طفلي لا يعرف الحدود... ماذا أفعل
«يبدو هاني (خمس سنوات) وقحًا في تصرّفاته فهو إذا ما أراد شيئًا لا بدّ أن يحصل عليه ولو بالقوة، طلباته لا حدود لها وكذلك سلوكه فهو لا يأبه لتهديد والديه أو عقابهما». فلماذا يتصرّف هاني على هذا النحو؟
يرى إختصاصيو علم نفس الطفل أن القوانين المنزلية ضرورة تربوية لا يمكن التساهل بها، فالطفل في حاجة إلى مرجعية تشعره بالأمان والثقة بالنفس، فيما غياب القوانين المنزلية والحدود التي تقنن تصرفات الطفل وسلوكه، يؤدي إلى شعور الطفل بالقلق وعدم الأمان، لأنه لا يعرف حدوده، مما يجعله يعبّر عن مخاوفه وقلقه بتخطي الحدود علّه يجد من يردعه.
لماذا نرى بعض الأطفال يتخطون الحدود ولا يأبهون لأحد؟
لأن الأطفال من هذه الفئة لم ينشأوا في عائلة لديها قوانين منزلية واضحة وبالتالي لم يعرفوا ما معنى أن يكون لتصرفاتهم حدود، أي ما هو مسموح وما هو ممنوع.
فالطفل في هذ ا الحالة هو الذي يدير أهله والأشخاص المحيطين به، أي أنه يخضع كل من حوله لمزاجه وطلباته. وبالتالي فالأدوار العائلية معكوسة والطفل هو المسيطر وسيد المنزل الذي يرفض سلطة الأهل ويمارس ابتزازًا عاطفيًا ويعترض من دون أن يجد مقاومة ومواجهة، وبالتالي لن يعرف تحديد هويته، لأنه يعيش من دون حدود وممنوعات. وعندما يكبر لن يفهم أصول التعامل مع الآخرين لا سيما في المدرسة.
هل يختلف القانون المنزلي عن الحدود؟
لا، فالقانون المنزلي يضع الحدود التي يتحرّك الطفل ضمن إطارها. ويتضمن طقوسًا يومية، منها تناول الوجبات في ساعات محدّدة، طقوس ما قبل النوم كالإغتسال وتنظيف الأسنان، الذهاب إلى النوم، مدة مشاهدة التلفزيون وغير ذلك.
وغالبًا ما يعترض الطفل على هذه القوانين ويحاول خرق حدودها. فنسمع طفلاً يقول» لمَ علي النوم عند الثامنة فيما صديقي ينام عند العاشرة!».
هنا على الأم أن تشرح له بهدوء لمَ عليه النوم كأن تقول له مثلا لأن من في سنك يحتاجون إلى 12 ساعة نوم كي ينموا بصحة نفسية وجسدية وذهنية.
هذا يعني أن القانون المنزلي ووضع الحدود وجهان لعملة واحدة؟
صحيح، ولكن هناك فرق بين أن يضع الأهل القانون ويثبّتوه وأن يضعوه ولا يلزموا الطفل به، وبالتالي فإنه يخرج على حدود هذا القانون. لذا على الأهل أن يكونوا جديين وحازمين في تطبيق القانون المنزلي والأهم أن يضعوا قانونًا واقعيًا ومنطقيًا هم أنفسهم مقتنعون به.
فغياب القانون المنزلي الواضح والواقعي يؤدي إلى تعزيز شعور الطفل بالقلق مما يحرّضه على الرفض. فمن المعلوم أن إدراك الطفل لما هو مسموح وما هو ممنوع يساهم في صقل شخصيته فهو يحتاج إلى مرجعية صلبة وهي السلطة الأبوية التي تشعره بالأمان.
وعندما يجد أن لا حدود لتصرّفاته يشعر بالضياع لأنه يبحث عن حدوده، ويشعر بالتشوش أكثر عندما يكون هناك تضارب في وجهات النظر بين الوالدين.
ماهي القواعد التربوية التي ينصح الأهل بها؟
من المهم جداً أن يضع الأهل قواعد ثابتة للتربية
- على الأهل أن يضعوا حدوداً منطقية ويتمسّكوا بها. فالطفل يشعر بالارتباك والتوتر عندما تسمح له أمه القيام بأمر ما، وتمنعه عنه في اليوم التالي.
- على الوالدين أن يتّفقا على نمط واحد في التربية وتجنّب السماح للطفل بأن يستغلّ أحدهما، ويحاول أن يُسبب بينهما خلافاً في الرأي حول تصرّف قام به متخطّياً الحدود.
- التأكد من أن الطفل يفهم معنى القواعد التي عليه التقيّد بها، لذا على الأم أن تشرح الهدف منها، كأن تشرح له مثلاً لماذا عليه أن يعيد ألعابه بعد أن ينتهي من اللعب بها.
- إعطاء تعليمات محدّدة عندما تطلب الأم من طفلها القيام بأمر ما.
- توضيح أسباب العقاب، فمثلاً إذا ضرب الطفل أحد رفاقه عليها أن تشرح له أنه سيعاقب لأنّه لم يلتزم بما طلبت منه. ولكن حذار أن ينال الطفل عقاباً مزدوجاً أي أن تعاقبه أمّه ثم يأتي والده ويعاقبه.
- مدح الطفل عندما يتصرّف في شكل حسن، إذ لا يجوز أن يعلّق الأهل على تصرّفاته السيئة فقط. فالثناء على أفعاله الحسنة يكون له صدى إيجابي على المدى الطويل.
- عدم إطلاق التهديدات من دون تنفيذها. لذا على الأم أن تهدّد بالعقاب إذا أرادت فعلاً تنفيذه وإلاّ لن يأخذ الطفل مسألة العقاب في شكل جدّي وسيتخطّى القواعد من دون خوف.
- التأكيد للطفل أن محبة والدته لا تتغيّر حتى وإن عاقبته. لذا من الضروري أن يفهم أن العقاب لا يعني أن أمه تكرهه.
- منح الطفل فرصة تقويم تصرفه أو الاستجابة لطلب الأم قبل معاقبته. مثلاً إذا كان يركل الطاولة يمكن الأم أن تطلب منه أن يخرج إلى الحديقة ويلعب بالكرة، وإذا تجاهل الأمر يمكنها تحذيره عاقبة عدم تنفيذ طلبها. أو مثلاً إذا رفض توضيب ألعابه يمكنها أن تقول له بهدوء إنها سوف تعدّ إلى العشرة وعليه خلال ذلك أن يسرع في ترتيبها وإلا سوف تعاقبه، كما عليها ألا تسمح له بمناورتها كي تبدّل رأيها.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024