اكتشفي الوجه الآخر للسفر... إنها رحلة العمر
جميعنا يسعد برحلة إلى بلاد نكتشف روائعها وثقافتها وعاداتها وتقاليدها. فما من شك بأن السفر يعرّفنا إلى شعوب قد نختلف عنها باللون واللسان والعرق، فنعود من رحلتنا حاملين في ذاكرتنا مخزونًا فكريًا وثقافيًا يسقط الكثير من أحكامنا وأفكارنا المسبقة عن هذا الشعب أو ذاك.
ولكن يبقى للسفر وجه آخر تتردّد الكثيرات في اكتشافه، إنه المغامرات التي لا تُنسى، التي تحوّل رحلتنا إلى «رحلة العمر».
وليس بالضرورة أن تكون مغامرة خوض مجازفات خطرة، بل يمكن أن تكون سفرًا بريًا في السيارة عبر أطول طريق في العالم، أو تجربة مطعم لأشهر طهاة العالم، أو النوم في غرفة في فندق جليد، أو المبيت في فندق يعود إلى العصور الوسطى، ولمَ لا القفز بالمظلة! إذًا استعدي ماديًا ولوجيستيًا، حان الوقت لاكتشاف آفاق جديدة، والقيام برحلة العمر. وحول العالم، بلادٌ السفر إلى إحدى مدنها يدخلك عوالم تشغل كل حواسك.
النوم في غرفة جليدية في فندق الجليد في السويد
من منّا لم تسمع عن فنادق الجليد التي تنال شهرة عالمية سنة بعد أخرى. ويبدو أن بعض المدن حول العالم تتسابق في التسويق لهذا النوع من الفنادق التي بمجرد أن نسمّيها تنتابنا قشعريرة البرد. ولكن أليس الأجمل لنا تجربة المبيت فيها ولو لمرة واحدة خلال عمرنا المديد؟ والسويد هي من أوائل البلاد التي ابتكرت فندق الجليد عام 1990 في جوكاسيارفي Jukkasjarvi، بالقرب من شمالي مدينة كيرونا.
كل عام، أطنان من الجليد تُرفع من النهر المتجمّد لتتحوّل إلى أكبر فندق جليد في العالم. داخل هذا الفندق، الذي شُيّد على طراز كوخ الأسكيمو، يمكنك احتساء شرابك بكوب جليدي شفاف. يتألف الفندق من 60 غرفة نحتها فنانون، فُرشت بجلود غزلان الرنّة.
تخيّلي أنك تنامين في كيس للنوم يتكيف مع درجات حرارة منخفضة جدًا. تبدئين يومك بممارسة العديد من النشاطات مثل النحت على الجليد والتزلج، أو ركوب عربة تزحلق. أما أروع الذكريات التي لن تنسيها فهي مشاهدة الشفق القطبي الشمالي، حين تتلاعب السماء بالأنوار الخاطفة للأنفاس.
للحجز والاستعلام: www.icehotel.com
يوفر الفندق غرفًا بدرجة حرارة معتدلة أو منخفضة جدًا وإليك يعود القرار.
السير على خطى التمرّد في ديربيشاير في إنكلترا
في يوم مشمس جميل، تستعرض هضبة كيندر الكشفية، في ديربيشاير Derbyshire، في مانشستير، لوحة من الألوان الرائعة. هنا الشمس تراقص زهور الأرض البور الصفراء، ويداعب الهواء العليل الأخضر الفوّار لنبات السرخس، والأرجواني الملتهب لزهر الخلنج. أما لماذا أقول سيري على خطى التمرد! فهذا له حكاية في الذاكرة التاريخية الحديثة لسكان المنطقة.
ففي ثلاثينيات القرن الماضي، كان ممنوع على آلاف العمال في مانشستير التجوال في هذه المنطقة لتنشق الهواء النقي، ذلك أنها كانت ممتلكات خاصة.
وفي نيسان/ أبريل عام 1932، تحدّى نحو 400 شخص قوات الشرطة وجالوا في هذه المنطقة المحظورة. أدّت هذه التظاهرة السلمية في نهاية المطاف إلى تكريسها متنزّهًا عامًا، لتكون «المتنزه الوطني الأول» في بريطانيا! لذا سيري على خطى هؤلاء المتمردين وتسلّقي أعلى التلال، لتكتشفي مشاهدة حابسة للأنفاس، حيث البحيرات والوديان الخصبة، تنبسط بهدوء رائع.
للاستعلام والحجز: www.peakdistrict.gov.uk
رؤية الشفق القطبي الشمالي في النروج
عند أعلى مرتفعات الدائرة القطبية الشمالية، تقع ألتا، واحدة من أفضل المدن في شمال النروج، وفي العالم، التي تمنحك رؤية الشفق القطبي الشمالي بشكل يشعرك بأن في إمكانك ملامسته.
