تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

امرأة وراء مذبحة رجال الشرطة في مصر!

امرأة وراء مذبحة رجال الشرطة في مصر!

كانت تملك قلباً أقسى من الحجارة، قادت الواقعة الأكثر عنفاً وقسوةً بعد ثورة «30 يونيو»، وهي مذبحة كرداسة. وبدم بارد شاركت سامية شنن الإرهابيين وهم يقتحمون قسم الشرطة بعد ضربه بقذائف «آر بي جي»، وبدأت السفاحة توجيه الإرهابيين وهم يكملون مذبحتهم، ويقتلون 16 من الضباط والجنود، ويمثلون بجثثهم. كانت لحظة سعيدة لدى المصريين عند الإعلان عن سقوط المرأة الشيطانة التي تناولت مواقع يوتيوب صورها ولقطات لها أثناء اقتحام مركز شرطة كرداسة، وهي توجه السفاحين وتأمرهم وكأنها القائدة الملهمة لهم، في المذبحة التي عصفت بكيان المصريين وبكى معها الملايين وهم يشاهدون رجال الشرطة الشرفاء يذبحون ويقتلون على أيدي مجموعة من الإرهابيين. المتهمة أكدت بعد القبض عليها أنها ارتكبت جريمتها انتقاماً لابنها الذي قُتل أثناء فض اعتصام رابعة العدوية، لكنها عادت أمام النيابة لتنكر كل شيء! فما هي حكايتها؟


البداية في مديرية أمن الجيزة، اجتماع مغلق بين قيادات المباحث الجنائية وجهاز الأمن الوطني لتحليل لقطات الفيديو كليب التي نُشرت على شبكة الإنترنت وعلى موقع اليوتيوب عن الحادث الإرهابي البشع الذي راح ضحيته عشرات من رجال الشرطة في قسم كرداسة، بعد اقتحام أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي المركز وقتلهم جميع رجال الشرطة وتمثيلهم بالجثث.
طلب اللواء كمال الدالي مدير أمن الجيزة من مساعديه التركيز على لقطات ما بعد الحادث، وظهر صوت ووجه لإحدى السيدات وهي تنهال بنعلها على جثة مأمور المركز بعد موته، وسُمع صوتها وهي تحرك الرجال وتطلب منهم أن يلقوا ماء النار على الشهداء من رجال الشرطة.


مشهد مستفز

المشهد أثار الغضب والاستفزاز في نفوس رجال الشرطة الذين قرروا أن يبدأوا رحلة البحث عن المتهمة التي ظهرت وكأنها من قادة المذبحة الدامية.
وعلى الفور بدأت رحلة التحريات للوصول إلى منفذي المذبحة والمتهمة المجهولة، ومن خلال المصادر السرية كشفت التحريات شخصية السفاحة، اسمها سامية شنن، عمرها 50 سنة، تعمل في إحدى المهن الحرة، وتشارك المؤيدين للرئيس المعزول تظاهراتهم، وتكن للشرطة كراهية شديدة لأسباب مجهولة، وكانت تحرّض جيرانها وسكان مدينة كرداسة على الشرطة بشكل مستمر.

لم يكن الوصول إلى السفاحة سهلاً، خاصةً أنها كانت تحتمي بالجماعات الإرهابية، لكن رجال المباحث كانوا يتحينون ساعة الصفر لاقتحام كرداسة والقبض على سامية وأتباعها.
وخلال الأيام التي سبقت اقتحام كرداسة، كان رجال المباحث يتابعون تحركات السفاحة خوفاً من هروبها، خاصةً بعد أن توافرت لديها معلومات حول نية أجهزة الأمن اقتحام كرداسة، لكنها ترددت في الرحيل.

وحين حددت الشرطة ساعة الصفر ودهمت كرداسة شعرت سامية بالخطر وحاولت الهرب، لكنها لمحت مدرعات الشرطة وهي تحاصر المنطقة وتمنع هروب أحد منها، ورفضت أن تسلم نفسها، وقررت أن تتنقل بين منازل خاصة بأتباعها.
لكن رجال المباحث تمكنوا من تحديد المكان الذي تتحصن فيه، وهو منزل في أطراف المدينة. فأسقط في يد السيدة الحديدية حين حاصرت الشرطة منزلها، وتحولت إلى شخص وديع، هادئ الطباع، يدعي السلمية، وبكل براءة قالت لرجال المباحث: «لماذا تلقون القبض عليَّ؟ أنا بريئة ولم أفعل أي شيء أستحق عليه العقاب».
وبدت على وجوه رجال المباحث ابتسامة ساخرة وهم يستمعون إلى الهراء الذي تتفوه به امرأة يعرف الجميع أنها وراء المذبحة.


تناقضات

تباينت مشاعر السفاحة، تارة تدعي التماسك لتظهر أمام الجميع أنها قوية، وتارة أخرى تجهش ببكاء مرير وتنهار، لكن رجال المباحث كانوا يدخرون لها المفاجآت إلى حين مثولها أمام النيابة.
وأوضحت مصادر أمنية أن المتهمة مطلوب ضبطها وإحضارها في القضية رقم 12749 لعام 2013، الخاصة باقتحام مركز شرطة كرداسة، والتي راح ضحيتها 16 ضابطاً و جندياً بينهم مأمور المركز اللواء محمد جبر ونائبه العقيد عامر عبد المقصود.

وأفادت التحقيقات بأن المتهمة سحلت عدداً من الضباط بعد قتلهم، ومثّلت بجثثهم أمام المواطنين، وحاولت تمزيق أجسادهم بآلة حادة كانت بحوزتها.
وتناقضت أقوال المتهمة ما بين تحقيقات النيابة وقسم الشرطة، فقالت أمام النيابة: «أنا مظلومة، وأعمل في سوق كرداسة، شاهدت تجمهراً أمام القسم فذهبت إليهم وشاركتهم الوقفة ضد الشرطة، لكنني لم أضرب المأمور». وبكت المتهمة وهي تقول: «هل يمكن أن أضرب ميتاً؟»، رغم أنها سبق أن أدلت باعتراف أمام الشرطة وقت ضبطها، قالت فيه إنها سكبت البنزين على مأمور القسم وسحلت نائبه بعد وفاته، مبررة جريمتها البشعة بأن أحد أقاربها مات في اعتصام رابعة ثم عادت لتعترف بأنها تكره الشرطة بعد وفاة ابنها في اعتصام رابعة العدوية.

كانت السفاحة تعاني حالة خوف شديد، خاصة بعد مواجهتها بشرائط الفيديو كليب التي تم تسريبها عن عمد للمذبحة التي شهدها مركز كرداسة، وأصيبت المتهمة بذهول عندما شاهدت نفسها أثناء المذبحة، فهي لم تكن تعلم أن هناك من صوّرها خلال الأحداث، وصمتت تماماً دون أن تجد رداً على هذه اللقطات.
أمرت النيابة بحبس المتهمة سامية شنن 15 يوماً على ذمة القضية، ووجهت إليها تهم القتل العمد والشروع فيه والبلطجة وإتلاف الممتلكات العامة والانضمام إلى جماعة إرهابية وحيازة أسلحة وذخيرة واقتحام قسم شرطة، واستمر التحقيق معها 16 ساعة.
وكشفت التحقيقات أن ابنها كان شقياً خطراً، كثيراً ما يوقف في أقسام الشرطة، وأكدت الشواهد أنها ارتكبت جرائمها انتقاماً من الشرطة.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079