أيمن عبدالسلام: هذا دليل عدم احترام الممثل السوري...
تميّز في المسرح والسينما قبل دخوله الوسط الدرامي التلفزيوني، وشارك في الفيلم الروسي «كيفورك وارطنيان» مع المخرج العالمي فلاديمير نيكاتسف، كما كان له حضور في السينما السوريّة في فيلمي «العاشق» للمخرج عبداللطيف عبدالحميد، و«الحاسة الثانية» للمخرج أحمد درويش... أمّا مسرحيّاً فهو «حفار القبور» لشكسبير، كما جسّد الكثير من الأدوار المسرحيّة التي سلطت عليه أضواء المسرح، فكيف لا وهو خريج المعهد العالي للفنون المسرحيّة في دمشق؟ لكن عربيّاً كان للدراما التلفزيونيّة دورها الواضح في انطلاقته هذه، فشكّل مسلسل «تشيللو» العلامة الفارقة بين الأعمال التي شارك فيها، إلى جانب «ضبوا الشناتي» و«يوميّات مدير عام» و«أيّام الدراسة» و«بقعة ضوء» و«ملح الحياة» و«حمام شامي»... كما ترك بصمة في الأعمال الإذاعيّة التي شارك فيها أيضاً، كسلسلة «فطوم» الرمضانيّة مع الفنانة القديرة نجاح حفيظ... وتميز بامتلاكه خامة صوت أوبراليّة جعلته قادراً على تأديّة الكثير من الأدوار الصعبة... إنه الفنان أيمن عبدالسلام الذي يحدّثنا عن مشاريعه الجديدة، وملاحظاته في ما اشتغل، ويروي تفاصيل خاصّة بشخصيّته في هذا الحوار.
- كيف تلمست شخصيّتك الفنيّة ومتى بدأتَ الخطوة الأولى في هذا الطريق؟
منذ صغري وقبل دخولي المدرسة، كان أهلي يشجعونني على الغناء والتدرب عليه والظهور أمام الناس وتأدية أغانٍ لمطربين كبار، ورافقني ذلك في كل مراحل الدراسة، إذ نلت ولأكثر من سنة في المرحلة الابتدائيّة لقب الريادة في الغناء والتمثيل على مستوى سورية، وشاركت في تجارب أخرى في مسرحيّات المدارس في مدن مختلفة من سورية، إلى أن دخلت المعهد العالي للفنون المسرحيّة في دمشق، وتلقيت الدراسة الأكاديميّة التي صقلت موهبتي بصورة جديّة.
- هل قدّم لك مسلسل «تشيللو» ما أردته منه فنيّاً، خاصة بعد رفضك مجموعة كبيرة من الأعمال في الموسم الماضي؟
كان تجربة متفردة بالنسبة إلي، فالشخصيّة مغرية وتحتاج إلى جهد حقيقي لتصل بوضوح إلى المتلقي. لقد منحني المخرج مساحتي باهتمام، وأشكره دائماً على هذه الفرصة التي سعدت بها، خصوصاً أنني لم أكن مطمئناً في البدايات، وكانت تنتابني هواجس الخوف والقلق، إلى أن بدأت الاتصالات والتهاني تنهال عليّ بالتزامن مع عرض الحلقة الأولى من المسلسل... عندها فقط شعرت بالراحة والأمان.
- شخصيّة المحامي «بلال»، كيف اشتغلت عليها لتصل إلى الناس بهذا البريق؟
أحببت الشخصية منذ قرأتها، وسعيت إلى فهم مهنة المحامي، ووضعه في بلدنا، وكيف يتعامل مع الناس إن كانوا من أصدقائه أو زبائنه، وأدركت حدود الشخصيّة مع الشخصيّات الأخرى في العمل، وحاولت أن أجتهد في كل المشاهد، خاصة عندما رأيت الجميع يعملون بنشاط كخليّة نحل، فالمخرج سامر برقاوي مخلص لعمله، مما يدفعني الى تقديم الأفضل أسوة بإخلاصه. كما ساعدني مدرب الممثلين الفنان أكثم حمادة كثيراً في العمل على الشخصيّة وتقديمها كما يجب.
- هل يُعدّ العمل العربي المشترك مجرد موضة كغيره من الأعمال التي سبق أن سادت الوسط الفني السوري؟
لا أعتقد ذلك، فهو موجود منذ سنوات طويلة، لكن في الآونة الأخيرة سُلط الضوء على هذا النوع من الأعمال بفضل اللمسة الإبداعيّة السوريّة، بدءاً من المخرج إلى الممثل إلى الفني والتقني... وقد أشار المخرج سامر برقاوي في أحد حواراته الى أنّ الدراما الحديثة هي وليدة الدراما السوريّة.
