تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

100 امرأة يغيّرن العالم... ليليان لاندور: كيف يستقيم العالم بنصفٍ واحدٍ؟

والدها عربي ووالدتها كوبيّة، نشأت في لبنان ثم في سويسرا وفرنسا وألمانيا. هي ليليان لاندور، تعمل في البي بي سي منذ 24 سنة، بدأتها كمقدّمة برنامج على أثير بي بي سي فرنسا، ثم انتقلت إلى bbc الإنكليزية إلى أن تسلّمت منصب مديرة اللغات على 27 قسم في bbc الذي يضمّ 1200 شخص يتوزّعون بين لندن والعالم.

انبثقت فكرة "100 امرأة يغيرن العالم" من القسم الذي تعمل فيه، فكانت المسؤولة عن هذا الحدث الضخم والحريصة على تنفيذه بحرفية عالية كي توصل أصوات النساء الخافتة إلى آذان العالم أجمع.

 

1-    كيف تبلورت فكرة 100 امرأة الآن وفي هذا التوقيت، مع العلم أن المرأة تعيش أزمات مجتمعية منذ زمن بعيد؟

خلال آذار/مارس الماضي، أجرينا نوعاً من الاستفتاء والأبحاث على كل منابر bbc للنسوة اللواتي يتابعننا، فصدمتنا النتيجة التي توصّلنا إليها. إذا اعتبرت غالبية النساء أنهن لا يحظين بتغطية خاصّة من المحطّة بأقسامها المسموعة والمرئية المسموعة والرقمية، للمواضيع التي تمسّهن في حيواتهنّ اليومية. فكما يحببن أن يستمعن إلى السياسة والإقتصاد وإلى ما هنالك من برامج تشغل المساحة الكبرى من مواضيع بثّنا، لكنهنّ في الوقت عينه يحسسن أن صوتهنّ كنساء مخفي، وهنّ بحاجة إلى منبر يتناول قضايا المجتمع بشقّه الأنثوي الغائب حالياً. من هنا كانت فكرة القيام بمبادرة لتنظيم حدث كبير يعطي النساء ما يطلبنه منا. فاخترنا تشرين الأول/أكتوبر وزدنا المساحة الإعلامية التي تشغلها المرأة في وسائل اتصالنا بما في ذلك المحطة الأم والمحطة الناطقة باللغة الإنكليزية، ونوّعنا في البرامج والتقارير لتطال المرأة بشكلٍ أوسع، كما دعونا 100 امرأة من حول العالم إلى لندن للمشاركة في طاولة حوار كبيرة ليتناقشن حول التحديات التي تواجههن، على أن تكون الجلسة منقولة مباشرة على الهواء على كل منابر بي بي سي.

2-    هل للثورات الشعبية في مناطق عدّة من العالم تأثير على القيام بهذه الخطوة؟

بالتأكيد أثّر هذا الحراك كثيراً في دفع المرأة للمطالبة بحقّوقها بشكل أوسع، وهذا بالمناسبة ليس محصوراً بعالمنا العربي. فصوت النساء كصوت الأقليات لا بد أن يصل، مع أني لا أعتبر المرأة أقليّة مطلقاً، هي نصف المجتمع ومن حقها أن ترفع صوتها في وجه من طمسه. وإذا لم نستمع، نحن كإعلام، لأصوات هؤلاء النسوة التي تعلو شيئاً فشيئاً نكون قد أغلقنا آذاننا عن سماع أصوات نصف العالم.

3-    لماذا اختيار أكتوبر بدلاً من آذار/ مارس الشهر الذي يصادف فيه يوم المرأة العالمي؟

هذا الموضوع مرتبط بشكل أساسي ببرمجة bbc. كما أن حماستنا لتنظيم هذا الحدث دفعتنا إلى الإسراع قدر الإمكان في تنفيذه. ربما كان آذار أفضل من حيث الضجة التي كان سينتجها. لا أعرف...

4-    كيف وقع الاختيار على هؤلاء النسوة؟ وهل كانت شهرة المرأة في محيطها سبباً لاختيارها ضمن قائمة النساء المئة؟ أتبحثون عن الجدل الذي تحدثه النساء المختارات في المجتمع؟

بالتأكيد ليس هذا هو السبب، بل على العكس. حرصنا أن نختار نساء عاديات يمكن أن تلتقي فيهن في العمل وفي حياتك اليوميّة، لكنهنّ استطعن أن يحققن نجاحاً في المضمار الذي يعملن فيه أو يملكن الشغف تجاهه. فمن الشرق الأوسط اخترنا مثلاً نادية السقّاف وهي محررة "اليمن تايمز" ورزان غزاوي وهي مدوّنة سورية، وبهية شهاب وهي فنانة مصرية، ومطربة أيرانية عمياء، وكاتبة جزائرية، كما اخترنا امرأة من زيمبابوي تعمل في مجال التمريض ولم تجد من يرعى لها ابنها الصغير فقررنا استقدامها مع طفلها، وغيرهن كثيرات من النساء اللواتي يردن إيصال أصواتهن حتى لو لم يكنّ مشهورات لكنهن في قطاع الحياة الذي يعملن فيه يشكّلن أهمية ويستطعن أن يحدثن فرقاً.

