ربى المقداد: مررت بلحظات ضعف وخوف وبكاء
لكل مريضة تجربتها الخاصة مع المرض التي تتخطاها وتتعلّم منها على طريقتها الخاصة أيضاً. وتختلف تجربة المريضة المتزوجة عن تجربة العزباء، نظراً إلى وجود الزوج ودوره الذي يمكن أن يكون إيجابياً أو على العكس قد يترك أثراً سلبياً عليها في بعض الحالات. والمريضة بسرطان الثدي تكون بحاجة ماسة إلى دعم زوجها وتعاطفه معها بنظراته وكلامه وتصرفاته كونه يشكل الداعم الأبرز لها إلى جانب بقية أفراد العائلة وأولادها لتتخطى هذه التجربة بأقل ضرر ممكن.
ثمة تفاصيل بسيطة قد يجهلها الزوج نفسه أحياناً، إنما لها تأثير كبير على نفسية زوجته وتعاملها مع الأمور. هي مرحلة ليست سهلة على الزوجين، فالمرض أشبه بامتحان للعلاقة الزوجية، فإما أن تتعزز علاقتهما أكثر فأكثر في حال وقف الزوج بجانب زوجته وكان لها داعماً بحبه ومعاملته، أو أن تضعف عندما لا يدعم الزوج زوجته في مواجهة المرض.
السيدة ربى المقداد، زوجة زميلنا العزيز رمزي المقداد، تحدثت إلى «لها»عن تجربتها مع المرض التي لا تزال تعيشها إلى الآن وعن كفاحها ووقوف زوجها بجانبها في أدق التفاصيل مما ساعدها على تخطي لحظات الضعف والانكسار التي مرت بها في بداية المرض.
كيف اكتشفت إصابتك بسرطان الثدي؟
لم أكتشف إصابتي بسرطان الثدي صدفةً كوني أجري سنوياً الصورة الشعاعية للثدي ولا أتخلّف عن ذلك أبداً. كنت أجري الصورة كالمعتاد لكن قبل أسبوع من ذلك لاحظت وجود دملة في الثدي مما دفعني إلى التعجيل في إجراء الصورة الشعاعية للتحقق من ذلك.
وبالفعل تبين وجود ورم سرطاني في الثدي في الخزعة.
كونك كنت تجرين بانتظام الصورة الشعاعية للثدي، هل كان الورم حديثاً وظهر ضمن هذه السنة التي انقضت أم أنه كان موجوداً سابقاً؟
في الواقع، ليس الورم حديثاً إلى هذه الدرجة. كنت قد أجريت الصورة كالمعتاد عام 2012 وكان الورم موجوداً لكن الطبيب لم يدقق في ذلك بل أهمل الموضوع وأعطاني دواء مؤكداً أن الدملة تزول تلقائياً بالدواء.
وبالتالي عندما أجريت الصورة الأخيرة تبين أن الدملة موجودة منذ أكثر من سنة.
إلى اي مدى كان وقع الخبر صعباً عليك؟
أعتقد أن بداية الأمور الصعبة التي نواجهها في حياتنا تبقى صعبة دائماً، خصوصاً في حالة من هذا النوع. لكن سرعان ما واجهت الامر بشجاعة كبرى وقررت أن أقضي على المرض بدلاً من أن أتركه يقضي عليّ.
لم أتلق الخبر من الطبيب مباشرةً بل أخبر زوجي وهو أتى ليخبرني بالموضوع. لكن هذا لا يعني أني لم أكن على علم بما يحصل لي. كنت أشعر بوجود مشكلة ما، خصوصاً بعد أن أجريت الخزعة. ثمة ما كان ينبئني بذلك.
وكنت قد طلبت أن أعرف مزيداً من التفاصيل وأصررت على ذلك. وعندما ناداني زوجي لإخباري وقبل أن يتكلم عرفت ما كان سيقوله ولم أتركه يتابع.
دخلت عندها مباشرةً غرفتي وحدي لكن سرعان ما تبعني زوجي وأولادي وأحاطوني بدرجة لا توصف، خصوصاً زوجي الذي كان لي سنداً في هذه المرحلة الصعبة التي مررت بها ولا أزال فيها.
