تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

ما هو الجمال؟

ما هو الجمال؟
أمسك بكلمات كاتب بريطاني مجنون. أتمسك بالمجلة التي تسرد سيرته، فينتقل الحبر الأسود من الكلمات المطبوعة إلى أصابعي. أغار من ضياعه. ولماذا تفاصيل نهاري واضحة إلى هذا الحد؟ ما الذي يدفع إلى الكتابة إذا كانت الأجوبة واضحة والطرق معبّدة والبرامج مكتوبة والخطط مرسومة؟ أستعين بالماضي. تعود إليّ مشاهد قديمة. نجهّز هذا العدد الخاص بموضوعات الجمال والرشاقة. فتعود إليّ صورة صديقتي الجميلة التي اختفت. أسترجع حواراً لا أنساه: «أنا حرة. ألهذا أكتب؟ ألهذا أصحو كل يوم في التوقيت نفسه وأمشي بالطريقة نفسها وأقوم بما قمت به البارحة وأتمرّن على ما سأقوم به غداً؟»... ترمي الأسئلة، تقذفها في كل الاتجاهات: «ما هو الجمال؟». سؤال آخر أذكر أنها قرأتْه بصوت عال. كان الأستاذ في الصف قد ردّده وأجاب عليه خلال أكثر من حصة. «الجمال نسبي». كلمتان شكلتا إحدى إجاباته. كان جمالها الداخلي طاغياً. حتى سخطها كان جميلاً. كانت ثائرة، لكنها في الوقت نفسه تسعى إلى تقليد الفتيات المشغولات بمظهرهن وبأن يشبهن الصور الرائجة للجمال الرائج. المشكلة أننا نسعى في معظمنا إلى تقليد هذه الصور، إلى التقيّد بقواعد جمالية معولمة. تحتاج إلى نضج مقاومةُ إغراء الالتزام بالصورة التي تَقرّر أنها تعرض معايير الجمال في هذا العصر. 
أذكرها غاضبة في معظم المواقف. وهي حين تغضب تبتسم، وتصبح سخريتها قاتلة. في غرفتها في مسكن الطالبات، طالت أحاديثنا. كانت تلوّن وجهها بالماكياج الذي علّمتني استعماله. «ما هو الجمال؟». قلت لها إن «أجمل» الأوقات حين أسبق المدينة إلى صحوها. و«أجمل» ما في تلك الأوقات الوحدة. تناقشنا في منافع الوحدة. حاولت أن أقنعها بها. لكنها لم تطق البقاء بعيدة عن ضجة الآخرين. 

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077