يوميات الخوف
هو مشهد من يومياتنا، ترويه إحدى الصديقات... في يوم سبت جميل كغيره من أيام إجازة نهاية الأسبوع، دُعي الولد إلى بيت صديقه، وكان متحمّساً لتلك الزيارة. ليست الدعوة مستغربة ولا الحماسة جديدة. وعدناه مع صديقه بتلبية الدعوة قبل أن نسأل عن عنوان البيت. وحين حُدّد لنا العنوان تهنا بدل أن تتضح وجهتنا. أدركنا أن الوقت قد حان لنتلو عظة المرحلة الجديدة. فالعالم في حالة حرب، ونحن في بلدنا نخاف من الكراهية المفخّخة. وإن كنا اختبرنا العنف الذي يحصد الأرواح حتى تعايشنا مع الموت، لكن خبرتنا هذه تضاعف خوفنا من الغدر. تذكّرنا أيام الطفولة حين كنا نضطر فجأة لتغيير مشاريعنا أو إلغائها حسب مشاريع المتقاتلين الكبار منهم والصغار.
بيت الصديق في منطقة تقع خارج نطاق تحرّكاتنا اليومية. أنذهب أم لا نذهب؟ أنمشي أم نبقى مكاننا؟ أنتابع العيش بالوتيرة نفسها والنمط نفسه أم نفكر ونحلّل ونخاف ونندم على العودة إلى البلد ونقرر الرحيل في لحظة ثم نعود عن قرارنا؟ تخدعنا شمس الخريف. نحبّها. «سنغامر» ونوصل الولد إلى بيت صديقه. هو يوم سبت عادي، يوم سبت جميل، نرسم فيه الاحتمالات كلّها. فالإنسان في مناطقنا يضحى به كل يوم. يمكن أن يحصده قرار بالتفجير أو رغبة مجنونة ومتخلّفة بالقتل أو حسابات إقليمية خطيرة أو أكياس نفايات أو تسمّم غذائي أو التلوّث حين تغيب القوانين ويسود الجشع. وصلنا إلى بيت الصديق، ثم خرجنا نستمتع بشمس الخريف اللطيفة. أجمل الفصول يشهد على جنون العالم، فكيف اختلطت الأزمنة؟ كيف بعد كل «نهضات» الإنسان يثبت أنّ خللاً في التأهيل الاجتماعي يخرج منه أقبح القدرات على الإلغاء والتدمير.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024