أي مرحلة كانت الأصعب، هل مرحلة تلقي الخبر أم لاحقاً عندما باشرت العلاج؟
الأسبوع الاول كان الأصعب، كان فعلاً شديد الصعوبة. فكما قلت سابقاً دائماً تكون الأمور في بدايتها أشد صعوبة ثم تخف تدريجاً. كنت خائفة جداً في البداية وأجهل ما ينتظرني.
اسم المرض نفسه كان يخيفني كأي شخص آخر. هو أمر لم أكن مستعدة لمواجهته أبداً. المشكلة أني لم أكن على اطّلاع على موضوع سرطان الثدي.
لطالما شعرت، كأي امرأة اخرى بأن المرض بعيد عني وأنه لن يصيبني يوماً. لكني اكتشفت مدى خطأي عندما أصابني كما يمكن أن يصيب أي امرأة.
ما أن اكتشفت إصابتي بالمرض، بدأت بالاطّلاع على اكبر مقدار من المعلومات عنه. طالعت كثيراً لأجد الأجوبة على كل الاسئلة التي يمكن أن تخطر ببالي في هذا الموضوع. كما حرصت على طرح أي سؤال لدي على طبيبي.
سألت عن كل التفاصيل المتعلقة بالعلاج والمرض وما بعده. فعلى الرغم من الخوف الكبير الذي تملكني في المرحلة الأولى، سرعان ما اتخذت قراراً بالقضاء على المرض بدلاً من أن أسمح له بالقضاء عليّ. اكتشفت بعدها أن المرض نفسه أعطاني المزيد من الإيمان والاندفاع للعيش والبقاء مع عائلتي مما زادني إصراراً على مكافحته والقضاء عليه.
هل اكتشفت المرض في مرحلة مبكرة؟
لحسن حظي أن الورم كان محصوراً في مكان محدد عند اكتشافه ولا يعتبر كبيراً، خصوصاً أني كنت أجري الصورة الشعاعية سنوياً وإن حصل معي ذاك الخطأ قبل عام.
هل خضعت للجراحة قبل البدء بالعلاج؟
قرر الطبيب أن أخضع للعلاج أولاً لحصر الورم وتصغير حجمه على أن أخضع بعدها لجراحة بهدف استئصاله.
ما أكثر ما أزعجك في مرحلة المرض هذه؟
أكثر ما يزعج في هذه المرحلة الشفقة من الناس. أعتقد أن هذا أول ما يخشاه المريض. فعندما نصاب بالمرض نفكر أولاً أننا لا نريد شفقة من الآخرين. لكن هذا كان في أولى مراحل المرض. أما لاحقاً فتكيّفت مع الموضوع.
هل عرف أطفالك مباشرةً بإصابتك هذه؟
في البداية لم اشأ أن أخبر أولادي عن مرضي حتى لا يؤثر ذلك سلباً على نفسيتهم. لكن بعدها أصبحت أكثر قوة وأخبرتهم كلهم بشكل طبيعي. علماً أن لي ولدين كبيرين نسبياً يتمتعان بالوعي الكافي. لذلك أخبرناهما كل ما يحصل معي.
صحيح أنهما طرحا الكثير من الأسئلة. لكني حرصت على ألا أضع أطفالي في جو من الخوف والقلق، بل اصررت على طمأنتهم ليشعروا بالارتياح ويتغلبوا على هذا القلق الطبيعي لدى طفل خوفاً على أمه من المرض.
طمأنتهم بأني سأشفى قريباً فدعموني كثيراً وساعدوني لأصبح أكثر قوة وشجاعة. حتى ابنتي التي لها من العمر 9 سنوات تفهمت الوضع وأرادت مساعدتي لأتخطى هذه المرحلة الصعبة.
كلهم وقفوا بجانبي وساندوني وكان همهم الأكبر أن أرتاح. لكن أعرف أنهم في هذه المرحلة عاشوا تجربة تفوق أعمارهم وقد تفهموا كل الأمور كما لو أنهم راشدون.
من الطبيعي أن يتأثر الاطفال بتساقط شعر أمهم، هل كان لهذا الأمر تأثير سلبي عليك وعليهم؟
في الواقع لم أسمح لهذا التفصيل بأن يؤثر سلباً على أطفالي لأني الآن بعد مرور 4 أشهر على بداية العلاج، لا أنزع الحجاب عن رأسي ابداً حتى لا يروني بصورة مختلفة عن تلك التي اعتادوا على رؤيتي فيها.
