مبادرة لرفع حظر قيادة النساء للسيارة.... فهل تنجح ؟!
تحت مظلة «لا يوجد نص فقهي يمنع ذلك»، دشن نشطاء وحقوقيون وعدد من المهتمين بقضايا الشأن العام، "مبادرة 26 أكتوبر" على شبكات التواصل الاجتماعي، التي تدعو النساء لتحدي الحظر المفروض عليهن ومحاولة الوصول إلى حقهن في قيادة السيارة في هذا التاريخ. وتحت شعار «قيادة المرأة للسيارة اختياراً وليس إجباراً»، تمكن منظمو الحملة بعد مضي أسبوع واحد فقط من تدشينها، من استقطاب أكثر من 14 ألف مؤيد، من خلال عريضة نُشرت على الانترنت في 21 أيلول/سبتمبر مع توقع ارتفاع الأعداد خلال الأيام المقبلة.
وكغيرها من المبادرات والحملات السابقة، لم تسلم المبادرة من المحاربة والهجمات الشرسة على المواقع الالكترونية، وحُجب الموقع الالكتروني للحملة التي رأى البعض أنها دعوة للمفسدة والاختلاط بالرجال. وقال المستشار القضائي الخاص، و المستشار النفسي للجمعية النفسية في دول الخليج الشيخ صالح بن سعد اللحيدان إن قيادة المرأة للسيارة «يؤثر تلقائياً على المبايض، ويؤثر على دفع الحوض إلى أعلى».
وفي غضون ذلك، استبقت بعض الناشطات موعد تاريخ الحملة بخروجهن إلى الشارع، وقيادة سيارتهن، في المدن الرئيسية مثل الرياض وجدة والدمام، دون إثارة أي فوضى أو اعتراض من أحدٍ ما حسب ما نشرت الصحف المحلية. وفي السياق نفسه، تقدمت ثلاث من أعضاء مجلس الشورى السعودي بتوصية لتمكين المرأة من قيادة السيارة، وفق الضوابط الشرعية والأنظمة المرورية.
23 عاماًً مرت على المطالبة النسائية الأولى بقيادة المرأة للسيارة في 6 تشرين الثاني/نوفمبر عندما خرجت 47 سيدة يقدن سياراتهن في مدينة الرياض عام 1990 مطالبات برفع الحظر. وقامت مبادرات كثيرة بعدها، آخرها مبادرة « من حقي أسوق» التي توقفت بتوقيف السيدة منال الشريف. اليوم تخرج "مبادرة 26 أكتوبر" وتفتح معها تساؤلات كثيرة حول احتمالات نجاحها. فهل ستنجح في المساهمة في رفع الحظر على قيادة المرأة السعودية للسيارة؟ أم ستبقى كسابقاتها من المطالبات التي لم نجد لها أثراً على أرض الواقع، كما يقول البعض؟ في هذا التحقيق تحدثت «لها» مع بعض من النشطاء والكتاب الذين أيدوا هذه الحملة، مرددين أنها حق يجب على المرأة الحصول عليه، وعلى من يرفضها ويحاربها تبرير رفضه لها.
المانع: حق اختياري، وليس إجبارياً
قالت سيدة الأعمال الدكتورة عائشة المانع إن هذه الحملة حق ويتم التصويت لأجله، ذلك لأن « الملك عبد الله بن عبد العزيز قال إن هذه الحقوق هي إرادة مجتمع، وبهذه الطريقة ومن خلال التصويت وحصد أعداد المؤيدين لهذه الحملة، نستخلص أن هناك أصواتاً أيدت هذا الحق وسعت إليه، وبطبيعة الحال، نجد في الجانب الآخر أصواتاً من المعارضين والرافضين، وهو أمر طبيعي يواجه أي حملة أو نشاط يقوم به أي من المهتمين في هذا الشأن. لكن كما حصل مع التعليم في البدايات، هناك من أيده واعتبره حقاً وضرورة، نادى آخرون بمعارضته».
