تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

أثبتن أنوثتهن في عالم مفترس مروضات الأسود يعايشن الخطر يومياً

محاسن كوتة

محاسن كوتة

لوبا الحلو

لوبا الحلو

فاتن الحلو

فاتن الحلو

لم تمنعهن أنوثتهن من العيش وسط الأسود والنمور داخل أقفاص حديدية. ورغم الخطر ورائحة الموت، قررت هؤلاء الفتيات خوض المغامرة ليحملن لقب «مدربة أسود» من دون أن يؤثر هذا اللقب في جمالهن وأنوثتهن!


تقول محاسن كوتة الشهيرة بـ «أنوسة كوتة»: «منذ نعومة أظفاري وأنا أشاهد الأسود والنمور الصغيرة تتجول في منزلنا، لذا أقبلت على التعامل معها وأنا في عمر الثلاث سنوات من دون خوف. وفي عمر الخمس سنوات، قررت الدخول الى هذا العالم من طريق والدي مدحت كوتة الذي يمتلك خبرة طويلة في تدريب الأسود في السيرك القومي، وكانت أسرتي متخوفة كثيراً من دخولي كفتاة الى هذا العالم المفترس، إلا أن هوايتي دفعتني إلى سلوك هذا الطريق. ورغم تفوقي في الدراسة، لم أشعر بالنجاح والفخر إلا بترويضي الأسود، فقمت بتربية أسد يدعى «بوشكاش»، وآخر يدعى «جودي». ورغم تخرجي في كلية الحقوق، لم أبحث عن عمل في مجال دراستي، ونلت شهرة كبيرة في مجال ترويض الأسود في مصر وخارجها. ورغم تعجب الجميع من أنني فتاة جميلة وأقترب من تلك الحياة الصعبة، فإن ترويض الأسود لم يكن له أي تأثير سلبي في أنوثتي، بل على العكس، فقد ساندتني الأسود في تنمية بعض الصفات التي أعتبرها أنثوية، كالشعور بالقوة والشجاعة والذكاء والتميز والعزة، وقليلات من يستطعن الدخول في هذا المجال».
وتضيف: «أرتدي أجمل الأزياء التي تعبّر عن الأنوثة، وأخرج مع صديقاتي الى الأماكن العامة، وحياتي تشبه كل الفتيات، ويتقدم لخطبتي العديد من الرجال الذين يشغلون مناصب اجتماعية مرموقة. والمضحك أن الكثير من الرجال يتعجبون من أنني فتاة جميلة تقوم بترويض أشرس أنواع الحيوانات ولا تخاف من ذلك».
وتوضح أنوسة: «كمدربة أسود، لي طقوس خاصة قبل ترويض الأسود، وهي أن أردد الشهادة، وأقرأ بعض الآيات القرآنية، وكل مرة أقرر فيها ترويض الأسود، أتوقع موتي على يد الأسود والنمور التي أقوم بتدريبها، لأن الأمر ليس سهلاً على الإطلاق. خطواتي محسوبة ومدروسة جيداً كي لا أصبح فريسة، وأقل عدد من الحيوانات التي روضتها كان 18 أسداً ونمراً داخل قفص واحد، والأسد يشتم رائحة الخوف، فإذا ظهرت علامات الخوف، ينقض الأسد على المدرب بشكل فوري، لذلك لديَّ ثقة عالية داخل القفص، وأسرتي دائمة القلق على حياتي، فيتحدثون معي هاتفياً بشكل يومي بعد الانتهاء من تقديم فقرتي في السيرك، وهناك أفراد في عائلتي ماتوا بسبب هجوم الأسود عليهم أثناء العروض، كما نجا والدي من الموت أثناء حدوث اشتباك عنيف بين الأسود في القفص على أنثى، وتدخل والدي كمدرب لفك الاشتباك بينها، لكنه تعرض لمهاجمة بعضها وعولج فترة طويلة في المستشفى، وعندما شُفي عاد مرة أخرى، فهي هواية في الدم».
واختتمت محاسن كوتة حديثها بأنها وجدت حلمها الأكبر وأنوثتها الحقيقية وسط ترويض الأسود، ولن تتركه أبداً، وقد قامت أخيراً ببطولة فيلم أجنبي، ولعبت دور مدربة أسود تتميز بالجمال. وأوضحت أن الأنوثة مع الوحوش مشاهد حقيقية رصدتها الحكايات القديمة، مثل «الجميلة والوحش»، فترويض الأسود واقع في عائلتها، وهي الفتاة الوحيدة بين أخواتها التي أقبلت على ذلك من دون خوف، وتحلم بأن تكون الأشهر والأكثر شجاعة في العالم في هذا المجال».

