تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

صابر الرباعي: مررتُ على لجنة غنية بالعمالقة في التسعينات

يعترف بأنه يصارع نفسه في كل حفلة غنائية ليظهر في المستوى الذي اعتاده منه جمهوره، وهو ما حدث أيضاً في حفلته التي أحياها أخيراً ضمن مهرجان الموسيقى العربية في دار الأوبرا المصرية.
الفنان التونسي الكبير صابر الرباعي يتحدث لـ «لها» عن إحساسه وهو يقف على مسرح الأوبرا بعد غياب، والذكريات التي استعادها عليه، كما يتكلم على كواليس برنامجه the Voice وعلاقته بشيرين وعاصي وكاظم، وحقيقة مشاركته في التمثيل مع كاظم الساهر، والأزمة المفتعلة بينه وبين هاني شاكر على لقب أمير الغناء العربي.


- ما شعورك وأنت تقف على مسرح دار الأوبرا المصرية بعد غياب وتغنّي في مهرجان الموسيقى العربية؟
أحمل دائماً ذكريات جميلة ورائعة في دار الأوبرا المصرية، التي غنيت على مسارحها طوال مشواري الغنائي، سواء أكان من خلال حفلات مهرجان الموسيقى العربية مع الراحلة رتيبة الحفني، أم من خلال حفلات الميكروفون الذهبي، وأيضاً حفلات الصداقة التونسية- المصرية التي أُقيمت منذ سنوات في مصر.
فالغناء في دار الأوبرا المصرية شرف كبير لأي فنان عربي، وأستعد كثيراً قبل الوقوف على خشبة هذا المسرح العظيم، ورغم أنني أمتلك خبرة طويلة في عالم الغناء ووقفت مئات المرات على المسارح العربية، لكن مع كل حفلة ينتابني خوف شديد فأصارع نفسي لأتمكن من تقديم المستوى الذي اعتاده الناس مني.

- كيف تقيّم دورة مهرجان الموسيقى العربية التي شاركت فيها أخيراً؟
 سعيد للغاية باختياري ضمن برنامج مهرجان الموسيقى العربية. فمنذ سنوات طويلة لم يحالفني الحظ للمشاركة في هذا الصرح الكبير، الذي يضم قمم وقامات الغناء المصري والعربي، وأرى أن مهرجان الموسيقى العربية هو المتنفس لنا كمطربين لكي نحافظ على ما تبقى من الفن الجميل، لكونه يقدم الأعمال الشرقية والتراثية الأصيلة التي يعشق الجمهور الاستماع إليها، لأننا أصبحنا للأسف نعيش في زمن اهتز فيه مستوى الأغنية من حيث الكلمة واللحن والأداء.

- لماذا أصبحت مقصراً في حق جمهورك المصري على صعيد الحفلات؟
غيابي عن مصر لم يكن اختيارياً، إذ لم تتح لي الفرصة للمشاركة في حفلات الصيف، ولم أتلق دعوة جادة من المنظمين أو المتعهدين لتنظيم حفلة غناء.
وللعلم، مع تسلّمي أول دعوة جادة للغناء في مصر، حضرت على الفور، وعندما تلقيت دعوة دار الأوبرا المصرية للمشاركة في حفلة مهرجان الموسيقى، رحّبت بها بكل فخر واعتزاز، وأصررت على المشاركة، لأنني أعلم جيداً أنني ابتعدت كثيراً عن جمهوري المصري في الفترة الماضية، سواء بالنسبة الى الحفلات أو الغناء باللهجة المصرية.

- ولماذا تأخرت كثيراً في طرح ألبوم غنائي جديد؟
في العصر الذي نعيشه اليوم، لم نعد نتحدث عن طرح ألبوم غنائي متكامل، بل صرنا نعمل على أغنية أو مجموعة أغانٍ. العالم تغير، وأصبحت الأسطوانة الغنائية لا تسوّق، وخسائرها تفوق ريعها، وشركات الإنتاج قلّ عددها، فنحن نعيش الآن في زمن الإنترنت والتطبيقات الخاصة بالهواتف الذكية والتي أصبحت تحقق نسب مشاهدة عالية ونجاحاً يفوق بمرات سماع الأسطوانة أو شراءها.
لذا قرّرت العمل وفق متطلبات العصر، فأقدم مجموعة من الأغاني التي ربما يصل عددها إلى عشر أغنيات، باللهجات المصرية واللبنانية والتونسية والخليجية، فضلاً عن استعدادي لغناء أي لهجة عربية تعرض عليَّ.

