تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

أنشر صور أطفالي على facebook هل أنا مخطئة؟

أصبح الانتماء إلى شبكات التواصل الاجتماعي ظاهرة عالمية ومسألة بديهية عند معظم الناس، والجميع موجود فيها بغض النظر عن سنّهم، سواء كانوا صغارًا أو راشدين، كل شخص لديه مساحة خاصة به على الفيسبوك.
فنافذة العالم الرقمي مفتوحة لجميع «مواطنيها» إذا صحّ التعبير، والجميع يلج إليه وكل لديه أسبابه، فهناك من يريد إعادة التواصل مع أصدقاء الطفولة والمراهقة، ومنهم من يريد التواصل مع أقاربه المسافرين، ومنهم من يريد ركوب موجة التكنولوجيا، وإلا اعتُبر خارج العصر.


على الرغم من أن مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة ممتعة لكسب الاصدقاء، والبقاء على تواصل معهم، والتعبير عن أنفسنا، وإسقاط مشاعرنا عليها، فإن لها جانبًا مظلمًا يمكن أن تكون نتيجته سلبية أو حتى خطرة.
فمن المعلوم أن معظم «المواطنين الرقميين» يقومون بتحديث صفحاتهم الفيسبوكية، إما بكتابات أو بصور جديدة. ولعلّ فرحة الأهل بأطفالهم تجعلهم يشاركون صور أبنائهم على صفحات الفيسبوك الخاصة بهم، والتي أصبحت عادة يومية ليراهم الأصدقاء والأقارب البعيدون، خصوصًا إذا كانوا مواليد جددًا، يشعرون بالغبطة عندما يقرأون تعليقات المديح والثناء.
ولكن السؤال: ألن يشكل عرض صور الأبناء الصغار ومشاركتها على الفيسبوك خطرًا؟ وما هي المحاذير التي على الأهل اتخاذها عندما يعرضون صور أبنائهم على صفحة شبكة التواصل الاجتماعي؟ 
تشير دراسة أميركية الى أن 74 في المئة من الأطفال ما دون السنتين، يعرض أهلهم صورهم على شبكة التواصل الاجتماعي. وإذا كان الهدف من عرض الصور لمشاركتها مع الأصدقاء والأهل، فهذا ليس جديدًا، ففي الماضي كان يقوم به الأهل عندما يعرضون ألبوم الصور لأصدقائهم عندما كانوا يزورونهم في المنزل، ولكن ركوب الموجة العالمية باستعمال شبكة التواصل الاجتماعي يمكن أن تكون له نتائج  سلبية مما يتطلب أخذ تدابير وقائية أثناء الاستعمال.


احترام حق الطفل في نشر صورته  
راهنًا تجد الأم أن صورة طفلها وهو يستحم أو يلعب على شاطئ البحر طريفة جدًا ولا يمكن مقاومة نشرها، ولكن على الأم أن تفكر في المستقبل، ماذا سيظن هذا الطفل الذي يصبح شابًا عندما يرى صورته على محرك البحث بعد خمسة عشر عامًا! فمن المعلوم أن كل ما ينشر من صور على جدار الفيسبوك تحتفظ به محرّكات البحث، وبالتالي فإن مجرد كتابة الاسم ولو بعد عشر سنوات، سوف تظهر إما صورة الشخص أو إحدى كتاباته.
لذا من الضروري أن يتخذ الأهل الحيطة والحذر في ما يتعلق بنشر الصور خصوصًا الحميمية منها. فإضافة إلى أن ابنهم أو ابنتهم ربما ينزعجان كثيرًا عندما يكبران، فإن هذه الصور قد تجعلهما عرضة للاستغلال أو الابتزاز. لذا من الأفضل إذا أرادت الأم عرض صورة طفلها لإحدى القريبات أو الصديقات، إرسالها بالبريد الإلكتروني، فهو أكثر خصوصية.

