تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

ضعف نظر، إحمرار، ألم، نشاف... أكثر مشاكل العين شيوعاً

د. داوود فهد

د. داوود فهد

د. إبراهيم دنيا

د. إبراهيم دنيا

إنّ الحواس الخمس نعمة من الله، إذ هي وسيلة الإتصال البدائيّة للإنسان بالعالم الخارجي. بيد أنّ حاسة النظر بشكل خاص هي النافذة التي يطلّ عبرها المرء على كلّ ما يحيط به. ولطالما تغنّى الشعراء بالعين التي تعبّر من دون أن تتكلّمّ، وتسبر غور الطبيعة والحجر والبشر.
إلاّ أنّ العين عضو حسّاس وهي عُرضة لمختلف المشاكل والأمراض الصامتة، التي قد تصيبها بسبب التكوين الجيني أو من جرّاء التلوّث أو بفعل العمر. تتدرّج المشاكل من بسيطة وسهلة العلاج، إلى أكثر تعقيداً... ففي بعض الحالات، تكون النظارات الطبية والعدسات، مقرونة أو لا، بالأدوية على شكل قطرات الحل المناسب، فيما تستدعي حالات أخرى اللجوء إلى الجراحة، لمحاولة إنقاذ العين مخافة خسارة البصر.  
يبقى أنّ الوقاية هي ما يطالب به الأطباء تجنباً لتعرّض العين لما قد يؤثر في صحتها، خاصةً من ناحية تعرّضها لأشعّة الشمس من دون حماية ولفترات طويلة، أو تعريضها لمختلف الملوّثات والغبار، منعاً لإلتقاط الجراثيم أو الأوبئة وتفادياً لضرر الأشعة ما فوق البنفسجيّة.


العين هي جزء من الوجه وهي عبارة عن جهاز بصري مؤلّف من القرنيّة Cornea والعدسة Lens والشبكية  Retina، بالإضافة إلى عصب العين Optic nerve. ويفصل ما بين هذه الأجزاء نوع من الماء في الجزء الأمامي و جل خاص في الجزء الخلفي ، مما يعطي العين حجمها المتعارف عليه.
أمّا وظيفة العين الأساسيّة، فهي إيصال صورة الخارج التي نراها إلى الدماغ، إذ تسمح بانعكاس الضوء بطريقة تمكننا من الرؤية الواضحة بغية تمييز ما يحيط بنا.
يشرح الدكتور داود فهد، طبيب العيون الاختصاصي في الليزر والقرنيّة والماء الزرقاء، عن بعض الأمراض والمشاكل الشائعة التي من شأنها أن تصيب العين، مفسّراً أبرز العلاجات وطرق الوقاية.
كما يتحدّث بدوره الدكتور إبراهيم دُنيا، الطبيب الاختصاصي في أمراض وجراحة العين عند الأطفال، والأستاذ المحاضر في الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت (LAU)، عن أبرز ما قد يصيب العين عند الأطفال، مشدّداً على أهمية الكشف المبكر للحصول على العلاج الفعّال.

التغير في النظر
يقول الدكتور فهد «إن سرّ النظر السليم يكمن في تمكّن العين من تلقي صورة العالم الخارجي على الشبكية (Retina) وإلا عانى الإنسان من ضعف في نظره. ومن حالات ضعف النظر نذكر ثلاثة. الـMyopia حيث تقع الصورة أمام شبكية العين، ما يسبّب قصر نظر للمريض، فلا يتمكّن من الرؤية الواضحة للأشياء البعيدة.
أما في الحالة المعروفة بالـHyperopia تقع الصورة خلف الشبكية، ما يُتعب عضلات العين خصوصاً عند محاولة النظر إلى الأشياء القريبة.
أما الحالة الثالثة فهي الـAstigmatism التي تنطوي على عدّة أوجه: منها تلقّي صورتين أمام الشبكية، أو صورتين خلف الشبكية، أو صورة أمام الشبكية وأخرى خلفها، ما يسبّب إزعاجاً عاماً في النظر لتصبح الرؤية غير واضحة ومشوّشة».