تشكل ألتا قاعدة مثالية لمراقبة هذه الظاهرة المحيّرة التي تدخلك في عوالم الساحرات. عندما يحلّ الليل، اخرجي إلى الطبيعة واجلسي بالقرب من الماء، وابدئي باقتناص ومضات الشفق الخلابة. فتبدو الغابات والجبال وقد تحرّرت من قبضة السماء المرصّعة بالنجوم.
ومع قليل من الحظ، سيبدأ الشريط الأخضر للشفق في التبلور، وبعد ذلك سوف تتطوّر نحو الأزرق والأرجواني أو الأحمر مع اتساع دائرتها وتزايد وميضها. لا تنسي أن تأخذي كاميرا لالتقاط تلك اللحظات من السحر الطبيعي.
للحجز والاستعلام: www.glod-alta.no
لاحقي النمور في الهند
لا يوجد سوى 3000 نمر، في جميع أنحاء آسيا. وملاحقة النمور في الهند ورصد حركتها تجربة لا يمكن أن تنسيها ما حييتِ.
وتعتبر الحديقة الوطنية Bandhavgarh في المنطقة الهندية من ولاية ماديا براديش، أفضل مكان لملاحقتها. فهذه المنطقة تزدحم بالغابات والتلال والمعابد، وتضم أكبر قطيع من النمور البنغالية. يقدم منظمو رحلات السفاري في المتنزّه فرصة لجمع الأموال وشرح أهمية هذا الحيوان.
تبدأ رحلة السفاري مع شروق الشمس، حين تهمّ السيارات الرباعية الدفع بالانطلاق، وكذلك سفاري الفيلة... وعليك الاختيار. إذا أردت أن ترفعي مستوى الأدرينالين، وتتخلصي من مخاوفك، عليك إذًا بسفاري الفيلة، لأنها مغامرة لن تُمحى من الذاكرة.
قد لا تلتقين نمرًا، فللنمور مزاجها في الظهور، ولكن من المؤكد سوف تكتشفين ثراء الطبيعة الهندية وسكانها من الفهود و الغزلان والثور الهندي.
للاستعلام والحجز: www.audleytravel.com
تناولي الطعام في واحد من أفضل المطاعم في العالم في الدنمارك
قد يبدو الأمر غريبًا أن تنفقي مبلغًا على وجبة طعام، ولكن إذا كان الغداء في «نوما» في كوبنهاغن الذي انتُخب مرات عدة أفضل مطعم في العالم، فالأمر يستحق ذلك! ابدئي باكتشاف العاصمة الدنماركية على طول الواجهة البحرية Christianshavn قبل وصولك إلى مطعم «نوما» حيث الشيف رينيه ريدزيبي Rene Redzepi، يبتكر أطباقاً اسكندينافية مذهلة، لن تتذوقيها في أي بلد في العالم أو في أي مطعم.
مهرجان من النكهات سوف تشاركين فيه في هذا المطعم. إنها تجربة تذوّق مخصصة لملذات المائدة والتفكير في ما يخفيه انعكاس الضوء على وجه الماء، من خيرات في أعماق ميناء العاصمة الدنماركية البحري.
للاستعلام الحجز: www.noma.dk
في اسكتلندا حلم الأميرة يتحقق في تمضية إجازة في قصر من العصور الوسطى
من منّا لم تحلم لو يأتي اليوم الذي تستيقظ فيه لتجد نفسها تعيش حياة أميرة؟ ولكن يمكنك تحقيق هذا الحلم على أرض الواقع، إذا حجزت في فندق دالهوزي Dalhousie في اسكتلندا، الذي كان في الأصل قلعة دالهوزي التي تعود إلى القرن الثالث عشر، وتقع في ميدلوثيان بونيريغ 13 كيلومترًا جنوبي أدنبره في اسكتلندا... وقد تحوّل فندقًا فاخرًا منذ عام 1972.
كانت هذه القلعة المشيّدة بالحجر الأحمر مقر مقاطعة دالهوزي، معقل عائلة رامزاي Ramsay ذات الجذور الإنكليزية، بناها في القرن الثاني عشر البطريرك الفارس سيمون رامزاي في موقع استراتيجي يشرف على نهر ESK. يعود هيكل القصر الحالي إلى القرن السابع عشر، فيما برج الطبل، هو أقدم جزء من المبنى يعود إلى منتصف القرن الخامس عشر.
بين الحرب والسلام، وبين الحب والكراهية، تنتظرك في هذا الفندق حكايات وأساطير بقيت بين جدرانه وأسواره وأروقته، ترويها بصمت. فهنا في هذا الفندق- القصر، نزل ملك إنكلترا إدوارد الأول ومكث فيه خلال معركة فالكيرك التي شنّها ضد حركة وليام والاس الاسكتلندي الاستقلالية عام 1298.