- هل «تشيللو» هو العمل المشترك الأهمّ حتى اليوم بين الأعمال العربيّة المشتركة؟
لا أستطيع أنّ أبخس حق الناس في مسلسلات أخرى، فالجميع يتعب ويقدّم ويجتهد ويغامر، لكن لمسلسل «تشيللو» حضوره الخاصّ، فهو نوع من أنواع الدراما التي تعتمد على رواية غربية اقتُبس منها فيلم سينمائي، ومنه مسلسل عربي. أيضاً كان للمؤثرات البصريّة في العملية الإخراجيّة حضور مهم، فكل شيء وُضع في مكانه، والمشاهد أتت مدروسة، بما في ذلك حركات الممثلين ووضعياتهم في المشهد الواحد، بالإضافة إلى التصوير السينمائي وكاميرا المخرج الاحترافيّة، والجهد الذي بذله فريق العمل ككل. وبالتالي يمكن وصف «تشيللو» بأنّه نال درجة امتياز في تكامل العمل الدرامي الحقيقي.
- وما رأيك بثنائية نادين نجيم وتيم حسن، في ظل أخبار تتردد عن اجتماعهما هذا العام؟
تميّز هذا الثنائي بحضوره اللافت حتى خلف الكواليس، فكلاهما يحمل ميزة إبداعيّة أضافت إلى العمل، وجمعتهما علاقة تقوم على المحبة والاحترام المتبادل، وكانت فرصة مهمة لي أن أكون قريباً من نجوم الدراما العربيّة، وفهم طريقة حياتهم. وبالنسبة إلى مسلسلهما الجديد «نص يوم» سيكونان حاضرين فيه بقوّة، وهذا دليل على نجاحهما كثنائي في «تشيللو»، وإلا لماذا تتكرر التجربة في مسلسل جديد!
- «ضبوا الشناتي» من أهمّ الأعمال الاجتماعية الكوميدية في الدراما السوريّة، هل تعده نقطة التحول في عملك الفني، أمّ «تشيللو»؟
بالتأكيد هو نقطة التحوّل في مشواري الفني، وشكّل علامة فارقة بين الأعمال السوريّة والعربيّة كافة، لدرجة أنّ النقاد في عالم الدراما اعتبروه عملاً يوثّق للأزمة السورية.
ولهذا العمل ذكراه الخاصّة من حيث العلاقة مع المخرج الليث حجو الذي يمنح الممثلين ثقة ليبرعوا في تقديم أجمل ما لديهم، بالإضافة إلى الجو الحميم الذي ساد هذا العمل. وهذه الأجواء تشبه أجواء التصوير مع المخرج سامر برقاوي، فالإبداع يحتاج إلى تطلّع وتأمّل وهدوء ومحبة، وهي أمور ميزت العمل مع هذين المخرجين اللذين أعتز بتجربتي معهما.
- ظهر أخيراً الكثير من الأعمال الشبابيّة التي أساءت نوعاً ما إلى الدراما السوريّة. من المسؤول عن ذلك برأيك، وهل من الممكن أن تعيد تجربة العمل الشبابي مرّة أخرى؟
الدراما تتسع للجميع، ولا يمكنني أن أُلقي باللوم على أحد كما فعل البعض ممن اشتركوا في هذه الأعمال، وهاجموها في ما بعد. وكما أشرت، إن توافرت ظروف العمل، والوقت المناسب، والإنتاج الضخم، والنص الجيد... فمن الممكن أن أشارك فيها.
- هل نجح مسلسل «دنيا» في جزئه الثاني كما الأول؟
بالتأكيد لم ينجح كالجزء الأوّل، فهناك تكرار واضح في الشكل الخارجي للمسلسل، ولكنه نجا في أحد الجوانب رغم الإخفاق في الإخراج في زوايا مهنيّة كثيرة منه، كما ساهم وجود الضيوف وتناول كلّ حلقة قصة جديدة في انتشال المشاهد من حال الملل والتكرار، فالأماكن غير متشابهة، وفي كلّ حلقة نلمح نجماً جديداً، إلى جانب النجوم الأساسيين.
- ما الشخصية الأبرز التي عرف الناس من خلالها أيمن عبدالسلام في تجربة الدوبلاج؟
شخصيّة «السلطان مصطفى بحرين» في مسلسل «حريم السلطان»، وشخصيّة «عمران» في فيلم «وادي الذئاب».