- متى ستُطرح تلك الأعمال؟                        
بما أنني أجّلت تماماً فكرة العمل على ألبوم، فسأعمل على طرح الأغنيات على فترات زمنية متباعدة، حتى أبقى قريباً من جمهوري أطول فترة ممكنة، وبعدما أنتهي من طرحها، ربما أجمعها في ألبوم وأطرحه في الأسواق.

- لماذا قلّت أعمالك المصرية في السنوات الماضية؟
السبب الرئيسي وراء قلة الأغاني المصرية في ألبوماتي الغنائية أخيراً يعود إلى الأوضاع السياسية التي طرأت على مصر وتونس. فخلال السنوات الخمس الماضية، أصبح سفري نادراً إلى القاهرة، ولم أستطع المكوث في مصر مثلما كنت أفعل في الماضي، خصوصاً أنني لست من المطربين الذين يتلقون الأغاني من المؤلفين والملحنين على «واتس آب» و «الإيميل»، فأنا ما زلت أتبع مدرسة «ورشة الأغنية»، وحين أعمل على أغنية جديدة، لا بد من أن أجلس مع الشاعر والملحن، حتى تخرج الأغنية في أحسن صورة، وأعد جمهوري المصري سأطرح عدداً كبيراً من الأغاني المصرية، التي أتعاون فيها مع عمالقة الكتابة والتلحين في مصر، أمثال وليد سعد وخالد البكري وهاني عبدالكريم ومدين وآخرين.

- ألم تفكر في تقديم أعمال غنائية للأطفال؟
هذا المشروع ضمن خطتي، وهناك احتمال كبير لتنفيذه خلال الفترة المقبلة.

- هل أخذك برنامج the Voice من الغناء؟
حياة المطرب تتكون من مراحل عدة، أولى تلك المراحل هي تجميع الأغاني وقدرة الفنان على إثبات نفسه أمام الجمهور، وتكوين علاقة طيبة تربطه بالمستمعين.
والمرحلة الثانية هي الانتشار بأغانٍ جيدة وقوية يستطيع من خلالها المطرب أن يصل بصوته الى كل جمهور الوطن العربي. أما المرحلة الثالثة فهي التأني، وهي مرحلة لا يُحبَّذ أن يخطئ فيها الفنان، ولا بد أن يتأنّى في اختياراته، وأن يهتم بالكيف الذي يقدمه ولا ينظر إلى الكم.
ففي هذه المرحلة، الجمهور لا يتقبّل الأخطاء، وأنا أعيش حالياً هذه المرحلة، ولذلك لا أرى أن the Voice قد أثر في نشاطي الغنائي، فمع منافسات الموسم الثاني من البرنامج، كنت قد طرحت ألبومي الأخير «أجمل مختصر».

- ما الميزة التي عادت عليك من المشاركة لمدة ثلاثة مواسم في البرنامج؟
البرنامج يقدمنا بشكل مختلف تماماً، فالجمهور اعتاد علينا كمطربين فقط، لكنه لا يفهم طريقة تفكيرنا حينما نتخذ القرارات، ولا حتى قدرتنا على مواجهة الصعوبات، كما أنه لم يرنا من قبل حينما كنا نفرح أو نحزن أو نخسر، أي أن الجمهور يرانا على طبيعتنا من دون أي مؤثرات أو تعديل، والبرنامج أظهرنا على حقيقتنا، وهذه ميزة تُسجل لنا وللجمهور معاً، لأننا نحب أن يعرف الجمهور الوجه الإنساني التلقائي لنا.

- لكن شيرين عبدالوهاب تعرضت لهجوم كبير بسبب تلقائيتها في معظم المواقف في البرنامج!
أؤيد الظهور الطبيعي للفنان، لأنني أولاً وأخيراً إنسان مثل باقي الناس، من حقي أن أظهر للجمهور الذي يشاهدني على طبيعتي. وما يميزني عن الفرد العادي، أن الله أعطاني الإحساس الإبداعي، والصوت الجيد، لذلك لا أرى أن الظهور على طبيعتي خطأ، فالمتصالح مع نفسه لا يخاف شيئاً حتى لو وقع في الخطأ، لأنني في النهاية إنسان، ورغم أن البعض يتصيد لي الأخطاء، فهذا الأمر لا يحزنني، بل على العكس يجعلني أكثر إيجابية، إذ يساعدني على معرفة أخطائي فأعمل على تجاوزها. وللعلم نحن كفنانين مشاركين في البرنامج، سواء كاظم الساهر أو عاصي الحلاني أو شيرين عبدالوهاب، علاقتنا قوية للغاية وقائمة على الحب والاحترام وخفة الدم والمناوشات، ونصر على أن نظهر هذا الأمر للجمهور ما دام يحدث في حدود الأدب والاحترام.

