معرض بيروت للفنون من شوارع العاصمة إلى صالة العرض
اعتاد اللبناني في كلّ مرّة أن يربط الأحداث الثقافية والفنية بالوضع الأمني لبلده، فالعبارات ذاتها تُكرّر نفسها والأسئلة نفسها تُطرح دوماً.
لم يتغيّر شيء على الإطلاق هذه السنة، فالمعرض العربي- العالمي للفنون عاد في دورته الرابعة في ظلّ الأجواء اللبنانية ذاتها، ليكون بمثابة بصمة أخرى تُكرّس دور مدينة بيروت التي تظلّ، مدينة مفتوحة على الفنّ والثقافة برغم كلّ أزماتها ومحنها.
فنانون عرب وأجانب حضروا وشاركوا في هذه التظاهرة الفنية الكبيرة بالرغم من تحذيرات سفارات بلادهم بعدم المجيء إلى لبنان.
فكانت الدورة الرابعة من معرض بيروت للفنون أو Beirut Art Fair 2013 مناسبة التقى فيها الفنانون من أكثر من دولة عربية وأجنبية ليعرضوا أعمالهم المفتوحة على الفنون في شتّى احتمالاتها، من الرسم إلى التجهيز ومن النحت إلى الفوتوغرافيا.
لم يكن افتتاح المعرض تقليدياً هذا العام، بل إنّه انطلق من شوارع وسط العاصمة بيروت، التي زيّنت أرصفته أجمل القطع الفنية والأعمال التذكارية، قبل أن ينتقل إلى القاعة المخصّصة للعرض في مجمّع البيال الضخم.
وقد انطلقت فكرة «أسبوع بيروت للفنون» التي أخرجت المعرض من المكان المخصّص له إلى الشارع، بالتعاون مع شركة «سوليدير».
أضفت هذه الحركة جوّاً من التفاؤل في شوارع العاصمة التي خلت في الأيّام الأخيرة من أيّ نشاطات ثقافية وفنية تُذكر.
استقبل المعرض ما يزيد عن أربعين معرضاً من حوالي خمسة عشر بلداً عربياً وأجنبياً.
إلاّ أنّ مشاركة جنوب شرق آسيا هذه السنة شكّلت الحدث الأهم، وهذا ما كانت أعلنته مديرة المعرض لور دوتفيل التي اعتبرت أنّ هذه المشاركة تساهم في تفعيل التبادل الثقافي والفني والفكري بين الدول المتباعدة.
وتمثلّت المشاركة الآسيوية في تسع صالات عرض من سنغافورة وأندونيسيا والفيليبين وتايلاند وماليزيا... وكان التجهيز الضخم الذي نفذّه دافيد شان بعنوان «السينتور والملكة النمرة» (عرضه غاليري آرت سيزن من سينغافورا) يحتلّ وسط المعرض، ولفت هذا العمل القويّ بمعناه وبتصميمه أنظار الزوّار.
وبالرغم من المشاركة الأجنبية في هذا المعرض، ظلّت الصالات والغاليريات اللبنانية هي الأساس الذي يقوم عليه معرض بيروت آرت فير 2013.
تميّزت دورة هذا العام أيضاً باهتمامها في فنّ التصوير الفوتوغرافي، بحيث نُظّم معرض «جيل الحرب»، وشارك فيه ستة مصورين لبنانيين عاشوا زمن الحرب وجعلوا من المشاهد العابقة بالنار والموت والقبح صوراً تعبق بالفرح والحياة والجمال.
وكان روجيه مكرزل من بين هؤلاء المصورين، وجاءت صوره بمثابة مفاجأة لأنّه إسم معروف بصوره الفنية، وقليلون من يعرفون أنه بدأ أصلاً كمصوّر حرب، مثله مثل باتريك باز وغيرهما من المصورين الذين ولدوا في الستينات وشبّوا في مناخات الحرب الأهلية التي استفزّت عدستهم وأوصلت أسمائهم إلى أهمّ الصحف العالمية.
وعلى هامش معرض صور «جيل الحرب»، عُقدت طاولة مُستديرة تناولت فنّ «الفوتوغرافيا» ودوره في توثيق الأحداث اليومية والعالمية.
كما قدّم «بنك بيبلوس» للسنة الثانية على التوالي جائزته لأفضل مصوّر لبناني.
معرض «بيروت أرت فير»، هذا السوق الفني الكبير، أضحى موعداً ينتظره محبّو الفنون الحديثة والمعاصرة في لبنان ليُكرّس مرّة تلو أخرى دور بيروت كعاصمة للتبادل الحضاري والفني والثقافي في العالم.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024