المشاكل عند الصغار       
يفسّر الدكتور دُنيا «أن أبرز مشاكل العين لدى الأطفال تكمن في سرعة التغيير في النظر بالتزامن مع نموّهم، والمقصود إصابتهم بالـMyopia أوالـHyperopia أوالـAstigmatism. الـHyperopia أو مدّ النظر، هو الأكثر شيوعاً ويتجلّى في المعاناة من ألم في الرأس والدوار وعدم تركيز على الدرس».
كما نشهد أيضاً لدى الصغار حالات من الماء الزرقاء أو الماء السوداء مما يستدعي جراحة طارئة في سنّ مبكرة.
يضيف الدكتور دُنيا: «قد يعاني بعض الأطفال من انسداد مجرى الدمع دون أن يشكّل ذلك  قبل سن السنة إذ يمكن معالجته بالتدليك الخاص وبإستعمال أدوية مضادة للإلتهاب. أمّا بعد عمر السنة، فمن الضروري إجراء جراحة تتطلّب بضع دقائق، وإن كانت دقيقة بعض الشيء، وذلك من أجل حلّ المشكلة».
يتابع الدكتور دُنيا: «من الحالات التي نراها أيضاً عند الأطفال الحول الداخلي (Esotropia) أو الخارجي (Erotropia). ولا بدّ من التنويه بأنّ الحوَل مرتبط بخليّة ضعيفة في الرأس، لكنّ العلاج يكون لعضلات العين، لذلك تبقى نسبة معاودة الحوَل 20 في المئة حتى بعد الجراحة!
بالنسبة إلى الحول الداخلي، إذا أصيب به الطفل قبل عمر الستة أشهر وجدت إمكان أن يزول من تلقاء ذاته، أما بعد الستة أشهر، فيكون العلاج باللجوء إلى النظارات التصحيحية أو حتى الجراحة في الحالات القصوى. أمّا الحوَل الخارجي، فيستلزم جراحة ولا يُصحّح بالنظارات».
وأخيراً، تبرز مشكلة العين الكسولة. يشرح دُنيا: «يعاني الأولاد من مشكلة العين الكسولة Lazy Eye بحيث تتفوّق عين على أخرى في النظر، فيعطي الدماغ الأمر بالتركيز والنظر الى العين القوّية ويتمّ تجاهل العين الأخرى.
في حال الكشف المبكر والتشخيص الدقيق، يمكن البدء بعلاج هذه الحالة عبر إغلاق  العين القويّة وتحفيز الضعيفة على النظر من خلال تشغيلها. ونشدد هنا على أهمية الكشف المبكر لأن تقنية العلاج المذكورة لا تعود فعّالة بعد سن الثامنة أو التاسعة».
وتجدر الإشارة إلى أنّ الأطفال لا يرفضون وضع النظارات إذا شجعهم الأهل على ذلك، فالأهل عليهم دعمهم وتذكيرهم بوضعها دائماً لتحسين نظرهم وتسهيل حياتهم اليوميّة.

المشاكل عند البالغين والمتقدّمين في السن
يقول الدكتور فهد: «يرى الطبيب حالات شائعة عند مختلف الأعمار. والملحوظ أن البالغين يعانون في معظم الأحيان من «تعب العينين» بسبب التعرّض المتواصل لشاشات التلفزة والكمبيوتر وبسبب التلوّث، إضافةً إلى تعرضهم لمشاكل ضعف النظر التي تمّ ذكرها سابقاً.
وأمّا المتقدّمون في السن، فغالباً ما يعانون من تغيّرات في شبكية العين بفعل العمر (نشاف العين Age-Related Macular Degeneration)، بالإضافة الى الماء الأزرق Cataract، وضعف النظرPrespyopia  و الماء الأسود Glaucoma. بالإضافة إلى بعض الأمراض المرتبطة بداء السكّري وإرتفاع ضغط الدم».
الماء الأزرق مرض يصيب العين إذ تصبح العدسة غير شفافة وتتراجع قدرة المريض على النظر بوضوح. أمّا الماء الأسود فهو مرض إرتفاع ضغط العين، الذي يسبّب موت خلايا لا تتجدّد في الشبكية.
وفي ما خصّ النشاف، فهو متلازم مع النشاف الحاصل في مختلف شرايين الجسم. ويبقى أنّ أمراض السكري والضغط تسبّب أضراراً يمكن كشفها في فحص العين أو من خلال صور أو فحوص خاصة بالعين.

