مستمدٌ من الكلمة اليونانية التي تعني عشرين، ومن ثم أصبحت الجزائر في عهد الدولة الاسلامية، ليطلق اسمها على البلد نفسه الجزائر. ومهما اختلفت الآراء حول تسمية الجزائر العاصمة، فممّا لا شك فيه أنها المدينة الولاّدة لأحرار الجزائر، ولا سيما جميلة بوحيرد.
حي القصبة الشاهد على ولادة جميلة
في حي القصبة في الجزائر العاصمة وُلدت جميلة بوحيرد التي قالت لجلاّديها وهي تنزف حرية بعدما أصابتها رصاصة جورهم: «أعرف أنكم سوف تحكمون عليّ بالإعدام، لكن لا تنسوا أنكم بقتلي تغتالون تقاليد الحرية في بلدكم، وإنكم لن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرة مستقلة».
فثار العالم العربي في خمسينيات القرن العشرين برجاله ومراهقاته وشاباته وعجائزه لنصرة هذه المناضلة العاشقة لحرية بلدها الجزائر، فكان الاستقلال عام 1962.
وحي القصبة هو أحد الأحياء القديمة في الجزائر، وقد بُني على أنقاض «إيكوسيم» القديمة. وهو مسجل في لائحة اليونيسكو للتراث العالمي. جولي في متاهات حارات هذا الحي وبيوته الرائعة، وتخيّلي جميلة الطفلة، وهي تلعب ببراءة في أحد الأزقة، لتصبح الشابة المتسللة ورفاقها الفدائيين، بين الأزقة ينشرون الرعب في قلوب جنود الاستعمار، يخوضون أشرس معارك التحرير. قد تضلّين الطريق وأنت تجولين في ساعة زمن الماضي، ولكن يكفي أن تسيري باتجاه البحر حتى تعودي إلى السبيل الصحيح.
تركت جميع الحضارات التي مرت على الجزائر أثرها المعماري. فالعمارة العثمانية المتأثرة بالفن البيزنطي من عقود وقباب تبدو واضحة في حي القصبة وفي بعض المساجد والقصور وغيرها، على غرار قلعة الجزائر وقصر الرياس المكوّن من ثلاثة منازل ومجموعة من منازل الصيادين، ومتحف الباردو، إضافة إلى جامع كتشاوة، وغيرها من المباني التي توحي بنوعية النمط العمراني الذي كان سائدًا في ذلك الوقت، وقد أُلحق في ما بعد بمجموعة من المباني العثمانية على رأسها حصن يطل على خليج مدينة الجزائر.
فيما النمط الكولونيالي الفرنسي يبدو جليًا في مباني الواجهة البحرية لحي القصبة مثل قاعة المدينة، والمحاكم، والمباني، والمسرح، وقصر الحاكم، والكازينو، تشكل الواجهة البحرية طريق مشاة يعرف بشارع تشي غيفارا، وكان سابقًا شارع الجمهورية، وهو شارع أنيق تحدّه الأروقة التي تدخلك في متاهة جزائرية فريدة.
يمتد على طول شواطئ الجزائر العديد من المنتجعات السياحية العالمية، وشاطئ سيدي فرج الذي يعتبر أكبر منطقة سياحية ساحلية معروفة في الجزائر. وإلى جانب شاطئ سيدي فرج، شاطئ خلوفي الذي يقع في «زرالدة»، كما تحتوي الجزائر على شاطئ خاص نادي الصنوبر الذي يقع في موقع مميز يتيح لك استكشاف مدينة الجزائر العاصمة والمناطق المحيطة بها.
بين جونين وبوينس آيرس وُلدت إيفا بيرون المناضلة
في بلدة جونين عام 1919 وُلدت إيفيتا دوارتي الفقيرة، وظهرت براعم طفولتها وزهّرت مراهقتها، وفي بوينس آيرس ناضلت الشابة وزوجة الرئيس الأرجنتيني لأجل الفقراء، فعشقها الأرجنتينيون، إلى درجة يقال إن الآلاف نُقلوا إلى المستشفيات بعدما سحقوا في الحشود المتدافعة في وداعها عام 1952.
تقع جونين شمال بوينس آيرس بين شرق الأرجنتين ووسطها، في مقاطعة بامبا على نهر سالادو. جولي في هذه البلدة التي حفظت منزل ابنتها إيفا دوارتي ومكتب الدائرة المدنية حيث عقد قرانها لتصبح إيفا بيرون. تقدّم لك جونين جميع السيناريوات الطبيعية والإنسانية لتجعلك سائحة في عالم أرجنتيني فريد.
