فرقة «فرقت ع نوتة»: ثمة أدمغة موسيقية صغيرة تقدّم موسيقى عميقة
ألّفوا فرقة تشبههم وتشبه تطلعاتهم في الفن والموسيقى، في محاولة منهم لإحياء التراث بأسلوبهم. جمعوا المقام العربي بالغربي من خلال «نوتة»، فوُلدت فرقة «فرقت ع نوتة». تضم الفرقة ستة أفراد وهم: بترا حاوي الشابة الوحيدة في الفرقة وهي المغنية الأساسية، إلى جانب عازف البيانو وجدي أبو دياب، زاهر حمادة عازف الكونتر باص، وعلي صبّاح لاعب إلكترو غيتار، ورغيد جريديني على آلة الساكسوفون ألتو، وجهاد زغيب على الدرامز. التقينا بترا حاوي ورغيد جريديني وتحدثا في هذا اللقاء عن الفرقة...
- من هي فرقة «فرقت ع نوتة»؟
أنا بترا حاوي مهندسة ديكور والمغنية الأساسية في الفرقة، الفرقة مؤلفة من 6 أشخاص، أنا وخمسة شبان هم: رغيد جريديني، زاهر حمادة، علي صباح، وجدي أبو دياب وجهاد زغيب. تعارفنا في مخيم للفنانين في العام 2011، خلال لقائنا شعرنا بانسجام، وأدّينا الأغنيات التي نعرفها.
لاحقاً بتنا نقدم أغنياتنا الخاصة بعدما وجدنا أن من المفترض أن نؤلف فرقتنا الخاصة والتي أطلقنا عليها اسم «فرقت ع نوتة». ونعني باسم الفرقة الجمع بين المقامات، أي إذا «فرقت على نوتة» يتحوّل المقام من عربي إلى غربي. نحن نحاول أن نكون نقطة الفرق في النوتات الموسيقية.
أطلقنا على الألبوم الأول «حي- جاز» وسجلناه في استوديو في الحمرا، وصدر في الأسواق في حزيران/يونيو 2014. وتكرّست الفرقة رسمياً في العام 2013. وحالياً لدينا عدد من المشاريع.
- ما هي نشاطاتكم وماذا تحضرون؟
نحيي في الشهر ما بين حفلتين وثلاث حفلات في مسرح «مترو المدينة» على سبيل المثال. نبحث دائماً عن الأماكن التي تشبهنا من ناحية الأجواء الموسيقية والجمهور.
نعمل على ألبوم «موشحات» يتضمن 10 موشحات من التراث الموسيقي العربي القديم، وقد اخترنا هذا العدد بعد بحث مستفيض. الموشحات التي اخترناها تحمل قيمة موسيقية كبيرة، واعتمدنا على التركيبة الموسيقية للموشح، وما إذا كانت تسمح لنا بإعادة توزيعها، وكيف يمكن أن تعكس آلاتنا الغربية هذا النوع من الموسيقى؟ أنجزنا عملية التوزيع، وحالياً نتدرب على عزف الموشحات، وقريباً سنباشر عملية التسجيل، إلا أننا في انتظار التمويل.
نحن في الفرقة أنتجنا الألبوم الأول، من خلال الحفلات التي نحييها. كما أننا تقدمنا للمشاركة في برامج منح تمويل لفرق شبابية صغيرة، ونأمل أن يكون لنا مصدر تمويل من خلال البرامج هذه إلى جانب الحفلات.
- ماذا عن الألبوم الأول، وما هي القضايا التي طرحها؟
الألبوم الأول كان مجموعة قطع وأفكار كنا قد كتبناها، كل بمفرده، في وقت سابق. الأغنيات تتناول موضوعات مختلفة، غالبيتها ترتكز على تجارب شخصية، والألون الموسيقية هي تلك التي تأثرنا بها، مثل موسيقى الروك، البلوز والجاز. الكلام يشبه لغة الشباب اللبناني، يتحدثون عن مشاكل عاطفية أو أحداث عاشوها في حياتهم الشخصية.
الحب هو الموضوع الأساسي. اخترنا للألبوم اسم «حي جاز» وهي الأغنية الرابعة، العمل الذي يجمع بين الموسيقى الشرقية والغربية، والاسم يعني أيضاً «حي»، أي مقام الحجاز الشرقي وموسيقى الجاز الغربية، فيما لحن الأغنية مزيج ما بين اللونين الغربي والشرقي.
الإقبال على شراء الألبوم كان جيداً، خصوصاً بعدما أعلنّا عن توقيت إصداره، كما أن الصحافة لعبت دوراً إيجابياً في هذا الخصوص. وكان الألبوم ضمن الألبومات العشرة الأكثر مبيعاً. وفي ذكرى مرور سنة على إصداره، حمّلنا الأغنيات على Sound Cloud مجاناً لكل من يحب سماعها.
- من هو الجمهور الذي يحضر حفلاتكم؟
نحن من فئة الشباب، تتراوح أعمارنا ما بين 24 والـ25 سنة، ويتأثر جيلنا بموسيقى جيل العمالقة قبل هبوب موجة الفن الهابط. جمهورنا يضم الشباب إلى جانب جيل أهالينا الذي يهوى الموشحات.