5-    كيف تم الوصول إلى هؤلاء النسوة، العاديات إذا صحّ التعبير؟

لدينا 27 قسماً حول العالم، من روسيا وأفريقيا وأوكرانيا وغيرها من البلدان، وفريق عملنا اجتهد ليصل إلى انتقاء النساء المعنيات، كما استعنا بمواقع التواصل الاجتماعي خصوصاً تويتر ووسائل الاتصال الحديثة وتلك التقليدية. عملنا على كل الجبهات.

6-    لا بد أن عملية الانتقاء أخذت الكثير من الوقت؟

بالطبع، كثيراً من الوقت وكثيراً من الجهد. فجمع مئة امرأة في غرفة واحدة في البي بي سي تطلّب منا مجهوداً جبّاراً، لكن تبعات هذا التجمّع وأثره سيكون كبيراً أيضاً. لمسنا هذا الأثر على صعيد البرامج التي بُثّت منذ بداية هذا الشهر وننتظر يوم الجمعة كي نكلل شهرنا بالحدث الأضخم الذي سيبثّ على كل منابرنا كما ذكرت عبر برامج مخصّصة وتقارير عن النساء ومقابلات معهن والحوار بينهن.

7-    لا شكّ أن خطوة كهذه تعتبر سابقة لأنها تفتح مجالاً للحوار الذي يعتبر الخطوة الأولى في مشوار الألف ميل، لكن ما هي الخطوات اللاحقة؟ هل سيكون طقساً سنوياً؟

أتعرفين، سئلت من مراسلة "الغارديان" السؤال نفسه وكان جوابي: قطعاً لا. لأننا إذا فكّرنا في موسم آخر نكون قد فشلنا في تحقيق الهدف الذي نطمح إليه. فلا يجوز أن نخصّص شهراً فقط لتناول هواجس النساء، يجب علينا من الآن وصاعداً أن نبرز قضايا النساء وهمومهن في جميع برامجنا على مدار السنة من دون تخصيص شهر معيّن. هذا ما نطمح إليه. قبل تنفيذ أي برنامج جديد سنسأل أنفسنا: هل ستهتم المرأة به؟ حتى في البرامج السياسية والاقتصادية سنسعى إلى استضافة نساء لإبداء آرائهن، لأنهن كفوءات وغيابهن تقصير منا نحن الإعلاميين. اعتباراً من هذا الحدث ستكوت المرأة حاضرة في برامجنا في كل أيام السنة وليس فقط في فترة محددة.

8-    ما مدى اعتمادكم على مواقع التواصل الاجتماعي؟

نحن نشيطون جداً على تويتر الذي يلاقي الكثير من المتابعة، وعلى صفحاتنا على فايسبوك أيضاً. للمواقع الافتراضية الاجتماعية أهمية في عملنا منذ انطلاقة الشرارة الأولى لهذا الحدث.

9-    عولمة مشاكل المرأة عبر جمع نساء من أنحاء العالم يفيد قضيّتها أم على العكس يوسّعها فتفقد خصوصيتها؟ (خصوصاً أن الحل يبدأ في التفاصيل الصغيرة التي تبني بتراكمها حياة أفضل)

هدفنا ليس الحديث عن المشاكل فقط، فمن النساء من ستتكلّم عن نجاحات وأمور إيجابيّة. بالطبع، لا تخلو حياة المرأة من المشاكل كالاغتصاب والإجهاض والعنف والختان وغيرها، لكن هناك منجزات حقّقتها المرأة واكتسبتها عن جدارة بنضالها الطويل وهذا أمر حريّ بنا أن نتكلّم عنه أيضاً.  

كما سنتطرّق إلى التفاصيل الصغيرة في حيوات هؤلاء النسوة، فكل امرأة ستتكلّم عن تجربتها الشخصية، عن فشلها وانتصاراتها، هكذا يكون التواصل بينها وبين الآخر أصدق فيتماهى معها الجمهور النسوي بشكلٍ أكبر. التجارب المجتمعية تتشابه، والتفاصيل الشخصية تعطي كل تجربة مصداقيتها.

10-                       كيف كان تجاوب النساء مع هذه الدعوة؟

دعونا الكثير من النساء ومعظمهن وافق، لم نجد صعوبة في استقدام 100 امرأة إلى لندن. وهذا ما أكّد لنا أهميّة الحدث الذي ننفّذه، والذي ستحضره نساء من أنحاء العالم.

11-                       أتظنين أن الحل لهذه الصراعات التي نعيشها سيكون على يد امرأة؟ خاصةً أنكم جمعتم الأطراف المتنازعة سياسياً حول العالم على طاولة حوار واحدة، أميركا وإيران مثالاً.

مبتسمة أجابت: لا أعرف إن كان الحلّ سيكون على يد امرأة، لكني متأكدة أننا إذا سمحنا لكل مكونات المجتمع بالتعبير سنجد الحل. هدفنا الجمع، ومن كلمة جمع ينبثق المجتمع لذا لا يستقيم حل من دون جمع أطرافه كاملة.

12-                       أخيراً وبعيداً عن عملك في بي بي سي، هل ترضيكِ نشاطاتك كامرأة تعيش فرديتها في هذا العالم، خصوصاً أن الفكرة فكرتك؟

بالتأكيد ترضيني، لكني أولاً وأخيراً صحافية وأؤمن بأن الصحافة تستطيع أن تحدث فرقاً في المجتمعات، وهذا السبب الأساسي لكل عملي. أشعر بأني مسؤولة عن إحداث تغيير.

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077