- أحدثت المتسابقة المصرية أميرة أبو زيد أزمة بخروجها من برنامج the Voice بعدما طاولتها شائعات بأن شيرين أبعدتها عن البرنامج لكونهما كانتا زميلتين في شركة إنتاج واحدة منذ سنوات طويلة، فما رأيك؟
لا أحب التدخل في تفاصيل خاصة بمتسابقي الفنانة شيرين عبدالوهاب، لكونها أكثر من تعرف أصوات فريقها الغنائي وقدراتهم، وهي وجهة نظر خاصة بشيرين في اختيار المتسابقة نداء وإبعاد أميرة. لكنني شخصياً، أرى أن صوت أميرة مميز للغاية، وكان لها حضور وأداء جيد على المسرح، وفي الحلقة الأولى في البرنامج طلبت منها الانضمام إلى فريقي، ولا بد من أن يعلم الجمهور الذي يشاهد البرنامج، أن أصوات the Voice كلها جيدة، ونحن نعيش في حيرة كبيرة حين نصل إلى مرحلة المواجهات المباشرة، لأننا نخسر فيها واحداً من أعضاء فريقنا الغنائي، ربما يكون في المواجهات شخص صوته رائع، لكنه يخسر لكونه لم يستطع أن يقدم في تلك الليلة المطلوب منه، أو ربما يقع في أخطاء، أو قد ينتابه الخوف من الوقوف على المسرح، فنحن نختار في مرحلة المواجهات المباشرة الصوت الذي يغنّي بأسوب سليم.

- دائماً ما يؤخذ عليك الضغط على زر كرسيك مرات كثيرة، فما تعليقك؟
أضغط على زر مقعدي كلما استمعت إلى صوت جيد استطاع أن يخطف أذنيَّ، فالأمر لا يتعلق بعدد المرات، بل باختيار الصوت الجيد في البرنامج، وأعتقد أن مواهب هذا الموسم أكثر من رائعة.

- ما هي المعايير التي تختار على أساسها الأصوات الخاصة بفريقك؟
أضع دائماً شرطين أساسيين في اختياراتي، وهما الإحساس والتقنية، فالصوت الذي يجمع بين هذين العنصرين، أختاره دائماً في فريقي، إضافة إلى الصوت الذي يستفز مشاعري، والصوت الذي أشعر بأنه قادر على غناء جميع الأشكال والألوان الغنائية، ولا يضع نفسه في ركن واحد، والحمد الله، اختياراتي تكون دائماً صائبة وتصل تلك المواهب إلى الأدوار النهائية.

- ما ردك على انتقادات البعض بأن برامج المواهب الغنائية ما هي إلا مصدر رزق للفنان المشارك فيها؟
وهل من أحد يعمل بدون مقابل، لكن علينا أن نشرح الأمر، هناك مؤسسات تهدف إلى إبراز المواهب الجديدة، وفي سبيل ذلك تستقطب نجوماً كباراً لكي يبحثوا عن تلك المواهب، ونحن في the Voice وفقنا الله بأن نقدم عدداً كبيراً من المواهب الجيدة، ممن أصبحوا اليوم نجوماً في عالم الغناء. وللعلم معظم الأرقام التي تقرأونها في الصحف ووسائل الإعلام حول ما نحققه من البرنامج، غير صحيحة إطلاقاً.

- لكنكم تتركون المواهب ولا تساعدونها عقب انتهاء البرنامج؟
هذا الكلام غير صحيح، ولديَّ أكثر من دليل، فمثلاً المتسابقة يسرا محنوش ساندها الفنان الكبير كاظم الساهر وأطل معها في مهرجان قرطاج في إحدى دوراته. ولو تحدّثت عن نفسي، فأنا ساندت المتسابق العراقي سيمور جلال، وظهر معي في الدورة الخمسين لمهرجان قرطاج العام الماضي وقدمنا حفلاً رائعاً، والأمر نفسه حدث مع المتسابقة المصرية مروة ناجي، فقد استمعت أخيراً إلى أغنيتها الجديدة، وشرحت لها وجهة نظري ورأيي فيها وفي خطواتها الفنية والغنائية الجديدة.
وأطلب من كل متسابق كان تحت قيادة فنان منا نحن الأربعة، أن يتواصل مع قائده حتى بعد نهاية البرنامج، ويخبره بكل أعماله الجديدة، سواء كان هذا المتسابق فائزاً أو خاسراً، فالأصوات التي شاركت في the Voice طوال مواسمه الثلاثة كانت أكثر من رائعة، وعلينا أن نرعاها ونستمر في مساندتها، لكي يحسب لنا أننا قدمنا في يوم من الأيام أصواتاً جميلة استطاعت أن تحقق نجاحاً كالذي حققناه حين كنا في مثل عمرهم.