- بمن تتأثرون؟
نحن ستة أفراد في الفرقة، ومن الصعب أن تكون الثقافة الموسيقية أو الذوق الموسيقي لدينا واحداً. درسنا كلنا في الكونسرفتوار، فمنا من تأثر بالكلاسيك، وآخر تأثر بالبلوز أو الجاز أو الروك إلخ. هذا الاندماج الموسيقي هو الذي أوجد فرقة «فرقت ع نوتة».
نستمع إلى باقة كبيرة من الفنانين الكبار... الموسيقار محمد عبدالوهاب وعبدالحليم حافظ وفيروز والشيخ إمام مثلاً، وأسماء حديثة أيضاً مثل ريما خشيش ولينا شماميان ومكادي نحاس وأميمة الخليل وزياد الرحباني وغيرهم.
كل واحد منا لديه خلفية موسيقية مختلفة عن زميله، ولكن الذي جعل منا فريقاً واحداً هو كيفية جمع النمط الموسيقي وإيصاله بلغة حديثة تشبه المجتمع اللبناني العربي الذي عليه أن يحافظ على الموسيقى الشرقية وكلامه من دون أن يغترب عن اللهجة اللبنانية.
- ألا تشعرون بأن ثمة مغامرة في إصدار ألبوم موشحات؟
كل فنان تأثرنا به أصدر في مرحلة من مراحل حياته ألبوم موشحات. تعتبر الموشحات نوعاً ما محطة في طريق من سيلعب موسيقى حديثة، الموشح في تركيبته الأساسية عميق ومركّب، والموسيقى الحديثة ترتكز على التركيب.
الموشحات كأعمال موسيقية تاريخية كانت نتيجة امتزاج الحضارة العربية بحضارات أخرى أيام الفتوحات الإسلامية، أبرزها الموشحات الأندلسية التي كُتبت في الأندلس، وكانت مزيجاً واضحاً يجمع الثقافة العربية مع الثقافة الأندلسية.
هذا الدمج الذي نحاول أن نقدمه موجود تاريخياً، وإن كان في ذلك مغامرة من ناحية المبيعات، وسنحاول أن نقدمه بطريقة تعجب الشباب.
- ألا تخافون من اتهامكم لاحقاً بأنكم تشوهون هذا التراث أو الموشح؟
يتملكنا الخوف من رد فعل الجمهور، وسؤالهم عن سبب اختيارنا لهذه الأغنيات وهل نلعب بالتاريخ؟ بات هاجسنا. من ناحيتي، أحاذر تجديد الأغنيات إذ لم أسمع التركيبة الموسيقية العميقة، أحياناً يقومون بإلغاء أفكار قديمة ويجددونها بطريقة تجارية.
أما نحن فنحاول أن نكون في الجانب الذي يضيف إلى الأغنية ولا يشوّهها، وأن نثبت من خلال تجديدنا أن ثمة أدمغة موسيقية صغيرة تستطيع أن تقدم موسيقى عميقة تدوم ولا تزول كالفقاعات الغنائية الحالية.
- ربما تتعرضون للنقد، إذ ماذا ستضيفون إلى أغنيات العمالقة؟
نحن لم نختر أن نجدد أغنيات لأم كلثوم، أو أي من عمالقة الفن الشرقي. الموشحات تراث متناقل شفهياً ما بين الأجيال، ولكنه ليس مرتبطاً بأداء فنان معيّن. لا حقوق لأحد في الموشحات، إلا إذا أقدم أحد على تلحين موشح وسجّله باسمه.
سيكون توزيع الموشحات بطريقة مستحدثة بهدف إعادة إحيائها، وإذا لم يحبوا أداءنا فسيعودون إلى سماع النسخة الأصلية.
- إلى أي مدى يعني لكم أنكم تحولتم إلى فرقة معروفة في غضون سنتين؟
الفن أخذ من حياتنا كثيراً، كنا ولا نزال نكرّس، مجتمعين، نحو 80% من تركيزنا اليومي على الفرقة، وعملنا معاً من أولويات كل واحد منا إذ نعتبر الغناء مهنة وليس هواية فقط، نهتم بأدق التفاصيل، حتى بالأزياء التي سنرتديها. وهنا أسمح لنفسي بأن أصرح لكم بأنني الشابة الوحيدة بين أعضاء الفرقة، ولذلك أعاني من عدم التزام زملائي الذكور بالزي الذي نتفق عليه إذ إنني الوحيدة التي تلتزم.
وفي عودة إلى سرعة انتشارنا كفرقة، أعيد السبب إلى جهود كل منا المتواصلة، ونقارن تجربتنا بتجارب الفرق الأخرى، اذ ان أبرز الفرق الموسيقية الشابة واجهت مشكلة الهجرة، خصوصاً أن الموسيقيين المحترفين والذين يدرسون الموسيقى يعلمون أن لا مستقبل لهم في لبنان، لأن الميدان الأكاديمي الموسيقي في لبنان ليس في حالة تطور، على الرغم من جهود الكونسرفتوار التي يبذلها بهدف تطوير الدراسة الموسيقية.
- ماذا عن الكليبات؟
أنتجنا ثلاثة كليبات. لسنا فرقة تجارية، ولذلك لا تعرض أعمالنا المصوّرة. لكن الأمر لا يزعجنا أبداً لأننا في مكان يشبهنا، وفي زمن نستطيع فيه الوصول إلى جمهورنا.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024