- تهتم بالمسرح كثيراً، ولكن أين أنت منه اليوم؟
المسرح هو لغتي الحقيقيّة التي يمكن أن يفهمني المتلقي فيها بالصورة الصحيحة كفنان، وسبب ابتعادي هو شروط المسرح القديمة التي يعاني بسببها الممثل السوري، ولا داعي للتفصيل فيها. لكن عندما ألتزم بالتصوير لمدة طويلة، بالتأكيد سيكون ظهوري في مكان بعيد من المسرح، بحيث أكون موجوداً في مكان وغائباً في مكان، لكن عيني على المستقبل، فأنا في انتظار فرصة مسرحيّة سأمنحها اهتمامي وحبّي بكلّ تأكيد.
- ما أجمل الأدوار التي قدّمتها على المسرح؟
كثيرة هي، لكن أذكر منها المشاركة في افتتاح مهرجان الطفل المسرحي في سوريّة مع فرقة «سمة للمسرح الراقص» في عرض «عالم الدمى»، وكذلك مسرحيّات: «راجعين» من إخراج أيمن زيدان، و«الأرامل» من إخراج سامر عمران، و«بشارع الحمرا» من إخراج كفاح الخوص.
- من هو الفنان السوري الأهم برأيك اليوم؟
لا يمكن تعليق صفة الأهميّة على فنان بعينه، فهناك قائمة طويلة منهم وتضم: أيمن زيدان وبسام كوسا وتيم حسن وقصي خولي وباسل خياط وغيرهم الكثير.
- وماذا عن الفنانة السوريّة الأهمّ؟
من الجيل القديم لا يمكنني تجاوز الكثير من الأسماء، مثل منى واصف وسامية الجزائري وغيرهما، ومن الجيل الوسط سوسن أبو عفار، ومن الجيل الجديد دانا مارديني.
- ومن هو المخرج السوري الذي أثبت نفسه عربياً اليوم؟
المخرج سامر برقاوي، بدليل الجوائز الذي حصدها أخيراً، إلى جانب الفنان رامي حنا في عمله «غداً نلتقي»، بالإضافة إلى الأسماء التي حفرت مكانتها ولم يتغير مستوى عطائها كالمخرج حاتم علي على سبيل المثال.
- تتميز بخامة صوت جميلة، فلماذا لم يتمّ اعتمادك في دور يبيّن موهبتك هذه؟
في المسرح أستخدم صوتي كثيراً، وكان يخدمني بقوة في العروض التي شاركت فيها. وتلفزيونيّاً، أعتقد بأنّ «ضبوا الشناتي» لامس ما طرحته، حين زاوجت بين العزف على العود والغناء. لكن فرصة تسليط ضوء مباشر على خامتي الصوتيّة لم تأت بعد كما يجب. وعلى الرغم من تأديتي أغنيّة خاصة في مسلسل «فتت لعبت»، لكنّها لم تنل حقّها في العرض أبداً.
عموماً، أحاول تدريب صوتي على الغناء لدى أساتذة الغناء في سورية، ويأتي ذلك في مراحل متقطعة، تبعاً لفترات العمل والاستراحة.
- رفضت عدداً من الأعمال في هذا الموسم، فهل من أسباب أخرى غير تلك التي ذكرتها؟
نعم، رفضت 5 أعمال في سورية لهذا الموسم، ولا داعي لذكر أسمائها وجهّات إنتاجها، فمنها الشامي والاجتماعي والكوميدي، ولكن السبب الرئيس في الرفض هو تدني مستوى الأجر، فلا يمكن أن يبقى أجر الممثل ثابتاً في ظل ارتفاع الأجور في القطاعات الأخرى، فهذا دليل عدم احترام، وبالتالي لا يمكنني الموافقة على مثل هذه الأعمال.
- نلت لقب أفضل وجه جديد في أحد ، وحزت لقب أفضل ممثل جديد في بلدك في استفتاء آخر... فماذا يعني لك اللقب؟
نعم كان ذلك في استفتاء أجرته صحيفة «دار الخليج» ومجلة «بيروت اليوم» ضمن 5 دول عربيّة، والآخر كان لراديو «روتانا ستايل» في سورية، واللقب ميزة تفرحني من جانب، وتقلقني من جانب آخر، فهو دليل على محبّة الجمهور، والمطلوب أن أكون على سويّة تتناسب وهذه المحبّة. وعموماً، يدفعني هذا إلى العمل والبقاء في موقف المحاسب لنفسي أمام كلّ ما أقدمه، فالاجتهاد مطلوب دائماً...
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024