تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

جريمة في محل تصفيف الشعر

جريمة في محل تصفيف الشعر

كعادتها كل بضعة أيام، نزلت هند من منزلها متّجهة إلى محل تصفيف الشعر، لكنها لم تكن تعلم أن هذه المرة ستشهد نهاية حياتها بشكل مأساوي. استسلمت هند ليد الكوافير وهي تصفف شعرها، ولم تكن تدري أن تلك اليد نفسها ستنهي حياتها بعد لحظات. فما الذي حدث في محل تصفيف الشعر؟


حكايته تحمل العظة والعبرة لمن هم مثله، ترك الكوافير الشاب الطريق المستقيم وسار وراء نزواته، وأقام قصص حب مع سيدات، أنفق عليهن كل أمواله وتحويشة عمره وعائد عمله في محل الكوافير، الذي يتكسب منه أجره، فتراكمت الديون عليه، وأدرك أنه سيدخل السجن قريباً إذا لم يدفع المبالغ التي حصل عليها. أظلمت الدنيا أمام عينيه وفكر في الانتحار، لكنه كان أجبن من تنفيذه، ففكر في طريقة أخرى ليجمع المال ويعوّض خسائره وينقذ نفسه من السجن، الذي بات على مسافة خطوات قليلة من منزله ومحله، الدائنون كانوا يطاردونه في كل مكان، وأعيته الحيل.
عندما شاهدها بدأ الشيطان ينسج له خطة الاستيلاء على متعلقاتها الثمينة، هي امرأة في متوسط العمر ترتدي حلياً ذهبية، خطف بريق الذهب عينيه وقلبه، وصوّر له الشيطان أنها الطريقة الوحيدة ليخرج من أزمته، حسم أمره وقرر سرقتها، بعد أن أخلى محل الكوافير الذي يملكه من العمال. فعلت ربة المنزل هند ما كان يجب أن تفعله، دافعت عن نفسها، قاومت الكوافير بكل قوتها، والدهشة لم تبارح وجهها، فقتلها بكل بساطة، ووقف أمام جثتها. أراد أن يخفي جريمته وبالفعل شرع في ذلك، لكنه واجه مفاجأة لم يكن يتوقعها في ذلك الوقت، أجهزت على كل آماله وطموحاته التي ضاعت في لحظة ظن فيها أن الدنيا ابتسمت له وأن مشاكله انتهت.
وتروي تحقيقات النيابة بداية ونهاية الكوافير، الذي أصبح على مقربة من حبل المشنقة نتيجة ارتكابه جريمة قتل بشعة!


سيِّئ السمعة

أمين رجب، صاحب محل كوافير، في بداية العقد الثالث من العمر، التحريات التي أجرتها أجهزة الأمن أكدت أنه شخصية سيئة السمعة، يجري وراء النساء بشكل دائم، تعددت علاقاته واقترض أموالاً لينفقها على ملذاته، لكنَّ الدائنين أصبحوا يطالبونه بأموالهم، وفشل في أن يدفع لهم.
مع مرور الأيام تعقّدت مشكلته وكانت متطلبات علاقاته المشبوهة تزداد، لم يجد أمامه إلا وسيلة واحدة فقط، وهي سرقة إحدى زبوناته من الأثرياء، رسم خطته وبدأ في تنفيذها، بعد أن اختار ضحيته التي حضرت لتصفف شعرها، بدأ الشيطان يرسم له سيناريو الجريمة وهو يحلم بالذهب الذي سيحصل عليه من الزبونة الثرية، لم يفكر الكوافير في عواقب جريمته ولا في السجن الذي قد ينتظره حتماً بعد قيام الزبونة بالإبلاغ عنه. وبمجرد دخول المجني عليها المحل بدأ على الفور في تنفيذ خطته، وحرص على ألا يضيّع وقته خوفاً من مفاجآت غير متوقعة. أخلى المحل من العمال وبدأ في تصفيف شعر الضحية، كانت عيناه لا تفارقان الحلي التي تتحلى بها الزبونة هند، وبدأ يتجاذب معها أطراف الحديث حتى لا تشعر بأي شك في نواياه، أخذ يشكو لها مشكلاته المالية وخلافاته مع زوجته، وباتت هند تتجاوب معه وتسدي له النصيحة بالاهتمام بمنزله بشكل أكثر، وطلبت منه أن يحصل على قرض من البنك لسداد ديونه.

