للأهل دور مهم في دعم التلميذ في هذه المرحلة
عندما ينتهي التلميذ من المرحلة المدرسية المتوسّطة وينتقل إلى المرحلة الثانوية، يواجه تحديًا من نوع آخر. فهو يدخل المرحلة التي يؤثر النجاح فيها أو الرسوب في دراسته الجامعية وبالتالي مستقبله العملي. فما هي معالم هذه المرحلة؟ وما دور الأهل فيها؟
«لها» التقت الإختصاصية في علم النفس التقويمي لمى بنداق.
ما هي المعالم الرئيسية للمرحلة الثانوية؟
تمتد المرحلة الثانوية من الخامسة عشرة حتى الثامنة عشرة، وهي مرحلة مراهقة متوسطة، ولها بعض السمات والخصائص التي تظهر على التلامذة وتتصل بالقدرات الجسدية و الذهنية والعاطفية.
فهي مرحلة ما بين المرحلة المتوسطة التي تعتمد إلى حد ما على الأهل وبين المرحلة الجامعية التي هي تحضيرية للحياة والعمل والاستقلالية. إنها بداية مرحلة أخذ القرارات وتحمل النتائج.
ولهذا على التلميذ الإختيار ما بين التوجة إلى الإختصاص العلمي أو الإختصاص الأدبي أو الإنسانيات.
ففي لبنان يجب على التلميذ الإختيار في صف الثانوي الثاني ما بين فرع العلوم وفرع الإنسانيات ليعود ويختار في الثانوي الثالث بين الإجتماع والإقتصاد، والآداب والإنسانيات في المجال الأدبي، وما بين علوم الحياة والعلوم العامة في المجال العلمي.
إنها بداية الإختيار للتخصص الجامعي، أي التحضير لمجال العمل. إنها مرحلة مهمة من مراحل النضج والتوازن.
ما هي التغيرات التي تحدث لتلميذ المرحلة الثانوية على الصعيد النفسي؟
الدخول إلى المرحلة الثانوية يعني بلوغ مرحلة من مراحل تكوّن شخصية المراهق، تتخذ خلالها تنشئته الاجتماعية منحى جديدًا وحاسمًا، يتبلور في تحوّل الأدوار الاجتماعية لديه.
فهذه المرحلة هي الأكثر صعوبة بالنسبة إلى المراهق، لأن عليه خلالها التركيز على قدراته الفكرية، مما ينشئ تناقضاً بين التغيرات الجذرية في جسده وعلاقاته مع الآخرين وبحثه عن هويته المقبلة، وبين ضرورة بذل جهد كبير للحفاظ على مستوى معين من العلم كي يتمكن من التوجّه إلى المهنة التي يريدها في المستقبل.
فالتغيرات البيولوجية التي تصاحبها تغيرات ذهنية تجعل المراهق يشعر بالقلق والتوتر، وهذا طبيعي، فقد بدأت تظهر علامات النضج على مظهره وبدأ ينظر إلى العالم من حوله بشكل مختلف، فهو لم يعد ذلك الطفل الصغير الذي عليه النوم باكرًا، أو يكتفي بعلاقاته مع والديه والعائلة أو الأقران الذين يكونون في غالب الأحيان مقبولين إلى حد كبير من الأهل أو هم الذين حدّدوا له صداقته بهم.
لقد بدأ هذا المراهق بالتعرّف إلى معنى الصداقة بعيدًا عن مقاييس الأهل، وبدأ يسأل عن معنى الوجود ويحاول تحديد هويته ويسعى للاستقلال، كما أصبح المظهر أمرًا خاصًا به يعكس شخصيته هو، فيحاول بشتى الوسائل الإعلان عن وجوده ككيان مستقل.
يخرج من دون أن يطلب الإذن، و تتحوّل غرفته إلى مساحة خاصة به يفعل فيها ما يحلو له، فإما أن يغيّر ديكورها ويرتبها أو يترك الفوضى تعمّ فيها.
ما هي التغيرات على الصعيد العقلي؟
من ناحية القدرات العقلية فالتلميذ تزداد قدرته على الاستفادة من الناحية التعليمية مع زيادة المقدرة على العمليات العقلية العليا مثال التخيل والتفكير والتحليل وإعادة التركيب. كما يتصف بالفضول وحب الاستطلاع ويكوّن فلسفة خاصة به.
ولكن تلامذة هذه المرحلة يتصفون بالطموح الكبير الذي يكون في أغلب الأحيان فوق طاقتهم ويظهر لديهم الولاء للمبادئ والمثل العليا. وتقوى لديهم الرغبة في الاختلاط بالآخرين، ولهذا نرى أن بعض المدارس أدخلت في مناهجها العمل الإجتماعي فالتلميذ أصبح مسؤولاً عن إتمام ما يقارب المئة وعشرين ساعة من العمل الإجتماعي في المرحلة الثانوية كشرط للتخرج من المدرسة.
وكذلك، تظهر لدى المراهقين الرغبة في التأكد من صحة المعتقدات، كما يميلون إلى الحرية الذهنية لذلك تعد هذه المرحلة مرحلة يقظة عقلية. إنها مرحلة إكتساب مهارة التعلم الذاتي وإكتساب مهارة الدقة في العمل.