هم الآن يعرفون شعري كما كان في السابق ولا يزالون، وأنا مرتاحة بهذا الشكل وفضلت أن تحصل الأمور بهذه الطريقة.
ألم تلجأي إلى الشعر المستعار؟
كثيرات مررن بهذه التجربة التي أمر بها الآن ولجأن إلى الشعر المستعار، لكني لم أشأ أن أفعل وأنا مرتاحة بهذا الشكل. أعرف جيداً أنها مرحلة وستمر ولا أريد أكثر من ذلك. إيماني بأن هذه التجربة هي من الله هو أكثر ما ساعدني لأتخطى الصعاب.
ماذا عن الناس، هل فضلت عدم التحدث بهذا الموضوع، فغالباً ما يفضل المريض التستر والكتمان؟
أخبرت من يعنيهم الامر، بنفسي وبشكل طبيعي دون أن أخشى شيئاً.
هل عانيت بشكل خاص من الآثار الجانبية الناتجة عن العلاج؟
يتضمن علاجي مرحلتين من العلاج الكيميائي، الأولى تشمل 8 جلسات وأنا الأن في المرحلة الثانية التي تشمل 12 جلسة.
لا شك أنه في المرحلة الأولى عانيت من الغثيان والوهن لبضعة أيام لكني كنت اشعر بتحسن كبير بعدها ولا أعاني أي انزعاج.
أما المرحلة الثانية فبدت لي أكثر سهولة لأني اعتدت على هذه الأعراض. إلا أني أعاني بعض الخمول والتعب.
تبدين من الخارج أكثر قوة واندفاعاً في مكافحة المرض، هل تشعرين من الداخل بالقوة نفسها؟
في هذه المرحلة إيماني قوي جداً وساعدني في تخطي كل مشاعر الخوف والقلق والضعف النفسي. كما استمديت كل هذه القوة الجسدية والنفسية من زوجي الذي دعمني بشكل هائل فكان لوجوده التأثير الأكبر. حتى أني الآن لا اخشى الجراحة أبداً.
لم اشعر بالخوف إلا في البداية لكني الآن تخطيت هذا الخوف.الآن أمشي وفق تعليمات الطبيب. اكتشفت أنه بعد التأقلم مع هذه المرحلة المختلفة في الحياة والتعايش مع هذا الوضع، تصبح الأمور أسهل بكثير.
مررت بمرحلة صعبة في البداية تملّكني فيها الخوف من ترك عائلتي لكني رأيت الآن المرحلة التي أصبحت فيها وأني تخطيت مرحلة مهمة كافحت فيها المرض مما زادني شجاعةً وتمسكاً بالحياة.
وأحمد الله لأنه يضع في طريقنا أشخاصاً يمدوننا بالقوة والشجاعة لنتغلب على الصعاب.
يمسّ هذا المرض أنوثة المرأة تحديداً مما يترك أثراً سلبياً لديها، إلى أي مدى أثر فيك هذا الجانب؟
كأي امرأة أخرى، مررت بمرحلة فكرت فيها بتأثير المرض على أنوثتي. وأنا اليوم مقتنعة أكثر بأن الداعم الأكبر للمرأة المتزوجة التي تصاب بالمرض هو زوجها لتتخطى هذه الافكار السوداء.
فمن خلال نظرات زوجي وطريقة تعامله معي ومرافقتي في أدق التفاصيل وأصعب المراحل، تغلّبت على كل المشاعر السلبية التي كانت لدي ولم أعد أفكر إلا بأن تمر هذه المرحلة وتنقضي إلى غير رجعة لتعود حياتنا طبيعية كما كانت.
زوجي ساعدني على التغلب على كل تلك الافكار وصارت كل التفاصيل سخيفة، فالمهم أن أتخطى المرض بخير وسلامة.
رمزي المقداد
«لاحظت أن التغيّرات المرتبطة بأنوثة المرأة تؤثر فيها أكثر من المرض نفسه.أما أنا فأرى زوجتي ربى كالسابق ولا ألاحظ الأمور التي تعيرها اهتماماً كبيراً»
على الرغم من أن زميلنا رمزي زوج ربى يبدو منهمكاً ومنشغلاً بمرض زوجته إلى أقصى حد، إلا ان هذا الانشغال يقتصر على اهتمامه بها ورعايتها ودعمها من كل النواحي. إذ يبدو واضحاً من حديثه أن مرض زوجته لم يؤثر على الإطلاق على حياتهما الزوجية وعلاقتهما ولا على تصرفاته حتى وشخصيته المرحة التي لم تتبدل يوماً على الرغم من صعوبة المرحلة التي يمران بها.
