تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

استعاد زوجته بتلفيق قضية مخدرات لشقيقتيها

استعاد زوجته بتلفيق قضية مخدرات لشقيقتيها

خلافات عائلية مستمرة حوّلت حياته جحيماً، بفضل شقيقتيْ زوجته اللتين كان لهما الدور الأكبر - كما يعتقد - في تحويل الأمر إلى معركة، تركت على أثرها الزوجة المنزل مطالبةً بالطلاق، من دون أن تفكر بأن الثمن ستدفعه شقيقتاها بإلصاق تهمة بهما كادت تضيّع مستقبلهما إلى الأبد، لولا أن لحظة شك انتابت ضابط الشرطة وكانت كفيلة بكشف حيلة الزوج.


المرشد
لم يشكك رجل المباحث للحظة في ما يرويه طارق السيد، 47 سنة صاحب مقهى كان يتردد بين الحين والآخر إلى قسم الشرطة ليمدّهم بمعلومات يجمعها من رواد مقهاه، وقد زودهم هذه المرة بمعلومات تشير إلى قيام شقيقتين تقطنان في المنطقة نفسها بالإتجار بالمخدرات، مستغلتين صالوناً لتصفيف الشعر تمتلكانه في منطقة أخرى لمزاولة هذا النشاط بعيداً من أعين رجال المباحث. قال القهوجي إنه سمع أحد الزبائن يؤكد أنه قصد هاتين السيدتين في الصالون الذي يقع في شارع رمسيس الشهير في وسط القاهرة، لشراء مادة الهيروين، وذلك عندما كان يتحدث الى أحد أصدقائه تحت تأثير ما يتعاطاه.

قضية المخدرات
استطرد الرجل في حديثه وأبلغ الضابط بأنه سمع هذا الحوار أكثر من مرة من أشخاص مختلفين، مما يؤكد صحة المعلومة التي تفيد بقيام السيدتين بالإتجار بالمخدرات، الأمر الذي دفعه الى الحضور والإبلاغ عن الأمر. المعلومات التي قدمها طارق الى الضباط كانت في غاية الأهمية، ليس بالنسبة الى نوع القضية فحسب، ولكن لأن أحداثها تقع في دائرة أخرى مغايرة للمنطقة التي يعمل فيها، الأمر الذي سيرجّح كفته أمام رؤسائه ويؤكد نجاحه كرجل مباحث. لم يتردد الضابط للحظة، وأسرع في تقنين إجراءاته حيث استأذن النيابة في ضبط المتهمتين وإحضارهما وتفتيش المحل المملوك لهما، بعد الحصول على عنوانه بدقة في ضوء ما وصل إليه من معلومات لم يشكك في صحتها أبداً.

الضبط
كانت الساعة تشير إلى الثامنة مساءً، عندما اقتحمت مجموعة من الرجال الصالون النسائي، وقد بدوا من هيئتهم أنهم رجال شرطة، فأصابوا الموجودات بالهلع، خاصة بعدما بدأوا في تفتيش المكان وجميع من كان في داخله بلا استثناء. لحظات وكان المكان قد قُلب رأساً على عقب، حتى استخرج أحدهم كيس بلاستيك من أحد الأدراج المخصصة لمساحيق التجميل، وبعدما فتحه، وجد في داخله 60 عبوة هيروين، ليبتسم الجميع ويتم اصطحاب مالكتي الصالون في حراسة مشددة إلى قسم الشرطة. شهادات الإشادة والثناء التي حصل عليها الضابط من رؤسائه، جعلته يشعر بالزهو وهو يحرر محضر ضبط المتهمتين، تمهيداً لعرضهما على النيابة بتهمة الإتجار بالمواد المخدرة.