تحديد الأشخاص الذين يسمح لهم بالولوج إلى صفحة الفيسبوك الخاصة
هذه أول خطوة على كل مستخدم القيام بها. وإذا كان أحد الوالدين يريد نشر صور أطفاله على صفحة الفيسبوك الخاصة به، عليه التأكد من أن الدخول إلى حسابه مقتصر على الأصدقاء المقربين فقط، وليس للعموم. فعندما ينشر أحد الوالدين صورًا مباشرة على جدار الفيسبوك الخاص به، يجب ألا يضع ألبومًا للصور، كما عليه التحقّق أيضًا من علامة تبويب الأصدقاء وألا يسمح لأصدقاء الأصدقاء بالولوج إلى صفحته الخاصة.
لذا وبمجرد أن يلج الشخص إلى حسابه الخاص، عليه الضغط على خانة ضبط الخصوصية Privacy Setting، وتظهر بعدها ثلاثة خيارات: عام Public، خاص Private وشخصي  Personal، عندها عليه الضغط إما على الشخصي أو الخاص.
تحديد لائحة خاصة بالأصدقاء المقربين جدًا
لتخصيص موقع التحديثات الخاصة على الإنترنت ونشر الصور، يمنح الفيسبوك المستخدم القدرة على إنشاء قوائم  فرعية، وبالتالي يمكن الأم أو الأب إنشاء قائمة حصرية مؤلفة من أفراد العائلة، يمكن أن ينشرا فيها صورًا خاصة بأطفالهما، ليراها المقربون.
ولإنشاء دليل أكثر خصوصية، عليهما الانتقال إلى قائمة جميع جهات الاتصال الخاصة My Contacts، مرورًا بقائمة الأصدقاء المشتركين Common Friends ثم الأصدقاء المقربين Close Friends إذ يوفر الفيسبوك لمستخدميه خدمة تصنيف الاتصال في قائمة موجودة أو «إنشاء قائمة جديدة».

عدم وضع صور الأطفال في إطار «صورة البروفايل» Profile Picture
من الطبيعي أن يفخر الأب أو الأم بصور أبنائهما، ولكن مجرد أن توضع الصور على جدار الصفحة، يصبح التراجع صعبًا، وبالتالي إزالتها عن محركات البحث الأخرى. لذا ينصح الاختصاصيون الأهل إذا كانوا ينشرون صور أطفالهم على حساب الفيسبوك الشخصي، بتجنب نشر «صورة البروفايل»، فهي في الواقع تمثل الأم أو الأب، وتظهر عندما يكتب الاسم على محرّكات البحث، وإن كان الحساب الشخصي يحظى بأقصى درجات الأمان. لذا من الأفضل للأم أو الأب وضع «صورة بروفايل» خاص به.

عدم تحديد الموقع الجغرافي
من الضروري جدًا ألا يحدّد مستخدم الفيسبوك في حسابه الخاص موقعه الجغرافي بدقة، أي لا يضع عنوان منزله أو عمله بالتفصيل، كأن يذكر اسم الشارع أو الحي أو رقم المبنى. ففي إمكانه الاكتفاء باسم البلد أو المدينة.
وميزات تحديد الموقع الجغرافي ينطبق عليها الأمر نفسه حين تنشر الصور الخاصة، لذا من الأفضل أن يبقى العنوان غامضًا.

الطلب من الأصدقاء احترام خصوصية الشخص واختياره
إذا كان أحد الوالدين لا يرغب في نشر صور أبنائه أو عرضها على صفحة شبكة التواصل الاجتماعي، عليه أيضًا الطلب من أصدقائه الأمر نفسه. لذا قبل ولادة طفل، على الأم أن تطلب من صديقاتها عدم نشر صور طفلها الرضيع بعد الولادة، ونشر التمنيات والمباركات، أو لحظة خروجها من غرفة الولادة، ظنا منهن أنهن يسعدنها بهذا النشر، وتؤكد لهن أنها ترفض أن تنشر صورها على صفحاتهن.
أو إذا خرجت عائلة مع عائلة صديقة، على العائلة التي لا تقبل نشر صور أطفالها، إعلام العائلة الأخرى بذلك، إذا التُقطت صور أثناء اللحظات الطريفة.