نشاف وإحمرار وألم
يقول الدكتور فهد: «قد يعاني البعض مشكلة في الدمع Dysfunctional Tear Syndrome، بحيث تدمع العين كثيراً، أو على العكس لا تدمع أبداً. والدمع هو ما يحمي القرنيّة ويرطب العين فيعاني المصاب بهذه الحالة احمراراً في العيون».
ويضيف: «قد يترافق الإحمرار مع ثقل أو إنزعاج أوألم أو تشويش في الرؤية. أما السبب  فغالباً ما يكون مصدره التغير الهرموني الذي يرافق التقدّم في السن، أو الدورة الشهرية عند النساء، إضافةً إلى بعض العوامل الخارجية مثل التعرّض لجفاف الجو الذي يخلقه «الشوفاج» أو المكيّف، أو بسبب الدخان الملوّث أو التدخين، أو أيضاً استعمال الكمبيوتر لفترات طويلة ومتواصلة».
يفسّر الدكتور فهد: «إحمرار العين متعدّد الأسباب. فإمّا أن يكون المسبّب بسيطاً  مثل Subconjunctival hemorrhage أي  نزف شريان صغير، أو يمكن أن يكون الأمر بسبب إلتهاب خطير، أو أيضاً بسبب التحسّس على الغبار أو الشجر أو الحيوانات، أو بفعل عوامل خارجية مثل ضربة على العين أو جراحة وما شابه».
ويلفت إلى «أنّ مشاكل ضعف النظر في غالبيتها بسيطة وعلاجها سهل. إذ يمكن وضع نظارات طبّيّة خاصة، أو الإستعانة بعدسات لاصقة طبية يوميّة أو سنوية. كما يمكن اللجوء إلى الجراحة حسب الحالة، أو الإستعانة بليزر سطحي أو الـLasik. بيد أنّ التشخيص الدقيق هو سر العلاج المناسب.
أمّا في حال المعاناة من الحساسيّة، فيجب تجنّب الأماكن أو الحيوانات أوالملّوثات التي سبّبت الحساسيّة أصلاً، بالإضافة الى وضع الماء البارد بشكل كمّادات لإراحة العين، ومن ثمّ إستعمال نوع خاص من القطرات والأدوية المضادة للحساسيّة.
وفي ما خصّ نشاف العين، فيجب معالجة سبب المشكلة، وتنظيف العين وإستعمال قطرات الدمع المرطبة Artificial Tears. ويمكن في بعض الأحيان سد مجرى الدمع بواسطة سيليكون خاص لاحتجاز الدمع على سطح العين. ويبقى أن نذكّر أن الإكثار من شرب السوائل وتناول مأكولات تحتوي على الأوميغا3   لها خير تأثير على صحة العين».
أمّا علاجات أمراض العين عند الراشدين، فيشرح الدكتور فهد عنها: «بالنسبة إلى الماء الأزرق (تصلّب العدسة)، إن علاجها بالجراحة أصبح أسهل على المريض: إذ إننا نقوم حالياً باستخدام الذبذبات الصوتية (Ultrasound) لاستخراج العدسة المصابة واستبدالها بعدسة إصطناعية. وغالباً ما نُسأل عمّا إذا كانت المعالجة بالأدوية ممكنة وكافية لحل المشكلة لكن الجراحة هي الحل الوحيد.
وفي ما خصّ الماء الأسود (إرتفاع ضغط العين)، فعلاجها يكون بالإستعانة بأنواع خاصة من القطرات لتخفيف ضغط العين. إلا أنه يمكن الاستعانة بالجراحة أو بالليزر لتأمين إستقرار الضغط مما يساعد على الحفاظ على النظر في المرحلة التي وصل إليها، والحؤول دون فقدانه.
ومن المهم الإشارة إلى أن العلاج غير قادر على إعادة إحياء الخلايا الميتة وبالتالي يتعذر على المريض إستعادة نظره بالمستوى الذي كان عليه قبل المرض مما يفسر أهمية التشخيص والعلاج المبكر في هذه الحالة كما ومتابعة الوضع الصحي العام للمريض إذا كان يعاني من أوضاع مسببة لمرض العين كداء السكري مثلاً وغيره».

نصائح
ينصح الدكتور فهد بضرورة الوقاية من ضرر الأشعة ما فوق البنفسجية للشمس (Ultraviolet Light)، وذلك من خلال إستعمال نظارات واقية للشمس، خاصةً عند التعرض لها مطولاً على البحر في صيف وأثناء التزلج في الشتاء. كما ينصح بوجوب إستعمال قطرات الدمع الإصطناعي  عند الإستعمال المتواصل  للكمبيوتر والتلفزيون.
ويذكر بأهمية زيارة طبيب العيون دورياً وأقله سنوياً للاطمئنان الى سلامة العين. ومن جهته، يشدد الدكتور دُنيا على «أهمّيّة الفحص الدوري للأطفال، إضافة إلى إستعمال النظارات الشمسية للصغار كما الكبار إذ أن الوقاية خير من ألف علاج بالأخص عند الأطفال!».{

يجب زيارة طبيب العيون أقلّه ثلاث مرّات:

  • عند دخول المدرسة في سن الثلاث سنوات، للتشخيص المبكر.
  • عند البلوغ بسبب تغيّر الهرمونات والنموّ.
  • عند بلوغ الأربعين وبدء التقدّم في السن.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078