وحول الفرق بين هذه الحملة، وسابقاتها، أشارت المانع إلى أنها لا تختلف كثيراً عن أي حملة طالبت بحق قيادة المرأة لسيارتها، ولكن ما اختلف فيها هو «آلية العمل بها، ففي هذه الحملة نُركز على أنها ضرورة مُلحّة وحاجة ماسّة. كما أن النقطة الأساسية تكمن في زيادة أعداد الموظفات، والتقدم في البنيان، فالمدن لم تعد قريبة من بعضها كما في السابق، و كلما تقدم بنا الزمن، ازدادت الحاجة إلى وجود السيارة لدى المرأة التي ترغب في الذهاب إلى عملها أو جامعتها، أو حتى للعلاج في المستشفى، وما إلى ذلك...». ولفتت إلى وجود السائقين الذي لم يعد «رفاهية، بل صار ضرورة لأي منزل وأسرة، الأمر الذي يُكبد الأشخاص كلفة مرتفعة مادياً ومعنوياً وأخلاقياً وما إلى ذلك».
وعن الممانعة التي تعرضت لها الحملة من بعض الأشخاص قالت المانع إن كلام يسيء إليهم "ولا نستطيع الرد عليهم بأي قول، لأن ذلك رأيهم للأسف، ولا بد لهذا الرأي أن يكون بأدلة وإثباتات شرعية أو قانونية، ليفهم الآخرون وجهة نظرهم».
ولفتت إلى أن هناك استباقات من بعض الناشطات والفتيات لموعد الحملة، قدن سياراتهن في مدينتي الرياض والدمام، ولم يتعرضن لأي أذى أو مساءلة، ودون إثارة الفوضى في الطريق العام من قبل أي شخص. وأشارت إلى أنه إذا تمت الموافقة على قيادة المرأة للسيارة، بشروط وأعمار معينة، فذلك يعني «تقييداً للحقوق، وهذا لا يجوز. فأن يُسمح للمرأة قيادة سيارتها في سن معينة لا اختلاف فيه، كما يجب على المرأة استصدار رخصة، وبالتالي على المجتمع إنشاء مراكز لتعليم السوق، ومنح الرخص بطرق نظامية للمرأة».
الدوسري: سيفتح الأبواب الموصدة
من جانبها، ذكرت الباحثة في الخدمات الصحية في وزارة الصحة هالة الدوسري أنها مؤيدة لحملة 26 أكتوبر لقيادة المرأة للسيارة، لأن «الحث على الحركة ضروري جداً، خاصة في ظل وجود القيود غير المجدية على المرأة. فما معنى أن أحضر رجلاً لتلبية احتياجاتي، ونحن نعيش في دولة حديثة من المفترض أن يكون فيها الإنسان قادراً على الحركة بمفرده وتحت حماية الدولة؟ كما أننا الدولة الوحيدة التي لا تتمكن فيها المرأة من أخذ مفتاح السيارة لتخرج وتلبي متطلباتها. وبرأيي لا أجد أي قيمة لوضع القيد على حركة المرأة».
وتضيف: «المعنى الوحيد لوجود حملة والاستمرار في المطالبة هو أن لا جدوى من المنع، وهذا المنع لن يمنع النساء من المطالبة، كما أن تكرار الموضوع بهذا الشكل لا يمكن التغاضي عنه، ولا يوجد بديل أيضاً، ولا بد للدولة أن تراعي انعدام البدائل للتنقل في المدن التي تحوي ملايين البشر والأسر، لا يوجد بدائل للمرأة سوى المُكلفة منها، والمزعجة جداً. فأنا أرى أن تكرار الحملة يعني أن هذا الحق لن ينتهي بمجرد صرف النظر عنه، أو توجه البعض لمحاربة النساء، فهذا الأمر لن يلغي المُطالبات، بل على العكس هذه الحملات مستمرة ومتزايدة... عام 2011 تقدم ثلاثة آلاف شخص بتوقيع عريضة لمجلس الشورى، والآن لدينا أكثر من 14 ألف مؤيد على موقع حملة 26 أكتوبر لقيادة المرأة للسيارة».
ولفتت الدوسري إلى أن "حركة المرأة جزء من نظام عالمي"، والمرأة السعودية لديها إحساس بالاختلاف والتقييد، "وهو أمر غير موجود في أي مكانٍ آخر. كما أن اختلاطها بالعالم الخارجي من خلال الانترنت والخروج للتواصل مع فئات وشرائح مختلفة في المجتمع، كسر «التابوهات» المرتبطة بحياتها. ولا ننسى أن العوامل الاقتصادية تلعب دوراً مهماً في هذا الجانب، لأن زيادة عدد أفراد الأسرة الواحدة، زاد المطالب الاقتصادية، والعبء الذي تتكبده الأسرة الواحدة... كما أن عدد أفراد الأسرة الواحدة ليس صغيراً، بل هناك اسر تبدأ من ثلاثة أفراد فما فوق، في مراحل مختلفة من الدراسة، وتوفير سائق أمر لا يناسبهم، اجتماعياً واقتصادياً، وهو خيار مُكلف وغير منطقي لا يناسب معظم الأسر في السعودية».