لكن أمين لم يكن ملتفتاً إلى حديثها، كان يركز كل تفكيره في شيء واحد، الذهب، وقرر في اللحظة الأخيرة أن يتخلص من الزبونة نهائياً حتى لا تتهمه بسرقتها أمام الشرطة، وحسم أمره وقرر خنقها، أحضر سلكاً كهربائياً، ووضعه على رقبتها وبدأ خنقها.
حاولت الضحية الدفاع عن نفسها، فغرست أظافرها في وجه المتهم الذي استطاع أن يتفاداها، واستمر في جريمته ومقاومة الزبونة تتراجع، حتى لفظت أنفاسها الأخيرة، توقف الزمن عند أمين لدقائق وهو يستوعب ما حدث، كان ينظر إلى ضحيته بذهول وكأنه لا يصدق أنه تحول إلى مجرم، لكنه أفاق إلى نفسه وأدرك أن الوقت يدهمه وعليه أن يتصرّف بسرعة قبل أن يفتضح أمره.


الورطة

انتزع أمين المجوهرات الذهبية من جسد ضحيته، وبدأ التفكير في التخلص من الجثة، لكن أثناء ذلك حدث ما لم يكن في الحسبان، حضر زوج الضحية وسأل عنها، تلعثم الكوافير وهو يجيب الزوج ويؤكّد له أن هند غادرت المحل منذ قليل، وبمجرد مغادرة الزوج للمكان انتابت الكوافير حالة من الخوف ففر هارباً تاركاً محله.
بعد ساعات اكتشف الزوج أن زوجته لا أثر لها، وأن هاتفها المحمول مغلق، انتابته الشكوك في الكوافير وعاد إلى المكان مجدداً، لكن المحل كان مغلقاً، فاستعان ببعض الأهالي وفتح المحل ليجد زوجته ملقاة على الأرض جثة هامدة.

انتقل المقدم عمرو سعودي إلى مكان الواقعة. وبالفحص تبيّن أن الجثة لهند بدر (33 سنة، ربة منزل)، ترتدي كل ملابسها وملفوف حول رقبتها سلك كهربائي، وبالبحث عن صاحب المحل تبيّن هروبه ونصبت مكامن لضبط المتهم، ليتمكن العقيد درويش حسين، مفتش مباحث شمال الجيزة، من ضبطه ويعترف بجريمته كاملة، وبأن السبب مروره بضائقة مالية كادت تعصف به ويدخل السجن، لتكون نهايته ليست السجن بل حبل المشنقة. وأمر اللواء كمال الدالي مدير الأمن بتحرير محضر بالواقعة.
وأمام النيابة كرر المتهم اعترافه ومثل جريمته في مكان حدوثها، وسط ذهول زبائنه وجيرانه الذين لم يتوقعوا أن الكوافير تحوّل إلى قاتل، وبالعرض على النيابة أمرت بحبسه أربعة أيام على ذمة التحقيق، ووجهت له تهمة القتل العمد بدافع السرقة.

«لها» التقت الزوج الذي كان في حالة يرثى لها، بعد أن فقد زوجته بطريقة أقل ما يقال عنها إنها بشعة وتحمل سمات الغدر، قال ودموعه تكاد تملأ المكان إنه حتى الآن لا يتخيّل ما حدث، وكأنه كابوس فزوجته هي التي كانت تملأ البيت بالبهجة والفرحة، فالابتسامة كانت لا تفارقها.
وأضاف الزوج أن الكوافير لو طلب منه كل ما يملك حتى لا يقتلها لكان دفع عمره كله، لكن هذا الذئب الآدمي لا بد أن يحصل على جزائه العادل، وأكد أنه لن يترك حق زوجته حتى يراه معلقاً على حبل المشنقة.
أما المتهم فالتزم الصمت التام، وكأنه في حالة ذهول من جريمته ومن المستقبل الذي ينتظره!

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080