تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

زوجة الداعية الراحل متهمة بالنصب

«روميو وجوليت فايسبوك»، هكذا عرف رواد مواقع التواصل الاجتماعي الداعية الراحل أحمد الجبلي وزوجته، مصممة الأزياء رضوى جلال، تلك المرأة التي نالت إعجاب الكثيرين من خلال أحاديث زوجها الداعية الشاب، عن حبه وتقديره لها، لكن سرعان ما تحول الإعجاب إلى تعاطف من جانب الآلاف، بعد موت زوجها المفاجئ عقب «سيلفي» شهير جمعهما أمام قبر عائلته، لحث الشباب على العمل لآخرتهم.


قصة رضوى جعلتها تنجح في كسب ثقة الكثيرين، لتبدأ في تأسيس شركة لتوظيف الأموال في العلامة التجارية التي تمتلكها، والخاصة بملابس المحجبات «مليكة»، من خلال الإعلان عن تأسيس فروع جديدة وبيع حق استغلالها أو طرح أسهمها للبيع. وقبل مرور أربعة أشهر على النشاط الجديد، ظهر الوجه الآخر لرضوى كامرأة نصابة نجحت في خداع الآلاف والاستيلاء على أموالهم، ثم الهروب من مصر إلى قطر، تاركة ضحاياها يواجهون مصيراً مجهولاً، بعدما خسروا كل ما يملكون وجمعت هي الملايين.
رغم أن رضوى جلال تعمل في مجال تصميم ملابس المحجبات منذ أكثر من أربع سنوات، لكن شهرتها الواسعة لم تتحقق إلا بعد وفاة زوجها منذ أقل من عام، ذلك الشاب التقي الورع، الذي هزّ خبر وفاته كل من يعرفه ولا يعرفه، تعاطفاً مع هذه الزوجة الشابة التي فقدت حبيبها قبل أن يرى مولودهما الأول.
الزوج هو الشاب أحمد الجبلي، يعرفه الكثير من الشباب كداعية إسلامية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تخرج في كلية الهندسة، ولم يُنسه سعيه لتكوين ذاته العمل لآخرته، فأسس فريق «صحابي» لإعطاء الدروس الدينية في أحد المساجد الشهيرة في منطقة مصر الجديدة، بعدما ظل لفترة طويلة برفقة الشيخ عمرو خالد والداعية مصطفى حسني، كأحد القائمين على تحضير الدروس الخاصة بهما. وفي شهر رمضان كان الظهور الأكثر لأحمد من خلال فريق «كلنا مسحراتي»، الذي أسسه لتوزيع الشنط والمساعدات على المحتاجين، ليبدأ في الظهور على عدد من الشاشات كداعية شاب يحض الشباب على العمل الصالح وعدم الانشغال بملذات الدنيا عن الآخرة، من خلال أسلوب بسيط يبتعد عن المغالاة التي يفتعلها البعض.

السيلفي
تعرف الشاب التقي إلى رضوى، تلك الفتاة التي بدت أكثر التزاماً، ليبدأ رواد مواقع التواصل الاجتماعي في التعرف إليهما من خلال صور ومقاطع فيديو من حفلة الزفاف، ظهر فيها الزوج وهو يؤم المصلّين تارة، ويغني لزوجته تارة أخرى، معبّراً عن حبه الشديد لها. استمر الجبلي في الحديث عن حبه لزوجته، التي كان لا يطلق عليها إلا حبيبتي، من خلال ظهوره مع الداعية شريف شحاتة في لقاءات تلفزيونية متكررة، تخللتها مداخلات من رضوى، التي أخذت تتحدث هي الأخرى عن حبها لهذا الشاب الرائع.
ازدادت شهرة الثنائي من خلال مجموعة من الصور تجمع بينهما في لقطات رومانسية، عبر الصفحات الخاصة بهما على مواقع التواصل، حتى كانت صورة «سيلفي القبر» التي نشرها الجبلي على صفحته مصحوبة بتعليقه: «زوروا المقابر وادعوا لأمواتكم وأموات المسلمين، وتذكروهم وتذكروا يومكم الذي سوف تكونون فيه مكانهم، لكي تعملوا له وتعملوا لآخرتكم»، لينال مجموعة من الاعتراضات من جانب متابعيه، بعدما وصفوه بالمتشائم، حتى كانت المفاجأة عندما توفّاه الله بعد أسابيع عدة من هذه الصورة.