الفاسي: اختيار، دون إلزام أو إكراه لأي طرف آخر
قالت الأستاذ المشارك في تاريخ المرأة في جامعة الملك سعود والكاتبة في جريدة "الرياض" الدكتورة هتون أجواد الفاسي إن ما يميز هذه الحملة عن غيرها، توقيتها الذي جاء مناسباً خاصة بعد القرارات الملكية التي أقرت بدخول المرأة إلى مجلس الشورى، ونجاح هذه التجربة، «ونحن بالانتظار لدخولها اليوم في المجالس البلدية، وهي خطوة ملكية منحت المرأة حقوقاً أكبر من حق قيادتها السيارة الذي أصبح أمراً ثانوياً وروتينياً، سوف يلي القرارات الملكية، بمشاركة المرأة السياسية في الشورى والمجالس البلدية. وأعتقد أنه كان من المفروض تفعيل هذا القرار منذ العام الماضي، لكني أرى أن توقيت هذه الحملة لا بأس به، لا بل أنه أكثر من مناسب، ليأتي القرار السياسي للفصل في هذه القضية، وبالتجاوب مع مطالبات السعوديات».
وأشارت إلى أن شعار الحملة (قيادة المرأة اختيار وليس إجباراً) «حيّد أي معارضة، وتركت المسألة للخيارات، وهذا المبدأ الذي تتبناه المبادرة، فمن رغبت في القيادة فلتفعل، ومن لم ترغب لا تفعل، فليس هناك أي إكراه أو إلزام في هذه المسألة. ومن حق كل إنسان أن يتمسك برأيه، وليس لأحد حرية فرض الرأي على الآخر. وهي إحدى الرسائل التي نتلقاها باستمرار من الملك عبد الله، في تأسيسه لمركز الحوار الوطني، والحوار بين الأديان والمذاهب، وفي جميع أشكال الحوار المفتوحة، والتي تُعزز مفهوم قبول الرأي الآخر، وعدم فرض رأيي على غيري،».
وعن استباقات بعض الناشطات في الرياض والخبر وجدة موعد الحملة بأسبوعين ليقدن سياراتهن في الشوارع، اعتبرت الفاسي أن هذه الخطوة ستجعل الناس يعتادون رؤية المرأة تقود سيارتها، دون أن تُثير فوضى، ودون أن يعترض طريقها أحد.
آل الشيخ: بلدي الوحيد في العالم
رأت الكاتبة والدكتورة حصة آل الشيخ أن تأييدها لحملة قيادة المرأة السعودية للسيارة في 26 أكتوبر هو بمثابة الترافع في قضية حقوقية للمرأة نفسها، كما أنها قضية للمجتمع السعودي بأكمله، وقالت: «المطالبة بها ضرورة اجتماعية واقتصادية، وبلدي الوحيد في العالم الذي لا يسمح بقيادة المرأة السيارة. وقد شاركت شخصياً في المطالبة بهذا الحق عام 1990 وما زالت القضية محرجة وشاذة لنا، ولمجتمعنا أمام العالم أجمع، وسيتقبلها المجتمع المنتظر والمستعد أصلا لمثل ذلك ولن نسمع أي فتاوى تمنع أو تحرم، فلماذا لا يسمح بها ما دام لا يوجد مستند شرعي ولا نظامي يمنع المرأة من قيادة السيارة؟».
وذكرت أن الحديث سعودياً عن قيادة المرأة للسيارة هو حديث موسمي يتكرر من حين إلى آخر، وذلك بحسب ما قد يستجد حوله من مطالبات أو تصريحات أو غير ذلك، وهو حديث ربما سئم الكثيرون تكراره.