- كيف ترى تطور أداء مروة ناجي بعد مشاركتها في the Voice؟
لاحظت تطوراً كبيراً في أدائها الصوتي والمسرحي، فمنذ فترة شاهدت لها برامج تلفزيونية عدة وأعجبني التغيير الذي أحدثته في صوتها وشخصيتها، فمروة صوت رائع جداً ويكفيني أنها ابنة دار الأوبرا المصرية، لكن كانت تعاني مشكلة الخوف من الوقوف على خشبة المسرح ومواجهة الناس، وأعتقد أنها استطاعت حالياً السيطرة على هذه المشكلة، وأصبحت أكثر ثقة في نفسها، كما أرى أن مروة دليل على أن زمن الفن الجميل لا يزال موجوداً في وطننا العربي.

- هل أصبحت لجان تحكيم برامج المواهب الغنائية الحالية بديلاً للجان اعتماد الأصوات التي كان لا بد من أن يمر عليها الفنان لكي يسمح بإجازة صوته في الدول العربية؟
لا يجوز أن نعقد مقارنة بين لجان تحكيم برامج المواهب الغنائية، سواء the Voice أو أي برنامج آخر، ولجان إجازة الأصوات، فأنا مثلاً، يوم تمت إجازة صوتي في مصر في أوائل التسعينات من القرن الماضي، مررتُ على لجنة غنية بالعمالقة، أمثال حلمي بكر وسيد مكاوي وكمال الطويل ووجدي الحكيم.
أما نحن في لجان التحكيم فأقرب ما نكون إلى مدربين، مثلاً أحاول أن أنقل إلى المتسابقين الذين أتعامل معهم، تجربتي الفنية القصيرة التي مررت بها في حياتي، وأكشف لهم المدرسة الكلاسيكية التي أنتمي إليها، والأمر نفسه بالنسبة إلى عاصي أو شيرين أو كاظم أو وائل كفوري، فنحن ندرب ونساعد فقط.

- سحب الموسيقار حلمي بكر لقب أمير الغناء العربي من هاني شاكر وقدمه لك؟ فما ردك؟
أمير الغناء العربي هو هاني شاكر، فهاني قدوة وفخر لكل المطربين العرب، وهو الفنان المخضرم الذي عايش وعاصر جيل العمالقة والكبار وظل معنا لكي يطربنا بصوته، وهو من نقل خبرة هذا الجيل إلينا، وأدعو الله أن يطيل في عمره ويمتعنا بصوته الجميل وأعماله الرائعة، وردي على هذا الأمر أن هاني شاكر أكبر من أي لقب.
أما بالنسبة إلي فالألقاب لا تعنيني ولا أفكر فيها، والتاريخ هو من سيحكي عنا، وما حدث مع الموسيقار حلمي بكر هو مجرد سوء نية من مذيع أو إعلامي استفزه لكونه معروفاً عنه الصراحة.

- ما حقيقة ظهورك كممثل للمرة الأولى في مسلسل «مدرسة الحب» الذي من المقرر أن يعرض في رمضان 2016؟
ليس لديَّ أي فكرة عن هذا الموضوع، فهذه أخبار غير صحيحة.

- لكن ذكر اسمك كمرشح لبطولته على أن يروي كاظم الساهر الأحداث!
(يضحك) لو أن كاظم الساهر سيمثل فيه، سأمثل معه.

- ألا تفكر في التمثيل؟
وارد جداً أن أُمثّل في المستقبل القريب، ولو لم تعرض عليَّ أعمال درامية حتى الآن، لكنني في مرحلة التفكير بالأمر.

- ما المعايير التي ستضعها لكي تصبح ممثلاً؟
ليست هناك شروط صعبة، بل هي معايير عادية، مثل أن يكون مستوى العمل المكتوب جيداً ويليق باسمي وتاريخي، وأن يكون هناك إخراج جيد وإنتاج يوفر كل شيء، وفنانون على مستوى عال يساعدونني في أولى تجاربي التمثيلية، لأنني حينها سأكون ضيفاً عليهم في عالم الدراما. 

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080