الموت المفاجئ
«عريس السماء»، هكذا وصفوه بعدما فارق الدنيا وهو في عامه الثامن والعشرين، ومن دون أن يمر عام على زواجه بعد، حتى أنه لم ير مولوده الوحيد الذي كان لا يزال جنيناً في أحشاء رضوى، التي أعلنت خبر وفاته عقب اصطدام رأسه بالأرض بعدما انزلقت قدمه. حالة من الحزن عاشتها رضوى مع متابعي زوجها ومحبيه، والذي فارقها من دون أن يرى صغيره، فبدأت في نشر صور الملابس التي كان قد اشتراها له، لتزداد حالة التعاطف مع الشابة التي أصبحت أرملة. ورغم حالة الحزن التي حاولت رسمها، فقد أثارت طريقة لبسها استغراب الكثيرين، بعدما بدأت الاهتمام بنفسها بصورة مبالغ فيها، لا تعبر إطلاقاً عن امرأة فقدت زوجها قبل مرور عام واحد على زواجهما.

مليكة
رضوى جلال محمد، 27 عاماً، تخرجت في الجامعة الألمانية في القاهرة بعد حصولها على بكالوريوس تكنولوجيا حيوية، لتؤسس شركة لأزياء المحجبات عبر الإنترنت في عام 2011 باسم «مليكة»، نجحت في إشهارها بعد ذلك بعامين، ومع قدوم وحيدها عمر بدأت تطرح فكرة البحث عن استثمارات في عملها تمكّنها من تأمين مستقبل هذا الصغير.
أسست رضوى شركة لبدء نشاطها، استقدمت من أجلها عدداً من الموظفين اتخذت منهم ستاراً للنصب على ضحاياها، الذين أقنعتهم بالاستثمار لديها من خلال طريقين: الأول شراء حق العلامة التجارية الخاصة بها مقابل مبلغ 75 ألف جنيه وتأمين قدره 150 ألفاً، أو شراء أسهم في شركتها مقابل 100 ألف جنيه للسهم الواحد.
قدمت رضوى عروضاً مغرية للمخدوعين بها، من خلال أرباح خيالية تصل إلى 17.5% في العام، لتنهال العروض عليها من ضحاياها، الذين انتظروا نهاية العام بفارغ الصبر ليحصلوا على المكاسب الخيالية، لتكون المفاجأة التي لم يتوقعها أي شخص على الإطلاق من امرأة تدّعي الالتزام الديني.

«في حب تركيا»
كانت رضوى قد أعلنت عن رحلة إلى تركيا، تحت شعار «رحلة فاشون في حب تركيا»، الأمر الذي أثار اعتراض الكثيرين، خاصة أنها امرأة مصرية وعليها أن تبحث عن أي شيء في حب مصر، لكنها لم تفعل ذلك، وأعلنت عن رحلتها التي اختارت لها أواخر تشرين الثاني/نوفمبر موعداً للانطلاق، لتختفي تماماً عن الأنظار وتغلق كل الهواتف الخاصة بها.
ظن البعض أنها سافرت في رحلتها إلى تركيا، ليكتشفوا بعد ذلك أنها سافرت في رحلة هروب بلا عودة إلى قطر، هرباً من سداد مستحقات الأشخاص الذين وثقوا فيها ومنحوها أموالهم من أجل زيادة استثماراتها. أكثر من عشرة أيام غابت فيها رضوى تماماً عن الساحة، لتكثر الأقاويل حول المبالغ التي استولت عليها، والتي قدرها البعض بـ20 مليون جنيه ووصلت أحياناً إلى 25 مليوناً، مع ترديد البعض قصة زواجها بشخص يدعى محمد عزب، هو من قاد عملية نصبها على الآخرين.