وحول ربط هذه الحملة بالمفسدة، والدعوة إلى الانحلال والاختلاط بالرجال كما نادى البعض من المعارضين، قالت آل الشيخ إن "مجتمعنا كأي مجتمع آخر ليس مثالياً، ففي كل مجتمع أكثرية تراعي الأمانة وتتسم بالخلق الكريم وكف الأذى ورفض العدوان. كما يوجد شوائب من المستهترين والمتجاوزين حدودهم، وهؤلاء هم من يجعل قيادة المرأة للسيارة غير مرغوبة».
وفي ما يتعلق بتصريحات اللحيدان بأن القيادة تؤثر على المبايض والحوض رداً على حملة السادس من أكتوبر، أكدت آل الشيخ أنه رأي فردي، ومثل هذا الكلام ما هو إلا مجرد «حديث مرسل، ولا يمت إلى الحقيقة بشيء. بل أنه قال لصحيفة «سبق» إن «من أطلقن الحملة استندن إلى ركوب الصحابيات الدواب وغيرها، لكنه من جانب آخر أجاز للمرأة قيادة السيارة في حالات استثنائية وللضرورة فقط، كأن يتعرض زوجها أو أحد أقربائها إلى أذى أثناء قيادته السيارة وهي إلى جانبه. ومن الطبيعي أن تواجه مثل هذه الحملات بالممانعة والرفض لأنها أمر جديد، وكل المسألة خوف لأن طبيعة الناس هي المحافظة ورفض الجديد، والخوف من التغير والارتهان لذهنية التحريم، والسبل لحلها هو دعم هذه الحملة، و تفهم الحاجة الملحّة لها، وإصدار قرارات تنظيمية بهذا الخصوص، تؤمن لمجتمعنا أسلوب حياة حضاري يليق بمجتمعنا».
العلمي: استمرارية لمطالبات سبقتها
أوضح الكاتب السعودي عبد الله العلمي أن «وزير الداخلية الأسبق الأمير أحمد بن عبد العزيز (عندما كان نائبا لوزير الداخلية) صرح لوسائل الإعلام في أيار/مايو 2011، أنه و«من حق الناس أن يطالبوا بقيادة المرأة للسيارة». وكذلك فعل رئيس مجلس الشورى الشيخ عبد الله آل الشيخ الذي أعلن في حزيران/يونيو 2011 استعداد المجلس لمناقشة موضوع قيادة المرأة للسيارة متى ما عرض عليه. ولا ننسى أن وزير العدل الدكتور محمد العيسى أكد في نيسان/أبريل 2013 أنه لا يوجد نص دستوري أو تنظيمي يمنع المرأة من قيادة السيارة في السعودية، وأن هذا الأمر يعود إلى رغبة المجتمع. ومن الجدير ذكره أن الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ صرح إلى وكالة "رويترز" في أيلول/سبتمبر 2013، أن حظر قيادة المرأة للسيارة لا يفرضه أي نص شرعي. ومن هذا المنطلق، المطالبة لا تتناقض مع رأي المسؤولين، أو مع حق المرأة بممارسة حقها في حرية التنقل، وأنا مع الحملة قلباً وقالباً».
وعن المعارضين لهذه الحملة، أكد العلمي في مجمل حديثه أن حق التنقل للمرأة هو حق شرعي ليس له علاقة بالمفسدة، او الاختلاط، أو الانحلال. كما أن «المعارضين ضد أي شيء، وكل شيء له علاقة بالمرأة، وآخرها إلى الآن على الأقل التبرير المضحك عن تأثير قيادة المرأة على المبايض والحوض. على مدى التاريخ، تعرضت المرأة السعودية لكثير من التضييق في أمور حياتها اليومية، ومن ضمنها وصف سيدات الشورى بأقبح الألفاظ، والتعرض بالسب والشتم للمرأة السعودية التي تزاول الرياضة، وقذف الكاشيرة والعاملة في المحال النسائية، وأخيراً وليس آخراً مهاجمة المرأة التي تطالب بحقها في القيادة. من يريد مناقشة الموضوع بأدب وحيادية فأهلاً وسهلاً بهم، وأما من يلجاؤن للسباب والقذف فلا حوار معهم».
وأضاف: «الوقت ليس عاملاً أساسياً هنا، بل تغيير أسلوب التفكير والنظر للمرأة بالعدل هو المؤثر الأكبر. وأعتقد أن القرار السياسي الحكيم قادم قريباً، وسينصف المرأة كما أنصفها في دخولها مجلس الشورى، وفي المجالس البلدية. كما أن التواصل مع السلطات التنفيذية، والتشريعية، والاعلام عامل مؤثر في صنع القرار».