استعمال علامة تبويب «التبليغ عن هذه الصورة»
لنشر صورة على الإنترنت، «فيسبوك» أو موقع تواصل آخر، يجب أن يكون ذلك بموافقة الزوجين معًا. فإذا نشر أحد الأصدقاء المفترضين صورة لأحد أطفالهما من دون موافقتهما، ويرفض في الوقت نفسه محوها بحجة أن أشخاصًا كثرًا ضمن هذه الصورة، يمكن الأهل إبلاغ شركة الفيسبوك عبر خدمة «التبليغ عن هذه الصورة».
صحيح أن الصورة لن تمحى على الفور، ولكن شركة «الفيسبوك» ستحذر الشخص الذي ينشرها ومن ثم ستكون حذرة بكل ما يتعلق بالصور الخاصة بالعائلة التي أرسلت بلاغًا.

ماذا عن الأطفال الذين ينشرون صورهم؟
من الناحية القانونية، ممنوع على الطفل دون الثالثة عشرة فتح حساب خاص به على الفيسبوك. ورغم وجود ميثاق شرف، يُلزم من يفتح حسابًا خاصًا على الفيسبوك، تثبت التجربة أن شيئًا لم يمنع الأطفال من فتح حسابات خاصة بهم.
ومن هنا تأتي أهمية الرقابة الأبوية إذا علم الطفل كيفية استخدام الكمبيوتر وفتح حساب خاص به على مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي فإنه قد لا يتحقّق من إعدادات الأمان، الأمر الذي يجعله عرضة لابتزاز ذوي النوايا السيئة.
وعبر تثبيت برامج الرقابة الأبوية على جهاز الكمبيوتر أو اللوح الذكي أو الهاتف الذكي، يصبح الطفل بمأمن، وذلك بواسطة كلمة مرور يضعها الأب أو الأم، تمنع الوصول إلى بعض المواقع المشبوهة أو الألعاب أو البرامج الأخرى. كما أن من الضروري أن يناقش الأهل مسألة «الأمان على شبكة الإنترنت» مع الطفل.

الفيسبوك يخفض القدرة على التركيز عند التلامذة
يمضي الأطفال والمراهقون في النظر إلى الفيسبوك وقتًا أطول بكثير مما يمضونه في إنجاز فروضهم المدرسية، ولا سيّما إذا عرضت والدتهم صورًا لهم، فهم يرغبون في معرفة عدد اشارات الإعجاب والتعليقات، وبالتالي ينجزون فروضهم المدرسية، وفي الوقت نفسه يكونون منشغلين بما يحدث على صفحة الفيسبوك، الأمر الذي يجعل قدرتهم على التركيز متدنية.
وكشفت دراسة فرنسية أن 52 في المئة من التلامذة بين الثالثة عشرة والسابعة عشرة، اعترفوا بأنهم ينظرون في الفيسبوك أثناء إنجازهم واجباتهم المدرسية، فيما 21 في المئة يجلسون يوميًا إلى الفيسبوك 30 دقيقة كحد أدنى.