ما هي التغيرات على الصعيد العاطفي والإجتماعي؟
من ناحية القدرات العاطفية فالحرية العاطفية يتم تكوينها في هذه المرحلة حيث يميل المراهق إلى تكوين علاقات مع الجنس الآخر، وتأخذ الشخصية طريقها إلى النمو والتكامل، ويصبح التلميذ قادراً على إقامة العلاقات وعلى اتخاذ القرارات، وتتكوّن الآراء المهنية والمعتقدات الدينية ويصبح لديه الإحساس بالترابط الوثيق بعدما تكوّنت لديه القدرة على الرقابة الذاتية القوية.
لذلك نجد طالب هذه المرحلة يمر بمرحلة صراع بين هذه التغيرات الجديدة، فالتوق إلى الإستقلالية والحرية يجعله في صدام مع سلطة الأهل التي كانت سائدة طوال الفترات السابقة من عمره.
ما دور الأهل في هذه المرحلة؟
للأهل دور في مساندة المراهق في تخطي المرحلة المدرسية الثانوية. ويمكن اتباع النصائح الآتية
- تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والأكاديمي من خلال تركيز الاهتمام على نقاط القوّة لدى المراهق واهتماماته والنشاطات التي يفضّلها.
- الاطلاع على ما ينتظره في هذه المرحلة لناحية المنهج الدراسي والمعلمين ونظام التعليم.
- مشاركته في وضع أهداف يسعى إلى تحقيقها تنسجم مع مسؤولياته الدراسية وحياته الاجتماعية.
- الاستماع إلى شكواه ومشاركته في حل المشكلات التي يواجهها.
- · تشجيعه على القيام بنشاطات لامنهجية (لاصفّية).
- المحافظة على التواصل معه ومواكبته في ما يحتاجه وتقديم الدعم والمساعدة عند الحاجة.
- مساعدته في الاتصال بمن مرّوا بهذه المرحلة والتحدّث عن خبرتهم.
- تقديم الدعم الدراسي في حال تعثّره في مرحلة مبكرة. فمثلاً إذا واجه صعوبة في فهم مادة مدرسية يمكن تعيين أستاذ خصوصي يساعده في فهمها.
- التنسيق مع إدارة المدرسة والمعلّمين للإطلاع على ما هو متوقّع منه في هذه المرحلة ومشاركته في وضع خطة للدرس.
- إظهار الاهتمام بواجباته والقضايا التي تشغل فكره ومناقشته في المشكلات التي يواجهها.
- التعامل معه كراشد وإظهار أنهم يدركون التحوّل الذي يحصل له.
- التخفيف من المواقف السلطوية والسماح له بالتعبير عن آرائه.
- عدم الاستهزاء بأحلامه أو أمنياته خصوصًا في ما يتعلّق بدراسته الجامعية أو مهنته المستقبلية.
- ألاّ يبالغوا في لوم ابنهم اذا فشل، وألا يحاولوا الحط من خياراته وألا يستغلوا الأمر وكأنه نقطة ضعف بل عليهم مساعدته على تخطي الفشل، فالهدف هو بناء شخصية المراهق لا هدمها.
ما هي التوصيات لتلامذة المرحلة من جهة الإنتقال الى المرحلة الجامعية؟
الإختيار الصحيح للتخصص هو مفتاح النجاح في مجال العمل والحياة. فقد أثبتت الدراسات أن كمية الإنتاج ونوعيته تتصلان بشكل مباشر بنظرة العامل وميوله. واليوم بعد الثورة في عالم الإتصالات أصبح التلميذ قادراً على دخول الإنترنت والبحث عن مجالات العمل والتخطيط لمستقبله بناءً على ذلك.
دراسة
المهارات الإجتماعية والإكتئاب
أثبتت دراسة حول المهارات الإجتماعية لدى المراهقين والإكتئاب ل Wendy Nilson ورفاقه نشرت في Journal of Adolescence في شباط/فبراير 2013 أن التدني في المهارات الإجتماعية لدى المراهق له علاقة مباشرة بإمكان وقوعه في الإكتئاب.
ولهذا أصبحت برامج التدريب الإجتماعي ضرورية لتجنيب المراهقين الإكتئاب.
كما اثبتت دراسة حول مفهوم الذات والتطور الإجتماعي H.Ybrandt نشرت في Journal of Adolescence في شباط/فبراير 2008 ان هناك علاقة مباشرة بين مفهوم الذات لدى المراهق ومدى تطوره على الصعيد الإجتماعي وإندماجه بالمجتمع بطريقة صحية.
مظاهر النمو الإجتماعي عند المراهق
1 التفاعل الإيجابي مع الآخرين وخاصة الأقران
2 الحرية في التعبير عن الأفكار والأراء
3 الإنفتاح على المجتمع وعلى تكوين علاقات إجتماعية بعيدة عن الأسرة
4 العمل التعاوني مع الآخرين من خلال المدرسة والعمل الإجتماعي
5 تطوير الثقة بالنفس، وصورة الذات
6 إحترام الآخرين
7 تحمل المسؤولية
8 إحترام القوانين والقواعد الإجتماعية
9 الإحتذاء بقدوة
10 التأثر بكلمات الإطراء
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024