فكما ابنتها، انتفضت المدينة على صورة الفقر التي التصقت بها لعقود طويلة، لتشكّل اليوم إحدى الوجهات السياحية الرائعة في الأرجنتين. فهنا شاركي في الفعاليات الثقافية والفنية والمتاحف التاريخية والعروض المسرحية والموسيقية في عطلة نهاية الأسبوع.
مزيج مثالي من وسائل الترفيه والمتعة والهدوء تحوزينه من السياحة الريفية والنشاطات البحرية مثل صيد الأسماك، ونشاط القفز بالمظلة والتخييم في الطبيعة.
كما يمكنك النزول في فندق خمس نجوم، في غرفة أنيقة، أو في غرفة في بيت الطلبة. أما ليل جونين فيكشف عرض تذوق الطعام في الحانات والمطاعم التي تقدم أفضل أطباق اللحم المشوي.
بوينس آيرس الوفية لإيفا بيرون
ومن جونين توجّهي إلى بوينس آيرس العاصمة الأرجنتينية التي بدأت فيها بيرون مسيرتها من مغنية في الإذاعة إلى مناضلة لأجل الفقراء إلى السيدة الأولى التي استمرت حتى اللحظة الأخيرة من حياتها تدافع عن المرأة وأطفال الشوارع وتحارب الفقر، المدينة التي غرقت بالورود، يوم وداع محبوبتها بيرون.
في بوينس آيرس جولي في عالم بيرون النضالي، في مبنى «موزاييك إيفا» وقفي تحت الشرفة التي كانت منها تخطب في الأرجنتينيين، ثم سيري نحو متحفها وتعرّفي إلى أشيائها، فكل زاوية في بونيس آيرس تتكلم على إيفا بيرون.
بين روح المناضلة الأرجنتينية المدافعة عن الفقراء والأطفال المشردين والنساء المعنّفات، والترف الذي بات يسيطر على الكثير من جوانب العاصمة، تجدين نفسك وسط الكثير من التناقضات التي تجعل منها مدينة فريدة تضجّ بإيقاع التانغو الذي أبصر النور للمرة الأولى فيها عام 1880.
تشعرين وأنت في وسطها التجاري بأنك في أحد الأحياء الباريسية بفنادقها الفخمة ومقاهي الرصيف حيث يجتمع رجال الأعمال والموظّفون والمتسوّقون لتناول القهوة أو الغداء على الطريقة الأوروبيّة. في حين تصطف على طول جاداتها الأشجار وتتوسطها الساحات الأنيقة التي تنطلق من بعضها شبكة عنكبوتية من الشوارع، تتجاور فيها المصارف والشركات التجارية والبوتيكات التي تعرض منتجات دور الأزياء العالمية. وما عليك سوى السير على خطى التانغو بثقة لتتسوّقي على إيقاعاته.
من بلدة آدام في ماساتشوستس إلى نيويورك انتقلت سوزان بي. أنطوني الناشطة الأميركية التي حاربت الرق
في مقاطعة بيركشاير، في ولاية ماساتشوستس، تقع بلدة آدام التي شهدت على ولادة سوزان بي. أنطوني عام 1820 المناضلة الأميركية التي قامت بحملة شرسة ضد تجارة الرقيق، وناضلت لأجل حقوق المرأة والعمّال، وهي أول سيدة تجرأت على التصويت، فكان جزاؤها غرامة 100 دولار أميركي لتصبح في ما بعد أول سيدة توضع صورتها على قطعة الدولار المعدنية... إنها مفارقات عالم السياسة.
تمتد بلدة آدام على وادٍ يزنّر نهر هوسيك ورافديه. تحدّها من الشرق ولاية فلوريدا وسافوي، إلى الجنوب من سافوي وشيشاير، وإلى الغرب من نيو أشفورد ويليامز. يبدو من موقع آدام الجغرافي أنها بلدة وديعة وهادئة، ولكنها تحضن الكثير من جمال الطبيعة الذي ربما كان الحافز لسوزان المدرّسة لتحمل شعلة الدفاع عن حرية المرأة والعمال، ومناهضة تجارة الرقيق. فلعلها في ذاك الزمان كانت تلمس قسوة المجتمع الذكوري على المرأة والعمال والعبيد. حملت قضيتها وسافرت إلى نيويورك وهناك تبلورت قضيتها وقادت التظاهرات وأسست مجلتها الأسبوعية The Revolution.
إذًا، في نيويورك عاشت أنطوني نضالها الحقوقي. وفي مانهاتن كانت مكاتب صحيفة «ذا ريفولوشين» وتحديدًا في شارع بارك رو الذي كان جزء منه يعرف بساحة دور النشر Printing Houses Saquare. جولي في هذا الشارع وتعرّفي إلى قلب مدينة نيويورك التي تجمع الأضداد: المال والسياسة من جهة، والثقافة والفنون من جهة أخرى.