كادر: توصية نسائية في مجلس الشورى بتمكين المرأة من قيادة السيارة
نشرت الصحف المحلية أن ثلاث سيدات من أعضاء من مجلس الشورى بادرن بتوصية لتمكين المرأة من قيادة السيارة وفق الضوابط الشرعية والأنظمة المرورية المتبعة. وفيما أكدت الأعضاء أن التوصية ليس لها أي علاقة بمبادرة 26 أكتوبر،. والثلاث هن الدكتورة هيا المنيع والدكتورة لطيفة الشعلان والدكتورة منى أل مشيط. وفي ما يلي نص المداخلة والتوصية التي قدمنها وتلتها الدكتورة هيا المنيع: «أخواتي وإخواني جميعنا يدرك أن عهد خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله شهد العديد من الإصلاحات السياسية، والثقافية، والاجتماعية ضمن المشروع التنموي الكبير الذي استهدف الارتقاء بالإنسان السعودي، صاحب ذلك ارتفاع في وتيرة التغير الاجتماعي، مما دفع النساء السعوديات إلى واجهة التعليم والعمل من خلال منظومة شراكة اجتماعيه، واقتصادية مع الرجل لتحريك عجلة التنمية بقوة، إلا أنه رغم كل ذلك التطور، والمشاركة في البناء ، مازالت المرأة السعودية تعاني معاناة كبيرة، وعلى أكثر من صعيد وفي مواقف مختلفة، نتيجة عدم السماح لها بقيادة السيارة، ولأنه لا يوجد مستند شرعي يمنع المرأة من قيادة السيارة، ولعدم وجود مستند نظامي يمنع المرأة من قيادة السيارة، حيث أن نظام الحكم في المملكة في مادته الثامنة يؤكد مبدأ المساواة بين الأفراد دون تمييز بين جنس وآخر، كما أن نظام الحكم يؤكد على حماية الحقوق الإنسانية في المطلق بدون تمييز بين المرأة والرجل وذلك في المادة السادسة.
كما أنه لا يوجد مستند في نظام المرور، يمنع المرأة من قيادة السيارة فجميع بنود النظام الصادر بالمرسوم الملكي رقم ٨٥/ وتاريخ ١٤٢٨/١٠/٢٦ تنص المادة السادسة والثلاثين من ذلك النظام على تسعة اشتراطات للحصول على رخصة القيادة وليس من بينها جنس طالب الرخصة.
ومن جانب آخر ترتب على منع المرأة من القيادة مسالب عديدة أهمها الوقوع في محرم شرعي ثابت بإجماع الفقهاء والمتمثل في الخلوة بالسائق وهو رجل غريب، قال صلى الله عليه وسلم «ماخلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما».
كما نتج عنه أضرار اجتماعيه كثيرة، منها الأخطار المحدقة بالأسرة نتيجة وجود سائقين في المنازل واختلاطهم بالأطفال والمراهقين من الجنسين، بما يحملونه من عادات وقيم مغايرة لقيم مجتمعنا المسلم، بالإضافة لمخاطر التحرش بالأطفال والنساء، وقد كشفت الكثير من الدراسات العلمية عن تلك المشكلة، ناهيك عن الكثير من المشاكل الأمنية، نتيجة تورط بعض العمالة الوافدة في أعمال غير نظامية، أو مخلة بالآداب مثل التزوير، والتهريب، وتصنيع الخمور، ولا ننسى الهدر الاقتصادي لموارد الأسرة، حيث تبلغ متوسط تكاليف السائق حوالي ٣٣٠٠ ريال شهريا، ونحن نعلم ارتفاع تكاليف المعيشة اليوم.
أخواتي إخواني، المرأة السعودية وصلت لمرتبة وزير، وعضو شورى، وحققت العديد من الجوائز العلمية العالمية، ومازالت لا تستطيع قيادة سيارتها.
أخواتي إخواني، في هذا السياق تقدمت مع سعادة الدكتورة لطيفه الشعلان، وسعادة الدكتورة منى آل مشيط بتوصية لتمكين المرأة من قيادة السيارة، وفق الضوابط الشرعية، والأنظمة المرورية المتبعة، ومرفق في تلك التوصية توضيح لكافة أبعاد هذا الحق من الناحية الشرعية، والنظامية، والاجتماعية، والاقتصادية».