الضحايا
بدأ الضحايا في الظهور يوماً تلو الآخر، فهذا دفع لها أكثر من ربع مليون جنيه، وهذه دفعت مئتي ألف جنيه، بينما أكد آخرون أن أموالهم ذهبت من أجل تأسيس شركة الشوكولاتة التي أعلنت عن تأسيسها في آب/أغسطس الماضي. مع الإعلان عن قصة النصب هذه، بدأ الجميع يتبرأ من هذه المرأة المخادعة، وكان أول هؤلاء والدة زوجها الراحل السيدة مها الجبلي، التي كتبت على صفحتها عبر «فايسبوك» تقول: «لكل اللي بيسألوني عن رضوى أقسم بالله العظيم معرفش عنها وعن شغلها حاجة، فياريت محدش يبعت يسألني عليها تاني، وشغلها يخصها هي شخصياً، أنا وابني الغالي لا دخل لنا في أي شيء يخص شغلها»، ليتضح بعد ذلك أنها تركت طفلها الوحيد عند هذه الجدّة لترعاه، حتى تتخلص من مسؤوليته قبل اكتشاف حقيقتها. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن أمينة حسن، مديرة العلاقات العامة في شركة مليكة، التي كانت همزة الوصل ما بين رضوى والضحايا، قررت هي الأخرى أنها ضحية لرضوى، التي حصلت منها على مبلغ 60 ألف جنيه لاستثمارها، في الوقت الذي أكدت فيه لـ «لها» أنها سترسل محاميها لتحرير محضر بشيكات حصلت عليها رضوى، لأنها لا تجرؤ على الذهاب بنفسها، خوفاً من الضحايا الموجودين لتحرير محاضر بالنصب عليهم.

الزوج البريء
مع كثرة هذه الاتهامات، بدأ الكثيرون في كيل الاتهامات الى زوجها الراحل، الأمر الذي دعا الشيخين عمرو خالد ومحمد جبريل إلى إصدار بيانات لتبرئة ساحته من أفعال زوجته، خاصة أنه كان شاباً صالحاً، وهو ما فعله أحد أفراد العائلة والمقيم في لندن، حين أصدر بياناً باسم عائلة الجبلي تضمن المعنى نفسه.

رضوى تتكلم
ومع تضارب الأقوال عن أرقام المبالغ التي حصلت عليها رضوى، جاءت رسالتها الأولى لضحاياها عبر حسابها على موقع «فايسبوك»، لتؤكد أن المبالغ التي حصلت عليها هي أربعة ملايين فقط، وليس 25 مليوناً كما يدّعي البعض، نافية أمر زواجها من المدعو محمد عزب.
قالت رضوى إنها سافرت خوفاً من السجن، بعدما تأزمت الأمور معها وعجزت عن الوفاء بالتزاماتها، فسافرت محاولةً العمل من جديد، حتى تتمكن من جمع المبلغ وإعادته الى الضحايا. كما رفضت وصفها بالنصّابة، مشيرة إلى أن من منحوها أموالهم يعرفون أن السوق مكسب وخسارة، وهي لم تنصب على أحد، وحاولت سداد جزء من ديونها، لكن الجميع طلبوا منها المبلغ بالكامل وبفوائده في توقيت واحد مما دفعها للسفر إلى قطر.

الإنتربول
اللواء طارق الأعصر، مساعد وزير الداخلية مدير الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة في مصر، أكد أن البلاغات التي تلقتها الإدارة من الضحايا حتى الآن وصل إجمالي المبالغ فيها إلى 2 مليون جنيه، مشيراً إلى أن الإدارة تتعامل مع هذه الواقعة باعتبارها قضية توظيف أموال، وسيتم اتخاذ كل الإجراءات القانونية وإخطار النيابة العامة، التي من شأنها تحريك الدعوى ضدها، تمهيداً لإخطار الإنتربول واستردادها من طريقه.
ورغم أن المرأة التي خدعت الآلاف لم يتجاوز عمرها العقود الثلاثة، إلا أنها نجحت في النصب عليهم والاستيلاء على أموالهم مستغلةً تعاطفهم معها، لتسجل أول حالة توظيف أموال عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079