ولعلّ موقع نيويورك الجغرافي المشرف على المحيط الكبير والمساحات الخضراء الرحبة، قد جعلها مدينة تعشق الحرّية، كما طير النورس الذي يتباهى بتحليقه في فضائها وكأنه يراقب حركة المدينة التي تنداح كما أمواج المحيط. تخيلي المشهد وارجعي بالزمن إلى الوراء في بداية القرن التاسع عشر وتصوّري الحشود التي تجتاح نيويورك يوميًا بتظاهرات نسائية تقودها سوزان أنطوني، يهتفن لأجل حقوقهن.
وتأملي في تمثال الحرّية الذي أهداه الفرنسيون عام 1886 إلى سكّان نيويورك، والذي لا يزال يحمل شعلة الحرية ويقف وسط «جزيرة الحرّية» جنوب مانهاتن. لا يمكن أن تفوّتي مغامرة الصعود إلى المنحوتة، وتقفي عند الشعلة التي ترفعها، أو تدوري في حضن إكليلها للاستمتاع بمشهد عزّ نظيره في العالم.
غريبة نيويورك، التجوال فيها يجعلك تختبرين كل المشاعر، تُدخلك في الحرية بكل وجوهها، ولا سيّما موسيقى الجاز التي تجيد اللعب على إيقاعاتها وأنماطها، فهي العاصمة العالمية لموسيقى الجاز منذ ثلاثينات القرن العشرين، رغم أن أنغامها صدحت للمرة الأولى في مدينة نيو أرولينز في أواخر القرن التاسع عشر، حين وجد الأفارقة الأميركيون فيها وسيلتهم للتعبير عن الظلم الذي يلحق بهم بسبب لون بشرتهم.
ويعتبر حي هارلم معقل الجاز حيث يوجد شارع سوينغ (وسوينغ أحد أنواع الجاز) الذي يعرف اليوم بشارع 52، وسمّي كذلك تكريمًا للموسيقيين الذين كانوا يأتون للعزف في النوادي الليلية المنتشرة في هذا الشارع، علّهم يأخذون قسطهم من الحلم النيويوركي، فأبدعوا وابتكروا أنماطًا من الجاز مثل البلوز والراغتايم والسوينغ والووغي بوغي والجاز اللاتيني، والسول... ليصبحوا أسياد الجاز مثل لويس أمسترونغ وكينغ أوليفر وغيرهما.
كراكوف... هنا وُلدت إيلينا روبنشتاين
هنا في كراكوف وُلدت إيلينا روبنشتاين، وهنا ربما ولدت معها أفكارها الجمالية فكانت المرأة المؤسسة لأول شركة مواد تجميلية في العالم. وكراكوف مدينة بولندية تفتخر بروائعها الهندسية والفنية، ولم تسمح لتجاعيد الزمن باجتياحها، ولا لشيب التاريخ بأن يضربها، بل بقيت مدينة شابة تعيش بروحها المتجدّدة، مثلما تفعل مواد روبنشتاين، التي ربما حملت صور كراكوف عندما هجرتها عام 1902 إلى النمسا، إلى مدينة كارولين في مقاطعة فيكتوريا، وكان في جعبتها القليل من المال، ولكن فيها المرهم الذي جعلها إحدى أكثر النساء ثراءً في القرن العشرين.
تدعوك كراكوف إلى عالم بولندي فريد، فأينما جلت في هذه المدينة تجدين نفسك وسط فنون معمارية متناثرة توقعك في حبائلها من النظرة الأولى. هنا طبقات متتالية لأنماط معمارية مختلفة تراكمت على مدار العصور.
مدينة عتيقة تحضن شعلة المعمار القوطي والباروكي وعصر النهضة تروي 750 سنة من التاريخ، فيما تصطف المباني التاريخية في ساحة السوق الكبرى بكل فخر، لتحاري في أي فندق تنزلين وأي مقهى ترتادين.
وكراكوف القرن الواحد والعشرين مدينة دينامية تتزاحم فيها الحركة الثقافية، مهرجانات الجاز، ومسرح الشارع والعروض الفنية الأولى. كل هذا يجعلها ترحب بك في عالمها بكل ثقة. جولي في سوق بلاك نوفي التي تنفرج عند ساحة فريدة تتحلق فيها المقاهي والنوادي الليلية، وتحديدًا ألشيميا
Alchemia وهي مكان مثالي لمراقبة المارة، وفي الوقت نفسه للتنقل بين النوادي الموسيقية. فيما تتكاثر غاليريات الفن في الشوارع المحيطة بها، وكذلك سوق البرغوث وسوق الطعام. تستحق هذه السوق اسمها «الفضاء الجديد» Plac Nowy، فوجهها يتغير دائمًا والإبداع فيها لا يتوقف، مثلما تفعل منتجات روبنشتاين.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024