لا شك أن البداية كانت صعبة بالنسبة للزوجين إلا الأمور تبدلت شيئاً فشيئاً لتصبح أكثر سهولة. عن أولى مراحل اكتشاف المرض يقول رمزي «عندما أخبرني الطبيب عن نتيجة الفحوص التي كانت قد أجرتها ربى قائلاً أن النتيجة ليست جيدة وأنها مصابة بسرطان الثدي، كنت أوصل أولادي إلى المدرسة. تمنيت عندها كثيراً لو يطول المشوار قبل أن أعود لأنقل إليها الخبر.
من اللحظة الأولى كان خوفي الكبير عليها وعلى أولادنا فكنت أجهل كيف سيتلقون الخبر وكيف سيكون وقع الصدمة عليهم. هذا وكنت خائفاً أيضاً على ربى من المرض نفسه لأني كنت أجهل كل التفاصيل المتعلقة بحالتها كنوع المرض ومدى انتشاره والمرحلة التي اكتشفناه فيها. كل ما تمنيته هو ألا يكون المرض في مرحلة متقدمة.
عندما وصلت وأخبرتها عن نتيجة الفحوص، بدت ردة فعلها كما توقعتها. كانت صدمة لها أثرت فيها كثيراً على الرغم من أن قلبها كان ينبؤها بوجود خطب ما منذ أن قال لها الطبيب أنه سيطلب خزعة لشكه بأمر ما.
فما أن تلقت الخبر حتى انهارت وانفردت بنفسها لكني سرعان ما هدأتها قدر الإمكان. مما لا شك فيه أن ردة فعل من هذا النوع طبيعية ويصعب على المريض الشعور بالاطمئنان في مثل هذه الظروف. فمن البداية ظهرت تغيّرات في شخصيتها وطباعها، كانت تنفرد أكثر وتلجأ أكثر إلى الصلاة في مختلف الأوقات.
كانت قلقة كثيراً دون أدنى شك. وزاد ذلك عندما تلقت الخبر وتأكدت شكوكها، فربطت مباشرةً السرطان بالموت وصارت تفكر أن الموت قريب، خصوصاً أنه في هذه المرحلة لم تكن تعرف بعد أي تفاصيل عن المرض وعن نوعه ومدى انتشاره ولا أنا حتى، ونحن أصلاً لم نكن على اطلاع في هذا الموضوع.
إلا ان مشوارنا في محاربة المرض بدأ جدياً بعد يومين من تلقي الخبر وذلك عندما توجهنا إلى الاطباء المختصين وأجرينا المزيد من الفحوص بدقة كبرى. في تلك المرحلة عرفت ربى كل التفاصيل المرتبطة بمشوارها المقبل كما أخبرتها الطبيبة المختصة. فقد أطلعتها على ما ينتظرها وعن العلاج وتأثيره عليها.
وعلى الرغم من أن القرار الاول كان البدء بالجراحة يليها العلاج، عاد الطبيب وقرر تصغير حجم الورم بالعلاج الكيميائي إلى أن تخضع بعدها للجراحة حتى لا يتم استئصال نسبة كبرى من الثدي.
فبهذه الطريقة تقتصر الجراحة على استئصال الورم. لكن في كل الحالات كان الطبيب قد أكد لربى أنها ستشفى بإذن الله. في تلك المرحلة بدأت ربى تهدأ خصوصاً انها ارتاحت للطبيبة المعالجة واطمأنت لها».
في هذه المرحلة الدقيقة، من الطبيعي أن تحسب كل تصرفات الزوج عليه، سواء ما يقوم به عمداً أو عن غير قصد. لكن عن طريقة تعامله مع زوجته يقول رمزي «في الواقع لم أبدل في معاملتي لربى إلا في البداية حين كنت شديد التأثر بحالتها وكنت أخاف عليها وأريد التعامل معها على هذا الأساس.