ماذا عن أخطار مواقع التواصل الاجتماعي التي تطاول المراهقين؟
إن أخطار شبكات التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك تترصد المراهقين لأنهم الأكثر نشاطًا على شبكات التواصل الاجتماعي. لذا فهم أول ضحايا التحرش المعنوي، والشتائم والصور الفاضحة، وتضاعفت هذه الأخطار نتيجة الاستعمالات المتعدّدة للشبكة العنكبوتية. والأخطر، أن المراهقين يتشاركون حياتهم الخاصة من دون الأخذ في الاعتبار أن خصوصيتهم تنشر في العلن.
فالفيسبوك يسمح بتبادل الصور والفيديو، ولهذا يستعمل بعض المراهقين هذه الميزات من التواصل لشتم معارفهم أو لإرسال صور فاضحة لهم.
وراهنًا المزيد من المخاوف تدور في المدارس للتدخل في ما يحدث على الفيسبوك لتذليل العقبات. فعرض النزاعات ونشر الشتائم على الفيسبوك بين التلامذة يسبّبان مشكلات واقعية يمكن أن تصل إلى حد التحرش المعنوي. كما يواجه مديرو المدارس أشكالاً جديدة من الصعوبات التي تتنامى

ولكن لماذا يصر المراهقون على نشر صورهم الخاصة وتسجيلات الفيديو؟
كشفت دراسة نفسية أن مراهقًا واحدًا من أربعة يفكر أنه سوف يشعر بالخجل في المستقبل مما ينشره راهنًا. ولكن السؤال لماذا يصرون إذًا على نشر صورهم؟
يرى بعض اختصاصيي علم نفس المراهق، أن المراهقين عرضة للنرجسية وحب الأنا، مما يجعلهم يرغبون في أن يكونوا محط أنظار الجميع. فالكثير منهم يعرضون صورهم على الفيسبوك ليعطوا انطباعًا بأنهم سعداء.
هذه الحاجة إلى لفت الأنظار يمكن أن تتحوّل إلى استعراض من دون أن يدركوا مساوئه، ولكن الاستعراض في حد ذاته ليس تافهًا، بل هو يؤكد للآخر تطوّر صورة الأنا عند المراهق.
وفي المقابل، يرى آخرون أن الشبكة العنكبوتية تسمح للمراهقين باختبار هوّيات متعددة، مثلاً يضع مراهق صورة يبدو فيها حزينًا مرة وأخرى يبدو فيها ثائرًا ويكتب عبارات تعكس مشاعره، فهو بتبديل الصور التي يعرضها، يحاول تحديد هويته، وبالتالي فإن  هذا تصرّف طبيعي عند الانتقال إلى مرحلة النضج وتكوين الشخصية. ولكن يشدّد الاختصاصيون على ضرورة أن يدرك المراهق أن صورته هي ملكه وحده، لا أحد لديه الحق في استعمالها من دون موافقته. وأن كل ما ينشره على مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن يندرج في المجال العام ويبقى أبدًا.

عرض الحياة الخاصة ممنوع
صحيح أن للفيسبوك جوانب إيجابية ومسلية، ولكن هذه الشبكة الاجتماعية تتضمن الكثير من الأخطار، والأكثر خطورة هو التحرش بالأطفال، والكثير من أقسام شرطة الجرائم المعلوماتية تؤكد أن هذا النوع من الجرائم الجنسية يزداد بسبب ولوج المراهقين والأطفال هذه الشبكة من دون رقابة صارمة من الأهل، مما يعرضهم ليكونوا ضحايا لمجرمي الشبكة العنكبوتية.
إذ أن الفيسبوك يشكل ملاذًا لمنتحلي الهوية، ويكفي قرصان الفيسبوك أن يضع معلومات شخص آخر وصورته، لينتحل شخصيته، وينشئ حسابًا باسم هذا الشخص.

كيف يمكن حماية الأطفال من الأخطار المحتملة على الفيسبوك؟

عدم نشر صور أطفالهم ولا سيما الحميمية منها على مواقع التواصل الاجتماعي. ومن ثم على الأهل مناقشة أبنائهم الذين لديهم حساب خاص على الفيسبوك، الأخطار المحتملة، والأدوات المتاحة لهم لحماية حياتهم الخاصة على الشبكات الاجتماعية.
تحذير المراهقين من نشر صورهم أو تسجيلات الفيديو الخاصة بهم، لأنهم بمجرّد نشرها يصعب عليهم إزالتها

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077