شاهدت الموت وعادت الى مداعبة الأسود
أما فاتن الحلو، وهي واحدة من أشهر مدربات الأسود، فتقول: «عائلتي شهيرة بترويض الأسود في مصر، لكن الأغرب أن يكون بين هؤلاء فتاة، وكنت من أوائل هؤلاء الفتيات، ولم أشعر يوماً بأنني فقدت أنوثتي وجمالي داخل قفص الأسود، بحيث تتعامل معي الأسود كفتاة جميلة وتغار عليَّ، لحبها الشديد لي. لقد عُرفت بتاريخي الطويل في هذه المهنة والذي يزيد على 20 عاماً من دون تراجع، فقد دخلت هذا المجال في سن التسع سنوات بشجاعة كبيرة. وهناك صفات لا بد من أن تتحلى بها مروّضة الأسود قبل التفكير في الأمر، كأن يكون قلبها قويّاً، وتتمتع بالثقة والقوة للنظر في عيون الأسود والنمور من دون تردد لإعطائها الأوامر ومعاقبتها في حال الرفض، لأن الأسد يرى نفسه دائماً، حتى وإن كان في قفص، ملك الغابة الذي يبحث عن السيطرة».
وتؤكد فاتن: «من الذكريات الجميلة التي لن أنساها في حياتي، حين كنت أجلس في طفولتي مع والديّ ساعتين يومياً لتدريبي على الاقتراب من الأسود من دون خوف، وكان عمي محمد الحلو الذي لُقّب بـ «كبير مدربي الأسود»، صاحب الفضل الكبير في شهرتي وتعريف العالم بمدربة الأسود المصرية ذات القلب «الميت» فاتن الحلو، وكنت أتلقى العديد من مكالمات الإعجاب بأنوثتي، رغم ترويضي الأسود المفترسة».
وتكمل: «حبي للمجازفة والمغامرة كان السبب الأول في اقتحامي هذا المجال. تزوجت من رجل لم يعترض كثيراً على مهنتي، بل كان ينبهر وعائلته لقيامي بذلك. ورغم موت عمي الذي كان يدرّبني ويشجعني على الأمر، لم أتراجع يوماً عن ترويض الأسود، بل أشعر بأنني أزداد أنوثة وجمالاً في عالم الأسود والنمور، فهي أفضل من بعض البشر».
وتلفت فاتن الى «أنها شاهدت الموت بعينيها منذ شهور عدة، بعد هجوم الأسد عليها وتعرضها لإصابات بالغة الخطورة أثناء تقديم فقرة في مدينة طنطا في محافظة الغربية، وخضعت لعلاج طويل، وبعد شفائها عادت على الفور إلى التدريب مرة أخرى ومن دون خوف، وتبرّجت كسيدة تحرص على جمالها، حتى وإن كانت وسط الأسود، فهي لها جمهورها ومحبوها، والأغرب من ذلك أن معظم وقتها تمضيه مع الأسود». وتشير الحلو إلى أنها اعتادت على العروض اليومية التي تُقام في المساء بحضور المئات، وتقوم بجولات متكررة في مصر والوطن العربي والعالم. وأكثر اللحظات سعادة في حياتها عندما تنظر الى الأسود وتراها سعيدة فهي تعتبرها مثل أبنائها، وتحتاج إلى رعايتها، وتحاول حالياً تعليم ابنتها لتكون خليفتها في هذه المهنة.

جوائز
تقول لوبا الحلو: «جدتي محاسن الحلو من أهم مروضي الأسود في العالم العربي، وكذلك والدي محمد الحلو، فكيف لي أن أتخلى عن هواية أسرتي، وفيها حوالى ثلاث فتيات يمارسن المهنة من دون خوف، كما أنهن جميلات! فالجمال لا يتعارض مع ترويض الحيوانات المفترسة، وأنا كفتاة لا أدخل حلبة السيرك إلا بكامل أناقتي، واهتمامي بنفسي لم يقلّ على الإطلاق وسط الأسود، فمثلي الأعلى بصفاته هو الأسد الذي تعلمت منه الكثير، ولم أندم يوماً على دخولي هذا المجال الشاق والصعب، لكن ليس على عشاقه الذين لا يهابون الموت، خصوصاً الفتاة التي عرفت بأنوثتها ورقتها، وعدم تحملها الأعباء مثل الرجال، بحيث أتجول في حلبة السيرك حول الأسود برشاقة كبيرة وأحمل بثقة العصا لتوجيه الأسود في الاتجاه الذي أرغبه، وفي بعض الأحيان أحمل الأسد، وهذا يزيدني جمالاً، والدليل الى ذلك تصفيق الجماهير وحضورهم الدائم لرؤية فقراتي في السيرك القومي، كما حصلت على العديد من الجوائز التي تميزني عن أي فتاة في العالم، وأحرص على التقاط العشرات من الصور مع الأسود والنمور وجمهوري، لأؤكد للجميع أن المرأة الجميلة لا تخاف الموت، وقد تعيش معه بشكل يومي. ورغم حالات الموت التي حدثت في عائلتي، لا أخاف الأمر، لأن العمر يحدده الله سبحانه وتعالى. وقبل تقديم فقرتي الخاصة، أحرص على الصلاة والتحدث إلى أسرتي، وسأعمل على تدريب فتيات العائلة».
وتضيف لوبا أنها تطمئن إلى الأسود بشكل يومي في الأقفاص الخاصة بها في السيرك، وهي ترحب بها وتفهم همهمتها، كما تربي عائلتها الأسود الصغيرة في منازلهم للتعود عليها، والشعور بالألفة، وهنا يكمن سر الحب بينهم وبين الأسود.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079