المتهمتان
سماح أحمد عوض الله، 36 سنة، صاحبة الصالون، وشقيقتها فتحية، 24 سنة «كوافيرة»، كانت تلك بيانات المتهمتين اللتين تم استدعاؤهما لمواجهتهما بالاتهامات المنسوبة إليهما. وقفت المتهمتان شبه منهارتين لا تصدقان ما يحدث لهما، تحاولان استجداء عطف ضابط الشرطة ونفي التهمة عنهما، لا تعرفان ماذا تفعلان بعدما وجدتا نفسيهما متورطتين في قضية أقل عقوبة فيها سبع سنوات من السجن. أقسمت المتهمتان بأن لا علاقة لهما بما عثر عليه في محلهما، بل إنهما لا تعرفان شكل الهيروين من الأساس، وطلبت الأولى من الضابط سؤال رئيس مباحث المنطقة التي تعمل فيها عن سمعتها وسيتأكد مما تقول. ورغم أن المحضر قد أُحيل الى النيابة، وصدر بحق المتهمتين قرار من النيابة العامة بحبسهما على ذمة التحقيق، فقد ظلت كلمات المتهمتين عالقة في ذهن الضابط، بل دفعه واجبه الأمني إلى التفكير بأن في الأمر فخاً قد نُصب لهاتين السيدتين.

الشك
أجرى الضابط تحرياته من جديد، في محاولة منه للتيقن مما إذا كانت السيدتان تاجرتي مخدرات بالفعل، لتأتيه المعلومات مؤكدة أنهما تحظيان بسمعة طيبة، بل إن دخل الصالون يجعلهما في غنى عن السير في هذا الطريق المشبوه.
جنّد الضابط كل مصادره السرية لمعرفة أي خلافات قد تقود الى الوصول إلى الحقيقة، وسأل المتهمتين من جديد، عما إذا كانتا تشتبهان بأي شخص قد دخل المكان ودس المضبوطات لهما.
قالت المتهمة الثانية إن سيدة حضرت إلى الصالون لصبغ شعرها وكانت في حالة توتر، ثم تلقت اتصالاً وانصرفت من دون أن تفعل ما جاءت من أجله، وحدث ذلك قبل واقعة ضبطهما بيوم واحد.
لم تتوقف معلومات الضابط عند هذا الحد، بل توصل الى وجود خلافات بينهما وبين زوج شقيقتهما، وأنهما كانا في طريقهما الى الانفصال، لكن بعد واقعة القبض عليهما تمكن من مصالحتها وإعادتها مجدداً الى المنزل.

البريئتان
كانت المفاجأة التي توصل اليها ضابط الشرطة هي أن زوج الشقيقة يمتلك مطعماً للمشويات مقابل المقهى الخاص بطارق، الذي أمدّه بالمعلومات، علاوة على أن علاقتهما ببعضهما بعضاً أكثر من جيدة، الأمر الذي يثير التساؤلات حول وشايته بهما. لم يتردد الضابط في استدعاء القهوجي، لكن هذه المرة ليس لمدّه بالمعلومات كالعادة، وإنما كمتهم عليه الاعتراف بالحقيقة. ورغم مراوغته، فقد نجح ضابط المباحث في التوصل إلى ما يريد. اعترف القهوجي بأنه اتفق مع زوج شقيقة السيدتين على دس المواد المخدرة لهما والوشاية بهما عقب ذلك، مقابل خمسة آلاف جنيه حصل عليها، وفي سبيل ذلك استعان بسيدة تدعى دينا، 34 سنة، ربة منزل، لدخول الصالون ووضع المضبوطات، وهي الفتاة نفسها التي أثارت الريبة في أمرها داخل الصالون.
على الفور تم استصدار إذن النيابة، لكن هذه المرة لضبط هيثم محمود، 31 سنة، زوج شقيقة السيدتين، والسيدة التي تمت الاستعانة بها لدس المخدرات، ليتم العثور في منزل الأول على كمية من الأسلحة والقنابل اليدوية اشتراها للانتقام من السيدتين قبل أن ينفذ مخطط الإتجار بالمخدرات.
قرر الزوج في أقواله أنه فشل في إعادة زوجته، الشقيقة الصغرى للمتهمتين، إلى منزل الزوجية بعد خلافات نشبت بينهما تركت على أثرها المنزل بصحبة ابنه طالبة الطلاق، فحاول إذلالها بعدم الإنفاق على صغيره علّها تعود إليه مرة ثانية، لكنَّ شقيقتيها قامتا بالإنفاق عليها وكانتا مصدر استقواء بالنسبة اليها جعلها لا تفكر في العودة إليه، فقرر الخلاص منهما بهذه الطريقة حتى ينجح في إعادتها، ليصدر القرار بحبسه وشريكيه في الجريمة والإفراج عن البريئتين.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079