كادر: "السادس من نوفمبر"
ألّفت الكاتبة حصة آل الشيخ وسيدة الأعمال عائشة المانع، كتاباً بعنوان ( السادس من نوفمبر) المرأة وقيادة السيارة، بعد أن أقدمت 47 سيدة سعودية على قيادة السيارة في شوارع مدينة الرياض في عام 1990. عن هذا الكتاب تتحدث قائلة: «هو كتاب يتناول بالمعلومة، والتحليل، والوثيقة تلك التجربة والحدث الصغير الذي استغرق حوالي 30دقيقة، ولكنه انفجر مدوياً وهز المجتمع وأصبح حدثاً كبيراً في تلك الفترة ومازالت تبعاته إلى الآن».
ولفتت إلى أن الكتاب يوثق تفاصيل مهمة في تلك التجربة، قبل المسيرة وأثناءها وما تلاها من تداعيات وأحداث، وصخب إعلامي، وهي تفاصيل ظلّت غائبة عن التناول لأكثر من عشرين سنة. وأضافت: »الفكرة موجودة، منذ فترة طويلة بدليل قيامنا بتجميع الوثائق، وكتابة التجارب الشخصية منذ ذلك الوقت، وكنا نتردد كثيرا بسبب الحرج من ذكر الأسماء والعائلات وتبعات ذلك عليهم. ومع مضي عقدين من الزمن على تلك الواقعة، والروايات المتضاربة حولها، والبعض لا يعرف عنها شيئا، وخاصة الأجيال الصغيرة من أصدقاء أبنائي وبناتي، إضافة إلى أن الوضع لم يتغير ولم تحصل المرأة على هذا الحق بعد. والهدف من هذا الكتاب ألا تبقى حبيسة الصدور والذكريات، بل لا بد أن تنتقل للأجيال اللاحقة التي لم تعايش تفاصيل المرحلة، وتكون أمام هذه التجارب مباشرة لتكون لها القدرة على تقويم المرحلة بشكل منصف، بعيداً عن احتكار أطراف لكتابة التاريخ والتجارب بطريقتها».
وأشارت إلى أنه «لا توجد رواية حقيقية لما حدث بالضبط، والبعض كتب عن الحدث نفسه بالصحف والمجلات والمقابلات التلفزيونية، ولكنها لم تشمل الحدث كاملاُ ، خصوصا وان الكثير من الصحفيين والكتاب الأجانب يسألون عن تفاصيل ما حدث، ويقومون برواية ما ذكر على لسان كتاب وروائيين. وكانت كل واحدة منا قد بدأت في كتابة تجربتها وقد جمعت العديد من الوثائق، واجتمعنا قبل حوالي سنتين وبالتحديد في شهر 10/2011 وقسمنا العمل بيننا، بحيث تتم توثيق مرحلة ما قبل الحدث، وتسليط الضوء على الظروف والأحوال الاجتماعية التي سبقت المسيرة، والتوثيق الأمين للمسيرة ومجرياتها، كما تعرضنا لمرحلة ما بعد الحدث من خلال عرض مواقف رجال الدين والفتاوى التي صدرت بحق المشاركات، وخاصة رموز الصحوة لأنها توثق المرحلة وتعكس تداعيات الموقف آنذاك من خلال توصيف الحدث وبعدهم عن جادة الصواب، لأنها قضية حق من حقوق الإنسان التي أعطاه إياها الإسلام، كحق التملك، وحرية التنقل، كما أنه لا يوجد نص شرعي يحرم قيادة المرأة للسيارة، ونحن بلد نعمل بتعاليم الإسلام، ونعرف تماماً أن الأصل في الإسلام الإباحة ما لم يرد نص بالتحريم، وعدم التحري والدقة في النقل لهذا الحدث، ودورهم الفاعل في حجم الأذى الذي تعرضنا له وتغيرهم في هذه المرحلة يفسر خطأهم في تلك المرحلة، وبالتالي رجوعهم عن هذا الأمر لا ينفي خطأهم بحقنا، وقد حاولت شخصيا مخاطبة الشيخ سلمان العودة، ومعرفة رأيه في الموضوع لنضيفه إلى ما كًتب، ولكن لم احظَ برد منه».
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024