تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

عبير حرب: الاحتلال لا يحب الرياضة ويرفض أن يُرفرف اسم فلسطين عالياً

لم تكن تدرك أصغر حكم دولي لكرة القدم في العالم سابقاً، وأصغر حكم عربي لكرة القدم في فلسطين والوطن العربي اليوم، أنها ستواجه تحديات كثيرة أثناء سيرها في طريق نجوميتها وتميزها عن فتيات في عمرها. تعاني الكابتن عبير حرب جبروت الاحتلال الإسرائيلي ومنعه لها من دخول مدينة القدس واللعب مع فريقها المقدسي، هذا فضلاً عن العادات والتقاليد التي حرمتها من تلقي التدريبات في مدينتها نابلس، رغم قبول المجتمع اليوم فكرة الرياضة وممارسة النساء لها ولو بخجل...


في كلية التربية الرياضية التابعة لجامعة النجاح الوطنية في نابلس، التقينا الطالبة عبير حرب (20 عاماً)، بعد انتهائها من التدريب. في البداية حدثتنا عبير عن نفسها قائلةً: «عشقت رياضة كرة القدم منذ صغري، ورغم إتقاني فنوناً رياضية أخرى، اخترت دراسة رياضة كرة القدم، فأنا طالبة في السنة الجامعية الثالثة، وكابتن كرة القدم لمنتخب جامعة النجاح الوطنية لكرة القدم، وأفضل لاعبة كرة قدم في شمال الضفة الغربية، وفي السابق كنت أصغر حكم دولي لكرة القدم في العالم، واليوم أنا أصغر حكم في فلسطين والوطن العربي».
وتتابع عبير: «أيضاً، أنا مدربة سباحة محلية ودولية من الاتحاد الدولي للسباحة، وحكم سباحة دولي ومنقذة سباحة، وحكم كرة سلة ومدربة كرة قدم في الاتحاد الألماني لكرة القدم».
وعن شعورها بالحزن كلاعبة في فريق نسائي مقدسي، تضيف: «أشعر بالاضطهاد لعدم وجود فريق كرة قدم نسائي في نابلس أتدرب معهن بشكل دائم، وأحزن كثيراً لذلك، وأسأل نفسي دائماً، لماذا لا يتوافر فريق كرة قدم للنساء في مجتمعنا؟».
وتتطرّق عبير في حديثها إلى طفولتها وتقول: «أتذكر كيف كنت في صغري ألعب كرة القدم مع الصبيان في شوارع الحارة، ولا ألعب مع البنات أبداً. فالبنات لا يُجدن هذه اللعبة فهي مقتصرة على الفتيان فقط». وتحدثنا عبير عن الصعوبات التي تواجهها فتوضح: «دراستي الجامعية تحول دون سفري إلى الخارج، كما يقف الاحتلال الإسرائيلي عائقاً أمام ممارستي موهبتي، فلا يمنحني التصريح اللازم لدخول القدس للعب ضمن فريقي. ورغم أنني تقدمت بطلب لاستصدار بطاقة إسرائيلية (ممغنطة) بغية الحصول على تصريح لدخول القدس، لكن الاحتلال لا يحب الرياضة ويرفض أن يرفرف اسم فلسطين عالياً في المحافل الدولية، ولكنني استطعت رغم ذلك أن أمثّل بلادي في العديد من الدول ومنها: بولندا وفرنسا ومصر والأردن وألمانيا». وعن المجالات الرياضية التي تشترك فيها صديقاتها، تؤكد عبير: «معظم صديقاتي يتخصصن بالرياضة ولكنهن لسن لاعبات كرة قدم، فأنا الفتاة الوحيدة التي تمارس لعبة كرة قدم في مدينة نابلس... وأثناء التدريب لا نستطيع الخروج معاً، لكنهن يشجعنني كثيراً عند المشاركة في إحدى المباريات». وفي ما يتعلق بالمشاركات الدولية، توضح: «تلقيت أخيراً أكثر من ثلاثة عروض لمشاركة فرق كرة قدم من العراق ولبنان ومصر، ولكنني رفضتها كلها بسبب دراستي الجامعية وتعنّت الاحتلال الإسرائيلي. وعندما أُكمل دراسة الماجستير في الرياضة، سأحترف خارج فلسطين».
وتنهي الكابتن عبير حرب كلامها مؤكدةً أن طموحها لا يقتصر على نيلها درجة الماجستير واحتراف كرة القدم خارج فلسطين، بل الأهم بالنسبة إليها أن ترفع علم فلسطين في المحافل الدولية».
وفي قاعة التدريب التقينا المدرب وسيم عقاب، الذي علّق على تدريبه طالبات في كلية التربية الرياضية فقال: «فريق كرة القدم للبنات في مستهل طريقه، لأنه تشكّل منذ عامين تقريباً. بصراحة، تقدم الجامعة المساعدة لأي طالب وليس لعبير فقط، ولكن الاحتلال الإسرائيلي أكبر من كل الظروف المحيطة بنا».
ويتابع: «مسألة تدريب النساء على ممارسة لعبة كرة القدم فُرضت عليّ فرضاً، ورغم أنني اعترضت في البداية، فقد تشجعت اليوم وسأستمر بإذن الله».
ورغم ذلك، تلقى عبير تشجيعاً كاملاً من والدها حسن حرب الذي يقول: «أشجع ابنتي على خوض هذا المجال وأفتخر بها كثيراً، كما أشعر بأنني أحقق طموحي من خلالها، فنجاحها يعني نجاحي ونجاح العائلة بأكملها... فلا أسمح لأحد بالإعتراض على ما تقوم به عبير وتحديداً من يدّعون أن ممارسة كرة القدم حكر على الرجال. رفعت ابنتي علم فلسطين في المحافل الدولية، وهذا كافٍ لأرد على كل من يعارض فكرة تخصص النساء في هذه الرياضة، خصوصاً أن الدين لا يُحرّم ممارسة النساء الرياضة، ولا يوجد دليل شرعي على ذلك، وكل ما يُشاع هو عبارة عن أوهام بناها أعداء الثقافة الرياضية من ضعفاء النفوس».

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079