وعام 1400 صمد السير ألكسندر رامزاي ستة أشهر في القلعة أمام حصار فرضه الملك هنري الرابع ملك إنكلترا. فيما استعمل أوليفر كرومويل القلعة كقاعدة عسكرية لغزو اسكتلندا.
وهنا كان يمضي روبرت بروس المعروف بروبرت الأول ملك اسكتلندا والملكة فيكتوريا إجازتهما. وفي غرفة وليام والاس، تسكن قصة سيدة دالهوزي كاثرين التي وقعت في غرام شاب رفضه والداها، فحبست الجميلة نفسها في الجزء العلوي من القلعة، وأضربت عن الطعام لتموت جوعًا بسبب عشقها الممنوع. وتقول الأسطورة إن طيف كاثرين يجول ليلاً بحثًا عن حبّه الضائع.
هنا في هذا الفندق سوف تعيشين كل الحكايات وتعامَلين كما الأميرات، ولكن بالطبع ليس بأسلوب التراجيديا، وإنما بنمط الحياة المخملية وترفها. في غرفة المعيشة تجلسين بالقرب من المدفأة العملاقة التي يزداد وهجها كلما زاد البرد، فترتشفين الشاي على طريقة الأميرات والدوقات، أو تنامين في جناح ملكي يغرقك في أحلام اليقظة.
للحجز والاستعلام: www.dalhousiecastle.co.uk
القفز بالمظلة فوق جبال الألب السويسرية
من منا لا تحلم بالقفز من العلى، والتحليق بحرية كما النسر؟ صحيح أنها مغامرة تحتاج إلى قلب قوي، وجرأة لا حدود لها، ولكن لمَ لا تقومين بها، إذا كانت لديك الرغبة! قد تسألين، ولكن ما الذي يدفعني للقفز من طائرة وخوض السقوط الحر على سرعة حوالى 200 كم/ ساعة؟ هواة القفز بالمظلات من ذوي الخبرة لا يستطيعون الإجابة عن هذا السؤال، ربما الأدرينالين، وتجربة اختراق صمت المرتفعات.
ربما هو الشعور بالحرية المطلقة، في منطقة إنترلاكن. أو ربما رؤية جبال الألب من السماء هو الجواب البديهي! القفز من متن طائرة هليكوبتر على ارتفاع 5000 متر برفقة مدرب مؤهل، سيجعلك تختبرين كل الأحاسيس.
في البداية ستصرخين، سوف تفرغين كل مكنوناتك وغضبك، وتحتفظين بسعادتك عندما تبدئين التحليق الهادئ فوق القمم الثلجية، والأخاديد العميقة... وعدد لا يحصى من البحيرات الفيروزية حين تبدأ الريح بمداعبة وجهك وكأنها تحيّيك على شجاعتك. عيشي هذه المغامرة مرة في العمر، لأنك بعدها سوف تجدين أن لا شيء مستحيل...
اعبري الطريق الدولية من الولايات المتحدة الأميركية إلى الأرجنتين
هناك الكثير من النقاط المشتركة بين خليج برادوي Prudhoe في ألاسكا الأميركية وأوشوايا Ushuai في الأرجنتين. فكلتا المنطقتين يغلفهما المناخ القطبي وكثافة الثلوج، وعطر أقصى الكرة الأرضية. ولكن ما يصل هاتين المدينتين، هو البانا-أميركية، الطريق الأطول في العالم التي يبلغ طولها 26 ألف كيلومتر، تسمح لك بالعبور من شمالي القارة الأميركية إلى جنوبها.
في البداية تحتاجين إلى بعض الصبر أثناء الانتظار وتحديدًا عند نقطة الجمارك، ثم إلى حقيبة مليئة بكل ما يمكن أن يجعل سفرك البري سهلاً.
ولكن لحظة عبورك النقطة الحدودية سوف تدخلين في عالم من الروائع الطبيعية الحابسة للأنفاس، الخاطفة للأبصار، تشغلك تفاصيل الطريق إلى حدّ لن تنتبهي معه إلى المسافة الزمنية التي تستغرقها، فعلى مد البصر مروج يتماوج فيها الأخضر بشكل لا متناهٍ، وصخور مزركشة بديكور جبال الأنديز.
وأثناء العبور، يمكنك الالتفاف نحو دنفر من خلال التوجه إلى طريق 163 التي تؤدي إلى الأراضي الحمراء في متنزّه وادي نافخو Navajo. هنا تدهشك أشكال الصخور التي نحتتها الطبيعة على مدار الزمن، فيما الشمس لا تمل من رمي وشاحها الأحمر بكل تدرّجاته.
تكملين المسير لتستغرقي في وجوه الطبيعة من الشلالات المهيبة، مرورًا بالبلدات الوديعة والطبيعة الدغلية، وصولاً إلى نهاية الطريق المنفرجة على صفحات لا تنتهي من الجمال.
لتنظيم رحلة يمكنك الاتصال: www.go-panamerican.com
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024