لكن لاحقاً عدت إلى طبيعتي السابقة التي يغلب عليها المزاح. عدت أمزح معها كالسابق وأتصرّف معها كما كنت سابقاً فأطلب منها أموراً لأني لا أريد أن تغلب الشفقة على علاقتنا، خصوصاً أن هذا سيؤثر سلباً عليها. لكن مما لا شك فيه أن ثمة أموراً تبدّلت في طبيعة ربى بعد مرضها، حيث أن التفاصيل التي كانت تعلّق عليها في السابق بشكل مفرط، لم تعد تهمّها وصارت تجدها سخيفة فتظهر هنا لا مبالاة على الرغم من أنها كانت دقيقة جداً في السابق. فأجد وكأن المرض هو بمثابة تخدير للمريض.
أما بالنسبة إلى الأولاد فكانت تهتم بهم كثيراً ولا تزال وهذا لم يتغير أبداً. وفي ما يتعلّق بحالتها النفسية، كانت متأثرة كثيراً في البداية مع بدء العلاج لكني أرافقها في كل خطوة ولا أتركها لحظة في كل ما تقوم به حتى عندما تطلب مني ألا أفعل، أحرص أن أكون موجوداً معها دائماً. كما اوصيت الأولاد ألا يزعجوها أبداً. اليوم على الرغم من أنها تخطت مرحلة صعبة هي مرحلة كبيرة وصارت حالتها أفضل بكثير، إلا أني أراها بدأت تقلق بشأن الجراحة وتريد التحدث عنها. إذ لم يعد امامها إلا أسبوعين قبل أن تنهي العلاج الكيميائي.
كانت البداية صعبة جداً علينا، لكن بعد أن رأينا حالات أكثر صعوبة بكثير وأطفالاً صغاراً بحالات سيئة جداً، هانت الامور أكثر بالنسبة لنا وتقبلنا الوضع وربى أيضاً مقتنعة بذلك.أما عن حالتها الجسدية، فمع بداية العلاج كان يتعبها كثيراً وتعاني من آثاره الجانبية خصوصاً في الايام الأولى، فتصاب بالغثيان الشديد والتعب وتفضل الانفراد. لكن لاحقاً صارت الامور أسهل لها».
بين العلاج والأنوثة
عرفت ربى من البداية، وبحسب ما قالته لها الطبيبة، ما ينتظرها في رحلتها مع العلاج، إلا أن أثر ذلك يبقى صعباً في وقته. فبحسب رمزي تساقط شعر ربى من الجلسة الثانية إلا أن الطبيبة كانت قد طمأنتها بأنه سيعود وينمو أجمل من السابق.
لكن لا شك أن هذا لا يلغي أثر هذه التفاصيل على نفسية ربى كامرأة. فيقول رمزي «اكتشفت من خلال هذه التجربة من أثر العلاج على أنوثة المرأة يؤثر عليها نفسياً أكثر من المرض نفسه.
فمهما حاولت أن تظهر قوتها وتحديها لهذه الأمور، يبقى واضحاً أن هذا يؤثر فيها إلى حد كبير. علماً أنها منذ أن بدأ شعرها يتساقط، ترفض ربى أن تنزع الحجاب أمام أي كان بمن فيهم أنا والأطفال.
حاولت أن أقول لها أن تنزعه في المنزل لكني لم أصر على ذلك امام رفضها حتى لا أزعجها، خصوصاً أني وجدتها متأثرة بنتيجة العلاج على أنوثتها أكثر من السابق.
لكني أحرص على طمأنتها باستمرار أنها مرحلة تمر وسيعود كل شيء كالسابق. لكن يبقى اهتمامها واضحاً بهذا المجال. فبعد أن غلب الاسوداد على أظافرها صارت تحرص أكثر على العناية بها حتى لا يظهر ذلك.
مع الإشارة إلى أنها مستمرة بممارسة حياتها الطبيعية كالسابق دون تغيير وممارستها أنشطتها الروتينية. تبدو الآن ربى مرتاحة أكثر، لكن مما لا شك فيه أن شكلها يؤثر عليها إلى حد كبير مهما حاولت أن تخفي ذلك. أعرف جيداً ما بداخلها.
أما أنا فأعاملها تماماً كما لو أن شيئاً لم يتغيّر فيها وكأني لا أرى كل ما حصل. هذا دون اي ادعاء فأنا فعلاً لا أراها إلا كما كانت سابقاً فلا أرى كل تلك التفاصيل التي تعيرها هي هذا الاهتمام الكبير».
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024